سياسة

عشر سنوات من الحكم.. هل نجح “اسلاميو المغرب” في الوفاء بعهودهم؟

عشر سنوات من الحكم.. هل نجح “اسلاميو المغرب” في الوفاء بعهودهم؟

بِالتزامن مع قرب نهاية الولاية الحكومة الحالية، وعلى بُعد أيام قليلة من الانتخابات العامة، انطلقت التحليلات لرصد وتقييم ما حقّقته الحكومة بقيادة حزب العدالة والتنمية، خلال العشر سنوات الماضية والتساؤلات عمّا إذا كان الحزب الإسلامي، قد استطاع الوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه قبل الوصول إلى سُدة السلطة لإدارة شأن المغاربة.

وبيْنما يدفع مناصرو الحكومة التي يرأسها العدالة والتنمية لولايتين متتاليتين، في اتجاه أن الحزب الإسلامي ساهم من موقعه على رأس السلطة التنفيذية في تحقيق العديد من المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية “غير المسبوقة”، يذهب المعارضون إلى أن هناك هوة شاسعة بين خطاب الحزب قبل وصوله إلى مربع السلطة وبين الواقع الملموس.

وفي ظلّ هذه السياقات، يؤكد حزب العدالة والتنمية، أنه استطاع رغم حجم الصعوبات التي اعترضت مساره في التدبير الحكومي، كسب استحقاقين انتخابيين متتاليين، مبرزا أنه تمكن من تحقيق عدد من المكتسبات وحصيلة متميزة في عشر سنوات من التدبير الحكومي، من خلال تقديم عرض منسجم مع ثوابت الأمة ومنسجم مع تطلعات المجتمع إلى الإصلاح في نطاق الاستقرار.

استعادة الثقة

ويسجل حزب العدالة والتنمية، من خلال تصريحات عدد من قادته وبيانات أمانته العامة، أنه ” أسْهَم في إِضفَاء المعنى على المشاركة السياسية والإسهام بشكل مقدر في إعادة الثقة في العمل السياسي، فضلا عن مساهمته في ترشيد تدبير الشأن العمومي وعقلنته من خلال نموذج جديد من المسؤولية عن الشأن العام، إلى جانب نظافة اليد والبعد عن شبه وممارسات الفساد، وتقديم نموذج قريب من المجتمع وأوساطه الدنيا والمتوسطة.

وعلى خِلاف الاتهامات التي وُجّهت للحزب بالفشل في معالجة عدد من الملفات الكبرى، أكد نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن الحكومة التي يقودها الحزب نجحت في مباشرة إصلاحات هيكلية كبرى وغير مسبوقة من قبيل إصلاح منظومة العدالة، والتحكم في الدين العمومي في مستوى معقول، ودعم التحكم في التوازنات الماكرواقتصادية.

وعلاوة على ذلك، أبرز يتيم أن حكومة “البيجيدي” تمكّنت من تحقيق تقدم غير مسبوق في حجم الاستثمار العمومي، مشيرا ضمن سلسلة مقالات حول “إدارة إسلاميي المغرب الحكم لفترتين متتاليتين”، إلى إصلاح صندوق المقاصة وتقليص نفقاته في أفق بناء نظام للدعم الاجتماعي، يقوم على أساس الاستهداف ويقلص من نفقاته التي يذهب حجم كبير منه إلى شركات استيراد المحروقات وترويجها، وإلى فئات اجتماعية ميسورة.

ويرى القيادي بحزب العدالة والتنمية، أن تدبير حزبه للشأن العام بالرغم مما يُلابسه من صعوبات وإكراهات، فإنه يبقى رقما سياسيا صعبا في المعادلة السياسية المغربية، وأن تجربته في التدبير سواء خلال الولاية الحكومية الأولى أو الثانية، كانت ناجحة بالمقاييس السياسية وبمعايير قياس الأثر الإصلاحي، دون أن يعني ذلك أنها تتصف بالكمال، فلا كمال في العمل البشري ناهيك عن العمل السياسي.

غير أن هذه القرارات التي وصفت بـ”اللاشعبية”، جرّت على الحزب سُخط الشارع المغربي، خاصة الطبقة المتوسطة، لاسيما ما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد الذي أضر بأجور فئات عريضة من الموظفين، وقرار تحرير أسعار المحروقات، الذي أطلق يد الشركات الخاصة للتلاعب في أثمنة المحروقات على حساب القدرة الشرائية للمواطن، وفق ما وقف على ذلك تقرير سابق للمهمة الاستطلاعية البرلمانية.

