اقتصاد | منوعات

أوراش.. “سراب” السكوري “تُعرّيه” حقيقة الأرقام الرسمية

أوراش.. “سراب” السكوري “تُعرّيه” حقيقة الأرقام الرسمية

رغم أن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، يحاول في كل مناسبة سانحة استعراض حصيلة البرامج الحكومية التي تشرف عليها وزارته، وعلى رأسها “أوراش”، إلا أن الأرقام الرسمية الصادرة على لسان زملائه في الحكومة أو في تقارير مؤسسات رسمية، تقول غير ذلك، وتؤكد أن هذا البرنامج “سراب” تعريه حقيقة الأرقام.

وفي مذكرة إخبارية حديثة حول “وضعية سوق الشغل خلال سنة 2023″، رصدت مندوبية التخطيط ارتفاع معدل البطالة من 11,8% إلى 13,0% على المستوى الوطني، ففي الوسط الحضري، ارتفعت من 15,8% إلى 16,8%، ومن 5,2% إلى 6,3% في الوسط القروي.

وفي المجمل، ارتفع عدد العاطلين بـ 138.000 شخص ما بين سنتي 2022 و2023، منتقلا من 1.442.000 إلى 1.580.000 عاطل، وهو ما يعادل، “ارتفاعا” قدره 10%، “نتيجة ارتفاع عدد العاطلين بـ 98.000 شخص بالوسط الحضري وبـ 40.000 شخص بالوسط القروي”.

وعلقت المندوبية ضمن المذكرة ذاتها قائلة: “يظل هذا المعدل مرتفعا في صفوف الشباب البالغين بين 15 و24 سنة (35,8%) وحاملي الشهادات (19,7%)، كما تظل البطالة مرتفعة في صفوف النساء بالمغرب بنسبة (18,3%)، وهو ما يسائل السكوري عن “أثر” برنامج أوراش وغيره من البرامج في الواقع.

وإلى جانب الأثر الواقعي للبرنامج، تثير بلاغات الأمن حول التحقيق مع رؤساء تعاونيات وأعضائها بشبهة اختلاس أموال عمومية، وخيانة الأمانة والمشاركة فيها، الكثير من الأسئلة، بل وربما تنذر بأن البرنامج يتجه للفشل وأن الوزير فشل في المواكبة، بعدما تخلت عن البرنامج التي رصدت له الحكومة غلافا ماليا يقدر بـ 2.25 مليار درهم برسم سنة 2023، ومثله في 2024.

“من الخيمة خرج مايل”

فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار، تعتبر أن برنامج “أوراش” لا يجيب عن الانتظارات، خاصة أنه جاء في إطار سياسية ترقيعية لا تعالج مشكل البطالة، خلافا لما تم تصويره، على أنه برنامج استثنائي يحقق أرقاما تسجل لأول مرة في المغرب ومكن الآلاف من المغاربة من الاستفادة من مزايا الضمان الاجتماعي.

واستشهدت التامني في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، بالأرقام الرسمية التي تؤكد أن نسبة البطالة “دائما في ارتفاع”، لافتة إلى أن هذا البرنامج “محدود ومؤقت، وبالتالي لا يضمن الاستمرارية ولا المواكبة للمستفيدين الذين يرغبون في تطوير أنفسهم في المجال وضمان استقرارهم المهني”.

وقالت البرلمانية ذاتها إن برنامج أوراش لم ولن يستطيع حل مشكل البطالة، خصوصا وأنه جاء من أجل الترقيع والبريكولاج لا أقل ولا أكثر.

وأضافت في نفس السياق: “أكثر من هذا، هناك بعض المستفيدين من هذا البرنامج بادروا إلى التسجيل في الضمان الاجتماعي، وهو ما يحرمهم مستقبلا من تحسين وضعيتهم، على اعتبار أنهم أضحوا من المحسوبين أنهم يتوفرون على عمل، لكن الحقيقة أن البرنامج جاء لمدة محددة ومحصورة في الزمن”.

وبخصوص التلاعبات المسجلة، والتي كشفت عنها بلاغات الأجهزة الأمنية، أوضحت التامني أن ذلك ناتج عن غياب رقابة حقيقية وربط المسؤولية بالمحاسبة، لافتة إلى أن هذه الانفلاتات ليست سابقة، بل تم رصد مثيلاتها أكثر من مرة، وسبق لجمعيات كانت مكلفة بالنقل المدرسي وغير ذلك أن تورطت في مثل ذلك.

