سياسة

شكوك تحوم حول تنافي رئاسة المالكي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين

المالكي

بعد تعيينه رئيسا جديدا للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي خلفا للمستشار الملكي عمر عزيمان، من المحتمل أن يواجه الحبيب المالكي البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حالة تنافٍ تدفعه لتقديم استقالته من عضوية البرلمان التي اكتسبها في تشريعيات 2021، عن دائرة خريبكة.

ولم يستبعد مراقبون أن تصرح المحكمة الدستورية بتجريد المالكي من عضوية البرلمان، وهي العضوية التي اكتسبها عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال الولايات النيابية لسنوات 1997، 2002، 2007، 2011، و2016و 2021، لكن ذلك يتوقف على مبادرة رئيس مجلس النواب أو وزير العدل برفع طلب في الموضوع إلى المحكمة التي تعدم السند القانوني للتحرك من تلقاء نفسها إزاء هذه الحالة.

ووفق أحكام الباب الثالث من القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، تتنافى العضوية في مجلس النواب مع صفة عضو في المحكمة الدستورية أو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أو في الحكومة. في هذه الحالة الأخيرة، تعلن المحكمة الدستورية، بطلب من رئيس مجلس النواب، داخل أجل شهر، شغور المقعد.

علاوة على هذه الحالات، تتنافى أيضا العضوية في مجلس النواب مع مزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية، في مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، أو الأشخاص الاعتباريين الآخرين من أشخاص القانون العام أو الشركات التي تملك الدولة أكثر من نسبة 30بالمائة من رأسمالها، باستثناء مأمورية مؤقتة بتكليف من الحكومة على ألا تتجاوز 6 أشهر.

وبالعودة إلى المادة الثامنة عشر من القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، نجد تنصيصها على أنه : “يجب على النائب أن يصرح خلال مدة انتدابه لمكتب المجلس بكل نشاط مهني جديد يعتزم ممارسته، ويجرد بحكم القانون من صفة نائب، الشخص الذي يقبل أثناء مدة انتدابه مهمة تتنافى مع هذ الانتداب أو يخالف أحكام المادة 20 من هذا القانون التنظيمي”.

ووفق أحكام المادة المذكورة، تعلن المحكمة الدستورية الإقالة وتقر التجريد من العضوية المشار إليهما في المادة السابقة بطلب من مكتب مجلس النواب أو وزير العدل وفي حالة وجود شك في تنافي المهام المزاولة مع الانتداب في مجلس النواب، أو في حال نزاع في هذا الشأن، يرفع مكتب مجلس النواب أو وزير العدل أو النائب نفسه الأمر إلى المحكمة الدستورية التي تقرر ما إذا كان النائب المعني بالأمر يوجد فعلا في إحدى حالات التنافي.

وبحسب نفس المقتضيات يجب على النائب الذي يوجد فعلا في إحدى حالات التنافي أن يسوي وضعيته داخل أجل خمسة عشر يوما تبتدئ من تاريخ تبليغه قرار المحكمة الدستورية، وفي حالة عدم قيامه بذلك، تعلن هذه المحكمة عن إقالته من عضويته.

فراغ تشريعي

أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بوجدة، بن يونس المرزوقي، سجل  في حديثه لـ “مدار21″، أن هناك فراغا تشريعيا ناتجا عن عدم الإشارة ضمن حالات التنافي إلى العديد من المؤسسات المدسترة، موضحا أنه “إذا كان التنفي مه المحكمة الدستورية مسألة بديهية فإنه ليس لدينا على سبيل القياس إلا حالة التنافي مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.

إلا أن هذا القياس بالنسبة لحالة تعيين نائب برلماني في المجلس الأعلى للتربية والتكوين خاصة الرئيس، بحسب المرزوقي، ” غير صالح” باعتبار أن المؤسسات الواردة ضمن عناوان مستقل في الدستور أي تلك التي تم تخصيص باب لها على العكس من باقي المؤسسات الورادة ضمن باب أشمل، من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وباقي هيئات الحكامة التي تم تخصيص فصل لها وليس بابا بأكمله.

ويرى أستاذ القانون الدستوري، أنه من باب الأخلاق السياسية لا يجب الجمع بين رئاسة مؤسسة من حجم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مع العضوية بمجلس النواب، مؤكدا أنه في حال لم يبادر المعني لتقديم استقالته فهناك امكانية أعطاها المشرع لرئيس مجلس النواب لطلب رأي المحكمة الدستورية في الأمر، خاصة لا يمكنها تحريك المسطرة من تلقاء نفسها.

