سياسة

مجلس النواب يدعو لتبني اختيارات تشريعية “حازمة” لوقف تردّي المناطق الجبلية

مجلس النواب يدعو لتبني اختيارات تشريعية “حازمة” لوقف تردّي المناطق الجبلية

أكد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، أن الأوضاع التي آلت إليها المناطق الجبلية نتيجة تراكم العجز وتأخر المعالجة تدعو لتبني اختيارات حازمة وإصلاحات هيكلية لوقف تردي المنظومة الجبلية في مستوياتها المتعددة، مؤكدا أنه ” سيسهر شخصيا على التفاعل مع توصيات التي ستتمخض عن اليوم الدراسي الذي نظمته لجنة العرائض بمقر البرلمان حول “مداخل التنمية في المجالات الجبلية”.

وسجل الطالبي في كلمة له بالمناسبة، أن وجود تعارضات فيما يتعلق بمعالجة الاشكاليات التي تواجه المناطق الجبلية، لاسيما أن الجبل يمثل 70 بالمئة من منابع الماء خاصة الثلوج وبالتالي هي محمية اصلا بالقانون ولايجب ان يتم التدخل فيها لانها تزود 70بالمئة من الماء الشروب في المغرب بأسره، قبل أن يستدرك “ولكن هناك إكراه أنا ساكن فالجبل كيطيح عندي الثلج كيقتلني البرد ولكن شخص اخر يستفيد”.

وقال رئيس مجلس النواب: “هاجسنا هو توفير شروط الحياة الجيدة للمواطن في الجبل أو في القرية أو المدينة بشكل متساوٍ ويجب كما يتوفر مواطن في المدينة على جميع الحقوق من نقل وتعليم وصحة أن تتوفر أيضا هذه الشروط في الجبال”، مسجلا أن “الجبال المغربية علامة مميزة للمجال الوطني سواء في بعدها المادي واللامادي، حيث ساهمت في كتابة تاريخ المغرب وتشكيل هويته الوطنية بالقدر الذي ساهمت في بناء اقتصاده وتنوع موارده”.

وأكد الطالبي العلمي أن الاتفاقيات الدولية ملزمة أكثر من التشريع الوطني الذي يقوم بتنزيلها فقط، وأن القيود التي فرضت لم تفرض لصالح المواطنين بل لصالح البيئة والطبيعة والاستدامة، معتبرا أن الهاجس المطروح على المؤسسة التشريعية، ” هل سنخرج من هذه العملية منتصرين أم خاسرين، لأننا اليوم نحن خاسرون كمواطنين وخاسرون أيضا في حماية الطبيعة، وبالتالي يجب أن نوفق بينهما رغم خصوصيات عدد من المناطق”؟

وعلاقة بتعثر إخراج قانون خاص بالمناطق الجبلية وفق ما دعت إلى ذلك فعاليات مدنية وبرلمانية، أكد رئيس مجلس النواب أنه من الصعب معالجة كافة الاشكالات التي يعيشها الجبل دوفعة وعبر نص تشريعي، مقرتحا العمل على إعداد ملتمس قانون يضم 5 مواد في البداية أو 10 على أن يتم تطويره مع مرور الوقت باستحضار مقترحات وآراء كافة المتدخلين.

وكان الائتلاف المدني من أجل الجبل، شرع في إعداد عريضة قانونية وملتمس تشريعي من أجل إيلاء الاهتمام للجبل وحماية ساكنته وتوفير متطلباتهم وظروف العيش الكريم، مشددا على أنهما سيخولان للمغرب الرقي في مؤشر التنمية بـ33 نقطة إضافية.

وفي سياق ذلك، اقترح الفريق الحركي بمجلس النواب، إحداث وكالة تنمية المناطق الجبلية، في إطار تفعيل التوجيهات الملكية الهادفة إلى تحسين أوضاع المواطنين الذين يعيشون في المناطق البعيدة والمعزولة، والتخفيف من معاناتهم من خلال تأهيل البنيات التحتية والخدمات العمومية الأساسية، سواء في مجال التعليم أو الصحة والماء والكهرباء.

وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس النواب، “يجب أن نقوم باشياء معقولة لكي يتم التوفيق بين حماية الطبيعة والبيئة والاستدامة وبين توفير شروط الحياة الجيدة دون المساس بثقافة وتاريخ وحضارة كل منطقة لكي نحافظ على خصوصيتها، مسجلا أن “المشكل لايتعلق بالامكانيات المادية أو التشريع وأو الارادة بل الأمر أصعب من ذلك لأنه جد معقد”.