خيبات وإنجازات

ويرى محمد العوني رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير(حاتم) أنه “لكي نكون واقعيين وموضعين، يتعين ادماج سياسة هذا الحزب ضمن السياسات العامة بالبلاد لكي نستطيع تقييم أدائه بالشكل الذي يعطي لكل فاعل سياسي، تقييما خاصا بإنجازاته في ارتباط بحجم تدخله في تدبير الشأن العام”

في المقابل، يؤكد العوني، في حديثه لـ “مدار 21″ أن ذلك، لا يعفي حزب العدالة والتنمية من المسؤولية الكبيرة، الملقاة على عاتقه خلال تدبيره الحكومي طيلة عقد من الزمن، والتي تميزت ببعض الإنجازات خاصة في الشق الاجتماعي، لكنها تظل قليلة لدرجة أن الناس ينسونها بسرعة.

وسجّل الكاتب الصحفي، أن حجم الخيْبات والمطبّات والفشل الذريع، الذي صَاحَبَ تجربة الحزب في إدارة الشأن العام خلال المرحلة الماضية، نتيجة الاعتداء على حقوق المواطنين في التعليم والصحة والشغل وغيرها، أكبر من هذه الإنجازات، التي تبقى محدودة مقارنة بالهوامش المتاحة للحكومة في ظل الدستور الجديد للقيام بالتغيير الحقيقي، بدل ما وصفها بـ”محاولات التأثيث”.

من جانبه، يؤكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة القاضي عياض بمراكش عبد الرحيم العلام، أن هناك بعض الإنجازات لابأْسَ بها وتستحق التنويه في حصيلة الحكومة التي قادها العدالة والتنمية، خاصة ما يتعلق بتخصيص مساعدات مادية وإقرار برامج دعم لفائدة فئات اجتماعية، والرفع من قيمة المنح الجامعية، فضلا عن الدعم المقدم للمتضررين من جائحة كورونا.

لكن مع ذلك، يعتبر العلام، في حديثه لـجريدة “مدار 21” الالكترونية، أن هذه الإنجازات وعلى الرغم من أهميتها، تتكسّر على صخْرة الواقع الحقوقي والسياسي، الذي يشهد تقهقرًا غير مسبوق، ما يُسهِم في فُقدان الثقة في السياسة والسياسيين، وفي قدرة الفاعل الحكومي على تحقيق التغيير المطلوب، لأنه لا يمكن الحديث عن أي تنمية حقيقية دون ديمقراطية وتوسيع هامش الحريات.

 تنازلات مؤلمة..

اصْطدم حزب العدالة والتنمية بالصعوبات المرتبطة بممارسة السلطة، حيث سيشرع في تقديم التنازلات واحدة تلو الأخرى، بحيث اتضح في مرحلة “البلوكاج”، أن موقع رئيس الحكومة لا يمكن للحزب أن يمارسه حتى بأدنى الأدوار، “ذلك أن الحزب اعتقد واهِماً أنه سيكبُر وسيتفيد بعد وصوله للسلطة”، يقول العوني، مشيرا إلى أن “الذي وقع أن الحزب خذل المواطنين الذين وضعوا فيه ثقتهم، فيما استفاد عدد من أعضائه وقيادته من غنائم السلطة، في مقابل ذلك، خسِر المغرب والمغاربة جولات كان يمكن أن تصل بالبلد إلى مربع الديمقراطية”.

المسؤولية الكبيرة، تَقعُ على الحزب الذي يقود الحكومة منذ عقد من الزمن، -يؤكد رئيس منظمة “حاتم”- لأنه اختار أن يدخل ضمن ما يمكن تسميته بـ “الصفقة” من أجل الوصول إلى الحكم، بينما الشارع المغربي والقوى الديمقراطية الوطنية كانت انتفضت في 20 فبراير، حيث كان بالإمكان أن نُحسّن من الوضع الحقوقي والديمقراطي والتنموي بالبلد، لولا التنازلات التي قدمها الحزب.

