سياسة

قضاة العدوي يجردون أوجه قصور عمل الوكالات الحضرية‎ ويدعون لتفعيل إصلاح شامل

قضاة العدوي يجردون أوجه قصور عمل الوكالات الحضرية‎ ويدعون لتفعيل إصلاح شامل

‫رصد المجلس الأعلى للحسابات عدد من أوجه القصور ضمن عمل الوكالات الحضرية، مؤكدا الحاجة إلى إصلاح شامل من أجل تموقع جديد لهذه المؤسسات‎ البالغ عددها 30 وكالة تخضع لوصاية القطاع الحكومي المكلف‎ ‎‫ بالتعمير وإعداد التراب الوطني يديرها مجلس إدارة ويدبر شؤونها مدير، باستثناء الوكالة ‎ ‎‫الحضرية للدار البيضاء التي يرأسها عامل وتخضع لوصاية وزارة الداخلية.‎

وأوضح تقرير حديث لقضاة المجلس الأعلى للحسابات أنه “على الرغم من مساهمتها في التطور المهم الذي حققته بلادنا في مجالي التعمير وإعداد ‎ ‎‫التراب ومراكمتها لخبرة تتجاوز 30 سنة، فقد سجل المجلس أن ممارسة الوكالات ‎ ‎‫الحضرية لمهامها لا زالت تتسم بمجموعة من أوجه القصور”.

‎‫بطء وتعقيد الإجراءات

وأكد قضاة مجلس زينب العدوي، ضمن التقرير نفسه، أن دور الوكالات فيما يتعلق بإعداد‎ ‎‫ وثائق التعمير قد تأثر بفعل العديد من المعيقات المرتبطة، من جهة، بالتركيز على مهمة ‎ ‎‫التدبير الحضري لاسيما تلك المرتبطة بالمشاريع الصغرى تمثل 80 % من الملفات ‎ ‎‫المعروضة للترخيص على الوكالات على حساب مهامها الأخرى، ومن جهة أخرى، ‎ ‎‫ببطء الإجراءات وتعقيدها وتعدد الفاعلين المتدخلين في العملية وكذا صعوبة الوصول إلى‎ ‎‫المعلومة ونقص الموارد المالية والبشرية، لا سيما فيما يخص بعض الكفاءات المتخصصة‎ ‎‫ والإكراهات المرتبطة بحدود اختصاصها الترابي.

وسجل المجلس أن وثائق التعمير ‎ ‎‫”تفتقد إلى المرونة اللازمة اعتبارا لتجميدها لأحكام التعمير لمدة طويلة ولعدم إمكانية‎ ‎‫مراجعتها إلا وفق نفس المسطرة المتبعة لإعدادها، وكذا البطء والتأخر في عملية إعدادها ‎ ‎‫والمصادقة عليها، مما يحول دون قابليتها للتكيف مع الديناميات الجديدة والتعامل مع‎ ‎‫القضايا والخصوصيات الترابية والتطورات المستجدة والسريعة ويجعلها في بعض‎ ‎‫الأحيان غير متوافقة مع الواقع المحلي”.

أما فيما يخص مهمة الدعم التقني المقدم من طرف ‎ ‎‫الوكالات، فإنها، وفق مجلس الحسابات، تفتقر إلى إطار مرجعي واضح كما أن ثلثي الدعم التقني المقدم يتم تنفيذه ‎ ‎‫عمليًّا خارج أي إطار تعاقدي أو اتفاقي يحدد شروط والتزامات الأطراف المعنية.

‎‫وشدد المجلس على ‎ ‎‫حاجة الوكالات “إلى تطوير عمل مجالسها الإدارية من خلال خفض عدد أعضائها وإحداث ‎ ‎‫وتفعيل لجان مختصة منبثقة عنها”، كما ركز المجلس على أهمية تطوير مواردها المالية ‎ ‎‫ومضاعفة المجهودات المبذولة من طرفها بهدف تحصيل المبالغ الباقي استخلاصها (‎‫مليون درهم حتى نهاية 2021)، وقد أشار المجلس أيضا إلى أهمية تعزيز قدرة الوكالات‎ ‎‫الحضرية على جذب الكفاءات المناسبة من أجل مواكبة التحديات الجديدة.‎

عدم مواكبة التوجهات الجديدة

وأشار المجلس إلى ارتباط القطاع‎ ‎‫ المكلف بالتعمير بكل وكالة خاضعة لإشرافه بعقود/ أهداف سنوية دون الاعتماد على‎ ‎‫استراتيجية محددة أو عقود برامج حيث تقتصر عقود/ الأهداف هذه على أدوات التخطيط ‎ ‎‫الحضري دون ربطها بإطار ميزانياتي مما لا يتيح الشروط المثلى لتتبع مؤشرات أداء هذه‎ ‎‫ الوكالات.

