سياسة

“كتيبة” النجاحات داخل حكومة أخنوش.. وزراء تُرتقب نجاتهم من “عاصفة” التعديل الحكومي

“كتيبة” النجاحات داخل حكومة أخنوش.. وزراء تُرتقب نجاتهم من “عاصفة” التعديل الحكومي

إلى جانب أسماء الوزراء المرشحة لمغادرة حكومة عزيز أخنوش، في حال التعديل الحكومي، هناك عدد من الوزراء الذين أثبتوا جدارتهم بالمهام الوزارية التي يتقلدونها، ما جعلهم بمثابة نقاط ضوء داخل الحكومة، قادرة على الاستمرار بمناصبها، إثر الثقة الكبيرة التي نالتها.

وزراء، بعضهم جديد في العمل الحكومي، وآخرون مستمرون لولاية ثانية، يشرفون اليوم على ملفات كبيرة واستراتيجية يعمل المغرب على تفعيلها، رافعين رهانات النجاح، ورسم معالم المغرب المنشود، وذلك مع استحضار حساسية مجموعة من القطاعات الوزارية، واستحالة الحديث عن الكمال في حقل السياسة وتدبير الشأن العام.

بوريطة.. الدبلوماسي الهادئ

يأتي ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على قائمة أكثر وزراء حكومة عزيز أخنوش حضورا ونشاطا، نظرا لحساسية الحقيبة الوزارية التي يحملها، والتي تتطلب يقظة دائمة لا سيما في ظل السياق الإقليمي والعالمي المتوتر والمطبوع بالصراعات الجيوسياسية.

بهدوء ولغة دبلوماسية، تعكس رسوخ الثقافة التي اعتادت تقاليد المملكة أن تدار بها الملفات الخارجية، يمضي بوريطة، الذي يحمل هذه الحقيبة للولاية الحكومية الثانية على التوالي، نحو ترصيع اسمه ضمن لائحة ألمع وزراء الخارجية المغربية عبر التاريخ، وذلك بالنظر إلى حجم الملفات التي أدارها خلال هذه الفترة.

بدءا من المساهمة في العودة التاريخية للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وصولا إلى قيادة جهود كبيرة في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة والتي توجت باعترافات متتالية بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية وافتتاح عدد مهم من القنصليات والتمثيليات الدبلوماسية.

ولعل أبرز الإنجازات الدبلوماسية التي بصم عليها بوريطة في الآونة الأخيرة هي الاتفاق المغربي الإسباني، الذي تحولت خلاله استضافة مدريد لزعيم البوليساريو إلى فرصة تاريخية لحسم تأييد إسباني للحكم الذاتي، وذلك بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، إضافة إلى الدعم المقدم من ألمانيا وبريطانيا وبلدان عظمى.

هذه المعطيات وأخرى، تجعل بوريطة ضمن لائحة أنجح الوزراء بحكومة أخنوش، الذين من المرتقب أن يواصلوا مهامهم خلال الفترة المقبلة.

لفتيت.. قائد “أم الوزارات”

وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الذي يحمل الحقيبة الوزارية للولاية الحكومية الثانية هو الآخر، يمثل كذلك أحد أكثر الوزراء ثباتا من حيث العطاء، على الرغم من المسؤوليات الجسيمة والملفات المعقدة التي تتابعها أعين أم الوزارات بالبلاد، ما يجعله ضمن نقط في الحكومة.

ويظل تدبير عبد الوافي لفتيت لإحدى أصعب لحظات المغرب الحديث، المتجلية في تفشي جائحة كوفيد19 وآثارها الاقتصادية الصعبة، وما تطلبته المرحلة من السهر على تنزيل إجراءات الحجر الصحي، إحدى أبرز ملامح نجاح الرجل، وصولا إلى إشراف وزارته على مستوى تنزيل السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان، اللذين يراهن عليهما المغرب لتفعيل الحماية الاجتماعية وتفعيل الدعم المباشر للأسر.

