حوارات | فن

أسماء المدير: تكلفة “كذب أبيض” لم تتجاوز 350 مليونا وسرد ذاتي قادني إلى قصة وطنية

أسماء المدير: تكلفة “كذب أبيض” لم تتجاوز 350 مليونا وسرد ذاتي قادني إلى قصة وطنية

دخلت المخرجة المغربية أسماء المدير تاريخ المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الـ20، بانتزاعها النجمة الذهبية عن فيلمها “كذب أبيض”، لتكون أول مخرجة مغربية تحصل على الجائزة الكبرى.

واستطاعت أسماء المدير أن تُقنع لجنة تحكيم المهرجان بقصتها الشخصية، وقصة وطنية عاشها مغاربة خلال فترة عُرفت بـ”سنوات الرصاص”، إذ كانت صوتا ضمن الوثائقي، تسرد خلاله وقائع من الماضي مرتبط بذكرياتها في منزل جدتها في الدار البيضاء، لتكتشف حقائق تحيلها على مرحلة مهمة في تاريخ المغرب التي انطلقت شرارتها في سنة 1981 بالدار البيضاء وشهدت أكبر انتفاضة ضد غلاء المعيشة راح ضحيتها مغاربة خرجوا للنضال من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية، ليجدوا أنفسهم جثثا هامدة على الأرض رميا بالرصاص، أو بداخل معتقلات أجلت وفاتهم اختناقا بفعل الاكتظاظ.

واختارت المدير العودة بالذاكرة إلى الماضي بشاهادات تُروى على لسان شخصيات عاشت الحدث الأسود في تاريخ المغرب، ضمنها جدتها التي كانت تتمتع بشخصية قيادية وسلطوية ما يحيل على مفهوم السلطة آنذاك في المملكة.

وفي هذا الحوار، تتحدث أسماء المدير عن مشاركتها في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ومراحل إنتاج فيلمها “كذب أبيض” الذي مثلت به المغرب وطنيا ودوليا.

وفي ما يلي نص الحوار:

ماذا تمثل لك المشاركة في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بعد مروره في مهرجان “كان” السينمائي؟

كنت أنتظر المشاركة في مهرجان مراكش قبل مهرجان “كان” السينمائي، لأن مهرجان مراكش يُعد بالنسبة لي مرآة لفيلمي أمام المجتمع المغربي، لأن هذا الفيلم صُنع للمغرب والمغاربة أولا، ولغته العربية والدارجة، وموقعه كان في الدار البيضاء بقلب منزل جدتي.

أما الإشعاع العالمي يعد مهما جدا لأي فيلم، ومن الضروري أن يكون العرض العالمي الأول في مهرجان مهم إذا استطعنا ذلك. وبالنسبة لي الوصول إلى مراكش، حلم تحقق بوجود جميع شخصياتي مع جمهور المغرب الذواق الذي ليس سهلا أن تقنعه بعمل، فلمست سعادته خلال عرض الفيلم.

كم المدة التي استغرقت في تحضير هذا الفيلم؟

استغرق لي تحضير الفيلم عشر سنوات، لكن يجب أن نفهم أنني لم أشتغل كل يوم خلال الـ10 سنوات. تطلب مني هذه المدة لأنه لم تكن لدي مادة للاشتغال عليها في البداية، إذ بدأت في سنة 2012 رحلة هذا الفيلم، وكان علي أن أخلق أرشيفي على مدى سنوات مع عائلتي داخل البيت، وأفكر في ما بعد كيف يمكن أن أصنع فيلما من خلال هذا الأرشيف، وأخلق ورشة وأوظف هذا الأرشيف بطريقة فنية أحكي عبره حكاية.

هل كان صعبا عليك إقناع عائلتك إضافة إلى الشخصيات الأخرى بالمشاركة في هذا الفيلم الوثائقي؟

طبعا، إقناعها لم يأت في يوم بل تطلب مني سنوات، والزمن أظهر طيبوبة هؤلاء الناس رغم ترددهم في بادئ الأمر، وكشف أن التصوير لا يجب أن يرعب الناس، لأن الحديث عن أشياء من الماضي لا تعد جريمة، إذ علينا أن نتصالح مع ماضينا، لذلك تصالحنا مع ذواتنا، وسردنا حكايتنا في البيت قبل أن نحكيها أمام الوطن. هو تصالح ذو وجهين ذاتي ووطني، لأن التصالح والتسامح ضمن ثقافتنا، ولا يمكن المرور إلى المستقبل إلا بالتصالح مع الماضي.

لماذا اعتمدت على الدمى في تصوير فيلمك؟

لأنه لم تكن لدي فكرة حول طريقة التصوير وموعد الانتهاء منه وما إذا كان الجميع سيكمل معي هذه الرحلة، فالأعمار بيد الله، لذلك كان علي أن أؤمن بالفيلم وأضمن استمراريته في حال ما إذا نقص أي فرد، كنا سنواصل القصة بدميته التي وُجدت منذ البداية في سياق فني، لذلك صنعت عالما آخر وصممت ديكورا وفضاء خاصين، وهذا الديكور فُرض أيضا لصعوبة تنقل شخصياتي الكبيرة في السن إلى أماكن متباعدة.

لماذا وقع الاختيار على قضية سنوات الرصاص؟

لم أختر الحديث عن قضية سنوات الرصاص، بل اخترت الحديث عن قصتي الإنسانية في البيت، وفي رحلة الإعداد لها، اكتشفت أن فترة منها مبثورة ومفقودة، لم توثق بالصور في بيتنا أو حينا، لتتسع رقعة قصتي وتتلاقي مع قصص أخرى، قصص صغيرة في البيت كبرت وحطمت الجدران ووجدناها في الحي، ليتم الربط بين القصتين.

بدأت بسرد قصة ذاتية قادتني إلى قصة وطنية اكتشفتها صدفة، لم تكن فكرة الفيلم تتمحور في بدايتها حول سنوات الرصاص، إنما هي مرحلة اكتشفتها سنة 2016، وهي المرحلة التي تم الربط فيها بين القصة الذاتية والقصة الوطنية، بعدما اشتغلت قبلها أربع سنوات على قصتي الذاتية.

هل يمكن القول إن سلطوية جدتك تعكس مفهوم السلطة آنذاك في الدولة؟

يمكن قول ذلك إذا فهمها الجمهور هكذا بطريقته الخاصة، فلها قراءات متعددة، إذ صورت جدتي كما كنت أراها في البيت، بسلطويتها، وهي تمثل جدات قد تكن في العديد من البيوت.

كم بلغت تكلفة الفيلم، هل تعدت فعلا الـ2 مليار سنتيم كما أشيع؟

غير صحيح، قيمة إنتاج الفيلم لم تتجاوز 350 ألف دولار (350 مليون سنتيم)، لو كنت أملك هذا الدعم (مليارا سنتيم) لصنعت فيلم “أفاتار” المغرب.

هل تحضرين لفيلم وثائقي جديد؟

وثائقي أو فيلم روائي لا فرق بينهما فأنا أعتبرهما سينما. سيكون فيلمي القادم، الذي سأستمر في كتابة السيناريو الخاص به، روائيا بشخصيات حقيقية، بعد انتهائي من جولة عروض الأوسكار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News