تربية وتعليم

رفض رفع ساعات تدريس العربية بمدارس البعثة الفرنسية يعيد مطالب إعطاء لغة الضاد الأولوية بالمغرب

رفض رفع ساعات تدريس العربية بمدارس البعثة الفرنسية يعيد مطالب إعطاء لغة الضاد الأولوية بالمغرب

أثار خبر مقاضاة جمعية آباء وأولياء التلاميذ بإحدى مدارس البعثات الفرنسية بالمغرب وكالة التعليم الفرنسي بالخارج التي قررت رفع عدد ساعات دراسة مادة اللغة العربية في مناهجها من 3 ساعات إلى 5 ساعات أسبوعيا، تنفيذا لاتفاق مسبق مبرم بين الحكومتين المغربية والفرنسية، الكثير من الجدل.

وأصدرت محكمة الاستئناف الإدارية في باريس، قرارها برفض إضافة ساعتين أسبوعيا لتدريس اللغة العربية في مستويين تعليميين وهما “CE1″ أي المستوى التمهيدي، و”CM2” ما قبل المستوى الأول الابتدائي، بحجة أن إضافة الحصص سيعني تغييرا جوهريا على النظام التعليمي حيث سيرفع قرار وكالة التعليم، عدد ساعات مادة اللغة العربية من 108 وإلى 180 خلال الموسم الدراسي، ما يعني أنها ستشغل حيزا يعادل 19 في المئة من إجمالي الحصص بعد أن كان نصيبها 11,5 في المائة.

وطالبت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بعقد اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال، بحضور وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وذلك لمدارسة الإجراءات التي تقوم بها الحكومة، من أجل ضمان تنفيذ المؤسسات التربوية الأجنبية، للالتزاماتها المسطرة في القانون الإطار للتربية والتكوين.

وقالت المجموعة في نص الطلب الذي وجهه رئيسها عبد الله بووانو، لرئيس لجنة التعليم والثقافة والاتصال، إن المؤسسة التعليمية المذكورة، فوجئت برفض الآباء، وبدعوتهم لإلغاء قرار برمجة ساعات إضافية لتدريس اللغة العربية، الامر الذي اتخذ ابعادا خطيرة، حسب المصدر نفسه.

وأوضحت المجموعة أن المادة 31 من القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، ينص على ضرورة التزام المؤسسات التربوية الأجنبية، العاملة بالمغرب، بتدريس اللغة العربية لكل الأطفال المغاربة، الذين يتابعون تعليمهم بها، على غرار المواد التي تعرفهم بهويتهم الوطنية، مع مراعاة أحكام الاتفاقيات الثنائية الدولية المبرمة من قبل المملكة المغربية، والمتعلقة بوضعية هذه المؤسسات.

واعتبر فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، أن رفض أولياء التلاميذ إضافة ساعات اللغة العربية، يطرح إشكال واقع مؤسسات البعثة الفرنسية في المغرب، و”هل هي مؤسسات تابعة للدولة المغربية والتعليم المغربي وبرامجه أم أنها محميات فرنسية بالمملكة؟ وهل هي مؤسسات تخضع للقانون المغربي؟”، مستغربا اعتبار اللغة العربية، وبمدرسة على الأراضي المغربية، لغة أجنبية يمكن التقليل منها وعدم اعتماد كل مخططات التربية الوطنية.

وقال بوعلي في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن رفض أولياء الأمور إضافة ساعات لتدريس لغة الضاد، قضية شائكة و”هذه فرصة للحسم فيها وطرح واقعها من أجل معالجتها”، مؤكدا أن “واقع اللغة العربية في هذه المؤسسات هو واقع اللغة العربية بالدولة الفرنسية ولا علاقة لها بالمدرسة المغربية”، معتبرا أن طرح إشكال اللغة العربية في هذه المؤسسات يعيدنا إلى سؤال السيادة الوطنية واللغوية للمغاربة.

ويرى المتحدث أن هذا الجدل يفرض تدخل الدول عبر اتخاذ الإجراءات اللازمة “الذين تقاضوا بالمحاكم الفرنسية ورفضوا اللغة الرسمية للمغاربة واعتبروا أنها إضافة غير قانونية مقارنة بحصة اللغة الفرنسية الكبيرة يجب مساءلتهم عن موقعهم من المغرب والدولة التي تحتضنهم وتوفر لهم كل إمكانيات الوجود والانتماء”.