داخل البرلمان وفي خرجاته القليلة، يعبر لفتيت عن أفكاره بأقل العبارات الممكنة وأبلغها، ويصوغ بلكنته المغربية المتأصلة حججا مقنعة للدفاع عن أفكاره وتوضيح سياسة الوزارة. وقد بدا ذلك جليا خلال تمرير تعديلات القوانين الانتخابية خلال الولاية الماضية، إضافة إلى تمرير قانون الاستعمالات الطبية للقنب الهندي.

والنظر إلى تعقد الملفات التي تدبرها الداخلية واتساع مجال مسؤولياتها لتتداخل مع مختلف القطاعات الوزارية الأخرى، يظل عبد الوافي لفتيت بدون شك أحد أبرز الوجوه  ضمن الحكومة، الذين أثبتوا جدارتهم بالمنصب الحكومي الذي يشرف عليه.

بايتاس.. لسان الحكومة

بالرغم من كل المؤاخدات التي يمكن أن يوردها البعض في حق مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، إلا أنه لا يمكن حجب حقيقة أنه الوجه التواصلي الأول بالحكومة، وأحد الوزراء الذين يقدمون مجهودا محترما في بسط الحقائق والإجابة عن أسئلى الرأي العام.

الكثيرون راهنوا على فشل بايتاس تواصليا منذ خرجاته الأولى، بالنظر إلى  طبيعة تكوينه، غير أنه يثبت في كل مرة جدارته بحمل هذه المهمة الثقيلة، خاصة وأنها أصبحت أثقل مع تملص أغلب الوزراء من التواصل مع الرأي العام وتقديم التوضيحات اللازمة، ما جعل هذا الوزير متابعا لأداء مختلف الوزارات والملفات التي تشرف عليها.

ليس سهلا كذلك أن تطل على المغاربة دائما لتشرح قوانين قد تثير الجدل أو لتوضيح مواقف الحكومة من قضايا رائجة أمام الرأي العام الوطني، غير أن الوزير مصطفى بايتاس يتكفل بهذه المهمة بحس جلي من المسؤولية، ما يجعله من الوزراء الذين تركوا بصمتهم خلال السنتين المنقضيتين من عمر الحكومة.

ومن الممكن أن يجرد البعض بضع زلات من خرجات الوزير مصطفى بايتاس، غير أن المنطق يقتضي شيئا من الإنصاف في حق الرجل، احتسابا للجهد التواصلي داخل حكومة أغلبها صامتة، وهو ما يؤكد أن هذا الوزير يبقى هو الأخير من نقاط الضوء داخل حكومة أخنوش.

أيت الطالب.. وتحدي الحماية الاجتماعية

خالد أيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أيضا يمضي ولايته الثانية بالحكومة، وهو الذي راكم كثيرا من العمل الذي يشفع له داخل حكومة أخنوش، خاصة ما يتعلق بجانب بتعميم ورش الحماية الاجتماعية والتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وما يتطلبه من عمل على تحضير البنية التحتية لاستيعاب هذ التحول التاريخي.

أيت الطالب خطى في الاتجاه الصحيح في ما يتعلق بتأمين الموارد البشرية لمواكبة هذا المشروع الملكي، وذلك من جانب عبر الإنجاز المهم على مستوى الحوار القطاعي الذي أفضى إلى زيادة في أجور الأطباء تتراوح بين 3200 درهم و3800 درهم، من أجل وقف نزيف هجرة الأطباء المغاربة إلى الخارج.

من جانب آخر، كسب وزير الصحة والحماية الاجتماعية ثقة البرلمان للمصادقة على قانون يفتح الباب لاستقطاب الأطباء الأجانب للعمل بالمغرب ويشجع الأطباء المغاربة المزاولين في الخارج على العودة للعمل في المغرب. ومن جهة ثانية يسجل للوزير العمل من جهة ثانية العمل على تكوين الممرضين من خلال افتتاح عدد من المراكز.

