اقتصاد

مشروع قانون المالية 2026.. هل تؤثر “السنة الانتخابية” على توجهات الحكومة؟

مشروع قانون المالية 2026.. هل تؤثر “السنة الانتخابية” على توجهات الحكومة؟

مع اقتراب طرح مشروع قانون المالية لسنة 2026، ينتظر الفاعلون الاقتصاديون والأسر المغربية ما ستجود به قريحة الحكومة من تدابير، لاسيما وأن هذا المشروع يأتي في “سنة انتخابية”، ما يدفع عدة خبراء لتوقع تركيزه على الأبعاد الاجتماعية بشكل أساسي.

طرحت صحيفة “مدار 21″، 3 أسئلة على أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس، علي بوطيبة، الذي أكد أن البطالة وفرص الشغل، والقطاع غير المهيكل، والتدابير الضريبية على الشركات، وإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة… تعد من أبرز المحاور التي لا بد أن تجد لها صدىً في مشروع قانون المالية 2026.

إليكم محتوى الحوار..

لا أتوقع مفاجآت كبيرة، لأن الحكومة منذ تنصيبها سارت في سائر قوانين المالية الصادرة عنها بمنطق الإصلاح الاقتصادي، في كل الجوانب المتعلقة بالمردودية الاقتصادية والمالية، لذلك فإن هذا المشروع، وعلى الرغم من أنه يأتي في سنة انتخابية، إلا أن الحكومة أخذت على عاتقها الاستمرار في مسلسل إصلاح تصاعدي، يروم تمكين الاقتصاد الوطني من الجاذبية والمتانة والتنافسية.

بفضل مقاربة السعي وراء المردودية وبناء اقتصاد متين، يعرف المغرب اليوم تقدما في المشاريع المهيكلة والصناعات ومجموعة من القطاعات الإنتاجية، بما في ذلك السياحة وصناعة السيارات وصناعة الطائرات، بل حتى الفلاحة المغربية التي أصبحت تصدر كثيراً رغم الجفاف، وأضحت مجموعة من المنتجات المغربية تنافسية ورائدة في العالم.

ما أسلفت قوله حول البحث عن المردودية والربحية الصرفة، رغم كل ما له من امتيازات اقتصادية، إلا أنه خلف أضرارا على المستوى الاجتماعي.

كما نعلم فإن البحث عن المردودية هو السعي وراء الوسائل الناجعة لرفع قيمة المُنتَج وخفض كلفته، وهكذا عمد المغرب إلى تركيز الاقتصاد على مجموعة صغيرة من القطاعات والمنتجات المُصدِّرة، في وقت أصبحنا نستورد كل شيء آخر.

هنا سنقف على تداعيات ذلك على المستوى الاجتماعي؛ فهذا التوجه مسؤول عن نزيف الاقتصاد الوطني على مستوى فرص الشغل.. لأننا حين نتكلم عن “المردودية” فمرادفها هو “المكننة”، أي استبدال اليد العاملة البشرية بالآلة.

وبما أن الاستثمارات، وخاصة الاستثمارات العمومية، قد ذهبت للشركات الكبرى جداً، لأنها تحترم المعايير ولها القدرة التنافسية المطلوبة، فاستحوذت على حصة الأسد من صفقات البناء وطلبات العروض؛ غير أن هذه الشركات كي تحافظ على مردوديتها وتنافسيتها وربحيتها فهي تلجأ إلى المكننة وإلى الذكاء الاصطناعي لخفض التكاليف، وهو ما قضى على الكثير فرص الشغل.

بالتالي أرى أن الانشغال الرئيسي الذي ينبغي أن نجد له صدى في مشروع قانون المالية هو الجانب الاجتماعي للاقتصاد، وخاصة خلق فرص الشغل.

وحتى لا نبقى في ما هو اقتصادي تقني دون ربط الأمر ببعده السياسي، فالحكومة الحالية تتكون من 3 أحزاب، وباستثناء حزب الاستقلال نسبيا، فإن “البام” وحزب “التجمع الوطني للأحرار” حزبان يضمان الكثير من رجال الأعمال، الذين يطغى عليهم الفكر الليبرالي بطبيعة الحال؛ في حين أعتقد أنه كان من الضروري أن تكون الحكومة ذات نفس اشتراكي، لأن هذا الأخير هو الذي يبقي الانشغال الاجتماعي حاضرا في كل السياسات العمومية.

نحن على موعد مع سنة انتخابية، ورجائي ألا يهيمن فكر معين على الحكومة المقبلة، وأن يكون لها نَفس اشتراكي واجتماعي.

صحيح، فقد أدركت الحكومة بعد أن وصلت البطالة إلى أرقام تاريخية غير مسبوقة، فاقت 13 في المئة، أن من يَخلق فرص الشغل بالمغرب ويمتص البطالة ليس الشركات الكبرى بل المقاولات الصغرى والصغيرة جدا، ولذلك أعتقد أن مشروع قانون المالية 2026 سيتضمن تحفيزات لهذه الشريحة من الشركات.

فالضريبة على الشركات ستهبط وتصبح موحدة في 20 في المئة، كما ينتظر أن يتم تقليص معدل الضريبة على القيمة المضافة؛ وهذه من أهم المستجدات الجبائية المنتظرة في المشروع.

أيضاً، وفي ذات السياق، تنبغي الإشارة إلى ضرورة الانكباب على حل العراقيل التي تم وضعها أمام نظام المقاول الذاتي، والتي أدت إلى انسحاب جماعي منه، ودفعت مجموعة من المقاولين الذاتيين للعودة إلى القطاع غير المهيكل.

لا أحب تسمية هذا القطاع بالسوق السوداء (Noir) كما هو شائع عنه، بل هو في السياق المغربي “سوق الرمادية”، لأن هناك علاقة وثيقة بين ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي.. أعني أنه بالنسبة للدولة، وبما أنها عجزت عن توفير فرص الشغل لجزء كبير من الساكنة النشيطة، فإن هذه الفئة حين تجد لنفسها مورد رزق، ولو بشكل غير مهيكل، فهي تحل مشكلة اجتماعية كبيرة للدولة، وبالتالي تغض الأخيرة الطرف عن هذا القطاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News