سياسة

ضمن تقرير مرفوع للملك..الوسيط يفضح “احتقار” الإدارات للأحكام القضائية

ضمن تقرير مرفوع للملك..الوسيط يفضح “احتقار” الإدارات للأحكام القضائية

اغتنمت مؤسسة وسيط المملكة، فرصة إعداد تقريرها السنوي، لتسليط الأضواء الكاشفة حول ما تثيره ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام القضائة الصادرة في مواجهة الإدارة، من استشكال يستأثر بانشغال عام، بسبب الممارسات التي تجعل المتقاضي يدور في حلقة مفرغة من المساطر القضائية في موضوع سبق أن بت فيه القضاء.

وتجدد النقاش العمومي حول القضايا المرتبطة بتنفيذ الأحكام بما يمكن من اجتثات تجلياتها السلبية، والحد من استرسال استفحالها والحد من عدد التظلمات ذات الصلة بتنفيذ الأحكام بصفة عامة، استنادا إلى المعايير المرجعية المعتمدة لدى المؤسسة في تصنيف مخالف التظلمات المعروضة عليها، تضم البيانات الإحصائية التي سيتم بسطها لاحقا، معطيات تتعلق بمجموع ملفات التظلم التي تخص هذا النوع من القضايا دون تلك التي تهم ملفات التوجيه.

ومن خلال تصنييف ما توصلت به المؤسسة برسم سنة 2021 من تظلمات، كشف وسيط المملكة، أن ما مجموعه 210 تظلمات منها، همت عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة بما يمثل نسبة 5.92 بالمائة من اجمالي ملفات التظلم المسجلة برسم ذات السنة، أي بزيادة قدرها 22.81 بالمائة مقارنة مع السنة الفارطة.

وأكدت مؤسسة الوسيط، أنها تعتبر هذا الموضوع من المواضيع التي لاينبغي الاكتفاء في سياق معالجتها عند حد إصدار التوصيات والمقترحات الداعية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة قصد تسويتها وإعداد تقارير خاصة بشأنها، وتضمين تقاريرها السنوية بالمؤشرات الاحصائية ذات الصلة بها.

ولعل المثير للاهتمام من خلال استقرار معطيات التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط المرفوع للملك، في شأن التظلمات المرتبطة بعدم انفيذ الأحكام في مواجهة الإدارة هو المنحى التصاعدي العام، الذي طبع المؤشرات الإحصائية الخاصة بالموضوع على امتداد السنوات السابقة، حيث انتقل من 189 تظلما تم تسجيلها سنة 2017، إلى 210 تظلمات تم تسجيلها خلال هذه السنة، وذلك بالرغم من الانخفاض الطفيف الذي تم تسجيله خاصة خلال سنة 2020.

وحسب معطيات التقرير، الذي حصل “مدار21” علىى نسخة منه، فقد بلغ اجمالي ذات النوع من القضايا المسجلة 171 تظلما وهو الانخففاض الذي يمكن إرجاعه من جهة إلى ما خلفته تداعيات الظروف الاستثنائية التي فرضتها الجائحة الناتجة عن انتشار فيروس “كوفيد-19” والتي أفرزت تدنيا في إجمالي ملفات التظلم التي تندرج ضمن اختصاصات المؤسسة.

ومن جهة أخرى، أشار تقرير الوسيط، إلى  النقاش القانوني الذي أفرزه إقرار المادة 09 من قانون المالية، التي تنص على عدم جواز الحجز على ممتلكات الدولة تنفيذا لأحكام قضائية، والذي ترتب عنه انخراط العديد من الوزارات والمؤسسات العمومية في مسعى تنفيذ الأحكام القضائية وايجاد حل ودي لمعضلة التنفيذ بشكل طوعي داخل آجال متفق عليها تبتدئ من تاريخ توصلها بالإشعار بالتنفيذ.

وعملت الحكومة، على إحداث لجنة وزارية أنيط بها معالجة هذه الإشكالية وذلك بمقتضى منشور أصدره رئيس الحكومة بتاريخ 7 دجنبر 2017، وهو المنشور الذي أهاب بمختلف القطاعات الوزارية تعميم مضمونه على كافة المصالح الإدارية التابعة لها والمؤسسات العمومية الخاضة لوصايتها، قصد السهر على تطبيق فحواه، كما اعتبر أن ايجاد حل ناجع للاشكاليات المرتبطة بتنفيذ الأحكام بات يكتسي أهمية بالغة وطابعا استعجاليا ويتوجب معه الانكباب على بحث السبل الكفيلة بالحيلولة دون تنامي المنزعات التي تتسبب فيها الإدارة من جهة، و دراسة كيفية تأمين الدفاع عن حقوق هذه الأخيرة من جهة ثانية.

وتعتبر مؤسسة وسيط المملكة، أن الارتفاع المسجل في هذا النوع من التظلمات برسم سنة 2021، “ارتفاعا عدديا دالا على كون الإجراءات المذكورة كانت اجراءات وقتية وظرفية لم تستطيع معها الإدارة استيعاب حجم الاشكالية والانتقال بالموضوع من إطاره التدبيري ضمن المصالح القطاعية المعنية إلى سياقه الحقوقي والديمقراطي والمؤسساتي”.

وسجل التقرير المرفوع للملك، أن الإخلال، ظل “سمة ظاهرة تؤشر على تباطؤ الإدارة في تنفيذ المقضيات الدستورية  والقانونية ذات الصلة، بما يشكله ذلك من اختلالات تجسد عمق الإشكالية وتجذرها في بناء دولة الحق والقانون، ويمس بمصداقية الإدارة و يناقض حكومة أدائها رغم عن كل المبادرات الحكومية المتخذة لمواجهتها، مما يؤكد عل ضرورة مزيد من التعبئة وتوطيد الجهود من أجل التدخل الاستعجالي قصد الحد منها”.

وبالإضافة إلى عدم استقرار مستوى المؤشرات المتصلة بالمسجل من قضايا، عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة، فإن المعطيات الإحصائية الموثقة لدى مؤسسة وسيط المملكة، بهذا الخصوص لا تعكس في حد ذاتها، بكل تأكيد حجم الاشكاليات التي يطرحها امتناع الإدارة عن تنفيذ هذه الأحكام بشكل عام.

وترى مؤسسة الوسيط، أن هذه الأرقام، لا تجسد بالضبط مستويات تجاهل ترتييب الآثار القانونية عن إلغاء قرار إداري بموجب حكم قضائي نهائي، إلا أنها تبقى معطيات لها دلالتها من حيث كونها تؤشر على اختلالات تدبيرية تجسد سوء الحكامة، وتظهر واقعا “غير “سوي في مستوى مصداقية بعض الإدارات وحقيقة ممارسا، أقل من يمكن أن يقال عنها، أنها تمس بجوهر الوظيفة الدستورية للقضاء كحام لحقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وساهر على تطبيق القانون”.

وبناء على ذلك، دعت مؤسسة الوسيط، إلى الحد من عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصاردة في مواجهة الإدارة، حتى لا تتحول الظاهرة، إلى سلوك ارتفاقي مبرر، مقترحا اعتماد منظور جديد للموازنة بين حقوق الأفراد وحقوق المجتمع، لتجاوز اشكالية تنفيذ الأحكام القضائية في الشق المتعلق بترتيب الآثار القانونية عن الغاء قرار إداري، وتنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News