وبالرغم من أنه لا يمكن القول بانتهاء مشاكل قطاع الصحة، إلا أن الإشارات العديدة التي يقدمها عمل الوزير خالد أيت الطالب تؤكد أن القطاع يمضي في الطريق الصحيح، رغم العمل الكثير الذي ينتظر الوزارة، ما يؤكد عودة الوزير خالد أيت الطالب إلى الوزارة خلال هذه الولاية الحكومية، بعد إعفاء نبيلة الرميلي، كان قرارا وجيها، وبأن الوزير راكم خبرة كبيرة منذ تدبير جائحة كورونا تمكنه من مواصلة العمل خلال المرحلة المقبلة.

المنصوري.. نقطة ضوء نسائية

وتعد فاطمة الزهراء المنصوري،  وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، إحدى الوجوه الناجحة بالحكومة، ذلك أنها لم توجد من داخل ساحة الجدل منذ استوزاره، وذلك راجع من جانبه إلى تماسك خطابها، عكس الأمين العام للحزب الذي تنتمي إليه، ومن جهة ثانية لقدرتها على تدبير قطاعات مليئة بالمشاكل.

وفي الوقت الذي تزاوج فيه المنصوري بين حمل الحقيبة الوزارية ومنثبها على رأس جماعة مراكش، فهي نجحت في الاندماج داخل منظومة العمل الحكومي بسلاسة، ما جعل التوقعات تذهب إلى أنها ستواصل مهامها الوزارية وستعزز مكانتها أكثر داخل الحزب الأصالة والمعاصرة، الذي تشغل مهمة رئيسة مجلسه الوطني، إلى درجة أن البعض يعتبرها بمثابة الأمينة العامة الفعلية للحزب.

من بين أبرز المشاريع التي جاءت بها الوزيرة مشروع دعم السكن للراغبين في اقتناء منزل لأول مرة، وهو مشروع مهم يرتقب أن يرى الضوء السنة القادمة، ويعول عليه كثيرا في سحب البساط من “لوبيات” العقار التي تتوجس منه، خاصة وأنها كانت تستفيد من هذا الدعم في الصيغ السابقة.

وتمكنت الوزيرة من إشعاع بعض من الاستقرار داخل الوزارة، من خلال خلاصات الحوارات القطاعية التي تخوضها داخلها، عكس الاحتجاجات الدائمة التي كانت خلال الولاية السابقة، وهو ما يحسب للوزيرة كذلك.

ورغم ما عرفته فترة استوزار المنصوري من أحداث مؤسفة، تجلت في سقوط العديد من المباني الآيلة للسقوط التي راح ضحيتها وفيات، إلى جانب ما يثار بخصوص السكن العشوائي، فإن ما يشفع للوزيرة أن هذه الملفات تتحمل المسؤولية فيها عدد من القطاعات الوزارية.

بنسعيد.. معركة الثقافة

خلال هذه الولاية الحكومية بزغ بشكل كبير نجم محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، الذي يسهر على تدبير قطاعات مهمة، تحول بعضها إلى ساحة معركة مع خصوم المملكة المغربية، خاصة في تسجيل العديد من أنواع التراث غير المادي ضمن لوائح اليونيسكو باعتبارها تراث مغربي.

إلى جانب ذلك الترافع القوي الذي أبانه الوزير بعد استغلال الجزائر رموز الزليج المغربي ضمن أقمصة منتخبها، وهو ما توج باعتذار شركة “أديداس” العالمية للأحذية والملابس الرياضية عن سوء الفهم في هذا الموضوع.

الفترة التي تسلم فيها بنسعيد تزامنت مع اقتراب الخروج من جائحة كورونا التي كان لها آثار مدمرة على قطاعات الفن والمسرح والسينما والمهرجانات إضافة إلى الثقافة ومعارض الكتاب، حيث شهدت الساحة الفنية والثقافية عودة مختلف الأنشطة والمهرجانات والتظاهرات الوطنية.