وأبرز أن الداعمين لإعطاء الأولوية للغة المغربية “لا يدعون لإسقاط اللغة الفرنسية بشكل مطلق ولكننا نعتبر أن الدولة التي تحترم نفسها ولها سيادة هوياتية وسياسية هي الدولة التي تعطي لغتها الرسمية مكانتها الحقيقية”.

وأضاف: “أهم مبادئ هذه المكانة وكما هو متعارف عليها في مختلف أبجديات القوانين الدستورية هو أن اللغة الرسمية هي اللغة التي تستعمل في الإدارات والشأن العام والتواصل الرسمي والمؤسساتي”، مسجلا أن اللغة لعربية هي اللغة الرسمية ليس فقط بالنص القانوني والدستوري وإنما باعتبار التراكم الهوياتي للمغاربة الذين جعلوها لغة التواصل في مختلف مؤسساتهم ومنابرهم.

وشدد رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية على ضرورة تمكين لغة الضاد من أداء أدوارها باعتبارها لغة وطنية ورسمية، لأنه يتيح، حسب بوعلي، العدالة اللغوية ونقل المجتمع المغربي إلى مستوى مجتمع المعرفة الذي ننشده، والذي لن يتحقق بدون لغة الضاد.

وأشار في نفس الصدد إلى أن تطور الأمم عبر التشبث بلغتها الوطنية “ليس قولا غوغائيا وشعارات، وإنما أتبثه تقرير التنمية الإنسانية سنة 2003 وتقرير مجتمع المعرفة سنة 2009 ومختلف التقارير التي تصدر عن الأمم المتحدة والتي تؤكد أن ولوج مجتمع المعرفة والتنمية والانتقال إلى مصافي الدول المتقدمة لن يتم إلا باللغة العربية لذلك كل ما نفعله الآن وكل محاولات الفرنسة هي اجترار للفشل والتخلف.

وأردف :”تطور المجتمع والتعليم والشأن العام لن يتم إلا باللغة العربية ولا داعي لإضاعة الوقت لأن كلما ضاع الوقت أصبحت العودة إلى التقدم مكلفا وعسيرا”.

وقال بوعلي إن اللغة الفرنسية في المجتمعات المغاربية والإفريقية ليست قضية لغة للتواصل البيني أو المعرفي بل هي لغة مرتبطة بالاستعمار “وهذا الجانب هو الذي جعلها لغة منبوذة من طرف الوجدان العام المغاربي والعربي والإفريقي والدليل أن عددا من الدول تتخلى عن الفرنسة لصالح الإنجليزية. روندا مثلا أضحت تعترف أن تطورها لم يكن ليتم لولا تخليها عن اللغة الفرنسية والغابون أيضا”.

وأوضح أن لغة موليير “لغة صراعية لأنها تدخل في صراع من أجل فرض وجودها، نظرا لأنها ليست لغة علمية وليست اقتصادية ولا قوة تقنية، على اعتبار أن التطور العلمي والاقتصادي والتقني والثقافي موجود في مجالات لغوية أخرى، لذلك تحاول فرض وجودها بتحجيم اللغات الوطنية عن طريق تشجيع العانسات واللغات المنافسة، وخير دليل البرامج التي تشرف عليها المراكز الثقافية الفرنسية من خلال تشجيع ما يسمى باللغة المغربية (العامية الدارجة)”.

وأضاف: “وجود اللغة الفرنسية داخل الفضاء الثقافي المغربي يشكل خطرا وتهديدا لأمننا الثقافي واللغوي، لكننا في المقابل، لا يجب أن ننكر بأن لها تاريخ يمكن الاستفادة منه، لأن المغاربة الذين تعلموها لا يمكن أن نبعدهم بجرة قلم لأنهم جزء من نسجينا الثقافي اللغة الفرنسية، بل بالعكس يمكن الاستفادة منها ومن ثقافتها لكن في حدود أنها لغة أجنبية وليست لغة وطنية ولا يمكن إعطاءها أدوار ووظائف اللغات الوطنية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News