صحافة وإعلام

مجلس الصحافة في وضع “غير قانوني” ومفتاح: فقد شرعيته وبنسعيد مطالب بإجراء الانتخابات

مجلس الصحافة في وضع “غير قانوني” ومفتاح: فقد شرعيته وبنسعيد مطالب بإجراء الانتخابات

يعيش المجلس الوطني للصحافة حالة من الغموض والالتباس بسبب وضعيته غير القانونية، بعد انقضاء الآجال التي حددها المرسوم بقانون الذي أقره البرلمان، بشأن ولاية المجلس الوطني للصحافة، وسط امتناع الحكومة عن اعتماد تمديد إضافي لمدة انتداب المجلس التي انتهت في  الرابع من شهر أبريل الجاري.

وفيما تعكف الأمانة العامة للحكومة، على إعداد مشروع قانون جديد بتشاور مع القطاعات الحكومية المعنية وأخذا بعين الاعتبار ملاحظات ومقترحات الهيئات المهنية المعنية، أكدت مصادر مسؤولة بوزارة الثقافة والشباب والتواصل، أن الحكومة لم تتوصل بعد إلى صيغة جديدة لتدبير الفترة الانتقالية للمجلس في أعقاب انتهاء سريان مفعول التمديد الذي أقرته في وقت سابق.

وأثَار قرار الحكومة تمديد مدة انتداب أعضاء المجلس الوطني للصحافة لمدة سنة، أيّاما قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي الذي يرأسه يونس مجاهد، نقاشاً واسعاً داخل الجسم الإعلامي المغربي، حول مدى صوابية هذا القرار وتماسك الوسائل التي استندت عليها الحكومة في إقدامها عبر مرسوم بقانون على منح مجلس الصحافة سنة إضافية، وهو القرار الذي رأى فيه عدد من الصحافيين “انتكاسة ديمقراطية” و”فشلا” في تكريس تجربة التنظيم الذاتي للمهنة.

يأتي ذلك، في وقت كشف فيه وزير الثقافة والشباب والتواصل محمد مهدي بنسعيد، أن الحكومة تعد مشروع قانون جديد بعد تشاور مع مكونات الأغلبية ومختلف الهيئات المهنية المعنية وسيتم طرحه على أنظار شركاء الوزارة بما فيها فيدرالية الناشرين مع أخذ جميع الملاحظات المثارة بشأنه بعين الاعتبار.

فراغ قانوني

نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، كشف أن هناك حديثا عن تكوين لجنة مستقلة تضم تمثيلية الهيئات المعنية، من أجل تدبير المرحلة الانتقالية بعد انتهاء الآجال القانونية لولاية المجلس الوطني للصحافة، مضيفا “وهي أشياء لم نفهمها وتفاجأنا من الوصول إلى حالة الفراغ القانوني لوضعية المجلس الوطني للصحافة في وقت كان إجراء الانتخابات في موعدها سيعفنى ذلك”.

واعتبر مفتاح، في حديثه لـ”مدار21″، أن المجلس الوطني للصحافة، فقد شرعيته ولا يمكنه الاشتغال في ظل الفراغ القانوني الذي وصل إليه في انتظار ما سيتم اعتماده من سيناريوهات متعددة يتم تداولها داخل دواليب الوزارة الوصية وفي أوساط المهنيين، مشددا على أنه “يجب أن تجرى الانتخابات وفق مقتضيات القانون وأن يتم أخذ الدرس”، وتساءل “من تخيفه الانتخابات في الوقت الذي يتجاوز فيه عدد الصحافيين ثلاثة آلاف ونيف ولماذا نريد أن نسحب حقا من حقوق الزملاء في أن يختاروا من يمثلهم؟”.

وسجل مفتاح، أن الرأي الثابت الذي سبق التعبير عنه، من طرف  الفيدرالية، منذ أكثر من سنة ونصف هو أنه يجب الاحتكام للقانون الحالي للمجلس الوطني وللدستور، ويجب استدعاء اللجنة التي تنص عليها المادة 54 من القانون لإجراء الانتخابات وفق الشروط المحددة، وبعد إجراء الانتخابات وتشكيل المجلس الجديد، يمكن آنذاك معالجة الثغرات الموجودة في مدونة الصحافة على غرار المسطرة المعتمدة في تغيير القوانين.

إحداث لجنة مؤقتة

وبالعودة إلى المقتضيات المؤطرة لعملية انتخاب المجلس الوطني للصحافة، التي نظمها القانون رقم 90.13، نجد أن المادة 9 منه تنص على أنه “إذا تعذر على المجلس القيام بمهامه بسبب امتناع أغلبية أعضائه المنتخبين عن حضور اجتماعاته، يخبر رئيس المجلس بذلك الإدارة قصد معاينة هذه الحالة بمقرر إداري معلل ينشر في الجريدة الرسمية”.

