سياسة

القضاء الدستوري يحسم جدل الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة بالبرلمان

القضاء الدستوري يحسم جدل الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة بالبرلمان

حسمت المحكمة الدستورية في جدل الخلاف القانوني، حول حضور رئيس الحكومة إلى البرلمان، وهو الجدل الذي أشعل في أكثر من جلسة برلمانية الصدام بين الأغلبية والمعارضة، واعترض القضاء الدستوري بمناسبة بتّه في مقترح تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، على تعديلات كانت قد تقدمت بها المعارضة لإلزام رئيس الحكومة بالحضور كل شهر بدل شهرين للبرلمان، معتبرا أن هذه التعديلات غير مطابقة للدستور.

وشهدت عديد من جلسات الأسئلة الشفوية المتعلقة بالجلسة الشهرية بمجلس النواب، صداما بسبب حضور رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى البرلمان من أجل الإجابة عن أسئلة تتشبث بها فرق المعارضة،منتقدة اكتفاءه بالحضور مرة واحدة في غضون شهرين لمجلسي البرلمان، في حين أن القانون يؤكد على حضوره مرة كل شهر.في وقت يتمسك فيه مكتب مجلس النواب، برفضها بدعوى أنها لا تكتسي طابع السياسة العامة المنصوص عليها في المادة 100 من الدستور.

ونصت المادة 313 من مقترح تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب المحال على المحكمة الدستورية، أنه “طبقا للفصل 100 من الدستور، تخصص جلسة واحدة كل شهر للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة وتقدم أجوبة رئيس الحكومة عليها خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة هذه الأسئلة”.

ووفق نص التعديل المدرج ضمن الفقرة الأخيرة من نفس المادة،  “يقصد بمفهوم السياسة العامة الخيارات الاستراتيجية الكبرى للدولة، والتي تكتسي بحكم طبيعتها ومداها صفة الشمولية والعرضانية.”. وورد هذا التعريف ضمن مقتضيات النظام الداخلي المتعلقة بالأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة، المتخذة عملا بأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 100 من الدستور.

وصرّحت المحكمة الدستورية بعدم دستورية 7 مواد من النظام الداخلي لمجلس النواب، ضمنها المادة 313، وجاء قرار القضاء الدستوري، بعد اطلاع المحكمة على النظام الداخلي لمجلس النواب، المحال إليها رفقة كتاب رئيس  هذا المجلس والمسجل بأمانتها العامة في 2 فبراير 2023، عملا بأحكام الفصلين 69 (الفقرة الأولى) و132 (الفقرة الثانية) من الدستور، والمادة 22  (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، وذلك للبت في مطابقته للدستور.

كما يأتي القرار، بعد الاطلاع  المحكمة الدستورية، على مذكرات الملاحظات الصادرة عن نواب غير منتسبين (نواب جبهة القوى الديمقراطية) وعن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية وعن رئيس الحكومة، المدلى بها، عملا بمقتضيات المادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، والمسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 9 و14 و15 فبراير 2023.

ورأت المحكمة الدستورية، أنه يستفاد من أحكام الفصول 5 (الفقرة الخامسة)، و49 و92 (الفقرة الأولى)، و100 (الفقرة الثالثة)، والفصل 103 (الفقرة الأولى)، و137 من جهة، أن إعداد والتداول وإنفاذ السياسة العامة والمساهمة في تفعيلها، أمور أسندها الدستور، حسب الحالة، إلى الدولة، وإلى المجلس الوزاري وإلى مجلس الحكومة، وإلى الجهات والجماعات الترابية الأخرى، ومن جهة أخرى، أن السياسة العامة موضوع لآلية رقابية على العمل الحكومي، وقد تكون موضوعا لتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به رئيس الحكومة، مما يندرج، في هذه الحالة، في نطاق العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؛

وأوضح قرار المحكمة الذي أمرت بتبلغيه إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، أنه “لئن كانت أحكام الفقرة الأولى من الفصل 69 من الدستور، تقر استقلال مجلس النواب بوضع نظامه الداخلي، فإن ذلك لا يسوغ له الاستئثار بوضع تعريف للسياسة العامة، يتعلق بمجال يخص العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إذ لا ينبغي أن يتضمن النظام الداخلي ما يقيد الغير، دون سند من الدستور أو القانون”.

من جانب آخر، نصت التعديلات المجراة على النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي أقرت المحكمة الدستورية بعدم دستورية عدد من مواده على أنه: “يتضمن جدول أعمال الجلسة المخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة سؤالين محوريين في الأقصى: إذا تعلق الأمر بوحدة الموضوع، وإذا تعلق الأمر بسؤالين في موضوعين مختلفين، على أن  تسري نفس المقتضيات بالنسبة للسؤال الثاني.”.

وأشارت المحكمة الدستورية وهي تبت في مدى دستورية المادة 316 من مقترح تعديل نظام مجلس النواب الداخلي، إلى  إن الفقرة الأخيرة من الفصل 100 من الدستور، تنص، علاقة بالمادة المعروضة،  على أنه: “تقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر،…”.

وأوضحت المحكمة، أنه يستفاد من صريح هذه الأحكام، أن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، التي تكون موضوع أجوبة رئيس الحكومة، وردت نصا بصيغة الجمع، وهو ما يعني ما زاد على سؤالين في الجلسة الشهرية الواحدة، أي ثلاثة أسئلة فأكثر، مما تكون معه المادة 316 فيما نصت عليه من تضمن جدول أعمال الجلسة المخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة لسؤالين محوريين في الأقصى، غير مطابقة للدستور.

هذا، وأمام توالي غياب رئيس الحكومة عن جلسات المساءلة الشهرية، وفق أحكام الفصل 100 من الدستور، هددت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، (الفريق الحركي وفريق التقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية)، باللجوء إلى التحكيم الملكي.

وبررت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، رغبتها في اللجوء إلى التحكيم الملكي، بكون رئيس الحكومة لا يحترم الدستور، ويستهتر بالمؤسسة التشريعية من خلال إصراره على الحضور للإجابة على الأسئلة الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، مرة كل شهرين،

ورأت قوى المعارضة، أن هذا السلوك فيه ضرب للدستور بعرض الحائط، وكذا قرار سابق للمحكمة الدستورية، وهي المراجع التي تتحدث عن عقد جلسة مرة في الشهر، خاصة في ظل وجود بنك للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، معلنة أنها ستتخذ إجراء مناسبا، قد يكون هو الاحتكام إلى  الملك باعتباره الحكم الأسمى بين المؤسسات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News