اقتصاد

تقدر قيمته بتريليون دولار.. طالبان تربط بين الاستثمار في الليثيوم واستهداف مصالح الصين بأفغانستان

تقدر قيمته بتريليون دولار.. طالبان تربط بين الاستثمار في الليثيوم واستهداف مصالح الصين بأفغانستان

يربط مسؤولون أفغان بين اقتراب حكومة طالبان من إبرام عقود جديدة مع الصين في قطاع النفط والنحاس واستخراج مادة الليثيوم وبين عودة هجمات عنيفة شنها تنظيم الدولة الإسلامية على مصالح أجنبية -من بينها مجمع سكني يرتاده رجال أعمال صينيون في العاصمة كابل- مؤخرا.

وبعد سلسلة هجمات -من بينها أيضا تفجير انتحاري قرب السفارة الصينية وسط العاصمة- يعتقد كثيرون أن الهدف هو تعطيل مشاريع الصين في أفغانستان ودفع شركاتها لمغادرة البلاد، في وقت يدور فيه الحديث عن تجديد حكومة طالبان عقود شركة صينية لاستخراج النفط من شمالي أفغانستان، كما قدمت شركة صينية أخرى خطتها للتنقيب في مناجم الليثيوم بولاية غزني وسط أفغانستان.

اهتمام صيني بالليثيوم

يقول رئيس دائرة المناجم في ولاية غزني وسط أفغانستان المولوي يوسف صهيب إن خبراء من شركتين صينيتين زاروا مؤخرا ولاية غزني، لإجراء دراسات فنية ومسح لمناجم الليثيوم والذهب، وإنهم أحضروا أيضا عينات من معادن من مديرتي مقر وناهور بالولاية.

ويعتقد المسؤول الأفغاني أن الشركات الصينية مهتمة بالليثيوم خاصة، وأضاف أنه “يجري حاليا العمل في 25 منجما بولاية غزني، وتم كشف 18 منجما آخر نهاية العام الماضي، من بينها مناجم لمواد ومعادن كالرخام والكبريت والأحجار الكريمة”.

وتقدر دراسة أميركية منشورة قيمة مناجم الليثيوم في أفغانستان -والتي لم يتم تعدينها بعد- بحوالي تريليون دولار، إذ يتراوح سعر الطن الواحد من هذه المادة الضرورية لبطاريات السيارات والهواتف المحمولة بين 13 و16 ألف دولار في الصين.

وحسب مصادر محلية، وصل في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي ممثلون لشركات الصينية إلى أفغانستان بتأشيرات خاصة، ويقومون بعمليات مسح في المناطق التي تحتوي على مناجم الليثيوم.

وقال مصدر حكومي أفغاني للجزيرة نت إن “5 شركات صينية لديها ممثلون حاليا في أفغانستان، وما لا يقل عن 20 شركة صينية مملوكة للدولة وللقطاع الخاص قدمت استفسارات عن مشاريع الليثيوم في البلاد”.

علاقة مباشرة

وشن تنظيم الدولة منذ وصول حركة طالبان إلى السلطة 248 هجوما ضد الحركة، وبالمقابل قامت القوات الأمنية التابعة للحكومة التي شكلتها الحركة بشن 132 عملية عسكرية ضد التنظيم.

ويقول المتحدث باسم الخارجية الأفغانية عبد القهار بلخي للجزيرة نت إن هناك “علاقة مباشرة بين الهجمات الأخيرة وبين إبرام العقود مع الشركات الصينية”، مضيفا أن “جهات خارجية تحدد الأهداف في أفغانستان، ويظهر أن المنفذين أيضا أجانب ومعظمهم من طاجيكستان”.

ويرى محللون أن العمل في التعدين سيكون مشروطا بتقديم حكومة طالبان ضمانات أمنية للاستثمارات الصينية أو غيرها من الشركات الأجنبية.

وحسب مصادر تحدثت للجزيرة نت، فإن حركة طالبان تدرس توظيف شركات أمنية خاصة لتأمين المشاريع الخاصة بالمناجم في عموم أفغانستان.

ويقول بلال كريمي نائب المتحدث باسم الحكومة الأفغانية للجزيرة نت” كانت هناك محاولات لاستخدام هذه الجماعات كأدوات ضغط لتقويض الأمن ومنع التنمية الاقتصادية، لكن بإمكان الإمارة الإسلامية السيطرة عليها”.

وأضاف كريمي “تمكنا من القضاء على المتورطين في الهجوم على الحي الصيني في كابل، ونريد من جميع الدول المساعدة في تعزيز الأمن والاستقرار بأفغانستان”.

وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان ووصول طالبان إلى السلطة لم تعترف أي دولة بالحكومة التي شكلتها الحركة، لكن الصين مهتمة بالاستثمار في قطاع المناجم، وتسعى إلى الهيمنة على الموارد المعدنية في أفغانستان، ولا سيما الليثيوم والذهب.

اكتشاف الليثيوم

يعود اكتشاف مناجم الليثيوم الثمينة في أفغانستان إلى خبراء التعدين السوفيات، والذين حددوها لأول مرة عام 1980، وظل اكتشافهم مخفيا حتى عام 2004 عندما عثر فريق من الجيولوجيين الأميركيين على مخططات وبيانات قديمة في أرشيف وزارة المناجم الأفغانية بكابل وتمكنوا من اكتشاف منجم الليثيوم في ولاية غزني عام 2013.

وتحتوي 5 مناطق أفغانية هي ولاية هرات ووادي سالنك ومديرية تكاب بولاية كابيسا ومديرية ناهور بولاية غزني وولاية بدخشان على مناجم الليثيوم، ويعتبر الجيولوجيون مديرية ناهور في غزني أهم منجم لليثيوم بالبلاد.

ويقول المتحدث السابق باسم وزارة المناجم عبد القدير مطفي للجزيرة نت “خلال فترة الرئيس السابق أشرف غني حاولت الحكومة الأفغانية جذب انتباه المستثمرين الأميركيين في مجال تعدين الليثيوم، وحاولت شركات أميركية الحصول على عينات من المناجم، لكن الوضع الأمني المتدهور في غزني عرقل جهودنا”.

وتستغل الشركات الأجنبية ضعف إمكانيات أفغانستان في قطاع المناجم والمسح الجيولوجي إضافة إلى قلة الكوادر الفنية الأفغانية.

وتقول وكيلة وزارة المناجم الأفغانية السابقة خديجة جوادي للجزيرة نت “كنا نعتمد في المسح الجيولوجي على الشركات الأميركية والكندية والروسية والصينية، وكان هناك تباين واضح في الأرقام التي تقدم للحكومة الأفغانية، ويمكنني القول إنها كانت غير حقيقية”.

ويشير مصدر حكومي سابق في تصريح خاص أيضا إلى أن الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني حاول اختبار عينات من مناجم الليثيوم في 4 دول مختلفة، من بينها ماليزيا، ولكن الولايات المتحدة عارضت ذلك لأنها أرادت فحصها في مختبراتها فقط.

أهداف سياسية.. وعقود مشروطة

يتهم بعض المسؤولين الأفغان السابقين الصين بتوقيع عدة عقود كبيرة في مجال التعدين مع أفغانستان دون الالتزام بها، ويستدلون على ذلك بعقد منجم النحاس في ولاية لوغر جنوبي كابل، والذي يعتبر الثاني على مستوى العالم، إذ حصلت شركة “إم سي سي” (MCC) الصينية على عقده عام 2008 خلال حكومة الرئيس السابق حامد كرزاي، ولم يبدأ العمل حتى الآن.

وتقول وكيلة وزارة المناجم السابقة إن الصين حصلت منذ تعاقدها مع الرئيس الأفغاني السابق كرزاي على 8 عقود مهمة في مجال التعدين، ولكنها لم تباشر العمل في المناجم ولم تلتزم بوعودها.

وتضيف “بعد تقييمنا تبين لنا أن الصين تحاول تحقيق أهداف سياسية فقط، وهي إبعاد منافسيها من المناجم الأفغانية، مثل الولايات المتحدة والدول الغربية”.

لكن مع عودة الاهتمام الكبير من الصين تقول حكومة حركة طالبان إنها ستوفر الأمن للمستثمرين الأجانب، خاصة الصينيين، فيما طلب الملا عبد الغني برادر نائب رئيس الوزراء في زيارته الأخيرة إلى الولايات الشمالية -التي تحتوي على حقول النفط- من الدوائر الأمنية تأمين الحقول والشركات التي تعمل في هذا المجال.

وقال وزير المناجم الأفغاني المولوي شهاب الدين دلاور للجزيرة نت “ورثنا بعض العقود من الحكومة الأفغانية السابقة وقمنا بتعديلها، وأضفنا بندا مهما في العقود التي أبرمت مع الشركات الصينية ينص على أنه في حال عدم بدء العمل خلال شهرين دون مبررات مقنعة فإن هذه العقود ستلغى تلقائيا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News