سياسة | مجتمع

نور الدين: الدبلوماسية المغربية في 2023 ضاعفت عزلة الجزائر دوليا

نور الدين: الدبلوماسية المغربية في 2023 ضاعفت عزلة الجزائر دوليا

اعتبر أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، أن دينامية الدبلوماسية المغربية خلال 2023 زادت من عزلة الجزائر دوليا، مما عجل بانهيار مشروعها الانفصالي الذي أصبح منبوذا ومحاصرا، داعيا في الوقت نفسه الخارجية المغربية لتدارك التأخير، خاصة أنها “لم تحقق الأهداف المنتظرة منها في الاتحاد الإفريقي واللجنة الرابعة في الأمم المتحدة”.

عن أبرز الأحداث الدبلوماسية التي طبعت العام الذي يشارف على الانتهاء، وعلى دلالات وأهمية زيارة الملك محمد السادس للإمارات، كان لجريدة “مدار21” الإلكترونية، مع أحمد نور الدين هذا الحوار.

ماهي أبرز الأحداث الدبلوماسية التي طبعت هذه السنة 2023؟ وما هي دلالتها من وجهة نظركم؟

على المستوى الدولي، أعتقد أن الحرب في غزة خلقت أكبر حدث عالمي سنة 2023 على كل المستويات وليس فقط دبلوماسياً، ذلك أنها تسببت في كارثة إنسانية لا حدود لها من حيث عدد القتلى الذين تجاوزوا العشرين ألفا أغلبهم أطفال ونساء وشيوخ، ولأنها كشفت زيف أكبر محفل دبلوماسي عالمي وهي الأمم المتحدة التي عجزت عن إصدار قرار يفرض مجرد وقف إطلاق النار، بسبب “الفيتو الأمريكي” الذي هدم كل القوانين الدولية الإنسانية وغير الإنسانية، ونسف كل الاتفاقيات الدولية حول قواعد الحرب وحماية المدنيين في ظروف الحرب، بل هدم حتى هيبة الأمم المتحدة حيث استهدف العدوان الإسرائيلي مقرات الأمم المتحدة من خلال فرعها “الأونروا”، ولم يستثن القصف المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس والمباني التاريخية، وأصبح أزيد من مليوني فلسطيني في العراء بلا مأوى، وأصبح الجرحى والمرضى بلا دواء ولا أماكن للعلاج ولا حتى ماء للشرب.

وأظن أن هذا الحدث سيعجل بانهيار النظام العالمي الحالي أكثر من الحرب الروسية على أوكرانيا وأكثر من الأزمة الأمريكية مع الصين، وأكثر من الأزمات المالية والصحية والغذائية والبيئية التي تضرب العالم.

على المستوى الوطني، أعتقد أن هناك حدثان دبلوماسيان بارزان؛ الأول الإعلان عن الشراكة المتجددة مع الإمارات والتي تعتبر نقلة استراتيجية في كل الأبعاد الإنسانية والاقتصادية والتكنولوجية واللوجستية والطاقية والسيادية مما سيعزز إعادة تموضع البلدين على الرقعة العالمية بنفس ريادي واعد، طموح وواقعي. والثاني الإعلان عن احتضان المغرب لمونديال 2030 والذي سيعطي إشعاعاً منقطع النظير للمملكة، وسيشكل دفعة قوية للبنيات التحتية وللسياحة الوطنية.

 زيارة الملك للإمارات في الرابع من دجنبر، هل يمكن اعتبارها نقطة بداية جديدة للعلاقات المغربية الخليجية؟

هذه الزيارة والشراكة الاستراتيجية العملية التي ترتبت عنها لا تشكل تحولا في العلاقات المغربية الخليجية فقط، بل ستعطي لكل الشعوب العربية الأمل في مستقبل أفضل، مختلف عن واقع انهيار الأنظمة وتساقطها كأوراق الخريف، والذي تعيش على وقع مأساته المؤلمة نصف الدول المنضوية تحت لواء الجامعة العربية منذ بداية الربيع العربي الذي تحول مبكراً إلى مجرد خريف.

