أمازيغية

ترسيم “إض ينّاير” يُحيي مطالب الإفراج عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية

ترسيم “إض ينّاير” يُحيي مطالب الإفراج عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية

أحيى إقرار الملك محمد السادس رأس السنة الأمازيغية عطلةً وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية، ورأس السنة الميلادية، مطالب الإفراج عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، الذي يعد من بين المؤسسات الهامة التي جاء بها دستور 2011 في الفصل الخامس منه، وخص لها قانونا تنظيميا يحدد تركيبتها وينظم كيفيات سيرها.

وصادق البرلمان المغربي، على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وذلك في إطار تفعيل مقتضيات الدستور، الذي ينص في فصله الخامس، على إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية كآلية لحماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا، وكذا في إطار مواكبة التحديات الكبرى المتعلقة بالسياسة اللغوية بالبلاد.

تعثر مجلس اللغات

وما تزال عدد من المجالس التي نص على إحداثها دستور 2011 لم تر النور بعد، رغم صدور القوانين المحدثة لها في الجريدة الرسمية خلال الولاية الحكومية السابقة، على غرار المجلس الوطني للغات. وينتظر عدد من المهتمين بالشأن اللغوي إخراج هذا المجلس إلى حيز الوجود بصفته مؤسسة دستورية وطنية مستقلة مرجعية في مجال السياسة اللغوية.

الكاتب الصحفي والباحث في الشأن الأمازيغي، مصطفى عنترة، اعتبر  أن القرار الملكي لترسيم السنة الأمازيغية، “له رمزية قوية من الناحية التاريخية والهوياتية، وهو قرار حكيم في إطار مسار تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية منذ خطاب أجدير 2001 والذي ابتدأ بإخراج المعهد الملكي للثاقفة الأمازيغية واعتماد حرف “التيفناغ” وصولا إلى دسترة الأمازيغية سنة 2011.

وأشار عنترة في حديثه لـ”مدار21″، إلى إخراج القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة والمغربية واعتماد المخطط الحكومي المندمج على عهد حكومة العثماني وصولا إلى إحداث حكومة أخنوش لصندوق دعم الأمازيغية ورفع موارده إلى 300 مليار سنتم برسم ميزانية السنة الجارية، مسجلا أن القرار الملكي يشكل دافعا قويا من أجل تسريع خطوات تفعيل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، الذي صادق عليه البرلمان منذ سنة 2020.

مسار ترسيم الأمازيغية

الباحث في الثقافة الأمازيغية أوضح أن القرار الملكي الأخير يأتي استكمالا لهذا المسار الذي ينتظر أن تعقبه عدد من الإجراءات والتدابير الأخرى، للاستجابة لانتظارات الحركة الحقوقية والأمازيغية وعموم المغاربة المتعلقة بتفعيل المجلس الوطني للغات، لأنه لا يعقل استمرار تعثر إخراج هذه المؤسسة الدستورية، بعد أكثر من 12 سنة على تنصيص الدستور على ضرورة تفعيل هذا المجلس.

ويرى عنترة أن هذا المجلس يكتسي أهمية كبيرة على مستوى الإشراف على تدبير التنوع الثقافي والتعدد اللغوي الذي يزخر به المغرب، لاسيما أنه يُعنى بتقديم اقتراحات في يهم التوجهات الاستراتيجية للدولة المرتبطة بالسياسات اللغوية والثقافية، فضلا عن كونه مؤسسة تقدم أراء استشارية للملك والحكومة والبرلمان في مجال الثقافة والهوية المغربية.

ودفع التأخر الحاصل في إخراج هذا المجلس إلى حيز الوجود نواب برلميانيين إلى توجيه سلسلة من الأسئلة إلى الحكومة حول سبب ذلك، على الرغم من صدور القانون التنظيمي لهذا المجلس بالجريدة الرسمية باعتباره مؤسسة دستورية منوطا بها المساهمة في بلورة السياسة اللغوية والثقافية الوطنية ومواكبة أوراش أجرأة المنظومة القانونية ذات الصلة.

وسجل مصطفى عنترة أنه حان الوقت للإفراج عن المجلس الذي طال انتظاره من أجل أن يجري تفعيله في أقرب الآجال خاصة بعد القرار التاريخي لترسيم السنة الأمازيغية واعتمادها عطلة سنوية مؤدى عنها لكي يشرع في أداء أدوراه الدستورية المتعلقة بالإشراف تدبير التنوع اللغوي والثقافي، وتقديم الآراء الاستشارية العلمية ذات الصلة للحكومة في هذا المجال.

