سياسة

أحمد عطاف دبلوماسي “فاقد للبوصلة” يسير بالجزائر نحو عزلة دولية وإقليمية

أحمد عطاف دبلوماسي “فاقد للبوصلة” يسير بالجزائر نحو عزلة دولية وإقليمية

ثلاثة أشهر كانت كافية، ليثبت وزير الخارجية الجزائري الجديد، أحمد عطاف، أنه ليس بالرجل المناسب لمواجهة “فتوحات” نظيره وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، فالرجل وفي كل مرة يحاول فيها أن يتبث أن دبلوماسية بلاده، تسير في الاتجاه الصحيح، ينقلب السحر على الساحر، ويؤكد بوضوح أن الجارة أضحت “بلا بوصلة” وتسير لا محالة نحو عزلة دولية وإقليمية.

فبعد فترة ليست بالقصيرة، من محاولات حثيثة لتغييب رمطان لعمامرة، عن الساحة السياسية الجزائرية، تم الإعلان وبشكل رسمي من طرف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية الجزائرية، في السادس عشر من مارس الفارط، تعيين أحمد عطاف وزيرا للخارجية خلفا لرمطان لعمامرة.

عطاف، والذي عرف في الجزائر بلقب “مهندس إغلاق الحدود” بين الجارين، يبلغ من العمر 70 عاما، وسبق أن شغل المنصب بين 1996 و1999 قبل وصول عبد العزيز بوتفليقة للحكم. وكان قبلها قد شغل منصب وزير مكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية. وهو دبلوماسي متخرج من المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرج منها تبون نفسه.

وحاول عطاف، في الأشهر القليلة الماضية، أن يجر دول أوروبية لدعم “عداء الجزائر” للمملكة وسيادتها، مستغلا بذلك الغاز الذي أضحى عملة مطلوبة من طرف بلدان القارة العجوز، لكن الخارجية المغربية أبطلت مفعول “طاقة القرن الحالي”، وعززت شراكاتها مع هذه الدول، بل واقتنصت دعما من بعضها لمبادرة الحكم الذاتي.

ورغم محاولاتها المستميتة، فشلت الجزائر، في الحصول على دعم واضح من بلغراد لأطروحات البوليساريو الانفصالية، حيث أشار رئيس الدبلوماسية الصربية إلى أن بلاده تدعو إلى “ضرورة التسوية السلمية لجميع النزاعات، بما في ذلك قضية الصحراء”، مكذبا بذلك تصريحات عطاف في مؤتمر صحفي، أثناء زيارته للبلاد.

وجدد المسؤول الصربي، في اتصال مع بوريطة، دعم بلاده لجهود العملية التي تقودها الأمم المتحدة لحل هذه القضية وفقًا للقانون الدولي والقرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، بهدف تحقيق حل عادل ودائم”.

ولم تمض إلا أيام فقط، حتى خرجت إيطاليا، التي تعتبرها الجزائر، حليفها الجديد، تزامنا والقطيعة مع إسبانيا وتذبذب العلاقات مع فرنسا، لتنفي ما روجت له أبواق الجزائر حول وجود “توافق وانسجام في الرؤى في القضايا الإقليمية بين الجزائر وروما”، وتشيد بالمغرب وجهوده في قضية الصحراء المغربية.

وبتوجيهات من الملك محمد السادس، سافر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الأسبوع الفارط، إلى روما في زيارة عمل، نتج عنها مباحثات مثمرة بين الطرفين تم التعبير من خلالها عن “إرادة مشتركة متعددة الأبعاد”.

ورحبت إيطاليا تزامنا مع زيارة بوريطة، بـ”الجهود الجادة وذات المصداقية” التي يبذلها المغرب من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء، وذلك في خطة العمل من أجل تنفيذ الشراكة الإستراتيجية بين المملكة المغربية والجمهورية الإيطالية.

وجاء في خطة العمل هذه، التي وقعها وزير الخارجية، ناصر بوريطة، ونظيره الإيطالي، أنطونيو تاجاني، أن “إيطاليا ترحب بالجهود الجادة وذات المصداقية المبذولة من طرف المغرب”، كما أكد على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2654 لـ 27 أكتوبر 2022.

تعددت الأسماء.. الفشل واحد

نوفل البعمري، الباحث في شؤون الصحراء، أكد أنه لا يمكن الحديث عن الحصيلة بمفهومها الدبلوماسي ولا السياسي لأن الحصيلة تقاس بدرجة تحقيق النتائج المرجوة من أي عمل دبلوماسي خاصة اذا ما اعتُبر عملًا استراتيجيا كالذي تتحدث عنه الدعاية الجزائرية.