وأوضح المتحدث، أنه في الوقت، الذي قدّمت فيه السلطات الأمنية والسياسية، تنازلات، اختار “البيجيدي” والأحزاب الأخرى التي دخلت معه في “صفقة دستور يوليوز” مُعاكَسة إرادة الشارع المغربي، للدخول في مسار إعادة التوازن للعلاقات بين الدولة والمجتمع عبر تقوية الاتجاه إلى التغيير السلمي والديمقراطي، الذي كان وراءه أغلبية الشباب المغربي وعدد من القوى التي خرجت في 20 فبراير.

وسجّل العوني، أن “حزب العدالة والتنمية، كان في مُقدمة من اعتبروا أن مطالب الشعب هي مطالب أكثر من اللازم، وأنه ينبغي تَسقِيفُها”، قبل أن يستدرك “طبعا لا يمكن رمي كل المسؤولية على الحزب، لكن سلوك العدالة والتنمية خلال مرحلة تدبيره للشأن العام، وانطلاقا من الوعود والشعارات التي رفعها قبل توليه المسؤولية، جر عليه انتقادات واسعة بسبب عجزه هن الوفاء بهذه الوعود والالتزامات”.

من جهته، العلام، أن مِن ضِمن الفُرص الثمينة التي ضيّعها الحزب على المغاربة، خلال مرحلة تدبير للشأن العام، ولاسيما في سياق التحولات الديمقراطية التي عاشتها المنطقة العربية، هي المتعلقة بتنزيل الدستور، حيث ساد خلال المرحلة الأخيرة التأويل والتفسير الملكي للدستور، في مقابل ذلك تنازل الحزب عن عدد من الضمانات التي جاء بها دستور 2011، وأبرزها الاختصاصات الجديدة التي تعزز مكانة رئيس الحكومة في البناء الدستوري والسياسي للمملكة.

وسجل المتحدث ذاته، أن رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران، تنازل عن عدد من التعينات في مناصب المسؤولية لصالح المؤسسة الملكية، ونفس الأمر تكرر مع حكومة العثماني، خاصة ما يتعلق بمؤسسات الحكامة، فضلا عن انفلات عدد من المسؤولين الساميين من رقابة البرلمان، وكذا انفلات السياسة الجنائية من يد الحكومة، مما سهم في تراجع منسوب الحريات العامة.

انتكاسة حقوقية

وعلى المستوى الديمقراطي وتعزيز الحقوق والحريات، يؤكد العوني، “لا يمكن اليوم إلا أن نقف على حجم التراجع الخطير وغير المسبوق على هذا المستوى، والدليل لدينا صحفي (سليمان الريسوني) تجاوز ثلاثة أشهر من الاضراب عن الطعام، وتم اعتقال لمدة أكثر من سنة، قبل أن يدان بحكم قاسٍ حيث يطالب فقط بما تنص عليه القوانين الوطنية والمواثيق الدولية في ضمان المحاكمة العادلة وضمن آجل معقول”.

وإلى جانب هذا النموذج، يسجل رئيس منظمة “حاتم”، أن هناك نماذج كثيرة، عن التراجع في حريات الاعلام، على عهد حكومتي العدالة والتنمية، فضلا عن تزايد احتكار الاعلام عوض تعزيز ضمانات التعددية الفكرية، والاعتداء على الحقوق الرقمية للمواطنين، وغيرها من الخيبات التي عاشها المغاربة في ظل ترأس “البيجيدي” للحكومة خلال العشر سنوات الأخيرة، وهي وقائع قائمة لا يمكن للحزب أن يتنصل من مسؤوليته عنها.

ويُنبّه عبد الرحيم العلام، إلى تورّط الحزب في التوقيع على البيان الشهير الذي اتهم نشاء حراك الريف بالانفصال، مؤكدا ” أن العدالة والتنمية عندما تولّى المسؤولية، لم يكن هناك معتقلين سياسيين بالسجون المغربية، في حين اليوم نُلاحظ أن هناك مِئات المعتقلين الذين تُوبعوا بتهم سوريالية، دون أن يتمكن الحزب من القيام بأية مبادرة لتحقيق انفراج حقوقي”.

ويسجل أستاذ علم السياسية، أن ما يُثير الانتباه في تَجربة العدالة والتنمية في السّلطة خلال العشر سنوات الأخيرة، هو التراجع المُهوِل والخطير في الحريات العامة، بعدما تنفّس المغاربة عبَق الحرية مع حراك الربيع الديمقراطي، نشْهد اليوم انتكاسة حقوقية عُنوانها العريض، التضيِيق من هامش ممارسة حرية التعبير.