ولفت عنترة إلى أن إقرار قانون مجلس اللغات استأثر بنقاش ساخن سواء داخل قبة البرلمان أو خارجه خصوصا لدى الحركة الثقافية عموما وبالدرجة الأولى الحركة الأمازيغية لأن المجلس ابتلع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي قام بأداور كبرى وجاء كثمرة لنضالات طويلة لهذه الحركة التي التقت مع إرادة الملك محمد السادس الذي دشن مرحلة جديدة في تعاطي الدولة مع المسألة الأمازيغية من خلال خطابه التاريخي بأجدير في 17 أكتوبر 2001.

قوة اقتراحية

ويضطلع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية بمهمة اقتراح التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال السياسة اللغوية والثقافية، والسهر على انسجامها وتكاملها، وخاصة ما يتعلق منها بحماية وتنمية اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، وكذا الحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، وتنمية الثقافة الوطنية والنهوض بها في مختلف تجلياتها، وحفظ وصون التراث الثقافي المغربي وتثمينه، وتيسير تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، والمساهمة في تتبع تنفيذ هذه التوجهات.

واعتبر كاتب الدولة الأسبق في التعليم العالي خالد الصمدي، قرار ترسيم السنة الأمازيغية، فرصة للدعوة إلى إخراج المجلس الأعلى للغات والثقافات المغربية إلى حيز الوجود، بعد جمود غير مفهوم، وإعادة الحياة إلى اجتماعات اللجنة الوطنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتفعيل المخطط الوطني ذي الصلة، والذي توقف لأسباب غير معروفه ولا مفهومة.

وأضاف الصمدي أنها فرصة للدعوة إلى ضرورة إخراج المرسوم التطبيقي للهندسة اللغوية في المنظومة التربوية، والذي أعادته الحكومة إلى نقطة الصفر، حين أرجعته إلى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإعادة إبداء الرأي فيه، في الوقت الذي سبق للمجلس البث في الموضوع، وكان ينتظر أن يتم وضع هذا المرسوم في مسطرة المصادقة للقطع مع الفوضى اللغوية التي تعيشها المنظومة التربوية، والتي ترجع إلى الفراغ القانوني الذي تسبب فيه غياب هذا المرسوم بعد مرور 5 سنوات على صدور القانون الإطار 71-51، وانتهاء المدة القانونية المتوقعة لإصدار كل نصوصه التطبيقية.

ويرى الوزير الأسبق أن هذه هي الأسئلة الحقيقية التي كان ينتظر أن يناقشها الرأي العام ويتناولها الإعلام العمومي والفاعلين واستثمار القرار الملكي السامي للدفع في اتجاه تنزيلها وتفعليها والتحذير من خطورة التأخر فيها، معتبرا أن “استثمار الحدث لدق إسفين العرقية والعصبية في جسد الإرث المشترك لجميع المغاربة بدون استثناء، فلا يعدو أن يكون تعاملا ظرفيا بمنطق صغير، مع حدث وطني كبير”.

هذا، وقد سطر المشرع الدستوري لهذه المؤسسة الدستورية الوطنية المرجعية المستقلة، عدة وظائف هامة في ما يتعلق بالتوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال السياسات اللغوية والثقافية أساساً المرتبطة بالعربية والأمازيغية وكذا الحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية؛ وإبداء الرأي في كل قضية يُحيلها عليه الملك ودراسة البرامج الكبرى اللازمة لتنفيذ التوجهات التي تعدها الدولة في مجال السياسة اللغوية والثقافية، ناهيك عن إبداء الرأي بمبادرة منه أو بطلب من الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان، كما جعلها مؤسسة ضخمة مركبة من خلال تركيبتها المتنوعة التي تضم خمس هيئات.

وحسم مشروع القانون التنظيمي المتعلق بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة الأمازيغية، في  وضعية أكاديمية محمد السادس للغة العربية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وذلك بضمهما إلى المجلس كمؤسسات تابعة له بعد إعادة تنظيمهما، مع إحداث 3 هيئات جديدة، هي الهيئة الخاصة بالحسانية واللهجات والتعبيرات الثقافية المغربية، والهيئة الخاصة بالتنمية الثقافية وحفظ التراث، والهيئة الخاصة بتنمية استعمال اللغات الأجنبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News