وبالعودة إلى القانون التنظيمي لمجلس النواب، يؤكد رضوان عميمي أستاذ القانون الإداري بجامعة الرباط، أن هذا المنصب (رئاسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين) لا يطرح ضمن حالة التنافي، لأنه يحصر الأمر في عضوية الحكومة والمحكمة والدستورية والمجلس الاقتصادي والاجتماعية والبيئي، مشيرا إلى أن هذا الأخير له نفس طبيعة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، غير أن المشرع لم يشر بشكل صريح لوجود حالة التنافي.

وأضاف عميمي، في حديثه لـ “مدار21”: “هذا معناه بمفهوم المخالفة أن العضوية في المجلس الأعلى للتربية والتكوين لا تتنافى مع العضوية بالبرلمان، لافتا إلى أن بالقراءة المتفحصة للقانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب في مجمله سنجد أن هناك مناصب أقل مسؤولية من حيث التأثير والعلاقة بالحكومة وبالسياسات العمومية، ومع ذلك وضعها المشرع في خانة التنافي مع عضوية البرلمان.

حالة الشك

وسجل عميمي، أنه مادام أن المشرع لم يشر إلى التنافي في هذه الحالة فإن الأصل في الأشياء هو الإباحة بمعنى أن هذا المنصب لا يتنافى من الناحية القانونية مع العضوية على مستوى البرلمان، مع العلم أن القانون التنظيمي أشار إلى أنه في حالة الشك في إحدى حالات التنافي هناك مسطرة تعطي لرئيس مجلس النواب أو وزير العدل الحق في إحالة الأمر على القضاء الدستوري لتبت في مدى وجود حالة التنافي من عدمها.

ويرى أستاذ القانون الإداري، أن هذه الحالة يمكن أن تنطبق على حالة الحبيب المالكي التي يمكن أن يعتري الشك في  وجود في حالة تنافي في الجمع بين عضوية البرلمان ورئاسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين، مع استحضار امكانية لجوء الأخير إلى تقديم استقالته بكيفية اختيارية ما دام أن المشرع لم يلزمه بذلك.

وأكد الأستاذ الجامعي، أنه بالعودة إلى القانون الذي ينظم المجلس الأعلى للتربية والتكوين سنجد أن العضوية داخل هذا المجلس جعلها المشرع “تطوعية” بالنظر إلى أنه من حيث التعويضات والنظام فإن العضو يتقاضى تعويضات بدل أجرة نظير المهام التي يقوم بها، وهو يفتح الباب أمام العضو لشغل مهام أخرى منها على سبيل المثال رئاسة جامعة.

هذا، ومن المستجدات التي طرأت على القانونين التنظيميين المؤطرين لمجلسي البرلمان القانون التنظيمي رقم 27.11 بالنسبة للغرفة الأولى القانون التنظيمي رقم 28.11 بالنسبة للغرفة الثانية، موضوع حالات التنافي أي حظر الجمع بين العضوية في مجلس النواب أو مجلس المستشارين مع تقلد بعض الوظائف والمسؤوليات الأخرى، وذلك ضمانا لفعالية دور النائب ونجاعته وحفاظا على استقلالية المؤسسة التشريعية.

وحفاظا على استقلالية النائب العضو في مجلس النواب وتفرغه التام للعمل البرلماني، ألزمه المشرع أن يصرح، خلال مدة انتدابه، لمكتب المجلس بكل نشاط مهني جديد يعتزم ممارسته. وبالنظر إلى إلزامية هذه القواعد القانونية، رتب القانون نتائج خطيرة على الشخص الذي يقبل أثناء مدة انتدابه مهمة تتنافى مع هذا الانتداب وهو التجريد بحكم القانون من صفة نائب.

من المؤكد أن حالات التنافي والمقتضيات المؤطرة لها كفيلة بضمان تفرغ المنتخب بمجلس النواب أو بمجلس المستشارين للعمل النيابي، غير أن الممارسة العملية أبانت عن بعض التقصير والإهمال من جانب بعض نواب الأمة في التعاطي مع الانتداب الانتخابي وذلك بسبب تقلد أكثر من مسؤولية في نفس الوقت مما حدا بالمشرع إلى إدخال تغيير على المادة 13 من القانون التنظيمي الخاص بمجلس النواب والمادة 14 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين.

 

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. اخشيشن أيضا….هو كذلك يجمع بين التمثيلية النيابية والعضوية في المجلس الأعلى للتربية ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News