أمن وعدالة

اجتهادات قضائية غير مسبوقة.. التحدث بالهاتف عن طريق البلوتوث في السيارة ليس مخالفة

اجتهادات قضائية غير مسبوقة.. التحدث بالهاتف عن طريق البلوتوث في السيارة ليس مخالفة

من الاجتهادات القضائية المتميزة خلال السنوات الأخيرة، الحكم الذي قضت فيه المحكمة الابتدائية بالقنيطرة ببراءة سيدة كانت تتولى سياقة سيارتها بمدينة القنيطرة وهي تتحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوثوت، باعتبار أن ذلك لا يعد مخالفة.

وتعود تفاصيل القرار للقضية التي أثيرت بعد إقدام شرطي مرور بالقنيطرة على توقيف السيدة بينما كانت تتحدث في الهاتف عبر تقنية البلوتوث وطلب منها تسليمه وثائق السيارة وهو ما استجابت له، ليخبرها بأنها ارتكبت مخالفة مسك الهاتف باليد أثناء السياقة، طالبا منها انتظار قدوم شرطي آخر لتحرير المخالفة لكونه لا يملك الصلاحية لذلك.

وبعد المنازعة القضائية للسائقة في هذه المخالفة، اعتبرت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة بأن العون الذي حرر المحضر لم يكن له الحق في ذلك لكونه لم يكن حاضرا ولم يعاين شيئا فقضى في الشكل ببطلان المحضر، وفي الموضوع ببراءة المتهمة من المخالفة المنسوبة إليها لكون التحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوثوت في السيارة لا يشكل مخالفة، كما قضى بإرجاع المبلغ المودع في صندوق المحكمة كحد أقصى للغرامة لفائدة المتهمة، و هو الحكم الذي أصبح نهائيا وحائزا لقوة الأمر المقضي به بعد انتهاء أجل الطعن فيه.

وأوردت السيدة بحسب محضر الجلسة بأن أخبرت الشرطي بأنها لم ترتكب أية مخالفة مادامت تتحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوتوث وليس ممسوكا باليد، و ثانيا بأنه من غير المعقول أن تنتظر شخصا آخر ليحرر مخالفة لم يقم بمعاينتها خلافا لما يستوجبه القانون، وهو الأمر الذي رفضه الشرطي.

واضطرت السائقة لانتظار 35 دقيقة حضر بعدها شرطي آخر ليحرر مخالفة لم يعاينها ويسحب منها رخصة السياقة ويسجل ذلك في المحضر بخط يده كنوع من التحدي لخرق القانون رغم تنبيهه إلى أن فعله هذا يشكل تزويرا، وهي الملاحظة التي سجلتها السائقة في محضر المخالفة، رافضة أداء الغرامة لنيتها التوجه للقضاء للمنازعة في هاته المخالفة.

وتقدمت السائقة بواسطة دفاعها بطلب إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة من أجل المنازعة في المخالفة المنسوبة إليها بعد أداء الحد الأقصى للغرامة وهو 1000 درهم كما تقضي بذلك مدونة السير، موضحة من حيث الشكل بأن المادة 191 من هاته المدونة أعطت للأعوان و الضباط المؤهلين صلاحية المعاينة المجردة أو المعاينة على أساس معلومات إلكترونية وليس هناك طريقة ثالثة أو رابعة يمكن سلوكها.

كما أوردت الشكاية أن المادة 194 ألزمت العون محرر المخالفة بتحرير محضره طبقا للمادة 24 من قانون المسطرة الجنائية التي تفرض عليه ألا يضمن في المحضر إلا ما عاينه أو تلقاه شخصيا أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه، ومؤكدة أن العون محرر المحضر لم يعاين المخالفة لا بالعين المجردة ولا على أساس معلومات إلكترونية، بل أخبر بذلك من طرف زميله بعد مناداته عليه وحضوره بعد 35 دقيقة من الوقت المزعوم لارتكاب المخالفة، وهو ما يشكل خرقا للنصوص المثارة، ملتمسة التصريح ببطلان محضر المخالفة.

ومن حيث الموضوع، أوضحت المشتكية بأن محضر المخالفة المحرر من طرف شرطة المرور نسب لها مخالفة لا وجود لها في مدونة السير أصلا، وهي مخالفة مسك الهاتف باليد أثناء السياقة، مذكرة في هذا السياق بأن هاته المخالفة التي كانت ضمن النص الأصلي لمدونة السير في مادتها 185 لم يعد لها وجود بعد تعديل المادة المذكورة منذ غشت 2016 حيث أصبحت المخالفة تتمثل في  الاستعمال أو التحدث بالهاتف ممسوكا باليد أثناء السياقة، إذ يوجد فرق بين مسك الهاتف باليد أثناء السياقة والاستعمال أو التحدث بالهاتف ممسوكا باليد أثناء السياقة.

وفي السياق نفسه فالفعل الجرمي الذي يعتبر مخالفة ليس مجرد مسك الهاتف باليد أثناء السياقة بل إن المخالفة لا تكون قائمة إلا إذا كان السائق يستعمل الهاتف بيده أو يتحدث به وهو ممسوك بيده أثناء السياقة. أما إذا كان السائق يستعمل تقنية البلوثوت في سيارته غير ماسك الهاتف بيده فإن الفعل لا يعتبر مخالفة، كما أن مسك الهاتف أثناء السياقة دون استعماله أو التحدث به لا يشكل بدوره مخالفة، و هو ما شرحته السائقة لشرطي المرور قبل تحرير المخالفة لكنه رفض سماع ذلك.

ومن خلال الحكم الصادر، أكد القضاء بأن ما قام به هذا الشرطي مخالف تماما للقانون، ويشكل تجاوزا في استعمال السلطة من شأنه ترتيب مسؤولية الإدارة عن التعويض عن الضرر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News