سياسة

خاص..لجنة برلمانية تُخلي مسؤولية الحكومة من ارتفاع الأسعار وتربط الغلاء بالتبعية للخارج

خاص..لجنة برلمانية تُخلي مسؤولية الحكومة من ارتفاع الأسعار وتربط الغلاء بالتبعية للخارج

تستعد مجموعة العمل الموضوعاتية، التي شكلها مجلس النواب في وقت سابق، حول “التدابير الكفيلة بضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في السوق الوطنية”، إلى تقديم تقريرها، بشأن تحديد الأسباب التي كانت وراء أزمة ارتفاع الأسعار بالمغرب، والنتائج التي خلفتها.

وفي وقت توجه فيه انتقادات شديدة لسياسة الحكومة في موجهة ارتفاع الأسعار “الصاروخي”، كشفت مصادر برلمانية، لـ”مدار21″، أن الدراسة التي قامت بها مجموعة العمل الموضوعاتية، حول الأسباب المؤدية إلى  أزمة ارتفاع الأسعار بالمغرب والنتائج التي خلفتها، خلصت إلى إخلاء الحكومة من مسؤولية الوقوف وراء موجة الغلاء التي اجتاحت الأسواق الوطنية، مؤكدة أن أزمة ارتفاع أسعار المواد الأساسية مرتبطة بشكل أساسي بعوامل خارجية.

وتم إحداث المجموعة الموضوعاتية لضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في السوق الوطنية من طرف مكتب مجلس النواب بعد توصله بطلب من فرق ومجموعة المعارضة في سياق ارتفاع الأسعار، وذلك بالاستناد إلى المادة 119 من النظام الداخلي للمجلس.وتحيط اللجنة البرلمانية التي يرأسها ادريس السنتيسي عن الفريق الحركي تقريرها بتكتم وسرية تامة.

وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن العديد من الدراسات والتقارير الصادرة عن هيئات وطنية ودولية، خلصت إلى أن الأزمة الحالية المرتبطة بغلاء الأسعار، والتي يعاني منها المغرب والعديد من الدول المماثلة، ترجع أسبابها بشكل أساسي إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومخلفات الأزمة الصحية التي سبقتها ولازالت آثارها مستمرة، مما أدى إلى تراجع أو انخفاض العرض على المستوى الدولي.

وقال نائب مقرر اللجة الموضوعاتية حول الأسعار مصطفى ابراهيمي عن مجموعة البيجدي النيابية، إن المطلوب من هذه المجموعة سيكون هو الخروج بتوصيات تساعد الحكومة على تنزيل الاليات القانونية والتنظيمية المتاحة أمامها، من أجل ضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، دون الإخلال بالمنافسة وشروطها.

وأضاف ابراهيمي، أن هناك اليات متعددة أمام الحكومة، لضبط الأسعار، منها محاربة الاحتكار والمضاربة، ومراجعة الضريبة، بالنسبة للمواد التي تعرف أسعارها ارتفاعا ملحوظا، وغيرها من الآليات التي سيكون أمام مجموعة العمل الموضوعاتية المذكورة، فرصة لبحثها وتأطيرها من الناحية القانونية.

ووفق مصادر الجريدة، فإن “ارتباط المغرب بشكل كبير بالسوق الخارجية، خاصة في بعض المواد الأساسية، جعل أسعار هذه المواد تعرف ارتفاع كبيرا، مسجلة أن أن هذا الوضع “لا ينفي تأثير عوالم داخلية”، حيث أن توالي سنوالي الجفاف إضافة لبعض الممارسات المنافية للمنافسة النزيهة قد ساهم بنسبة معينة في هذا الوضع.

ومن ضمن الاستنتاجات التي خلصت إليها اللجنة البرلمانية التي يرأسها ادريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، اعتماد السوق الوطنية على الواردات الخارجية بنسبة مهمة لتلبية حاجيات الاستهلاك من بعض المواد الأساسية كالحبوب والزيوت والطاقة، حيث يستورد المغرب ما يقارب 70.4 بالمائة من حاجياته من الحبوب.

ويعتمد المغرب على الخارج لاستيراد المواد التي تدخل في صناهة زيت المائدة بنسبة 98 بالمائة أما ما يتعلق بالحاجيات الطاقية فإنه يستوردها بنسبة 100 بالمائة مما يظهر الارتباط الكبير للاقتصاد المغربي بالأسواق الخارجية.كما سجل معدل التبعية الذي يمثل متوسط الواردات والصادرات بالنسبة إلى الناتج الداخلي الخام، سنة 2021 زيادة قدرها 3.9 نقطة حيث انتقل من 32 بالمائة سنة 2022، إلى 35.9 بالمائة سنة 2021، وفق معطيات التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئ.

وحسب المعطيات التي حصلت عليها “مدار21″، فإن ارتفاع أسعار هذه المواد في السوق الدولية، أدى إلى زيادة فاتورة واردات المغرب بنسبة مهمة خلال السنة الحالية، حيث بلغت قيمة مشترياته من الشعير والقمح وزيت الصوجا، منذ بداية السنة إلى نهاية مالي، حوالي 15.8 مليارات درهم، وبالتالي قد يؤدي اعتماد المغرب على الحبوب المستوردة إلى زيادة تعرض الاقتصاد للصدمات الدولية.