وفي المقابل، أعرب الطالبي العلمي عن سعادته بهذا التمرين، رغم المخاوف التي عبر عنها في اجتماع سابق لمكتب مجلس النواب، وقال إنه ” تمرين جيد جدا ولديه هدفين يتعلق الأول منهما بإخراج مشروع قانون يكرس ويفعل مقتضى دستوري متعلق بالديموقراطية التشاركية وهدف آخر يتعلق بتفعيل هذا المقتضى الدستوري”، مضيفا “من ثم نحن أمام هدفين يلتقيان لكن هناك صعوبة  كبيرة جدا للوصول إلى حلول للمشاكل القائمة”.

ويرى مجلس النواب وفق أرضية اليومي الدراسي حول “مداخل التنمية في المجالات الجبلية”، أن جبال المملكة تفقد بشكل متسارع الكثير من مواردها الطبيعية بفعل الاستخدام المفرط وسوء التدبير إضافة إلى تأثير التغيرات المناخية التي تزيد من هشاشتها، كما تفرغ من مواردها البشرية، كمًّا ونوعًا، نتيجة الصعوبات الشديدة التي يعاني منها سكان الجبال بسبب الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين المناطق الجبلية وبقية البلاد.

ويأتي تنظيم هذا اليوم الدراسي في إطار استمرارية العمل الذي دشنه مجلس النواب مع فعاليات المجتمع المدني، بهدف توسيع النقاش والحوار المجتمعي حول قضية العدالة المجالية باعتبارها مدخلا أساسيا لإحقاق العدالة الاجتماعية وتعزيز المسار الديموقراطي وتحقيق التنمية المستدامة.

وترمي الغرفة الأولى بالبرلمان، إلى  المساهمة في بلورة نموذج تنموي يعتمد على آليات منصفة وسياسات عمومية للحد من الفوارق المجالية ومحاربة الفقر والهشاشة والتوزيع العادل للثروات.ويتوخى مجلس النواب مقاربة موضوع التنمية المستدامة والمنصفة للمناطق الجبلية، في كافة أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية، وإبراز أهمية الجبل كقضية جديرة بالنقاش العمومي والمؤسساتي الذي من شأنه تحديد معالم المعالجة ومداخل الحلول.

ويندرج موضوع هذا اليوم الدراسي في سياق البحث والتفكير المشترك في سبل تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة من خلال تنمية مجالية متوازنة وعادلة، وذلك انسجاما مع مقتضيات الدستور التي تحرص على مسؤولية الدولة ومؤسساتها في تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من جميع الحقوق والخدمات الأساسية، كما تنص على آليات التضامن بين الجهات وتجاوز التوزيع غير المتكافئ للموارد قصد تقليص الفوارق الاجتماعية والترابية وكذا التفاوت بينهما.

وناقش اليوم الدراسي، أهمية وجدوى اعتماد قانون خاص ينظم المجالات الجبلية، على اعتبار أن وضعية الجبل هي غالبا أزمة تدبير مجالي، لها ارتباط بالجوانب القانونية والمؤسساتية وبطبيعة القرار المتخذ في حق الجبل. كما تم التطرق إلى مدى  مساهمة قانون الجبال في تنمية الجبال، من خلال توفير إطار قانوني وسياسي  يراعي خصوصيات المناطق الجبلية، ويشجع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وحماية التراث الطبيعي والثقافي للمناطق الجبلية، ويضع قواعد ملزمة تسعى لتوازن الاستثمار والإنفاق العمومي بشكل منصف.

وأكد المتخلون في هذا اليوم الدراسي بحضور عدد من البرلمانيين، أن البرامج التنموية التي استهدفت المجالات الجبلية ليست لها مرجعية واضحة وليس لها إطار محكم يضبط انسجامها والتقائيتها، بالرغم من الدراسات والأبحاث التي حاولت تأطيرها ضمن سياقات مختل، حيث تمت الدعوة إلى  تسهيل التنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة المشاركة في تنمية الجبال، واعتماد مقاربة بعض التجارب الدولية المقارنة ونماذج من التشريعات الخاصة بالجبل .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News