ومن جهة أخرى، أبرز المجلس أهمية تعزيز دور ومكانة الوكالات الحضرية ‎ ‎‫أخذا بعين الاعتبار دور مختلف المتدخلين في القطاع السلطات المحلية الجماعات، ‎ ‎‫المفتشيات الجهوية للتعمير، إلخ، وذلك في ظل وجود تداخل للاختصاصات في عدد من‎ المجالات مع الجهات الفاعلية في مجال التخطيط وضعف تثمين خبرة الوكالات في مجال التنمية الترابية وغياب تقاسم الممارسان الفضلى في هذا الميدان”.

ووقف المجلس عند عدم مواكبة الوكالات الحضرية للتوجهات الجديدة‎، مرجعا الأسباب من جهة “إلى عدم ترجمة الوزارة الوصية للتوجهات الترابية الجديدة ‎ ‎‫المتعلقة بالتنمية الحضرية إلى رؤية رسمية موثقة، ومن جهة أخرى، إلى الإطار القانوني‎ ‎‫ والتنظيمي الحالي (خاصة القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير والقانون رقم 25.90‎ ‎‫المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والظهير الشريف‎ ‎‫بمثابة قانون رقم 1.93.51 يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية) الذي لم يعد يواكب ‎ ‎‫التحديات الحالية التي تواجهها الوكالات، وقد لاحظ المجلس في هذا الصدد، حاجة هذه‎ ‎‫ المؤسسات إلى تعزيز مواردها البشرية وضرورة إرساء الهياكل التنظيمية اللازمة لإنجاح ‎ ‎‫تحولها الرقمي تدريجيا ونزع الطابع المادي عن الخدمات المقدمة من طرفها.‎

تفعيل إصلاح شامل

‎‫ومن أجل تجاوز النقائص المسجلة، أوصى المجلس الأعلى للحسابات القطاع المكلف ‎ ‎‫بالتعمير وكذا الوكالات الحضرية بضرورة تفعيل إصلاح شامل للإطار القانوني المتعلق ‎ ‎‫بهذه الوكالات لإعادة تحديد مجال تدخلها في ضوء التنظيم الترابي الجديد، من خلال‎ ‎‫ملاءمة بنياتها وفقا لمخطط هرمي بمستويات تدخل ملائمة.

وحث المجلس كذلك على‎ ‎‫ تعزيز دور الوكالات الحضرية فيما يخص دعم فرص الاستثمار والتنمية من خلال إضفاء‎ ‎‫ مرونة على أدوات التخطيط وقواعد التهيئة، وكذا نهج إصلاحات على مستوى عمل وتنظيم ‎ ‎‫مجالس إدارة هذه الوكالات بما يتوافق مع الممارسات الفضلى في مجال الحكامة.

وأوصى ‎ ‎‫المجلس، أيضا، بإعادة النظر في الإطار التعاقدي بين القطاع الوصي والوكالات الحضرية‎ ‎‫ من خلال عقود/ برامج متعددة السنوات بأهداف واضحة مرتبطة بموارد مالية ملائمة.‎

‎‫كما أوصى المجلس بضرورة تسريع، مع ضبطها، رقمنة خدمات الوكالات الحضرية ‎ ‎‫بشكل يضمن توحيد جهود وأدوات عملها في هذا الاتجاه وإعادة هيكلة مهمة المراقبة التي ‎ ‎‫تقوم بها هذه الوكالات بتشجيع اللجوء للتقنيات الحديثة لرصد مخالفات التعمير، ووضع‎ ‎‫ مهمة المراقبة التي تمارسها الوكالات الحضرية لصالح اليقظة الترابية وتقييم وثائق ‎ ‎‫التعمير.‎

وأكد المجلس ضرورة أن تكون هذه الوكالات قادرة على جذب الكفاءات وضمان الحفاظ‎ ‎‫ عليها ووضع نظام دوري للحركية وفقا للممارسات الفضلى في ‎ ‎‫هذا المجال، واستباق المخاطر والممارسات المرتبطة ببعض‎ ‎‫ الوظائف والمهام، من خلال وضع آليات ووسائل لتحفيز المستخدمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News