سياسة

“ربّ ضارة نافعة”.. البرلمان يدعو لتحويل مِحنة الزلزال لفرصة لإنصاف المناطق الجبلية

“ربّ ضارة نافعة”.. البرلمان يدعو لتحويل مِحنة الزلزال لفرصة لإنصاف المناطق الجبلية

دعا نواب برلمانيون من الأغلبية والمعارضة الحكومة إلى تحويل “محنة الزلزال” إلى فرصة لتنمية الأقاليم المنكوبة، في إطار السعي نحو إقرار العدالة المجالية واستدراك التفاوتات الترابية الصارخة، منوهين بالملحمة التضامنية الشعبية منقطعة النظير التي أبهرت العالم، وأكدت تماسك اللحمة الوطنية، وساهم فيها، بشكلٍ عارمٍ وتلقائي متواصل، عمومُ المواطناتِ والمواطنين، من داخل المغرب وخارجه.

وأعاد زلزال الحوز، الذي ضرب أقاليم عدة من المملكة، إلى واجهة الأحداث التهميش ومظاهر العجز المزمن الذي تُعاني منه المناطق الجبلية بالمغرب التي تمثل 25 بالمئة من مجموع مساحة التراب الوطني، وتضم أزيد من 7 ملايين نسمة، وتزخر بـ70 بالمئة من الموارد المائية للبلاد وتتوفر على  62 بالمئة من الغطاء الغابوي.

وطالب ممثلو الأمة خلال جلسة التصويت على مشروع إحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير، إلى استثمار التوجيهاتِ الملكية للتسريع بإعادة إعمار المناطق المنكوبة، خاصة ما يتعلق بالحكامة النموذجية لتنفيذ البرنامج، والسرعة والنجاعة والدقة والنتائج المقنعة، واحترام الخصوصيات السوسيو ثقافية والتعميرية والمعمارية للمنطقة المعنية.

وصادقت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، بالإجماع، على مشروع مرسوم بقانون رقم 2.23.870 بإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير، وسيعهد للوكالة تتبع إنجاز البرنامج وإعداد حصيلة الإنجازات، ولاسيما مستوى تقدم إعداد المشاريع ومستوى الأشغال والالتزام بالنفقات ووضعيات الأداء، فضلا عن تقييم أثر المشاريع المنجزة باستخدام مؤشرات قياس نجاعة الأداء.

وفي هذا الصدد، عبر فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، عن تطلعه إلى أن تتحمل الحكومةُ مسؤوليتها كاملةً بهذا الشأن، سواء من خلال القطاعات المعنية، أو من خلال مجلس التوجيه الاستراتيجي الذي سيرأسه رئيس الحكومة، مسجلا أنه سيقوم بأدواره كاملةً للمساهمة في المراقبة والتتبع البنَّاء والمسؤول لتنفيذ هذا البرنامج الطموح والكبير، وفق شروط الحكامة الجيدة والعدل والإنصاف والإنصات للساكنة وانتظاراتها المشروعة.

وشدد الفريق النيابي لحزب “الكتاب” على أنه سيقوم بروحٍ بناءة واقتراحية ومسؤولة، حتىَّ تتحقق الأهدافُ الكبيرة للبرنامج، والتي تتطلبُ تعبئة كل الجهود، وأساساً توفير التمويلات الكافية، مشيرا إلى أنه تقدم في وقت سابق بمقترح قانون يقضي بإحداث مجلس وطني للمناطق الجبلية ووكالات خاصة بالكتل الجبلية الرئيسية في المملكة، وذلك في سياق اقتناعه بضرورة إرساء آلية خاصة لإقرار العدالة المجالية بالمناطق الجبلية ومعالجة أوضاع ساكنتها.

وسجل الفريق البرلماني أن الحكومة الحالية لم تلتفت إلى هذا “المقترح الوجيه الذي لم تتحكم فيه أبدا أي اعتبارات سياسوية ضيقة، بل فقط إرادةُ خدمة المصلحة العامة اعتباراً للخصوصيات التي تتسم بها المناطق الجبلية وحجم التفاوتات التي تعتريها”، قبل أن يستدرك: “رُبَّ ضارِّةٍ نافعة. والحمدُ لله على المبادرة المَلكية الرائعة، التي نبهت الحكومة وجعلتها تُخْرِج فكرة الوكالة إلى حيز الوجود في ظرفٍ قياسي. ونحن بالطبع منخرطون فيها بقوة”.

وقال ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إن من واجب الحكومة الحكومة التفكير في تنمية المناطق الجبلية الأخرى واستدراك الخصاص المجالي والاجتماعي فيها، وذلك من خلال الشروع في استشراف برامج تنموية مماثلة على المدى المتوسط، تشمل باقي الكتل الجبلية بالمملكة.

ودعا السنتيسي لاستثمار فاجعة الزلزال التي خلف خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات لرفع التهميش عن ساكنة المناطق الجبلية، مشددا على ضرورة تسريع تفعيل البرنامج الاستعجالي الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من الزلزال، خاصة مع التوجس من تفاقم معاناة ضحايا الزلزال تزامنا مع قرب حلول الشتاء وبرودة الطقس.

ولفت البرلماني ذاته إلى أن فريقه كان قد تقدم بدوره بمقترح قانون إحداث وكالة تنمية المناطق الجبلية، في إطار تفعيل التوجيهات الملكية الهادفة إلى تحسين أوضاع المواطنين الذين يعيشون في المناطق البعيدة والمعزولة، والتخفيف من معاناتهم من خلال تأهيل البنيات التحتية والخدمات العمومية الأساسية، سواء في مجال التعليم أو الصحة والماء والكهرباء.

من جانبه، أكد نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن إحداث هذه الوكالة يأتي في إطار العناية الملكية السامية بالساكنة المتضررة من الزلزال، وتمكينها من إعادة حياتها الطبيعية، في أفق تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه المناطق المستهدفة.

وسجل مضيان أن المهام الجسيمة الموكولة لهذه الوكالة طبقا لهذا المشروع، تكمن أساسا في المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الوكالة، من أجل ضمان التنزيل السليم لهذا البرنامج، حتى يصبح برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة نموذجا حقيقيا للتنمية الترابية المندمجة والمتوازنة.

ويرى رئيس الفريق الاستقلالي أن هذا البرنامج الطموح سيشكل انطلاقة حقيقة للتنمية المندمجة والمستدامة للمناطق المستهدفة، من أجل تجاوز معيقات تنمية المناطق القروية والجبلية في مختلف المجالات، وكذا محدودية بعض البرامج الاجتماعية المعتمدة، لافتا إلى أن فريقه تقدم بمبادرة تشريعية تنمية هذه المناطق والحد من التفاوتات المجالية بين مختلف الجهات.

وشدد مضيان على أنه من حق ساكنة المناطق الجبلية وخاصة المتضررة من الزلزال أن تنعم بمقومات العيش الكريم مما يقتضي تسريع وتيرة تنزيل البرنامج الاستعجالي لإعاجة إعمار المناطق المنكوبة مع ما يستدعيه ذلك من تتبع ومواكبة مستمرة، بالنظر للتحديات الكبيرة المطلوب مواجهتها خلال الخمس سنوات المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News