مجتمع

عامان على حكم طالبان.. أين تقف أفغانستان؟

عامان على حكم طالبان.. أين تقف أفغانستان؟

في 15 غشت الجاري أتمّت حركة طالبان عامين على عودتها إلى السلطة بأفغانستان، فيما تواجه البلاد وشعبها عددًا لا يحصى من التحديات في شتى المناحي.

يعتقد مراقبون أن المشاكل المستمرة في أفغانستان متجذرة في “المواجهة” السياسية، التي تنبع من الاختلافات في منظومة القيم الخاصة بكل من طالبان والمجتمع الدولي.

ومع ذلك، فإن التعاون القائم على القضايا يمكن أن يكون فرصة لطالبان والعالم للعمل معًا لتحسين أوضاع الأفغان، وفقًا لما قاله غرايم سميث، أحد كبار المستشارين ببرنامج آسيا التابع لمجموعة الأزمات الدولية، والمختص بالشأن الأفغاني.

وفي حديثه مع الأناضول، أفاد سميث أنه “يتعين على طالبان عقد اتفاق سلام وتقديم حل وسط ودمج الطرف الآخر، وإذا لم تفعل ذلك فستكون معزولة مثل كوريا الشمالية”.

وبصرف النظر عن النظام الإداري المعطل والهيكل المالي الضعيف، لم تحصل حكومة طالبان المؤقتة على أي مساعدات دولية لإعادة بناء الدولة التي مزقتها الحرب، والتي تواجه ما وصفها كثيرون بأنها “واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية”.

عودة طالبان إلى الحكم تحققت بعد سنوات من مفاوضات السلام في العاصمة القطرية الدوحة، والتي أدت إلى خروج جميع القوات الأجنبية من أفغانستان في أغسطس 2021.

ورأى سميث أن “طالبان انتصرت عسكريًا، إلا أن البلد الآن أصبح معزولاً”، وأن “الدول التي عزلت طالبان لم تضع خارطة طريق للاعتراف بالحكومة، وبالتالي لا توجد خطة لكيفية إعادة دمج أفغانستان في النظام الدولي”.

ويرى أن “القضية تكمن في كيفية الاعتراف بحكومة أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان.. الهروب من العقوبات، والحصول على مقعد في الأمم المتحدة”.

المرأة القضية الأكبر لكن ليست الوحيدة

منذ أن غادرت الولايات المتحدة أفغانستان وسيطرت طالبان على كابل، جمّدت واشنطن حوالي 7 مليارات دولار من احتياطيات العملة الأجنبية الأفغانية.

وعارضت دول غربية أخرى الاعتراف بطالبان أو التعاون معها بأي صفة، مستشهدة بأسباب عدة، في مقدمتها تراجع حقوق المرأة، وعدم الشمولية في الإدارة.

وعلى مدار العامين الماضيين، مُنعت النساء من التعلّم واستُبعدن من العمل، في حين حذّر تقرير صدر في يونيو/حزيران الماضي عن خبراء حقوق معينين من قبل الأمم المتحدة، من “الفصل العنصري والاضطهاد بين الجنسين” في ظل حكم طالبان.

من جهتها، تُجادل طالبان بأن سياساتها تستند إلى الشريعة الإسلامية، ورفضت التقرير متهمةً “الأمم المتحدة وبعض المؤسسات والحكومات الغربية” بنشر “دعاية لا تعكس الواقع”.

وفيما يتعلق بمخاوف الشمولية، تقول طالبان إنها رحبت بعودة المسؤولين في الشرطة والجيش الذين عملوا مع الحكومات السابقة وحتى حاربوا طالبان.

وقال سميث: “من أجل الوصول إلى المساعدة من المؤسسات المالية الدولية، يجب أن تكون هناك آلية أو خطة، وهي غير موجودة”.

وتابع: “يجب أن تكون هناك مجموعة من المطالب من شأنها أن تمكن طالبان من أن تعقد صفقة… حظر تعليم وعمل النساء هو القضية الأكبر، إلا أنها ليست الوحيدة”.

ويتابع: “لدى طالبان خطتهم الخاصة لتغيير مجتمعهم، لكن ذلك يتعارض مع ما يريده المجتمع الدولي”.

وفي تعليقه على القيود المفروضة على المرأة، قال سميث إنه “سيكون أمرًا غير محبوب للغاية بالنسبة للديمقراطيات الغربية أن تعمل مع إدارة تميز ضد نصف السكان”.

ومع ذلك، ذكر أن طالبان تحظى بدعم المناطق الريفية بأفغانستان، حيث يعتقد سكانها أن الحركة تفعل الشيء الصحيح وأن لديها الحق بوضع سياسات اجتماعية بطابع محلي”.

وأضاف سميث: “بالنظر إلى هذه العوامل من غير المرجح أن يتنازل الجانبان”، واستدرك بأن هناك إمكانية للتعاون بين طالبان والعالم الخارجي “في القضايا الأمنية والاقتصادية”.

وبما يخص الوضع الراهن في أفغانستان، أوصى الخبير السياسي بضرورة “فصل بعض القضايا الأمنية والاقتصادية عن القضايا السياسية”.

وفي إشارة إلى أن مسؤولي أمن أمريكيين اجتمعوا مع طالبان قبل وبعد عودتها إلى السلطة، قال سميث إن “بعض الدول الأجنبية تشارك أيضًا مع الحركة في القضايا الأمنية”.

ولفت إلى أن هناك “بعض مؤشرات التعاون”، لا سيما ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، لكن لا يزال هناك “نقص في الثقة”.

وشدد على أنه “من خلال هذا التعاون، يمكن أن تكسب طالبان أشياء أخرى، مثل المعدات والتدريب وأشكال أخرى من المساعدة، هذا في مصلحة الجميع”.

الأفغان بحاجة للطعام
من أجل مصلحة الشعب الأفغاني، قال سميث إن هناك “حاجة للتكامل الجمركي الإقليمي والتعاون في مجال الطيران المدني مع طالبان، حتى لو كانوا لا يزالون حكومة غير معترف بها”.

ورجح أن التقدم في السياسة سيكون بطيئًا، إلا أن “الأفغان بحاجة إلى الطعام، وبالتالي فإن التقدم بالاقتصاد يجب أن يكون أسرع”، مشددا أن “البلاد تتعامل مع أزمة فقر والنمو الاقتصادي هو الحل الوحيد”.

وأعلنت طالبان عن ميزانيتها الأولى البالغة 231.4 مليار أفغاني (2.7 مليار دولار) في ماي 2022، إلا أنها واجهت عجزًا بنحو 44 مليار أفغاني (أكثر من 520 مليون دولار).

وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي في يوليوز الماضي، كان التضخم في أفغانستان سلبيًا خلال الشهرين الماضيين، وكان المعروض من السلع كافياً، لكن الطلب منخفض.

كما ظهر أن “أكثر من 50 بالمئة من الأسر الأفغانية تكافح من أجل الحفاظ على سبل عيشها واستهلاكها”، حسب التقرير نفسه.

وهناك مشاريع تزيد قيمتها على ملياري دولار لا تزال غير مكتملة في أفغانستان – يتابع سميث – “لا يجب على المستثمرين أن يكملوها كمكافأة لطالبان، ولكن لأنه سيساعد شعب أفغانستان”.

كما تطرّق المحلل إلى العمل المناخي باعتباره “المجال الآخر للتعاون المحتمل”، ورأى أنه “للبحث عن حلول لمثل هذه القضايا، يجب دعوة طالبان إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 28″، الذي تستضيفه دبي بين 30 نونبر و12 دجنبر 2023.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News