مجتمع

“أطفال القمر” المغاربة.. حرمان قسري من دفء أشعة الشمس ومعاناة مضاعفة مع العزلة والتهميش

“أطفال القمر” المغاربة.. حرمان قسري من دفء أشعة الشمس ومعاناة مضاعفة مع العزلة والتهميش

“وعندما قرر والدي اصطحابي عند اختصاصي في الأمراض الجلدية أنا وأخي، لم يكن الأطباء يعلمون بخطورته للأسف وكانوا ينصحون والدي فقط بعدم تعريضنا لأشعة الشمس والبقاء في المنزل قائلين: ولادكم أطفال القمر سدو عليهم فالدار” وللأسف بقاو سادين علينا غير فالبيت”. هكذا يسرد حمزة تزمرت (25 سنة) تجربته مع مرض جفاف الجلد المصطبغ أو Xeroderma” “pigmentosum والذي يلقب حاملوه بـ”أطفال القمر” في حديثه لجريدة “مدار21″ الإلكترونية.

يقول الشاب الروداني إن قصته مع هذا المرض النادر، بدأت منذ ولادته، مرجعا سبب إصابته وأخيه محمد بهذا المرض لزواج والديهما وهما أبناء العم، وهو السبب في إصابتهما على الرغم من أن والدتها لا تظهر عليها أعراض المرض.

وتابع حمزة في حديثه لـ”مدار21” أن أعراض هذا المرض لم تظهر عليه منذ الولادة حتى بلوغه عاما واحدا، وبدأ يتعرض لأشعة الشمس والأضواء الاصطناعية، لتبدأ نقط سوداء وحمراء بالظهور على جسده.

وبأسف يحكي الشاب تفاصيل قصته قائلا: “عندما قرر والدي اصطحابي عند اختصاصي الجلد أنا وأخي لم يكن الأطباء للأسف يعلمون بخطورته وكانوا ينصحون والدي فقط بعدم تعريضنا لأشعة الشمس والبقاء في المنزل قائلين: ولادكم أطفال القمر سدو عليهم فالدار. وللأسف بقاو سادين علينا غير فالبيت”.

ويرجع حمزة الفضل لخاله في إتمام دراسته، حيث قال: “كنت سأحرم من الدراسة لولا تدخل خالي الذي قال إن حمزة ومحمد يجب أن يكملا تعليمهما”.

ولأن هاذين الشابين كانا ينحدران من وسط قروي، فمسيرتهما الدراسية لم تكن بالسهلة، إذ يسرد حمزة تفاصيل مساره الدراسي الذي بدأه رفقة أخيه في طريق غير معبدة تحت أشعة الشمس الحارقة باتجاه مدرسة ابتدائية تبعد عن محل سكناهما بأزيد من نصف ساعة.

ويضيف حمزة أنه عانى وشقيقه من التنمر والتمييز من أقرانهما بسبب وضعهما الصحي، لكن ذلك، بحسب حمزة، لم يثنيهما عن الاستمرار في مسارهما الدراسي إذ التحق بعد ذلك الشقيقان بمعهد المكفوفين بمدينة تارودانت بعد أن انقطعا عن الدراسة لمدة سنة كاملة بسبب رفض طلبهما في ولوج الداخلية.

وبمعهد محمد السادس لرعاية المكفوفين، استطاع الأخوان حمزة ومحمد الحصول على شهادة الباكلوريا التي مكنتهما من ولوج مدرجات جامعة محمد الخامس بكلية الحقوق لاستكمال مسارها الأكاديمي الذي توج في النهاية بشهادة الإجازة.

وعبر حمزة عن فخره، بالحصول على شهادة الإجازة إلى جانب شقيقه، كأول شابين مصابين بمرض “جفاف الجلد المصطبغ”، على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي واجهتهما والتي فرضت عليها عدم الحضور الدائم للمحاضرات واستعطاف الطلبة لتسجيل المحاضرات صوتيا.

وعن سبب تسميتهم بـ”أطفال القمر”، قال حمزة إن “هذا التوصيف أعطي لهم لكونهم لا يستطيعون التعرض لأشعة الشمس ويعيشون تحت ضوء القمر، أما بالنسبة لوصفهم بالأطفال فإن سببه أن المصابين بهذا المرض لا يعيشون طويلا، فإن أرادوا عيش حياتهم كباقي الأطفال فلن يتجاوزوا العشر سنوات”.

غير أن حمزة يرفض هذه التسمية لكونها لا تمثل جميع المصابين بمرض جفاف الجلد المصطبغ والذين “أصبحوا رجالا ونساء اليوم ولم يعودوا أطفالا”.

ويطالب حمزة بضرورة الإشارة لأطفال القمر كإعاقة معترف بها في القوانين المؤطرة للإعاقات وطنيا، معتبرا أن هذا المرض وإن كان لا يصنف كإعاقة إلا أنه يعتبر سببا في العديد من الإعاقات التي تصيب مرضاه في مرحلة تطوره، مستشهدا بحالته: “بالنسبة لي فقدت نصف أذني اليمنى، كما تأثر كذلك بصري حيث ضعفت رؤيتي بعيني اليسرى”.

كما يرى حمزة “ضرورة تجهيز المرافق العمومية لتيسيير ولوج “أطفال القمر” إليها خاصة المستشفيات، بالإضافة إلى ضرورة تخصيص منحة لتغطية تكاليف علاج هذه الفئة بالنظر للتكلفة المادية المرتفعة لهذا المرض”.