وبهذا الخصوص، يشير رئيس مركز تكامل للدراسات والأبحاث، إلى ارتفاع وتيرة اعتقال الصحفيين والمدونين وكتاب الرأي، والحكم عليهم بعقوبات قاسية تصل إلى 20 سنة، كما وقع مع معتقلي الريف وجرادة وعدد من الصحافيين، فضلا عن ارتفاع أعداد طالبي اللجوء السياسي في بلدان أجنبية.

عفا الله عما سلف

فبعد انتقال العدالة والتنمية، من ضفّة المعارضة إلى مُربّع السلطة، عقِب فوزه بنتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2011، وهي الفترة التي تبلور فيها شعار مناهضة الاستبداد ومكافحة الفساد شعارا لانتخابات 2011، بدأ حزب العدالة والتنمية، مساره في رئاسة الحكومة بإعلان الحرب على ما أسماها بـ”بالتحكم والتماسيح والعفاريت”، معلنا في السياق ذاته اعتزامه الوقوف في وجه المفسدين وفضح المستفيدين من الامتيازات الريعية على نحو ما كان يردد قادة الحزب الإسلامي أيام اصطفافهم في المعارضة.

لكن سُرعان ما سينقلب الحزب على نفسه، ويتنصل من الوعود التي أوصلته إلى الحكومة حينما عاد ليرفع شعار “عفا الله عما سلف”، في وجه الريع والإثراء غير المشروع، وهو ما اعتُبر بمثابة تراجع من طرف الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية، عن محاربة الفساد وإحالة الملفات “الانتقائية” على القضاء، وتشجيعا للمفسدين للإفلات من العقاب.

وفي هذا الصدد، قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن حكومة البيجيدي، “أوهمت الناس وخدعتهم بشعارات مدغدغة للعواطف وردّدت بأنها ستحارب التماسيح والعفاريت وستتصدى للمفسدين وتحاسبهم على كل ما اقترفت أيديهم في حق أموال دافعي الضرائب”.

وسجل الغلوسي، أن حكومة العدالة والتنمية، “سرعان ما تراجعت عن كل ذلك وردد زعيم الحزب شعار”عفا الله عما سلف”، وتابع الرأي العام كيف صار بعض المفسدين وناهبي المال العام من حلفاء هذه الحكومة بل وجزء منها دون شعور الحزب بأي مركب نقص في ذلك”.

ويؤكد محمد العوني رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير، أنه ينبغي على حزب العدالة والتنمية، اليوم وبعد مرور 10 سنوات من إدارته للشأن العام، أن يذكر نفسه، بالشعارات التي رفعها قبل توليه المسؤولية، والتي بَشّر فيها بمحاربة الفساد والريع الاستبداد، في حين اليوم نتساءل أين هو الحزب من هذه الشعارات وما الذي تحقق منها.

وأضاف العوني، “وهو ما يؤكد صدقية، ما كان يتنبأ به المحلّلون بأن هذا الشعار الذي رفعه “البيجيدي” هو من أجل التلهية وسرقة شعارات حراك 20 فبراير بنوع من الانتهازية الكبيرة، دون أن يتمكن الحزب من تحقيق أي شيء يذكر من هذه الشعارات والالتزامات التي وعد بها المغاربة”.

لكن بالمقابل، يسجل القيادي بحزب العدالة والتنمية، وعضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، نوفل الناصري، أن الحكومة التي يقودها حزبه نجحت إلى حدّ ما في تقليص هوامش الفساد، داخل الإدارة والعمومية، من خلال إقرار تشريعات وإجراءات جديدة لضمان الشفافية والنزاهة ومحاربة الرشوة والمحسوبية في التدبير العمومي الجديد.

تقليص الفساد

وأوضح الناصري في حديثه لـ “مدرا 21″، أن مؤشر إدراك الفساد عرف تطوراً مطرداً، في ظل حكومتي العدالة والتنمية، رغم أن الحزب يطمح لما هو أكبر وأفضل من هذه التطور، حيث بلغ معدل هذه النقطة 41 ما بين 2017 و2020، أي خلال هذه الولاية، بعد أن كان لا يتجاوز 33.2 خلال الولاية 2002-2006.