وتضيف المادة المذكورة، أنه “فور نشر المقرر السالف الذكر في الجريدة الرسمية، تشرف اللجنة المشار إليها في المادة 54 من هذا القانون على إحداث “لجنة مؤقتة”، يعهد إليها بالقيام بمهام المجلس إلى حين تنصيب المجلس الجديد، ويتم تعيين أعضاء اللجنة المنصوص عليها بالمادة 54 المذكورة للإشراف على تنصيب المجلس في أجل أقصاه ستة أشهر ابتداء من تاريخ تعيين أعضائهما”.

وتؤكد المادة 54 من القانون السالف الذكر، أن لجنة “تشرف على عملية انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين وناشري الصحف وتتولى الإعداد التقني واللوجيستكي لعمليات الانتخاب وحصر لوائح الهيئة الناخبة وتلقي الترشيحات وبصفة عامة الإشراف على سير وتنظيم جميع مراحل انتخاب أعضاء المجلس إلى غاية الإعلان النهائي عن النتائج”.

وتتألف هذه اللجنة، من قاض منتدب من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بصفته رئيسا، وممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان وممثل عن جميعة هيئات المحامين بالمغرب، وممثل عن نقابة الصحافيين المهنيين الأكثر تمثيلية وممثل عن هيئة ناشري الصحف الأكثر تمثيلية.

وبحسب مقتضيات هذه المادة، تتولى الإدارة مراسلة الهيئات المشار إليها أعلاه، قصد تمثيل أعضائها في اللجنة، وتساهم المنظمة النقابية المهنية الأكثر تمثيلية بالنسبة للصحافيين بالنسبة لفئة الناشرين في تأطير الانتخابات الخاصة بكل فئة على حدة تحت إشراف اللجنة المذكورة، على أن تنتهي مهمة اللجنة عند تنصيب المجلس، وتسلم عندئذ إلى رئيس المجلس كل الوثائق التي كانت بحوزتها.

خلافات حول الانتخاب

ويرى رئيس  الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، أنه “إذا كان الهدف من هذه السيناريوهات هو استغلال هذه الوضعية، كذريعة لنعدّل مادة أو مادتين في القانون المنظم، للمجلس الوطني للصحافة خاصة استبدال الانتخاب بالتعيين، فنحن نرفض هذا رفضا باتا وأتأسف لأننا وصلنا إلى هاته المرحلة مع العلم أن القانون واضح وبسيط ويقدم الحل الذي يحول دون حالة الفراغ القانوني”.

وحول الأسباب التي حالت دون تنظيم انتخابات المجلس الوطني للصحافة في موعدها القانوني، شدد بنسعيد على أن الحكومة غير مضطرة لأخذ موقف بهذا الشأن، وأنها تواكب وضعية المجلس بمعية جميع الشركاء المعنيين في أفق بلورة توجه موحد بناء على الاحتكام للديمقراطية، معتبرا في السياق ذاته، أن الخلاف القائم بين مهنيي الصحافة حول وضعية المجلس الوطني، يعد “خلافا صحيا”.

وأكد وزير التواصل، أن الحكومة أبدت موافقتها لمقترح القانون الذي تقدمت به فرق الأغلبية والمعارضة لأن الأمر كان مرتبطا بانتهاء سريان تمديد ولاية المجلس الوطني للصحافة في أبريل المقبل ورحبت بتوافق مكونات البرلمان على هذا المقترح مع إمكانية إدخال التعديلات اللازمة عليه بغرض تجويده.

ويرى مفتاح، أن من يتحمل المسؤولية في الوصول إلى هذا الوضع، هم من ينص القانون على أنهم معنيون بإجراء الانتخابات والمتمثلة في الإدارة (الوزارة الوصية)  التي يتعين عليها أن تستدعي لجنة يترأسها قاض، مردفا و”بالتالي فإن وزارة الثقافة والتواصل هي التي تتحمل بالدرجة الأولى المسؤولية في الوصول إلى هذا الوضع المأزوم إلى جانب عدد من الأطراف المهنية التي تنصلت من المبدإ الديمقراطي الذي أوصلها إلى عضوية المجلس قبل أن تقرر التراجع عنه ومن ثم فإنها هي الأخرى تتحمل المسؤولية أمام زملائها وأمام التاريخ”.

وسجل رئيس فيدرالية الناشرين، أن هناك بعض الأطراف من المهنيين سامحهم الله دفعوا إلى الوصول إلى تأزيم هذا الوضع، قبل أن يستدرك “لكن هذه أطرف مهنية بحيث كان يفترض في من يوكل له مهمة إنفاذ القانون من سلطات عمومية والوزارة الوصية أن تحتكم إلى القانون مهما كانت آراء الناس الآخرين، مشيرا إلى أن الفيدرالية حذرت من الوضعية الحالية للمجلس الوطني للصحافة، “وها نحن وصلنا إلى السيناريو الأسوأ وهو حالة الفراغ التي تندر بفشل هذه تجربة التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة بالمغرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News