ويؤكد الشاب ذاته على “ضرورة إيلاء اهتمام لهذه الفئة من خلال ضمان حقها في التمدرس من خلال توفير مدرسة أو معهد خاص بأطفال القمر تلائم ظرروفهم الصحية”.

معاملة سيئة وحرمان من فرص الشغل

وتعرف فاطمة بلوسي، (28 سنة)، المصابة بجفاف الجلد المصطبغ، بأنه “مرض جيني نادر لا يجب أن يتعرض المصابون به لأشعة الشمس لأن الخلايا الجلدية تتضرر من خلال أشعة الشمس وتتحول لخلايا سرطانية ما يستدعي استئصال الأعضاء التي تصاب بالسرطان لكي نبقى على قيد الحياة”.

وتتابع فاطمة لـ”مدار 21″ بحسرة قائلة: “المشكل اللي كاين أن الدولة ما باغاش تتكفل بينا”، مضيفة أن “هذه الفئة لا تتوفر على مراكز للعلاج والتمدرس تلائم ظروفها الصحية”.

وتضيف طالبة الدراسات الإسلامية بكلية عين الشق شارحة: “نعاني من عدة مشاكل؛ عندما نذهب للمستشفيات نتعرض للشتم والمعاملة السيئة، ولا يتم استقبالنا ونقضي اليوم كله في الانتظار في أشعة الشمس “ما كتحيدي ورم حتى يتربى فيك ورم آخر”.

وتزيد المتحدثة ذاتها قائلة: “المساعدة الاجتماعية لأطفال القمر أيضا ما كايناش، ومحرومين من بزاف دالحوايج خصوصا من التطبيب”، معتبرة أن تأخر المواعيد يتسبب في ظهور أورام جديدة يستدعي استئصالها بتر العضو كذلك”، وتضيف الشابة العشرينية بحسرة لا تخفيها تنهديتها: “هاد المرض صعيب بزاف”.

وأشارت فاطمة لنقطة يوافقها فيها حمزة ومحمد، إذ أكدوا أن المصابين بهذا المرض لا يستفيدون من فرص التشغيل إذ اعتبر حمزة أن “المرضى يعانون من تمييز وعدم إنصاف لا يمكنهم من النجاح في المباريات التي يجتازونها بغرض التشغيل”، وأكدت فاطمة ذلك قائلة إن “أطفال القمر لا يستفيدون من فرص التشغيل لكي يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم وتغطية تكاليف علاج هذا المرض المكلف”.

أطفال القمر.. مشاكل متعددة

الحبيب غزوي، رئيس جمعية “التضامن مع أطفال القمر بالمغرب”، يقول إن الجمعية التي يرأسها والتي تأسست أواخر سنة 2012، هدفها التعريف بالمرض وبخطورته، ولتحديد عدد المصابين به، معتبرا أن “هذا المرض كان منتشرا غير أن المصابين لم يكونوا يعرفون بعضهم البعض”.

ويتابع المتحدث ذاته في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية أنه من خلال هذه الجمعية “حاولنا لم شمل أطفال القمر، وتقديم الخدمات الممكنة واللازمة لهذه الفئة”.

ويقول غزوي إن “هذا المرض هو مرض نادر وجيني، يعاني المصابون به من حساسية مفرطة من الأشعة البنفسجية والأشعة الفوق البنفسجية التي تسبب له تقرحات وسرطانات من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة في حالة عدم المتابعة والعلاج”.

ويضيف المتحدث عينه قائلا: “نواجه عدة مشاكل منها التطبيب؛ إذ نتمنى من وزارة الصحة أن تتفهم طبيعة حالة هؤلاء المرضى وأن تجد حلا لمشكلة تأخر مواعيد علاجهم، وأن تتكلف ببعض التحاليل الطبية والعمليات التي تحتاجها بعض الحالات التي تعاني من وضعية هشة”.

وأكد الغزوي أن هذه الفئة تعاني أيضا من مشاكل في التمدرس، مضيفا أن “أطفال القمر لا يتمكنون من الخروج للالتحاق بفصول الدراسة صباحا، بل يحتاجون إلى حصص تمدرس ليلية أو على الأقل توفير وسائل الحماية للأطفال في طريقهم للمدرسة ذهابا وإيابا”.

التشغيل أيضا من المشاكل التي تواجه “أطفال القمر” حسب غزوي الذي يقول إن “بعض الأطفال أكملوا تعليمهم لكنهم لم يتمكنوا إلى اليوم من الظفر بفرصة عمل بالنظر لوضعيتهم الصحية”.

وأشار رئيس جمعية “التضامن مع أطفال القمر” إلى أن عدد المصابين المنخرطين في الجمعية منذ إحداثها يفوق 500 طفل في مختلف أنحاء التراب الوطني، مضيفا أن معظم الحالات توجد بجهتي الدار البيضاء سطات وجهة مراكش تانسيفت.

وأضاف ذات المتحدث أن الجمعية تفتقر إلى مقر رغم اشتغالها لمدة 12 سنة، مشيرا إلى أن “الجمعية تعتمد على دعم المحسنين من شركات وطنية ودولية التي تدعم الجمعية من وقت لآخر ماديا أو من خلال توفير بعض المراهم وجمعيات فرنسية مغربية التي تتابع الجمعية من خلال صفحتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News