وأكد عضو أمانة “البيجيدي”، أنه في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، واستنادًا إلى تقارير المجالس الجهوية للحسابات لمختلف مصالح الجماعات، تم تفعيل عدد من المتابعات القضائية في حق أعضاء المجالس الجماعية، بلغ مجموعها 82 حالة، شملت 33 رئيسا، و15 نائبا للرئيس، و34 عضوا جماعيا.

وتابع المتحدث ذاته، أنه تم إصدار 26 حكما في حق رؤساء المجالس الجماعية ونوابهم بخصوص التجاوزات المرتكبة من طرفهم، مشيرا إلى تلقي وحـدة معالجـة المعلومـات الماليـة مـن القطـاع المالـي، خـلال سـنة 2018، مـا مجموعـه 1056 تصريحـا مرتبطـا بجريمـة غسـل الأمـوال، ممـا يرفـع عـدد التصريحـات بالاشـتباه المرتبطـة بغسـل الأموال، منذ 2016، إلى ما مجموعه 2163 تصريحا.

وأبرز الناصري، أن الحكومة التي يقودها حزبه، اشتعلت على مكافحة الفساد الاقتصادي والمالي وعلى تحرير المالية العمومية واستعادة التوازنات الماكر واقتصادية وحماية القرار الاقتصادي السيادي للمغرب، لافتا إلى أنها عملت على ضمان التعبئة المثلى لموارد الميزانية والصرف الأمثل لنفقات الاستثمار، وترشيد نفقات التسيير والتحكم في الدين العمومي بالإضافة إلى إصلاح المنظومة القانونية المؤطرة لإعداد وتنفيذ قوانين المالية لضمان وقع طويل الأمد على المالية العمومية.

في المقابل، يرى أستاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض عبد الرحيم العلام، أن الاشكال الذي وقع فيه الحزب، هو أنه سعى إلى المزاوجة بين حلاوة وإغراء السلطة، وبين امتلاك شرف المعارضة، مما جعله يظهر في كثير من المواقف على النقيض مما كان يرفعه من شعارات، على غرار ما حصل مع قضية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفي موضوع محاربة الفساد والريع الذي فشل الحزب في الحد منه وكانت إنجازاته على هذا المستوى، محتشمة وأقل من متواضعة ولا ترق إلى المستوى المطلوب.

انتعاش الريع

ويؤكد العلام، أن الجهاز البيروقراطي، ما زال يُعرقل الحكامة ويثقل كاهل المواطن ويزيد من معاناته رغم كثير من الوعود والقرارات التي بشرت المغاربة بالطي النهائي لملف معاناتهم مع تعقد المساطر الإدارية، التي تعرقل رقمنة ودمقرطة الإدارة، إلى جانب عدد من الملفات الشائكة التي لم يفلح الحزب في حلحلتها على نحو ما عليه الأمر في ملف العقار الذي ما زال يؤرق بال المواطن المغربي، وتلهب أسعاره المرتفعة جيوب الطبقة المتوسطة.

وسجل رئيس جمعية حماة المال العام، أنه “في عهد حكومة “الإخوان” خرجت عدة مجالس ومؤسسات إلى الواقع تحت عنوان “مؤسسات الحكامة”، وثبت فيما بعد أنها مجرد مؤسسات للريع الحزبي والسياسي هدفها إرضاء الزبائن والأتباع وتوسيع دائرة الأنصار، لافتا إلى أنه ” تم إغراق الدواوين الوزارية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية بالمريدين وأصبح تعدد التعويضات شائعا في عهد هذه الحكومة واستفاد أعضاء الحزب الأغلبي من ذلك ومن كل الامتيازات الأخرى وابتلعوا ألسنتهم !!هذا دون أن ننسى تجميد تجريم الإثراء غير المشروع”.

وأكد الغلوسي أنه في عهد حكومة “البيجيدي” أيضا تم التضييق على الحريات وحقوق الإنسان والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة كما عرت أزمة كورونا الخصاص الفظيع في قطاع الصحة وأظهرت عجز المنظومة التعليمية والتربوية عن مواجهة تحديات العلم والتكنولوجيا فضلا عن التفاوت الصارخ فيما يتعلق بتوزيع الثروة والتي تحتكرها أقلية دون أن تكون لحكومة البيجيدي القدرة على خلخلة هذا الميزان غير المتكافئ ولا حتى مجرد انتقاده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News