سياسة

مستشارون برلمانيون: الحكومة استسْلمت للأزمات وقانون المالية يدفع الطبقة الوسطى نحو الهاوية

مستشارون برلمانيون: الحكومة استسْلمت للأزمات وقانون المالية يدفع الطبقة الوسطى نحو الهاوية

انتقد مستشارون برلمانيون استمرار الحكومة في الاستعانة بقاموس “التبرير والانكماش “و”الاستسلام للأزمات”، بدَل رسْم اختيارات وأولويات مالية غير عادية من أجل تجاوز السياق الوطني والدولي الاستثنائي المطبوع بالتوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية في السوق الدولية، تصاعد التضخم وطنيا وعالميا.

وسجل الفريق الحركي بمجلس المستشارين خلال تفسير التصويت بالرفض ضد مشروع قانون المالية لسنة 2024، بحضور الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، أن هذا الأخير تضمن مؤشرات وأرقام وفرضيات غير واقعية وصعبة التحقق، بالغت في التفاؤل ولم تستحضر السياق الوطني والدولي الاستثنائي اللذان  يطبعهما اللايقين.

وأكد الفريق البرلماني، أن مشروع  يفتقر إلى الرؤية الإبداعية والقرارات الإصلاحية الجادة والناجعة، مشروع  ببنية محاسباتية صرفة ، ودون لمسة سياسية، وبمعادلات حسابية ضيقة، مضيفا أنه مشروع  محدود الآفاق والأهداف، يحكمه هاجس الحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية.

مشروع ميزانية ذو طابع كلاسيكي يعتمد في موارده  بالأساس على الضرائب وعلى تمويل “الدين بالدين” دون تملك فلسفة ورؤية بنفس جديد لإنتاج الثروة وخلق موارد جديدة ،  ولمباشرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى خاصة الإصلاح الشمولي لمدونة الضرائب الذي من شأنه توسيع الوعاء الضريبي وتحقيق العدالة الجبائية مجاليا واجتماعيا بدل تصريف تعديلات جزئية بمناسبة كل قانون مالي.

ونبه الفريق الحركي إلى استمرار غياب تصور الحكومة لإصلاح أنظمة التقاعد المقبلة على الإفلاس في السنوات القليلة المقبلة، وفق تقارير العديد من المؤسسات الوطنية، وغياب إصلاح شمولي لنظام المقاصة، منتقدا “لجوء الحكومة للخيار الأسهل المتمثل في الرفع التدريجي من أسعار قنينات  “البوطاغاز”، عبر تقليص نفقات صندوق المقاصة دون تقديم بدائل تحمي الطبقة المتوسطة ولا إجراءات تهم الزيادة العامة في الأجور، ضدا على وعودها والتزاماتها المعلنة”.

من جانبه، أكد يوسف ايذي رئيس الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، أن الفرضيات الأساسية التي بني عليها مشروع قانون المالية تقفز على الواقع الاقتصادي والاجتماعي المغربي، إن لم نقل تغرق في تفاؤل مفرط يخلق حالة زائفة من الأمل سرعان ما يتحول إلى يأس قاتل.

وأكد الفريق الاتحادي أن الإجراءات الضريبة التي همت الرفع من الضريبة الداخلية على الاستهلاك ومراجعة أسعار الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لبعض المواد والخدمات الأساسية بالإضافة إلى الرفع التدريجي لأسعار قنينة الغاز من فئة 12 كيلوغرام ابتداء من أبريل 2024، “تظهر الحكومة وكأنها تحاول انتشال الطبقة الفقيرة من براثن العوز والخصاص وفي نفس الوقت تدفع بالطبقة الوسطى، صمام أمان أي مجتمع، نحو الهاوية”.

وقال خالد السطي عضو نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين هذا الأخير استمرار للسياسة الحكومية “الفريدة وغير المسبوقة” والتي أدت إلى “تدمير” القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين بمختلف فئاتهم وطبقاتهم الاجتماعية، حيث ناهز التضخم 5 في المائة، وتعدى سقف البطالة تعدى 13 في المائة، وهي نسبة لم تسجل منذ سنة 2000.

وسجل السطي أن المشروع لم يتضمن أي إجراءات بإمكانها تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، علما أن تقارير مؤسسات وطنية كشفت أن وضعية 81 بالمئة من الأسر المغربية تدهورت بشكل كبير جراء ارتفاع الأسعار، ونسبة التضخم، منتقدا إحجام الحكومة عن اتخاذ إجراءات من شأنها فرملة هذه الزيادات في أسعار المحروقات وتأثيرها على أسعار المواد الأساسية والمنتوجات الفلاحية ومختلف السلع والخدمات.

من جهته، قال فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، أنه كان ينتظر أن يأتي مشروع قانون مالية 2024 بابتكار وابداع من الحكومة في إيجاد مصادر تمويل ورش الحماية الاجتماعية، قبل أن يستدرك: “لكن الحكومة لم تنجح في البحث عن حلول عادلة ومنصفة لتمويلها تعيد النظر جذريا في فلسفة المنظومة الجبائية غير العادلة وغير المنصفة”، حيث ظلت الحلول التمويلية تستنزف الطبقة الوسطى دون أية إجراءات حقيقة وواقعية لحماية قدرتها الشرائية.

وتابع سليك ” كنا ننتظر من مشروع ميزانية 2024 الزيادة العامة في الأجور، حيث بدأت الطبقة الوسطى في النزول إلى مستويات الطبقة الضعيفة والمستضعفة، وتخفيض نسبة الضريبة على الدخل التي تعتبر الأكثر ارتفاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وتضريب الثروة والمواد الاستهلاكية الفاخرة، والسكن الفاخر.

وفي سياق متصل، انتقد فريق الاتحاد المغربي للشغل شروع الحكومة في الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة دون إجراءات مصاحبة، داعيا في المقابل إلى انقاد الطبقة الوسطى التي تشكل الطبقة العاملة عمودها الفقري والتي تلعب دورا محوريا في تحريك الدورة الاقتصادية خاصة في ظل الارتفاع المهول في الأسعار، وسط محدودية الخدمات الاجتماعية.

من جهته، قال المستشار البرلماني لحسن نازهي باسم مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل،   إن مشروع القانون المالي لسنة 2024 يعكس التوجهات الاختيارات الاقتصادية والمالية الطبقية الهادفة إلى المزيد من تركيز الثروة في يد حفنة صغيرة تجمع بين السلطة والمال، وامتيازات والدعم اللا مشروط للريـع والاحتكار.

وانتقد نازهي ما أسماه بـ” لامبالاة” الحكومة اتجاه ما يعيشه المغاربة من غلاء مهول وزيادة مضطردة في أسعار المواد الأساسية، وارتفاع غير مسبوق لنسب معدل التضخم، وتزايد عدد الفقراء بما يفوق ثلاثة ملايين شخص، وارتفاع أعداد العاطلين، وتفاقم نسبة الهدر المدرسي، وتردي منظومة الصحة العمومية والتعليم.

وسجل المستشار البرلماني أن مشروع قانون المالية غابت عنه الإجراءات التي بإمكانها تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما يكشف زيف الخطاب الحكومي حول إرساء دعائم الدولة الاجتماعية، مشيرا إلى أن تقارير مؤسسات وطنية كالمندوبية السامية للتخطيط تفيد بأن وضعية 81 بالمئة من الأسر المغربية تدهورت بشكل كبير جراء ارتفاع الأسعار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News