سياسة

المغرب ينتظر من فرنسا اعترافا صريحا بمغربية الصحراء وتأثيره الحصري بالقارة الإفريقية لعودة العلاقات

المغرب ينتظر من فرنسا اعترافا صريحا بمغربية الصحراء وتأثيره الحصري بالقارة الإفريقية لعودة العلاقات

رغم محاولات المسؤولين الفرنسيين التأكيد على أن العلاقة مع المغرب “تسير بشكل جيد”، إلا أن “الجمود” السياسي الملحوظ في علاقات الرباط وباريس يشير إلى غير ذلك، وأن المغرب يحتاج أكثر من “رسائل مشفرة” وبرقيات تلمح لرغبة في التعاون في كافة المجالات، خاصة عقب تعبير دول بشكل صريح عن دعمها للمغرب ولقضيته الوطنية الأولى.

وتوصل الملك محمد السادس، ببرقية تهنئة، من رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش، حيث أعرب فيها عن “مشاعر الصداقة العميقة التي يكنها الشعب الفرنسي للشعب المغربي”، مشددا على أن “النجاحات التي حققها المغرب منذ بداية حكم جلالتكم وما حملته من زخم تحديثي، كانت رائعة”، مؤكدا أن “فرنسا، بإخلاص واحترام، جعلت دوما التعاون مع المغرب أولوية”.

وأعرب الرئيس الفرنسي، الذي أضحى يواجه معارضة داخلية شرسة عقب الضغط الشعبي، عن قناعته بأن القدرة النموذجية للشراكة الاستثنائية التي تربط فرنسا والمغرب كفيلة بإيجاد الأجوبة المناسبة للرهانات الكبرى في الوقت الراهن، معبرا عن يقينه في أن العلاقة بين فرنسا والمغرب قادرة على أن تنمو وتتعزز بشكل أكبر.

حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، قال إن الأسباب التي تؤجج الخلافات الفرنسية المغربية والتي أدخلتها للنفق المظلم أو الأزمة الصامتة، هي السياسة الخارجية الفرنسية “غير المفهومة وغير المتوازنة اتجاه حليف قديم من حجم المملكة المغربية، كانت توصف العلاقات معه بأنها نموذج يحتذى به بالجانب المتوسطي أو بين الشمال والجنوب”.

وحمل بلوان، في تصريح لجريدة” مدار21″ الإلكترونية، ما تعيشه العلاقات الفرنسية المغربية للسياسة الماكرونية الخارجية، فإضافة لأزمة التأشيرات التي وصلت إلى طريق الحل، كانت هناك أسباب أخرى، على غرار أزمة الطاقة والتي انفتحت فيها فرنسا، في تحالف هش، على الجزائر على حساب المغرب.

كما أكد الباحث في العلاقات الدولية، أن المملكة المغربية تطمح لموقف واضح وقوي في ما يخص قضية الصحراء المغربية، “رغم الدعم المستمر لفرنسا في المنتديات الدولية والإقليمية في ما يتعلق بقضية الصحراء، إلا أن المغرب يرغب في أن يكون لحلفائه، خاصة التقليديين منهم، موقف واضح وصريح، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسبانيا وهولندا ومجموعة من الدول الأوروبية”.

وتابع في حديثه للجريدة: “هناك سبب آخر أساسي ومحوري، وهو أن بعض النخب الفرنسية، بمن فيهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، لم تعترف بعد بالتحولات العميقة التي عرفتها المملكة، وأن هذه الأخيرة لم تعد الحديقة الخلفية لفرنسا”.

واعتبر أن عودة العلاقات بين الرباط وباريس لطبيعتها يشترط اعتراف فرنسا بأن للمغرب الحق في تنويع شركائه الدوليين في الشرق والغرب، خاصة إذا تعلق الأمر لمصالح استراتيجية، إضافة لاعترافها بالدور المحوري الذي لعبته المملكة في القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن تراجع النفوذ الفرنسي بالقارة الإفريقية يرجع للجمود والأزمة الصامتة التي يتحملها ماكرون اتجاه المملكة المغربية.

وبحسب بلوان فإن حلحلة الأزمة الصامتة بين المغرب وفرنسا مسألة وقت فقط، “لكن ذلك يشترط نضوج مجموعة من الشروط، أولها تتمثل في موقف قوي وواضح للدولة الفرنسية حول مسألة الوحدة الترابية باعتبارها قضية مقدسة لدى المغرب والمغاربة”.

وبالنسبة للشرط الثاني، شدد الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، على ضرورة تغيير فرنسا سياسيتها الخارجية التي تحاول الانفتاح على حلفاء جدد أو البحث عن تحالف هش مع الجزائر، على حساب المغرب.

وأضاف: “ثالثا، على فرنسا أن تعترف بأنه يحق للمغرب تنويع شركائه خاصة في الشرق، والانفتاح على قوى إقليمية جديدة دون التفريط في تحالفاته التقليدية مع الغرب، خاصة مع أمريكا وفرنسا والدول الأوروبية”.

وبخصوص “تعويض” إسبانيا لفرنسا بالنسبة للمغرب، خاصة أن العلاقات بين مدريد والرباط “تسير إلى الأمام” وعلى كافة المستويات، سياسيا واقتصاديا، قال بلوان إن المغرب لا ينظر بمنطق الأفضلية أو التفاضل مع شركائه الأوروبيين، لكنه في المقابل يسعى لتطوير علاقاته الاقتصادية مع جميع الدول.

وسجل على أن الانفتاح والتعاون مع إسبانيا تقتضيه مصالح استراتيجية للمملكة بحكم القرب الجغرافي، وبحكم أن إسبانيا طرف مباشر في قضية الصحراء المغربية، “والموقف الإسباني الأخير وضع السكة في هذا الطريق”.

وخلص بلوان إلى أنه “رغم انفتاح المغرب على إسبانيا وتفضيلها كشريك استراتيجي، لكن لا أعتقد أن المملكة المغربية ستفرط في شريك من حجم الدولة الفرنسية، رغم الانتكاسات التي تعرفها هذه الأخيرة في إفريقيا، والسبب الأساسي في ذلك الأزمة الصامتة مع المغرب باعتبار الأخير المؤثر والمنفذ الحصري للقارة الغنية بالثروات الطبيعية والبشرية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News