أمن وعدالة

وهبي: وضعية الطفل المغربي وحمايته الجنائية ما زالت تحتاج إلى جهود إصلاحية

وهبي: وضعية الطفل المغربي وحمايته الجنائية ما زالت تحتاج إلى جهود إصلاحية

قال وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، إن وضعية الطفل المغربي وحمايته الجنائية، ومن خلال استطلاع الترسانة التشريعية المغربية، ما زالت تحتاج إلى جهود إصلاحية أخرى، مشيرا إلى أن وزارته تعتبر ذلك ضمن اهتماماتها الأساسية سواء على مستوى أوراشها التشريعية الكبرى كمشروع مراجعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ومشروع قانون العقوبات البديلة ومشروع إعداد مدونة الطفل، أو عبر أوراش أخرى كتطوير خدمة العمل الاجتماعي ونظام المساعدة القضائية وإحداث مركز للعلاج من الإدمان في إطار تنفيذ تدابير بديلة للعقوبات.

واعتبر وهبي، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية بمناسبة لقاء علمي حول موضوع “حماية الأطفال في تماس مع القانون – الواقع والآفاق”، أن من بين أهم الإصلاحات المطلوبة، إعادة النظر ضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية، في العديد من المساطر الخاصة بعدالة الأحداث، نحو تبسيطها بما يراعي خصوصية الأطفال خاصة ما يرتبط بإجراء الاستماع وإيجاد بدائل حقيقية للدعوى العمومية ونظام فعال لتحويل الجزاءات إلى تدابير تأهيلية وعلاجية على أكبر قدر ممكن.

كما دعا المسؤول الحكومي إلى إيحاد آليات لتحويل المسار القضائي للأطفال في تماس مع القانون إلى مسار تأديبي وتأهيلي، إضافة إلى رفع السن الموجب لتدبير الإيداع عند الضرورة أكثر مما هو معتمد حاليا ( 16 سنة في الجنح و 14 سنة في الجنايات)؛ وكذا التنصيص على تدبير التسليم للأسر البديلة؛ إضافة إلى اختزال المسار القضائي في الحالات المعاقب عليها بالتوبيخ مراعاة لخصوصية الطفل؛ والتنصيص على الاستفادة من العقوبات البديلة التي تتناسب ووضعية الأحداث كالعقوبات البديلة المرتبطة بالعلاج والتأهيل والتكوين.

كما شدد المتحدث ذاته على ضرورة تعزيز صلاحيات ومهام المساعدين والمساعدات الاجتماعيات داخل المسار القضائي للأحداث أو أثناء تتبع تنفيذ التدابير، وتقوية نظام المساعدة القضائية للأحداث وحضور المحامي إلى جانبهم خلال كافة مراحل المسار القضائي بما فيها مرحلة البحث والتحري، والسعي إلى تجهيز فضاءات خاصة بعدالة الأحداث.

وفي السياق نفسه، أكد عبد اللطيف وهبي في اللقاء الذي حضره مسؤولون وفاعلون مدنيون مغاربة، أن وزارة العدل تعمل على دعم التواصل الدائم مع الجمعيات المعنية بحماية الطفل عن طريق المشاركة في الاجتماعات والملتقيات التي تدعو إليها، مسجلا أن الوزارة تعمل كذلك على رصد الظواهر الإجرامية عموما والمرتكبة في حق الأطفال على وجه الخصوص وملاحظة التطور الحاصل فيها وتحليل الأسباب المؤدية لها واستخلاص النتائج لاستغلالها في السياسة الجنائية المتعلقة بالموضوع وهو ما سيعمل عليه المرصد الوطني للإجرام .

وتكرس وزارة العدل توجهاتها تلك، يضيف المسؤول في كلمته، من خلال إحداث مكتب المساعدة الاجتماعية بكل محاكم المملكة كآليات حمائية لتقديم خدمات نوعية لهذه الفئة الخاصة من المجتمع والتي نأمل في تقديم المساعدة لأعضائها من قبلكم من أجل تعزيز حماية الطفل والحفاظ على حقوقه ودرء كل الانتهاكات التي قد تصيبه، كما تسعى الوزارة جاهدة إلى توفير مخاطب متخصص لاستقبال والاستماع ودعم وتوجيه ومرافقة الأطفال والمتمثل في السيدات والسادة المساعدين الاجتماعيين.

ويرى وهبي أن المبادرات التشريعية وبقدر أهميتها تبقى عاجزة دون مواكبتها بتطبيق أمثل على مستوى الممارسة، داعيا في الوقت نفسه، لتكثيف الجهود لضمان تنزيل سليم،”علما أنه لا يمكن أن يتحقق ذلك بجهود أجهزة إنفاذ القانون لوحدها وإنما نحتاج إلى العمل الجماعي والتنسيق المحكم خاصة بين السياسة الجنائية وباقي السياسات العمومية للدولة”.

وتابع في نفس السياق: “لعل الأرقام المسجلة فيما يرتبط بالمسار القضائي للأحداث سواء على مستوى القضايا المسجلة (24592 قضية خلال سنة 2022) وعدد المتابعين (29412 خلال سنة 2022) وعدد المعتقلين منهم احتياطيا (355 معتقلا احتياطيا عند نهاية شهر ماي 2023) والأطفال في وضعية صعبة ( 1076 سنة 2022)، وغيرها من الأرقام تسائلنا جميعا لإعادة تقييم وضعية الأطفال في تماس مع القانون وبلورة خطة عمل وطنية يساهم فيها كل الشركاء والفاعلين لتحقيق الغايات المنشودة.

