ثقافة

زيدان يشكك بوجود طارق بن زياد ويصف الأيوبي ب”السفاح” وينتقد الجابري وابن رشد

زيدان يشكك بوجود طارق بن زياد ويصف الأيوبي ب”السفاح” وينتقد الجابري وابن رشد

وجه المفكر والكاتب المصري يوسف زيدان انتقادات لشخصيات تاريخية مغربية وعربية قُدمت لفترات طويلة من الزمان بوصفها نماذج يُحتذى بها، مؤكدا أن بعضها ينبغي الوقوف عند “بطلانه وليس بطولته”.

ولم يتردد المفكر المصري، الذي تحدث ضمن محاضرة بمهرجان ثويزا، اليوم السبت، بعنوان “الحكم على الحكام والحكماء”، في إطلاق أحكام على كل من طارق ابن زياد الذي شكك حتى في وجوده استنادا على مجموعة من المعطيات التي أوردها، إضافة إلى وصفه شخصيات من أمثال صلاح الدين الأيوبي ب”السفاحين”، مشددا على أن تقديمها بصفة البطولة يصنع جيلا من الدواعش.

واستحضر زيدان الخطبة الشهيرة المنسوبة لطارق بن زياد، قائلا إنه لا يمكن لشخصية أمازيغية تخاطب جيشا أمازيغيا أن تفعل ذلك بنص بليغ، إضافة إلى أن قائدا بهذا الحجم لا يمكن أن يصدر أمرا بإحراق السفن التي ليست ملكه أصلا، قبل أن يصل إلى حد التشكيك في وجود هذه الشخصية التاريخية من الأصل.

وبالمقابل، لم يسلم القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي من سهام نقد يوسف زيدان، الذي وصفه ب”السفاح الذي قتل 170 ألفا من المسلمين، وقتل شهاب الدين السهروردي الذي يوازي ظفره رقبة الأيوبي” على حد تعبيره.

وقال زيدان “إذا لم نمتلك القدرة النقدية على إصدار أحكام صائبة بشأن تاريخنا لن نرى الواقع، والحال كذلك إذا لم نعرف المعيار الذي به نحكم على الشخصيات التاريخية”.

وأضاف صاحب رواية “عزازيل” أن “هذا المعيار بسيط، فالحكيم ننظر في إنجازه وإبداعاته العلمية بعد وفاته أما الحاكم فننظر في اللحظة التي حكم فيها إلى وفاته وما حدث في فترته من ويلات وقتل وتخريب”.

وتابع في السياق ذاته “لكننا نفعل العكس ونشوش على الوقائع التاريخية لنعجز أصلا عن إصدار الأحكام”، مضيفا أنه يجب أن “نصدر أحكاما بحق السفاحين الذين قتلوا الناس ليحكموا، ونمجد ونحترم المفكرين والحكماء والعلماء الذين أضافوا إلى زمانهم وإلى الإنسانية، فبهذا الحكم يمكن أن تتطور العقلية الجمعية للعرب وبغير ذلك فنحن نُضيع وقتنا سدى”.

ابن رشد والجابري..

وحول انتقاداته للفيلسوف ابن رشد والمفكر المغربي محمد عابد الجابري وما إن كان لذلك علاقة بتموقف سلبي تجاه المفكرين المغاربة، أوضح يوسف زيدان “لست اتخذ مواقفا شخصية من بعض الشخصيات التاريخية أو المعاصرة لكن أنا ابتعد عن الصور النمطية المعتادة”.

وأفاد يوسف زيدان أن “ابن رشد لا يخصكم أكثر مما يخصنا، فكتبه طبعت بمصر وليس المغرب”، مشيرا إلى أنه بُعث في مصر لما تنازع العلمانيين والإسلاميين وأنه سُوق بكونه تقدميا استنادا إلى كتابه “فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال”، منتقدا الأفكار التي وردت بالكتاب لأنه “ليس من المنطق أن نقول بأن الحقيقة واحدة لها جانب شرعي وجانب فلسفي فهذا كلام يرضي مستفتي قليل العلم”.

وأكد المفكر المصري نفسه حول الفكرة ذاتها أن “الفلسفة منطق والشريعة إيمان وشتان بينهما”، مستدركا أن “هذا ليس معناه أنني أُنكر على ابن رشد أهميته التاريخية والفكرية”.

وأردف زيدان أن ابن رشد “استجابة لطلب سلطوي أعاد الفكر في زمانه إلى الأصول الأرسطية التي كان قد تم تجاوزها، وهو بذلك ليس تقدميا بل ارتدادي”.

وعن محمد عابد الجابري، أوضح يوسف زيدان أنه في مناقشاته مع حسن حنفي يقسم التراث “تقسيمات وهمية”، مشيرا إلى أن رأيه في المفكر المغربي أصدره مدفوعا بحماس الشباب، قبل أن يضيف أن نقاش الإثنين كلاهما “فاضي” لأنهما تنازعا في جزء قليل من التراث الذي تم تحقيقه.

منهج الحكم على الحكماء والحكام..

وذهب يوسف زيدان إلى أن الحكم هو أن نقرر شيئا بصدد واقعة ما، متابعا أن الحكم على الشيء فرع لإدراكه والادراك فيه ما هو حسي بالحواس الخمس وما هو عقلي، ولكي نحكم على الحكام والحكماء لابد من إدراكهم وإلا وصلنا إلى حالة الوضع ما بين القوسين، مفيدا أن دلائل صدق الخبر أن تحتفي به قرائن كثيرة مؤيدة.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن الحكم يكون “بالأثر في الإنسانية الدائم دواما مديدا على هؤلاء المؤثرين أمثال ابن سينا وابن رشد وغيرهم”، موضحا أن المهم في البحث عن الشخصيات هو كيف كانوا يفكرون والمنهج الذي كانوا يعملون به.

واسترسل زيدان أنه “لابد من إعادة النظر في التصورات النمطية لأن غير ذلك سوف يجعل الأخطاء تتكرر إلى ما لا نهاية، مشددا على أنه ينبغي استعمال العدل لا اتباع الهوى وأن نتحرى في البحث وليس الميل مع الآراء بحجة أن من قالها مفكر”.

وذهب زيدان إلى أن الاحتفاء بشخصيات من أمثال طارق بن زياد “إنعاش للفكر العنيف وطبيعي أن تخرج من عندنا داعش”، مؤكدا “أنا ضد الذي قتل وأن يجري تعميم بطولة السفاحين وإلا فإن العنف سيُنبت عنفا”.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. نرجو لكم التوفيق في نشر الأخبار الثقافية.. وأن تنعكس علينا يالنفع والفائدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News