وفي محاولة تفسيره للعوامل التي أدت إلى أزمة الغلاء، أكد تقرير اللجنة البرلمانية، حسب مصادر الجريدة، أن “السياسة التي ينهجها المغرب غير عادلة وتستنزف ميزانيته”، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار السلع الدولية، أدى إلى زيادة الضغط على ميزانية الدولية، حيث يدعم المغرب أسعار غاز البوتان والقمح والسكر، من خلال صندوق المقاصة، ومع ارتفاع أسعرا هذه المنتجات في السوق العامالية بسبب الصدمات المستمرة، يزداد الدعم المدفوع في هذا الصندوق ميكانيكيا

وفي السياق الحالي، يلعب هذا الإجراء دورا مهما في دعم القدرة الشرائية للأسر، لكن على حساب تفاقم عجز الميزانية، خلال الفترة ما بين يناير وأبريل من سنة 2022، ارتفعت نسبة الدعم بـ103.5 بالمائة مقارنة مع الدعم الموجه خلال نفس الفترة من السنة الماضي، ووصل إلى 73 بالمائة من حجم الدعم المخصص للسنة بأكملها، (1,2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

ولفت المصدر ذاته، إلى  أن الحكومة رفعت من حجم هذا الدعم ليصل إلى 2.4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، مسجلا أنه نظرا لأن سعر الكهرباء لا يزال محددا مما يخفف أيضا من الضغوط على الأسر، سيتحمل المكتب الوطني للماء والكهرباء أثر الزيادة في واردات الطاقة المستخدمة لإنتاج الكهرباء.

وحسب المعطيات ذاتها، فإن الاقتصاد الوطني، تكبد خسائر كبيرة سنة 2022، تقدر بنحو 24.1 مليار درهم، مقارنة بالأرباح التي حصلها خلال العامين الماضيين أي ما يعادل 0.4 مليار درهم في 2021 و2.2 مليار درهم في 2022.

ومن ضمن الخلاصات التي انتهى إليها تقرير اللجنة الموضوعاتية حول الأسعار، أن “القطاع الفلاحي بالمغرب لا يزال ضعيفا ولا يلبي حاجيات البلاد الأساسية”، حيث يغطي الانتاج المحلي 45 بالمائة من الحاجيات الوطنية من القمح، في المتوسط خلال السنوات العشر الأخيرة، وبسبب موجة الجفاف يرجح ألا  يتجاوز الانتاج الوطني من القمح برسم السنة الجارية، 25,1 مليون قنطار حسب التقدير الأولي لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروي والمياه والغابات

وأكد المصدر ذاته، أن النسيج الاقتصادي المغربي، ” هش وغير قادر على مواجهة الأزمات”، مشيرا إلى أن التقرير الذي أصدره المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا و الصغرى والمتوسطة، أبرز من خلال الدراسة المفصلة التي أجراها للنسيج الاقتصادي الوطني أنه يتميز بالهشاشة البنوية والتي ظهرت بشكل جلي خلال الأزمة الصحية التي ضربت البلاد.

وحسب التقرير توجد بالمغرب إلى حدود نهاية 2018 ما مجموعه 507 ألف و353 مقاولة ذات شخصية اعتبارية، لكن أكثر من نصف هذا العدد توجد في حالة جمود أو فشل، كما أن 87.3 بالمائة من هذه المقاولات تعتبر بنيات صغيرة جدا لا يتعدى رقم معاملاتها 300 ألف وتساهم هذه المقاولات بنسبة جد محدودة في رقم المعاملات عند التصدير، حيث لا تتجاوز حصتها 27 بالمائة، حسب معطيات المكتب الوطني للحبوب والقطاني.

وتنص المادة 119 على أن مجموعات العمل الموضوعاتية تحدث بقرار من مكتب المجلس بمبادرة من رئيس المجلس أو بطلب من رئيس فريق أو مجموعة نيابية، شرط أن تكون المهمة المسندة إليها تتعلق إما باختصاص لجنتين أو أكثر من اللجان الدائمة، أو القيام بدراسات وأبحاث وإعداد تقارير لا يعود الاختصاص فيها لدور اللجان الدائمة التشريعي والرقابي.

وكانت المجموعة عقدت اجتماعات متعددة مع عدد من القطاعات المتدخلة في مجال ضبط الأسعار، حيث عقدت اجتماعات مع مجلس المنافسة وممثلين عن وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الصناعة والتجارة، فضلا عن عقد اجتماع مع ممثل صندوق النقد الدولي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويتم إحالة التقارير التي أعدتها اللجان الموضوعاتية إلى مكتب المجلس الذي يقرر في مآلها، وإذا قرر عرضها على الجلسة العامة يقوم بتعميمها على جميع أعضاء المجلس 48 ساعة على الأقل قبل مناقشتها بالجلسة المذكورة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News