سياسة

الطالبي: الممارسة البرلمانية المغربية تزْدهر في سياق دولي تُصَاب فيها الديموقراطيات بالعياء

الطالبي: الممارسة البرلمانية المغربية تزْدهر في سياق دولي تُصَاب فيها الديموقراطيات بالعياء

أكد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب حرص أجهزة المجلس، وكافة مكوناتِه معارضةً وأغلبيةً، على أداءِ اختصاصاتِه الدستورية ومهامه ووظائفه، في احترام دقيق لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي للمجلس، مسجلا تفاعل المؤسسة البرلمانية مع السياقات الوطنية والدولية ومع انتظارات المجتمع المغربي، “في تجسيدٍ عملي لمفهومِ البرلمان المتفاعل مع الطموحات والأحداث، وحيث تجد أحداث وقضايا المجتمع صداها الطبيعي”.

وأوضح الطالبي في كلمة له مساء اليوم الاثنين بمناسبة اختتام أشغال الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الثانية من الولاية الحادية عشرة، أن الأمر يتعلق بتحقيق ممارسة برلمانية على درجة عاليةً من النضجِ، والكثافةِ والانسيابية، والجودة والمردودية، مضيفا ” “ما يجعلها اليوم ممارسة برلمانية تتوفر على كافة مقومات التفرد في تطابق تام مع معايير الديموقراطية البرلمانية خلال القرن الواحد والعشرين كما تصورها وبلورها الاتحاد البرلماني الدولي في عدد من إطاراته ووثائقه المرجعية”.

ويتأكدُ هذا التَّفردُ، وهذا التميُّزُ الراسخ، حسب رئيس مجلس النواب، من خلال قدرة النموذج المؤسساتي البرلماني المغربي على الجمع في الآنِ معًا بين العمل البرلماني التقليدي الأصيل وتقاليد المملكة المؤسساتية من جهة، ومتطلبات الديموقراطية الجديدة كما يفرضها السياق الجديد، والحاجيات المجتمعية المستجدة وأشكال الوعي الملازمة لها، وأنماط التفكير الناجمة، بالخصوص، عن التطور الهائل في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتواصل، من جهة أخرى.

ويرى الطالبي أنه “مما يدعو إلى الاعتزاز، ويُحفز على الحرص على صيانة هذا النموذج المؤسساتي الوطني، هو كونُه يترسخُ، ويتقوى ويزدهر، ويجتهد، في سياق إقليمي ودولي تُصَاب فيها بعض الديموقراطيات بالعياء فيما لا تزال العديد من البلدان تعيش أسئلة وهواجس النموذج”.

وتابع قائلا: إذا كنا لا ندعي الكمال في ما وصلنا إليه، فإن صعودَنا كقوة ديمقراطية جديدة مبتكرة هو اليومَ حقيقةٌ راسخةٌ أمكننا بلوغُها بفضل الإصلاحات المتراكمة، وأساسا بفضل الدور الرائد لملكيتنا الدستورية الديموقراطية الاجتماعية، اللحمة الأساس للتماسك المؤسساتي والاجتماعي ومرتكز ثقافة التوافق”.

وقد كان الخيطُ الناظِمُ في كل ذلك، يردف رئيس مجلس النواب “هو التفاعلُ مع السياق الوطني، وجعل أشغالنا مستجيبةً للانتظارات، ومجيبة عن الأسئلة الكبرى المطروحة في المجتمع من خلال التأطير التشريعي للإصلاحات، ومراقبة أعمال الحكومة وتقييم السياسات العمومية بالتركيز على الأولويات المطروحة في الأجَنْدة الوطنية”.

وارتباطا بالسياق الاجتماعي، صادق مجلس النواب -وفق الطالبي- على ثمانية مشاريع قوانين تأسيسية تؤطر التغطية الصحية وحكامة القطاع وتمكينه من المؤسسات والموارد البشرية التي تتولى تطويره وتجويد خدماته، ومأسسة البحث العلمي في مجال الصحة.

وتتوخى هذه النصوص تعزيز مرتكزات الدولة الاجتماعية وتيسير الولوج إلى الخدمات الصحية ودمقرطته عبر التوطين الترابي للمؤسسات ومن خلال الرقمنة، وإحداث الدعامات الإدارية والتقنية الكفيلة بتطوير القطاع وضمان استدامته وعصرنته. وتهدف من جهة أخرى، وهذا أمر أساسي، إلى زيادة جاذبية القطاع وتحفيز الموارد البشرية وتثمينها من خلال تكريس مفهوم الوظيفة الصحية ومراعاة خصوصياتها ونبلها.

وتندرج المصادقة على هذه النصوص في إطار استكمال بناء الدولة الاجتماعية الذي تسارع واتسع نطاقه منذ أكثر من عشرين سنة إعمالا للحقوق الاجتماعية وللتعاضد والتضامن المكفولة في دستور المملكة وفي المواثيق الدولية، وفق رؤية الملك في مجال الحماية الاجتماعية.

وأوضح رئيس مجلس النواب أنه باعتماد هذه النصوص تكونُ بلادُنا بصدد تتويج مسار من تراكم الاصلاحات الاجتماعية وبناء منظومة صحية جديدة عَصَبُها المرفق العمومي، والتعميم والتجويد، وترسيخ السيادة الدوائية والصحية عامة بما هي جزء من السيادة الوطنية بمختلف مداخلها مستخلصة الدروس من جائحة كوفيد 19.

ومن جهة أخرى، قال الطالبي إن مصادقة المجلس على عدد من مشاريع القوانين يُوافَقُ بموجبها على اتفاقيات دولية ثنائية ومتعددة الأطراف، شكلت جزء هاما من الحصيلة التشريعية خلال دورة أبريل 2023. وتعكس هذه الاتفاقيات مكانةَ المملكة على الصعيدين الدولي والقاري والإقليمي وتموقُعَها كشريك دولي ملتزمٍ وصادقٍ ومنفتحٍ على شراكات متنوعة وفاعل في المنظمات الدولية.

وبجانب هذه النصوص صادق مجلس النواب، على أخرى تأسيسية أو تُعَدِّلُ قوانين سارية، تغطي مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ليصل عدد النصوص التي صادق عليها المجلس برسم الدورة 34 نصا، واعتبر الطالبي العلمي أن ” هذه المصادقة ليست غاية في حد ذاتها، إذ سيكون على المجلس في إطار اختصاصاته الرقابية، تتبع تطبيق القوانين وتَبَيُّن أثرها وتقييم وقعها على المجتمع”.

وشدد رئيس مجلس النواب، أن المجلس سيكون مطالبا في إطار من التوافق المؤسساتي والوضوح، بالانكباب على تَيْسِير انسيابيةِ الحَسْمِ في مقترحات القوانين التي تَقَدَّمَ ويَتَقَدَّمُ بها النواب في إطار مبادراتهم التشريعية”، مسجلا أنه ما يزال يؤمن بأهميتِها وبدورها في إثْراءِ التشريعِ الوطني، فضلا عن أنها ممارسةٌ لاختصاصٍ دستوري للبرلمانيين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News