وذكر بأن أدبيات السياسة الجنائية دأبت على تصنيف السياسة الجنائية في مجال جنوح الأحداث ضمن السياسات الجنائية المهيكلة التي تحتاج إلى معالجة شاملة ومستدامة تحتاج إلى تصور مهيكل على أمد زمني معين، وإلى مقاربة مندمجة شاملة لا تقف فقط على المقاربة الجنائية بل تتعداها إلى مقاربات سياسات عمومية أخرى، على خلاف السياسات الجنائية المؤقتة والعرضانية التي قد تخصص إلى جنوح معين حسب خطورة وطبيعة مرتكبيه.

وأشار وزير العدل المغربي إلى ضرورة استحضار ذلك عند وضع أية خطة عمل أو استراتيجية لمعالجة وضعية الأحداث في تماس مع القانون، “فأي تصور أو معالجة منحصرة على مقاربة منفردة ستظل عقيمة الجدوى منعدمة الأثر مهما استحضرته من مصلحة فضلى للحدث، فمسار معالجة قضايا هذه الفئة يحتاج إلى مساهمة كل الفاعلين باختلاف انتماءاتهم الوظيفية من أجهزة إنفاذ القانون والساهرين على العمل الاجتماعي والتأهيلي والتربوي والتعليمي والثقافي وغيرهم من المتدخلين للوصول إلى تكفل ناجع ومندمج بالأطفال في تماس مع القانون سواء كانوا في حالة نزاع مع القانون أو في وضعية صعبة أو ضحايا جرائم” يضيف وهبي.

وسجل أن وزارة العدل وانطلاقا من الدور الذي تقوم به في رسم معالم وتوجهات السياسة الجنائية خاصة عبر الآلية التشريعية وما يرتبط بأدوارها في تدبير الإدارة القضائية، أقدمت في السنوات القليلة الماضية على مجموعة من الإصلاحات التشريعية الموضوعية والمسطرية، وذلك من خلال وضع آليات قانونية ملائمة سواء عند مراجعة قانون المسطرة الجنائية أو عند تعديل مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بالطفل أو بعض النصوص القانونية ذات الصلة، وتكفل هذه الآليات حماية الطفل من أي انتهاك بمنظوره العام ماديا أو معنويا، سواء كان الطفل في وضعية مخالفة للقانون أو ضحية جريمة أو طفلا في وضعية صعبة، احتراما للمبادئ الأساسية المتعارف عليها دوليا لحماية الطفل على رأسها اتفاقية حقوق الطفل.

وأوضح الوزير أن الوزارة حرصت على مراعاة مصلحة الطفل الفضلى “أولا ودائما” في كافة الإجراءات والتدابير المتعلقة به، أبرزها تجريم كل الانتهاكات التي ترتكب في حقه وتشديد العقوبات عندما يكون مرتكب الانهاك في حق الطفل أحد أصوله أو من له رعاية أو سلطة عليه، مع وضع قواعد خاصة إضافية لتقادم الأفعال الإجرامية المرتكبة في حق الأطفال من طرف هؤلاء الأشخاص، وذلك بانطلاق أمد التقادم من جديد عند بلوغ الطفل الضحية سن الرشد.

وأكد أن الوزارة شددت على احترام حق الطفل في حماية خصوصياته لمنع أي ضرر قد يصيبه وذلك من خلال سرية الجلسات ومن خلال عدم جواز نشر أي معلومات يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هويته عند التقاضي، واتخاذ تدابير استعجالية للتكفل بالطفل وحمايته إذا كان في وضعية تعرضه للخطر متى كان ضحية فعل جرمي أو كان في وضعية صعبة تجعله في خطر الوقوع في الانحراف، وذلك بإمكانية إصدار أوامر قضائية مؤقتة لإيداع الطفل لدى شخص جدير بالثقة، أو مؤسسة خصوصية أو جمعية ذات منفعة عامة مؤهلة لذلك أو بتسليمه لمصلحة أو مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الطفولة.

كما حرصت الوزارة، بحسب وهبي، على إشراك الأسرة أولا والأوصياء والكفلاء وكل شخص جذير بالثقة بالإضافة إلى المؤسسات والمصالح العمومية والجمعيات والمؤسسات الخصوصية المهتمة بالطفولة أو المكلفة بالتربية والتكوين المهني أو المعدة للعلاج أو التربية الصحية، في عملية العناية بالطفل وحمايته وإدماجه باعتبارها مسؤولية الجميع؛ واعتماد نظام المساعدة الاجتماعية بالمحاكم، من خلال إدماج العديد من المساعدين والمساعدات الاجتماعيات بالمحاكم وتأهيلهم بشكل مستمر، مع اعتماد مساعدين يتكلمون الأمازيغية؛

وقال إن وزارة العدل المغربية وضمانا لحقوق الطفل، اعتمدت على أجهزة متخصصة على مستوى أجهزة إنفاذ القانون والمحاكم وتخصيص مساطر خاصة تلائم وضعية الأطفال على مستويات متعددة؛ وخلايا التكفل بالأطفال على مستوى محاكم المملكة مجهزة وداخل فضاءات ملائمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News