كما يعد الوزير بنسعيد من بين الوجوه البعيدة عن ساحة الجدل، بالرغم مما تحمله القطاعات التي يشرف عليها من تحديات، ما جعله من الوجوه السياسية التي تحظى بالإشادة داخل حكومة عزيز أخنوش، وهو الأمر الذي يؤهله لمواصلة مهامه الوزارية في المرحلة المقبلة.

الحجوي.. الأمن القانوني

يعد محمد الحجوي، الأمين العام للحكومة، للولاية الثانية على التوالي، بمثابة ضابط الإيقاع القانوني في المغرب، ذلك أنه يسهر على تدقيق المشاريع القانونية وضبطها وتسهيل صياغتها للتمكن من فهمها قبل إحالتها على المجلس الحكومي ومن ثمة إلى البرلمان.

المهمة ليست بالسهلة، كما قد يبدو من الوهلة الأولى، لأن خروج قانون إلى الوجود يقتضي من الأمانة العامة للحكومة سلسلة طويلة من الاجتماعات والتنسيق مع ممثلي القطاعات الوزارية، الذين غالبا ما تكون بينهم نقاط خلافية بحكم تداخل الاختصاصات بين الوزارات، إذ تبحث الأمانة العامة دائما على الصيغة الأمثل للقانون لضمان فاعليتها لأطول مدة.

العمل الجسيم الذي تقوم به الأمانة للحكومة يُبعد عنها الوصف الشائع بين الفرق البرلمانية بكونها “مقبرة القوانين”، ذلك أنها أصدرت خلال الولاية التشريعية السابقة حوالي 296 قانونا ونحو 630 مرسوما، وهو الأمر الذي اقتضى منها جهودا كبيرة، تحسب للأمين العام محمد الحجوي.

وإضافة إلى سهرها على ضمان الأمن القانوني بالبلاد، من خلال ضبط النصوص التي قد تتعارض مع القيم أو المتطرقة لملفات حساسة، من قبيل مشروع قانون مدونة الأسرة، فالأمانة العامة للحكومة تعمل على إصدار ترجمات بلغات إضافية للجريدة الرسمية منها الأمازيغية والإنجليزية والإسبانية، إضافة إلى توجهها نحو التخلي عن النسخة الورقية للجريدة الرسمية.

لقجع.. ضابط إيقاع الميزانية

يعتبر فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أحد أبرز وجوه الحكومة الحالية لما أظهره في عدد من المحطات من حنكة في ضبط كل ما يتعلق بالميزانية وبإعداد قوانين المالية، إلى جانب قدرته الكبيرة على الدفاع عن توجهات الحكومة، لما اكتسبه من خبرة طويلة في دهاليز وزارة الاقتصاد والمالية.

وبالرغم من أن المسؤولية تقع على وزيرة الاقتصاد والمالية بالدرجة الأولى، إلا أن عددا من الملفات أبرزت أن فوزي لقجع يعد بمثابة الوجه الأبرز داخل الحكومة، خاصة بعد نجاحه في تمرير عدد من مقتضيات الإصلاح الضريبي وعدد من مشاريع القوانين المهمة، من خلال اكتسابه ثقة البرلمان.

ودون الحديث عن إنجازاته على رأس الجامعة الملكية لكرة القدم، وما حققه المنتخب الوطني الأول وباقي المنتخبات والأندية المغربية، فإن فوزي لقجع يؤكد في كل جدارته على رأس القطاع، والتي من آخر تجلياتها إصداره قرار بتجريد المساطر والوثائق والمستندات من الصفة المادية وإجراء المناقصات الإلكترونية.

الثقة التي يحظى بها فوزي لقجع جعلت الملك محمد السادس يعينه رئيسا لملف ترشح المملكة المغربية لكأس العالم سنة 2030 إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال، وهو الملف الذي يهم لأول مرة ترشحا لكأس العالم من دول تنتمي إلى قارتين، مما يؤكد قدرة لقجع على إدارة مجموعة من الملفات الكبرى وأحقيته بالاستمرار داخل الوزارة التي يشرف عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News