أكثر من ذلك، نجاح النموذج العملي للشراكة المغربية الإماراتية الموجهة نحو المستقبل سيعطي الدليل على أن التعاون العربي ممكن بشكل آخر عما ألفناه من شعارات قومجيّة وإيديولوجية لم تنتج غير العداوة بين الإخوة العرب، وأدت إلى هدر الزمن السياسي والتنموي للشعوب العربية مشرقا ومغربا.

إنها شراكة تحمل في طياتها حلم الأجيال الصاعدة في أن يكون لها “مكان تحت الشمس” بين الأمم المتقدمة صناعيا وتكنولوجيا، المستقرة اجتماعياً، المزدهرة ثقافياً واقتصاديا، ولذلك فقد ركزت في الاتفاقيات المبرمة على الاستثمار في اقتصاد المستقبل، الذي تمثله الطاقات المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والتحكم في التكنولوجيات الرقمية والاتصالات وقواعد البيانات العملاقة؛ وعلى خارطة اللوجستيك العالمية؛ وربط الأسواق المالية والصناديق السيادية في البلدين؛ والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والمائي إقليميا وقارياً؛ وضمان كل ذلك بالاستثمار  في الإنسان عبر تطوير المؤسسات التعليمية والجامعية والصحية. إنها رؤية مندمجة ترسم طريقا ملكية نحو المستقبل.

كيف تقيمون تحركات الدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء المغربية سنة 2023؟

تقييم التحركات الدبلوماسية المغربية هو تقييم إيجابي في العموم يطبعه تزايد المؤيدين للموقف المغربي داخل أوربا وإفريقيا وعبر العالم.

لقد تميزت سنة 2023 بدينامية ملحوظة للدبلوماسية المغربية كان من مظاهرها احتضان المغرب لعدة مؤتمرات دولية كبرى منها اجتماع البنك وصندوق النقد الدوليين في مراكش والذي حضره حوالي 190 بلداً، ولم تتغيب غير جارة السوء الجزائر، وكذا الإعلان عن احتضان المغرب لاجتماع الإنتربول العالمي في مراكش وهي شهادة على الدور المتعاظم للمملكة في تعزيز الأمن والسلم العالميين، إضافة إلى اجتماع دول الساحل الأربعة في مراكش مع المغرب والذي سيعزز الاندماج الإقليمي ويكرس مكانة المغرب كفاعل مهم في المنطقة.

أيضا، هناك العديد من التظاهرات القارية والعالمية الأخرى همت الدفاع والحقل الديني والفنون والرياضة ومؤسسات التفكير والسياحة والبيئة وغيرها.

ومن النتائج غير المباشرة لهذه الدينامية، تزايد عزلة الجزائر دوليا، وانهيار مشروعها الانفصالي الذي أصبح منبوذاً ومحاصرا. ومن أبرز معالم هذه العزلة التوتر الذي يسود علاقات الجزائر مع كل الدول المجاورة لها، واضطرار الجزائر إلى الانكماش عربيا وإفريقيا من خلال مقاطعتها المنتدى الروسي العربي المقام في المغرب، علما أن روسيا هي أكبر حليف عسكري لها، بالإضافة إلى اضطرارها مرغمة وفي خطوة أحادية تدل على هزيمة دبلوماسية نكراء إلى إعادة سفيرها إلى مدريد دون أن تغير مدريد أي شيء في موقفها الداعم للمقترح المغربي في الصحراء، والذي كان السبب في سحب السفير الجزائري سنة 2021 وتجميد معاهدة التعاون والصداقة وغيرها من الإجراءات وردود الأفعال المتشنجة التي تدل على فقدان التوازن وضياع البوصلة.

وأخيراً من بين مظاهر عزلة النظام العسكري الجزائري الذي يعادي المغرب مجانا، أن مجلس الأمن صوت بثلاثة عشر صوتا بمن فيهم الصين مع القرار 2703، في حين لم يصوت ضده أي بلد على الإطلاق.

ونضيف إلى ذلك سحب مالي سفيرها من الجزائر، وإصدار النيجر بياناً يكذب مزاعم الخارجية الجزائرية، وهناك توتر آخر مع ليبيا حول رسم الحدود وغير ذلك من المشاكل.

بقي أن نقول أن الدبلوماسية المغربية مازالت لم تحقق الأهداف المنتظرة منها في الاتحاد الإفريقي واللجنة الرابعة في الأمم المتحدة، وعلى الخارجية أن تتدارك التأخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News