اقتصاد

مجلس المنافسة: تدخّل السلطات لتصحيح اختلالات الأسوق قدْ يصبح مصدرا للريع الاقتصادي

مجلس المنافسة: تدخّل السلطات لتصحيح اختلالات الأسوق قدْ يصبح مصدرا للريع الاقتصادي

قال أحمد رحو رئيس مجلس المنافسة، إن التحولات التي لا يزال يشهدها العالم كان لها تأثير صريح وملموس على مجموعة من العناصر التي تساهم في تشكيل وضعية المنافسة داخل الأسواق، خاصة مستوى التضخم الذي سجلته مختلف الاقتصادات، وكذا تأثير مساعدات الدولة إضافة إلى التقلبات التي عرفتها أسعار المواد الأولية دوليا، وكذا التغيرات في مستوى العرض والطلب.

وسجل  رحو ، ضمن فعاليات اللقاء السنوي الثاني لشبكة المنافسة العربية الذي تحتضنه الرباط، يومي 8 و9 مارس 2023، أن السنة الماضية، تميزت بتباطؤ في مستوى النمو الاقتصادي في أغلب اقتصادات العالم بسبب التحولات الجيوسياسية، وانكماش مستوى الطلب تبعا لارتفاع نسبة التضخم بأغلب مناطق العالم موازاة مع ارتفاع أثمنة المواد الأولية في الأسواق الدولية، حيث بلغت هذه النسبة ما يقارب 8.8 بالمائة على مستوى العالم.

كما شهدت هذه السنة، -يضيف رئيس مجلس المنافسة- اتخاذ مجموعة من الإجراءات من قبل السلطات المالية قصد التحكم في التضخم كان من أهمها رفع سعر الفائدة وتشديد شروط الولوج إلى التمويل بالنسبة للقطاع الخاص، وتقليص حجم مساعدات الدولة التي تم اتخاذها لمواجهة آثار أزمة كوفيد19، والتي نتج عنها ارتفاع هام في نسبة الدين العمومي.

وأوضح رحو ، أنه بالموازاة، شهدت هذه السنة الرجوع التدريجي إلى اعتماد مبدأ السيادة الوطنية الاقتصادية والحمائية الاقتصادية عبر تطبيق بعض التدابير الغير الجمركية من قبيل المعايير الاجتماعية والبيئية وتقليص الاستثمار في الخارج إضافة إلى تدابير تتعلق بسعر صرف العملات.

وأكد رئيس مجلس المنافسة، أن هذه التحولات تؤثر بصفة مباشرة على الأسواق وعلى المنافسة، الشيء الذي يتطلب من سلطات المنافسة التفاعل مع كل هذه المعطيات الجديدة لتظل الأسواق فضاء مفتوحا لتحرير الطاقات واستقطاب المبادرات والمقاولات المبدعة والخلاقة.

وشدد  رحو، أنه يتعين على سلطات المنافسة في ظل هذه الظروف إضافة إلى الاستمرار في تفعيل اختصاصاتها في مجال مراقبة عمليات الاستحوذ والاندماج ومحاربة التصرفات المنافية للمنافسة، المرافعة من أجل إقناع السلطات العمومية بأن أفضل وسيلة لضمان ولتحسين تنافسية النسيج الاقتصادي هي الحفاظ على بيئة للمنافسة الحرة والنزيهة داخل الأسواق.

ويرى رئيس مجلس المنافسة، أن الضغط المنافساتي هو الكفيل بدفع الفاعلين الاقتصاديين نحو المزيد من الإبداع والابتكار، وتقليص التكلفة وتنويع المنتوجات والخدمات، والاستجابة لانتظارات المستهلكين على مستوى الجودة والثمن.

واعتبر أنه من الطبيعي أن تتدخل السلطات العمومية في ظل الأزمات التي يمكن أن تعرفها الأسواق، لكن هذا التدخل يجب أن يبقى مرتبطا بتصحيح الاختلالات  الناتجة عن الأزمة ومحدودا في الوقت ومصحوبا بتدابير عقلانية،  ليكون متوافقا مع الأهداف بعيدة المدى وألا تترتب عليه إشكاليات هيكلية على مستوى المنافسة داخل الأسواق.

وأكد رئيس مجلس المنافسة، أنه في غياب هذه الاعتبارات الاحترازية، يمكن أن يصبح تدخل السلطات العمومية مصدرا للريع الاقتصادي غير المبرر ووسيلة للحفاظ على استمرار فاعلين اقتصاديين غير مؤهلين وذوو تنافسية محدودة، مشددا على  أهمية السبل والوسائل التي يمكن للسلطات العمومية التدخل بواسطتها في ظل الأزمات الاقتصادية.

وفيما يخص مساعدات الدولة، قال رحو، إن مجلس المنافسة بالمملكة المغربية، يرافع من أجل أن تكون هذه المساعدات موجهة للفئة المستحقة من المستهلكين عوض منحها للفاعلين الاقتصاديين أو باللجوء إلى تحديد الأثمنة.

فـي هـذا السياق، يرى مجلس المنافسة أن استهداف مستحقي المساعدات العمومية وصرفها للفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة ينطوي على فعاليـة أكبـر مقارنة بسياسة الأسعار المدعمة، حيث يشكل أداة ملاءمة لصرف المساعدات المباشرة لفائدة الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، وآلية أكثر فعالية وأقل مساسا بالمنافسة داخل الأسواق المعنية

وتحقيقا لهذه الغاية، يرى رحو،  أن الورش الملكي المتعلق بإرساء السجل الاجتماعي الموحد، يشكل إطارا ملائما لتفعيل السياسة العمومية السالفة الذكر، من خلال التوفـر علـى الأدوات التقنية المناسبة والكفيلة بتحسين توجيه المساعدات.

وخلص رئيس مجلس المنافسة، إلى أنه أمام التحديات المتعلقة بتدبير الأزمة الاقتصادية، يجد قانون المنافسة نفسه اليوم أمام أوراش مهمة تفرضها متطلبات الحداثة والتطور وعلى رأسها تطور ونمو الاقتصاد الرقمي ومستلزمات التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News