سياسة

بعد تمسّك المعارضة بالمنْع.. الحكومة تنْتزع حقّ “تناول الكلمة” بجلسات البرلمان

بعد تمسّك المعارضة بالمنْع.. الحكومة تنْتزع حقّ “تناول الكلمة” بجلسات البرلمان

حسَم مجلس النواب في الخلاف القانوني الذي نشَب بين المعارضة والحكومة، بشأن مدى أحقية الأخيرة في “تناول الكلمة” ضمن الجلسات العامة بالبرلمان، في سياق تمسّك مكونات المعارضة بمنع الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة من الحديث للرد على “نقاط نظام” المثارة من قبل نواب الأمة، خلال جلسات الأسئلة الشفهية الأسبوعية.

وتضمّن التعديل الذي أجراه مجلس النواب على نظامه الداخلي، تأكيدا صريحا وواضحا على إمكانية تخويل الحكومة الحق في تناول الكلمة بموجب الفقرة المحدثة التي تنص على أنه “يمكن لرئيس الجلسة أن يمنح الكلمة للحكومة في حال ما إذا كانت نقطة نظام تهم العلاقة بيان الحكومة والمجلس”.

سجال بين الحكومة والبرلمان

ورفض الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، في وقت سابق، منعه من تناول الكلمة في البرلمان واعتبره “تعسفا”، لأن المؤسسة التشريعية هي فضاء للنقاش وللتداول والتدافع ولإبراز وجهات النظر، مسجلا أن “الادعاء بأن الحكومة تتدخل في برمجة الأسئلة البرلمانية باطل”.

وأوضح المسؤول الحكومي، أن جميع قرارات المحكمة الدستورية التي تنظم وتمتلك سلطة مراقبة القوانين بما فيها النظام الداخلي لمجلسي البرلمان “تستند على معطى أساسي هو التوازن والتعاون ما بين السلطتين”، مشيرا إلى أنه “في جميع المبادرات الرقابية يتكلم النائب ويعقبه جواب الوزير لأن السؤال يليه تعقيب ونفس الشيء بالنسبة للمداخلات”.

في المقابل، ترى المعارضة أن النظام الداخلي للمجلس الذي يعتبر أسمى من القوانين العادية، هو الذي يؤطر ويضبط العلاقة بين مجلس النواب وباقي السلط، مؤكدا أن هذا النظام لا ينص تماما على تناول الحكومة للكلمة، سواء في إطار نقطة نظام، أو للتعقيب على نقط النظام المخولة حصرا للفرق والمجموعة النيابة، من أجل التذكير بضوابط سير الجلسة أو التنبيه إلى تطبيق النظام الداخلي.

وسجل المصدر ذاته، أن المانع من تناول الكلمة من طرف الحكومة هو مانع قانوني، وليس شيئا آخر من قبيل ما ادعاه الوزير، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بجلسة للأسئلة التي نظمها النظام الداخلي في المواد من 258 إلى 271، التي منحت للحكومة الحق في الردود، بالتناسب مع نفس الحصة الزمنية المخولة للمجلس بالنسبة للأسئلة والتعقيبات، ولم تضف لها أي هامش زمني للجواب على نقط النظام.

وأكد حسن أهويو، باحث في القانون الدستوري والبرلماني، أنه “لئن كان التعديل الجديد ورد منصفا من زاوية رفع الحصار عن نقط نظام حكومية، بما يعد جبرا برلمانيا صريحا لما كان إخلالا عرفيا وعمليا بالمبادئ الدستورية والتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإنه يثير من زاوية انتقادية أخرى بعدا إطلاقيا آخر من شأنه توسيع جدل تناول الكلمة لأنه نص على نقط نظام تخص العلاقة بين المجلس والحكومة.

تجاوز التوظيف السياسوي

ويرى أهويو، ضمن تصريح لـ”مدار21″، أن المنطق القانوني الموضوعي والتوازن الدستوري يستوجبان الاقتصار على شمولية المضمون الوارد في الفقرة الأولى من المادة المعدلة، باعتباره كفيل بحصر نقط نظام الحكومة بدورها فيما يحقق السير العادي لجدول أعمال الجلسة ومقتضيات النظام الداخلي المتعلقة بها، مسجلا أن “جوانب العلاقة بين المجلس والحكومة تكتسي بعدا دستوريا أسمى من بعدها التقني”.

