ثقافة

تراجيديا الفواجع.. كتابات وقودها جروح نفسية غائرة غيرت مجرى تاريخ الأدب

تراجيديا الفواجع.. كتابات وقودها جروح نفسية غائرة غيرت مجرى تاريخ الأدب

حلل نقاد وأكاديميون، في ندوة التأمت بتطوان نهاية الأسبوع المنصرم، شكل ومضمون النصوص الأدبية المتناولة لتراجيديا الفواجع وتداعياتها وأبعادها النفسية والاجتماعية.

وأجمع المتدخلون في ندوة “الفاجعة بين الآداب والفنون”، التي أقامتها دار الشعر بتطوان، على أن كتابة الفاجعة في مختلف تجلياتها الإبداعية مغامرة شاقة، وأن نصوص الفاجعة غالبا ما تكتب بشيء من التسرع والاستعجال، لكن النصوص الكبرى التي كتبت في الفاجعة لم تكن أعمالا راسخة في تاريخ الشعر والأدب فقط، بل أثرت وغيرت في تاريخ الأدب نفسه.

وفي هذا السياق، استعرض الباحث عز الدين الشنتوف سؤال الفاجعة في تاريخ الفكر الفلسفي والمقاربات الفلسفية لمشكلة الشر مع بول ريكور وشوبنهاور ونيتشه، وسواهم من الفلاسفة الذين قاربوا سؤال الفاجعة عبر تاريخ الفكر الإنساني، من خلال مداخلة بعنوان “الفاجعة ومكر الخطاب الفلسفي”، مبرزا أن العالم إنما يسير وفق مشيئة مدروسة، وهو مبني على النظام والانتظام والتوافق، وأن الأصل فيه هو الخير.

ومن جهته، اختار الأكاديمي عبد الإله الخليفي، المتخصص في الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية، إعادة قراءة رواية “أكادير” لمحمد خير الدين، في ورقة حملت عنوان “كتابة الزلزال .. عودة إلى أكادير محمد خير الدين”، وانطلق من مقولة “عنف النص”، التي تصدق على الرواية التي ألفها خير الدين سنة 1967 “هذا الطفل الشقي الرهيب في أدب الشمال الإفريقي الناطق بالفرنسية”، بينما يبقى نص “أكادير” أهم أعماله الأدبية، إلى درجة أن باحثا مثل جان ديجو توقع منذ 1973 أن خير الدين قد قال كل شيء في هذا العمل.

ورأى الباحث والمترجم محمد آيت لعميم أن الأحداث الأليمة التي تخلف جراحا غائرة في المتخيل الجماعي، كانت دائما هي وقود الكتابة، فلولا الطوفان لما كانت “ملحمة جلجامش” التي دار موضوعها المركزي حول البحث عن نبتة الخلود، ولولا “طروادة” لما وصلتنا “التحفة الخالدة” الاليادة والأوديسة” وإبداع الأيام الأخيرة لبوميي لإدوارد ليطون و أجساد مختلطة لمارفان فيكتور، والسبت الأسود لجاكلين ميغفين، معرجا على نصوص من التراث العربي التي تناولت الكوارث، والدور الذي لعبته السينما في رصد الكوارث وتوثيقها وتقديمها من خلال تنوير جوانب إنسانية قد لا تظهر في نشرات الاخبار والتقارير.

كما وقف الناقد آيت لعميم عند دور الفن التشكيلي في ترجمة الانفعالات الإنسانية بصريا عبر لوحات غويا وبيكاسو حول الحرب الأهلية أو الطاعون الأسود، منبها إلى أن الكوارث لم تكن موضوعا فقط لهذه الآداب والفنون، بل إنها أثرت على الاختيارات الجمالية وشكل التناول والألوان القاتمة، مشيرا إلى أن خطاب النهايات الذي تواتر في حقول عدة هو تأثير بليغ لخطاب الكارثة في الفكر، وأن الكتابة عن ما بعد الكارثة هي واجب الذاكرة لرصد مجموع الانقلابات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسببها الكوارث.

وما بين ورقة نقدية وأخرى، شارك الشاعران المغربيان إدريس الملياني ومحمد بشكار بقصائد عن الزلزال، من ضمنها قصيدة “رقصة الأطلس”، وقصيدة أهداها بشكار لشهداء زلزال الحوز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News