اقتصاد

ضعف المراقبة وعقلية الجشع ترفع الأسعار وتحول موسم الاصطياف لامتحان عسير لجيوب المغاربة

ضعف المراقبة وعقلية الجشع ترفع الأسعار وتحول موسم الاصطياف لامتحان عسير لجيوب المغاربة

منذ انطلاق موسم الاصطياف بالمغرب، تزداد شكاوى المواطنين وتذمرهم من الارتفاع الكبير في أسعار الخدمات، من السكن بالفنادق ومنازل الكراء إلى التغدية بالمطاعم وغيرها، الأمر الذي يسبب ضغطا كبيرا على جيوب المواطنين، وتأثيرا سلبيا على سمعة الوجهة السياحية المغربية.

وعلى الرغم من الإقبال الكبير على الاصطياف، خاصة بمدن شمال المغرب، إلا أن عددا كبيرا من الموطنين يجمعون على أن الأسعار غير معقولة، مع غياب شبه تام للسلطات لضبط الأسعار خلال هذا الفصل، ما يجعل الخدمات المقدمة بالمغرب أكثر ارتفاعا من تلك المقدمة بدول سياحية عالمية، ومنها مثال إسبانيا التي يختارها عدد من المغاربة لقضاء عطلتهم لأسعارها المناسبة وخدماتها الجيدة.

وأرجع طارق بختي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلكين، أسباب الأسعار غير المعقولة في السكن والتغدية وسائر مستلزمات الاصطياف إلى عدة أسباب، من بينها ما يرتبط بالعقليات ويتجلى الجشع والطمع الذي يصيب بعض الناس من التجار ومقدمي الخدمات ومالكي الفنادق ومنازل الكراء وغيرها، ومن جهة ثانية ضعف المراقبة من طرف الدولة في شخص القطاعات الوزارية الوصية وافتقارها للموارد البشرية الكافية، ما يجعل المراقبة عملية موسمية تفتقر النجاعة المطلوبة.

وسجل بختي لجريدة “مدار21” وجود غلاء على كافة المستويات، سواء ما يتعلق بالفنادق والخدمات المقدمة من طرفها، أو أصحاب المنازل ومواقف السيارات وأصحاب كراء المضلات والكراسي ومحلات التغذية وغيرها، موضحا أن البعض يستعل الظرفية لرفع الأسعار على المواطنين مستغلا حاجتهم إلى الخدمات بذريعة الظرفية الاقتصادية، علما أن هذه الأخيرة تشهد على الصعيد العلمي والوطني بعض الانتعاش.

وبخصوص الفنادق، أكد بختي أن الأثمنة التي تضعها “خيالية ومبالغ فيها”، مضيفا أن الفنادق المصنفة بنجمتين أو ثلاث نجوم رفعت أسعارها إلى 700 و800 درهما، دون الحديث عن فنادق الخمس نجوم، موضحا أن هذا الأمر يدفع المواطن البسيط إلى عدم التفكير في الفنادق نهائيا لأن أسعارها في غير متناولها مع أنها لا تشمل احتساب التغدية.

وأضاف أن الفنادق تتجاهل التوجيهات الحكومية بعدم استغلال الظرفية لرفع الأسعار على المواطنين وتعمد إلى رفعه بطريقة مبالغ فيها، ورغم ذلك يلجأ إليها المواطنين لأن ليس لهم بدائل أخرى، مضيفا أن وزارة السياحة عاجزة، رغم مجهوداتها، عن ضبط الأسعار داخل الفنادق.

وأشار المتحدث إلى أن الأمر نفسه بالنسبة للشقق السكنية التي يصل كراؤها أثمنة خيالية، إذ يصل منزل عادي في المدن السياحية إلى 700 درهم وقد تصل إلى 2000 درهم لليوم، علما أن هذه المنازل يتم كراؤها بدون عقود ويتهرب أصحابها من الضرائب.

وفسر بختي لجوء البعض إلى رفع الأسعار بسبب توافد أعداد كبيرة من مغاربة العالم إلى أرض الوطن لقضاء عطلتهم الصيفية، مستغلين تزامنها مع عيد الأضحى، ذلك أن هؤلاء لديهم قدرة شرائية مرتفعة نوعا ما مقارنة بالمواطنين المغاربة، ما يجعلهم يتقبلون نسبيا ارتفاع الأسعار، في حين أن الفئة الأخيرة تتضرر بشكل أكبر من هذه العملية.

وأكد رئيس المنتدى المغربي للمستهلكين أن الارتفاع في الأثمنة يسجل بشكل أكبر في الأقاليم الشمالية للمغرب، والتي تشهد توافد ملايين الأشخاص من السياح الداخليين وأيضا مغاربة العالم والأجانب، ما يساهم في تكريس وضعية الغلاء ويجعل البعض يستغل الظرفية، مستحضرا أنه حتى وسائل النقل ترفع الأُثمنة، بما فيها قطارات المكتب الوطني للسكك الحديدية.

وأفاد المتحدث أنه حتى مشكل العقلبيات يساهم في هذا الوضع، ذلك أن جميع الأسر تريد السفر خلال هذا الفصل، والتوجه نحو مدن بعينها، علما أن هناك محموعة من المدن الأخرى التي تتوفر على طبيعة ساحرة، ولا تشهد القدر نفسه من الزيارات، مضيفا أن هذا الازدحام عامل من عوامل الغلاء.

ومن جهة أخرى، أثار بختي أن حتى المواطنون يكرسون هذا الوضع بقبولهم هذه الزيادات في الأسعار، موضحا أنه ينبغي عليهم عدم تقبل الاحتكار والارتفاع الفاحش للأسعار والابتعاد عن الخدمات إذا كانت مرتفعة الثمن، مشيرا في الوقت نفسها إلى أن الأسعار ببلدان أوروبية ومنها إسبانية أقل بشكل كبير مع خدمات جيدة مقارنة مع المغرب.

ولفت إلى أن مثل هذه الممارسات المتفشية تؤثر على السياحة بالمغرب سلبا وتجعل الكثيرين، حتى من المغاربة، يلجؤون إلى بلدان أخرى لقضاء عطلهم بدل المغرب، الأمر الذي يعاكس توجه الحكومة ووزارة السياحة في الوصول إلى أعداد مرتفعة من السياح.

وطالب رئيس المنتدى المغربي للمستهلكين بتشديد عمليات المراقبة من طرف السلطات مستحضرا في الوقت نفسه أن هذه العملية يعوقها كذلك إكراه الموارد البشرية للإدارة، التي لا يمكنها تغطية التراب الوطني كاملا، وفي المدن السياحية بالأساس، خاصة وأن عددا من الموظفين يطلبون عطلهم السنوية بدورهم خلال هذا الفصل، داعيا إلى ضرورة التفكير في حل لتقنين الأسعار.

وأوضح في هذا السياق أن الإدراة يمكنها التعاقد مع شباب وموظفين بشكل مؤقت خلال هذا الفصل لتعزيز عمليات مراقبة الأسعار وضبطها، بدل حالة الفوضة والجشع التي تعرفها مجموعة من المدن المغربية السياحية، والتي لا يمكن تبرير بحرية الأسعار والمنافسة، لأن تأثيرها سلبي على جيوب المواطنين وعلى سمعة الودهة السياحية المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News