كما أكدت أنه وحين يتخلي المرفق العمومي عن أدواره، ينتظر تسجيل مثل هذه الانفلاتات، “خاصة وأن جهاز الرقابة إما لا يقوم بمهامه كما يجب، أو أنه غائب”.

“أوراش” بلا أثر

وليست التامني وحدها من تعتبر أن أوراش “بدون أثر”، بل سبق وأن وجه محمد ملال الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، وخلال جلسة الأسئلة الشفهية الأسبوعية بمجلس النواب منتصف دجنبر الفارط، انتقادات لاذعة للسكوري، حيث أكد أن “النوايا” لوحدها لا تكفي خاصة في ظل الارتفاع الملقلق لمؤشرات البطالة.

وسجل ملال أن الحكومة “عاجرة” لحد الساعة عن تقليصها معدلاتها وهي نتيجة لمحدودية البرامج والسياسات العمومية المختلفة مع محدودية آثار برنامج أوراش وفرصة وغيرها من البرامج، مضيفا “وهي دلالة على أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يعيش أزمة حقيقية في ظل تزايد إفلاس المقاولات”.

وقال محمد المخنتر، عضو الفريق الحركي بمجلس النواب، إن الواقع الذي يعيشه المغاربة بالنسبة لمعضلة التشغيل، يؤكد أن الوضع غير مطمئن، وأوضح أنه إذا كانت أرقام المندوبية السامة للتخطيط تشير إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 13,5 بالمئة في الربع الثالث من سنة 2023 فإن نلاحظ بحكم قربنا من المواطنين بأن عددا محدودا من الأسر استطاع أحد أفرادها الحصول على فرصة شغل أو منصب عمل”.

وسجل البرلماني أن تعدد البرامج وطابعها المؤقت من قبيل فرصة وأوراش وإدماج ومقاولاتي لم تنتج أي آثر حقيقي على سوق الشغل، متسائلا: “كيف تفسر الحكومة أن تنفيذ المناصب المحدثة برسم قانون 2023 إلى غاية شتنبر من السنة الجارية لم يتعد 15 بالمئة، وأكد أنه ما لا يمكن تفهمه هو أن الحكومة لم تقم بأي اجراء لتوفير فرص شغل بديلة عن مناصب الشغل المفقودة خاصة بالعالم القروي.

“تمخض الجبل فولد فأرا”

من جانبه انتقد مصطفى ابراهيمي عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية ما وصفه بـ”الأرقام الفلكية” التي تحدثت عنها الحكومة بخلق أزيد من 600 ألف منصب شغل باحتساب المناصب المحدثة من برامج فرصة وأوراش والأشخاص الذين يزاولون أنشطة حرة ويؤدون المساهمة المهنية الموحدة، وسط إفلاس آلاف الشركات والمقاولات الوطنية.

وأشار إلى أنه في الوقت الذي التزمت فيه الحكومة بإحداث مليون منصب شغل وفق التصريح الذي صدّق عليه البرلمان كشفت معطيات المندوبية السامية للتخطيط عن ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 13 بالمئة، مؤكدا أن وزارة الشتغيل والإدماج الاقتصادي، التي تشكك في أرقام المندوبية مطالبة بتحريك مصالح التفتيش التابعة لها من أجل تقديم المعطيات الحقيقة حول واقع التشيغل بالمغرب.

من جهته، قال يوسف، بيزيد عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أنه “عندما أطلقت الحكومة برنامج أوراش وفرصة يتذكر الرأي العام الوطني أن المعارضة البناءة، حذرت من هشاشة هذه البرامج”، مضيفا “قلنا أن هذا ليس هو الشغل الذي يريده الشباب المغاربة لأنه يكرس الشغل الناقص والمؤقت ويديم الهشاشة الاجتماعية لكن الحكومة أصرت على توريج البرنامجين والتسويق الإشهاري لهما وكأنهما فتح مبين”.

وتابع بيزيد قائلا: “اليوم كل المؤشرات الصاعدة من أرض الواقع تدل على أن هناك اختلالات كبيرة في تفعيل البرنامجين من خلال ممارسات الزابونية والمحسوبية والحسابات الانتخبية الضيقة”، مسجلا أن برنامج فرصة يُعرض الشباب المغربي لمأساة حقيقية بعدما تورطوا في كراء محلات، أن يتمكنوا من الحصول على الدعم المالي، ومنبها إلى أن الحكومة التي يبدو أن بدأت تتخلى عن برنامجي فرصة وأوراش ترغب في تكرار مأساة “النجاة” على عهد حكومة عباس الفاسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News