ووصف البعمري، زيارات عطاف وتصريحاته، بمحاولات تسابق محموم، تشتغل وفقه الدبلوماسية الجزائرية في محاولة لجر بعض الدول الأوروبية نحو تبني مواقف معادية للمغرب، مذكرا بموقف صربيا التي فنذت أكاذيب الآلة الإعلامية الجزائرية بعدما ادعت أنها غيرت من موقفها، مما دفع وزير خارجيتها إلى إصدار إعلان بمثابة رد، أكدت فيها بلغراد على وقوفها ضد كل محاولات تقسيم الدول على رأسها المملكة المغربية، وكذلك إيطاليا.

وأشار المتحدث في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن هذا الفشل امتد لمؤتمر عدم الانحياز الذي حاول فيه وزير خارجية الجزائر تسريب مواقف لا تعبر عن الحركة و أهدافها منذ تأسيسها كإطار اقليمي و دولي للدول التي اختارت إبان الحرب الباردة عدم الانحياز لأي طرف من الاطراف المتصارعة دوليا.

وسجل نوفل البعمري، أن المؤتمر عبر وبشكل غير قابل للتأويل، وبحضور أحمد عطاف، عن وقوفه ضد كل دعاوى التقسيم و النزاعات الانفصالية في إشارة واضحة و مباشرة للمخطط الجزائري بالمنطقة ورداً على تحركات هذا النظام الذي أصبحت كل أجندته الخارجية متمركزة حول المغرب و معاداته.

كما اعتبر أن الدبلوماسية الجزائرية مهما غيرت من وزراء خارجيتها الذين يتم اختيارهم على أساس درجة العداء للمغرب، فنهايتهم هي الفشل الذريع أمام الحقائق التي يقدمها المغرب وأمام المصداقية التي يتمتع بها أمام العالم، والتي جعلت مختلف الدول تعيد النظر في مقاربتها للنزاع المفتعل حول الصحراء، خاصة وأن المملكة ظلت ثابتة في تعاطيها مع هذا النزاع من خلال اقتراح مبادرة لطيه على أساس “رابح/رابح”، وعلى أساس يحترم ميثاق الأمم المتحدة وينسجم مع طبيعة المسلسل السياسي الذي أسقط من حساباته خيار الاستفتاء وأصبح أكثر تبنيا للحل المغربي.

رجل من القرن الماضي

أما وليد كبير، المعارض والصحفي الجزائري، فاعتبر أن زيارة وزير الخارجية أحمد عطاف إلى الدول الأوروبية تزامنا وزيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، يمكن اعتبارها “ردة فعل” من طرف النظام الحاكم في الجزائر ودليل على إصابته بالهوس نظير تعاظم الدعم الدولي للمغرب فيما يخص ملف الصحراء المغربية.

وبحسب كبير، فإن عطاف، ليس بمستوى وزير الخارجية السابق رمطان عمامرة، وتعيينه على رأس وزارة الخارجية تعويضا له، جاء في إطار عدة سياقات، لعل أبرزها “التدخل الخارجي من طرف السعودية، التي رفضت بقاء لعمامرة على رأس الخارجية الجزائرية، وتخوف تبون من منافسة لعمامرة له كمرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو المسرحية التي يشرف عليها العسكر لتعيين الرئيس للفترة المقبلة”.

بالمقابل، يضيف المتحدث في تصريح لجريدة “مدار21″ الإلكترونية، تواصل الدبلوماسية المغربية، تحقيق انتصارات هامة، خصوصا بعد أزمة الكركرات، و”لهذا نرى نظام العسكر على المستوى الدبلوماسي، يحاول جر المغرب لنقاشات وصراعات هامشية”.

ويرى المعارض الجزائري أن تواجد عطاف على رأس الخارجية الجزائرية سيمكن المغرب طبعا من مواصلة نجاحاته على المستوى الدبلوماسي، بالنظر لمحدودية الرجل، الذي جيء به من القرن الماضي، والذي كان وزيرا للخارجية في فترة التسعينات، “ولم يحقق شيئا حينها، فما بالك بهذه الفترة”.

وخلص إلى أن الدبلوماسية الجزائرية تعرف نوعا من التخبط، وأضحت “فاقدة للفكر السياسي، ولا تمتلك استراتيجية، وتزداد عزلة عن محيطها الدولي والإقليمي، يوما بعد آخر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News