ولفت الباحث في القانون الدستوري إلى خلو التعديل الجديد مما يثبت انتفاء الحق في التعقيب الحكومي أو التعقيب البرلماني على الحكومة مقابل التنصيص الواضح على منع التعقيب البرلماني فقط، مشيرا إلى اهتداء مجلس النواب لمحاولة تجاوز التوظيف السياسوي لهذه الآلية التقنية الذي أنتج هدرا للزمن البرلماني وتراشقا كلاميا في فضاء دستوري.

وشدد أهويو، على أنه يتعين ملاحظة بتكريس “عمومية وشمولية” دلالة تناول الكلمة في “إثارة الانتباه لسير الجلسة ولمقتضيات النظام الداخلي” دون حسم تام ونهائي في ترجيح الاقتصار فقط على ما يهم من ذلك كله شأن “التنفيذ السليم لجدول أعمال الجلسة العامة والمساطر المعتمدة فيها”.

هذا، واستهدف التعديل المجرى على نظام مجلس النواب، معالجة تضارب المواقف بشأن منع الحكومة من تناول الكلمة أو توظيف هذه التقنية لتمرير مواقف احتجاجية أو مبررة لتوجه الحكومة أو مكتب المجلس، حيث أضيفت فقرة تنص في المادة 198 على أنه:” لا يسمح لغير رئيس الجلسة بمقاطعة المتكلم أو إبداء أية ملاحظة له”.

ووفق المراجعة التي أقرتها الغرفة الأولى “على النائبات والنواب الراغبين في تناول الكلمة أن يسجلوا أسماءهم لدى الرئيس قبل افتتاح الجلسة الذي يرتب المناداة عليهم قصد تناول الكلمة بالتوالي”، و”لا يمكن تناول الكلمة إلا بعد موافقة الرئيس لا يسمح لغير رئيس الجلسة بمقاطعة المتكلم أو إبداء أية ملاحظة له، على أن تلقى الكلمات من المقاعد أساسا ومن المنص بإذن من الرئيس”.

ويمكن للرئيس بكيفية استثنائية، بحسب التعديلات، أن يأذن لرؤساء اللجن الدائمة أو مقرريها تناول الكلمة في الجلسات العامة لتقديم توضيحات في قضايا سبق أن عرضت في اللجن التي تعنيهم كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وتعطى الأسبقية في تناول الكلمة لك تنبيه يرمي إلى التذكير بضوابط سير الجلسة أو بتطبيق مقتضيات هذا النظام الداخلي وخاصة ما يتعلق بالتنفيذ السليم لجدول أعمال الجلسة العامة والمساطر المعتمدة فيها.

وفي هذه الحالة، يتم تناول الكلمة في شكل “نقطة نظام” بإذن من الرئيس في دقيقة واحدة وتعطى فيها الأسبقية لرؤساء الفرق والمجموعة النيابية، ولا يمكن أن تكون “نقطة نظام” موضوع تعقيب على مداخلة عضو آخر من المجلس، وإذا تبين أن الكلمة لا علاقة لها بالنظام الداخلي أو سير الجلسة وجب على الرئيس أن يوقف المتكلم فورا ويأمر بسحب كلامه من محضر الجلسة، ويمكن لرئيس الجلسة أن يمنح الكلمة للحكومة في حال ما إذا كانت” نقطة نظام” تهم العلاقة بين المجلس والحكومة.

ونصت المقتضيات ذاتها، على أنه “للنائبات والنواب الحق في تناول الكلام في نهاية الجلسة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفهية للتحدث في موضوع عام وطارئ يستلزم القاء الضوء عليه وإخبار الرأي العام الوطني به”، ويقوم رئيس الفريق أو رئيس المجموعة النيابية بإشعار رئيس المجلس كتابة بالطلبات الواردة من قبل النائبات والنواب المنتمين أو المنسبين للفريق أو المجموعة النيابية والمتعلق بطلب التحدث في موضوع عام وطارئ قبل افتتاج الجلسة 24 ساعة على الأقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News