سياسة

محمد السادس على خطى جده يهتم باليهود المغاربة تكريسا للهوية الوطنية المتعددة والموحدة

محمد السادس على خطى جده يهتم باليهود المغاربة تكريسا للهوية الوطنية المتعددة والموحدة

ككل عام، وفي ذكرى عيد العرش، يحتفي اليهود المغاربة بهذه المناسبة الخاصة، معبرين عن امتنناهم للملك ومباداراته التي يولي من خلالها أهمية كبيرة لحفظ وصيانة التراث اليهودي، على غرار نفس الاهتمام الذي يتم رصده للحفاظ على مقدسات باقي الديانات بالمغرب.

وأطلقت المملكة في السنوات الأخيرة مجموعة من المبادرات لتأهيل وترميم دور العبادة والأضرحة والأحياء اليهودية، وذلك في سياق استراتيجية يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس، عنوانها تكريس الهوية الوطنية المتعددة والموحدة.

هذه الهوية الموحدة، تنبثق أساسا من دستور المملكة، الذي حافظ على المكون العبري باعتباره رافدا من روافد الهوية الوطنية. حيث يؤكد دستور 2011 عن كون المملكة المغربية “دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”.

وعلى غرار اهتمامه بالتُراث المغربي الإسلامي، وتشجيعه على بناء المساجد والاعتناء بالقيمين عليها، أطلق العاهل المغربي، الملك محمد السادس، برنامجا واسع النطاق يهدف إلى تأهيل أماكن العبادة اليهودية مثل كنيس “صلاة الفاسيين” بفاس المصنف ضمن التراث العالمي لليونسكو.

وبهذه الاستراتيجية الملكية، وضع المغرب نفسه من بين دول العالم القليلة جدا التي تمضي قدما في إنشاء المعابد اليهودية وصيانتها، ناهيك عن الاعتناء بالأضرحة والمزارات اليهودية، وتأريخ التُراث اليهودي وتخليده عبر متاحف ومعارض عدة.

ومن بين أبرز المبادرات الملكية تجاه التراث اليهودي المغربي، عناية الملك بتحديث الحي اليهودي في مراكش عام 2017، بالإضافة إلى حي الملاح في الصويرة، ناهيك عن استفادة المقابر اليهودية في المغرب من برنامج إعادة تأهيل حقيقي، والتي يعود بعضها إلى القرن التاسع عشر.

وعام 2019، أطلق الملك أشغال بناء متحف للثقافة اليهودية، الذي يندرج في إطار البرنامج التكميلي لتثمين المدينة العتيقة لفاس، وهو فضاء متحفي ينضاف إلى المتحف اليهودي بالدار البيضاء الذي يضم تحفا تشهد على حياة اليهود بالمغرب منذ ألفي سنة.

وقبيل جائحة كورونا، وما رافقها من فرض لحظر التجول، زار العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في يناير 2020، مؤسسة بيت الذاكرة بمدينة الصويرة، بحضور ثلة من الشخصيات اليهودية من المغرب والخارج.

ومن بين المبادرات التي لقيت تنويها كبيرا من اليهود المغاربة أيضا،إدراج وزارة التربية المغربية “الثقافة اليهودية” في منهاجها، لتصبح جزءا من مقرر السنة الأخيرة من المرحلة الابتدائية، وهي خطوة تأتي في إطار “إصلاحات” أعلن عنها عام 2014، لكن تم الحديث عن تطبيقها أواخر 2020.

وخلال ترؤسه لمجلس وزاري بتاريخ 13 يوليوز 2022، أمر الملك محمد السادس طبقا للفصل 41 من الدستور بإحداث المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية يكون مقره بالرباط، ويتولى السهر على تدبير شؤون الطائفة والمحافظة على التراث والإشعاع الثقافي والشعائري للديانة اليهودية وقيمها المغربية الأصيلة. وستنبثق عن المجلس لجان جهوية تقوم بتدبير القضايا والشؤون اليومية لأفراد الطائفة.

كما تم الإعلان عن تشكيل “لجنة اليهود المغاربة بالخارج”، تعمل على تقوية أواصر ارتباط اليهود المغاربة المقيمين بالخارج ببلدهم الأصلي، وتعزيز إشعاعهم الديني والثقافي، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة، إضافة لمؤسسة الديانة اليهودية المغربية”، تسهر على النهوض والاعتناء بالتراث اللامادي اليهودي المغربي والمحافظة على تقاليده وصيانة خصوصياته.

وبعد التقارب المغربي الإسرائيلي، بدأت المبادرات الملكية تؤتي ثمارها على الاقتصاد المغربي، حيث ارتفع عدد الوافدين من تل أبيب من ذوي الأصول المغربية للمملكة، سواء للسياحة وإحياء الصلة مع جذورهم، أو للعودة والاستقرار بشكل دائم.

وبلغ عدد السياح الإسرائيليين الوافدين إلى البلاد في النصف الأول من العام الجاري، وفق أرقام رسمية، 38,456 سائحاً، بزيادة 35% على أساس سنوي، وبنمو يناهز 146% مقارنةً بسنة 2019، أي عام ما قبل عودة العلاقات بين الرباط وتل أبيب.

سيمون حاييم سكيرا، رئيس جمعية الصداقة الإسرائيلية المغربية، نوه بدوره بالاهتمام الكبير بالمكون اليهودي و الذي أعاد له مكانته داخل المجتمع المغربي، من خلال إدراج المكون اليهودي في الدستور و أيضا ترميم المآثر والمقابر اليهودية و غيرها من المبادرات.

كما اعتبر المتحدث، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن عودة العلاقات المغربية الإسرائيلية، إضافة إلى إطلاق خطوط جوية مباشرة بين البلدين، والتأشيرة الإلكترونية، كانت من بين العوامل التي شجعت الزوار القادمين من اسرائيل على زيارة المملكة “الرحلات من تل أبيب، أصبحت أسهل و أقرب”.

وبخصوص تشكيل هيئات تنظيمية للطائفة اليهودية وفق تعليمات ملكية، وصف سكيرا الخطوة بأنها “جد إيجابية” من أجل هيكلة التنظيمات المؤطرة للمكون اليهودي. داعيا المكلفين بالإشراف على تشكيل هاته الهيئات للإسراع بالعمل استجابة لتطلعات الملك وإخراج هيئات تواكب تطلعات المغاربة اليهود.

وأبرز رئيس جمعية الصداقة المغربية الإسرائيلية، أن المغاربة اليهود وأيضا اليهود من أصول أخرى لهم علاقة وطيدة بالملوك العلويين، مؤكدا أنهم “يقدرون كثيرا الملك محمد الخامس ولا ينسون الشجاعة التي واجه بها الخطر النازي و كيف حمى المغاربة اليهود منهم. كما يحترمون كثيرا الملك الحسن الثاني الذي لعب دورا كبيرا في إحياء السلام بالشرق الأوسط كما كان قريبا من المغاربة اليهود في العالم. وأيضا يكنون احتراما كبيرا للملك محمد السادس الذي طالما عمل من أجل التعايش و السلام والاهتمام بالمكون العبري”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News