دولي

زعماء يقاطعون القمة العربية.. هل سببت عزلة الجزائر في تحويلها إلى قمة باهتة؟

زعماء يقاطعون القمة العربية.. هل سببت عزلة الجزائر في تحويلها إلى قمة باهتة؟

أياما قبل انعقاد القمة العربية بالجزائر، المقررة يومي 1 و2 نوفمبر المقبل، باتت مل المؤشرات تؤكد أنها ستكون قمة “باهتة”، لا سيما بعد إعلان مجموعة من زعماء الدول العربية عدم حضورهم أشغالها، وتكليفهم نوابهم أو وزراء الخارجية بالمشاركة، الأمر الذي يعبر عن وجود “مقاطعة” مقصودة لنظام الجزائر الذي تعمقت عزلته أكثر فأكثر خلال السنوات الأخيرة.

وارتفعت أعداد الزعماء العرب غير المشاركين بالقمة المرتقبة، ومنهم أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح الذي سينوب عنه ولي العهد مشعل الأحمد الصباح، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان الذي سينوب عنه نائبه محمد بن راشد آل مكتوم.

وتشير المعطيات إلى أن السلطان عمان هيثم بن طارق عاهل سلطنة عمان وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، إضافة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون لن يشاركوا بدورهم في أشغال القمة، إضافة إلى “الصفعة” الأكبر المتعلقة بعدم مشاركة محمد بنسلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية.

غياب كل هذه الأسماء، إضافة إلى إمكانية اتساع دائرة رافضي المشاركة ضمن القمة العربية بالجزائر، أصبح يهدد القمة العربية بالفشل حتى قبل أن تبدأ، وذلك بعد أن سببت العزلة الإقليمية التي تعيشها الجزائر في تقويض كل إمكانيات الحد الأدنى من النجاح بالنسبة للقمة.

رفض الوساطة العربية

وأكد أحمد نور الدين، خبير العلاقات الدولية، في تصريح ل”مدار21″، أن غياب ملوك وأمراء دول الخليج وغالبية الرؤساء العرب بالإضافة إلى غياب الدول العربية التي تعيش أزمات سيجعل من القمة العربية المرتقبة “باهتة وبدون أي معنى”، فحتى لفظ “قمة” يطلق على حضور زعماء الدول أما حين يقاطعها هؤلاء فالأجدر أن تسمى “الحضيض الجزائري”، وفق نور الدين.

وفسّر الخبير هذا الغياب الوازن لأمراء وملوك العرب بأن الجزائر طرحت في البداية شعار لم شمل البلدان العربية من خلال القمة، وكانت تحاول الدفع بحضور دولة سوريا لهذه القمة، حتى تحظى بالشرف الوهمي في رص الصف العربي، لكن هذا الشعار اصطدم بواقع أن الجزائر رفضت الوساطة الخليجية لحل أزمتها مع المغرب.

وأضاف “اقترحت البلدان الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية المصالحة بين المغرب والجزائر، بإرجاع العلاقات مع المغرب قبل القمة أو جعل القمة مناسبة للمصالحة، خاصة وأن المغرب لم يبدر منه أي ردود فعل بالرغم من التهجم الجزائري، ولكن الجزائر أرجعت هذه المبادرة في وجه دول الخليج، وهو الأمر الذي لا تقبله التقاليد العربية ويعد إهانة لهذه الدول”.

والأكثر من ذلك، وفق نور الدين، أن دولة الجزائر وجهت “لطمة لوجه البلدان العربية وخاصة السعودية بإعلان الرئيس عبد المجيد تبون رفضه لأي وساطة عربية مع المغرب، مع العلم أن مبادرات البحث عن الحل كانت جدية من طرف هذه البلدان”.

استغلال القمة

وتابع المتحدث نفسه أن “الدول العربية أدركت أن الجزائر تحاول استغلال هذه القمة لتلميع وجهها الكالح بعد الحراك الجزائري وسقوط قناع الدولة المدنية لأنها في الحقيقة دولة عسكرية يقودها الجنرالات في كل تفاصيل الحياة السياسية الجزائرية، والعالم يعلم أن الرئيس تبون معين من طرف الجيش وتم التلاعب بالدستور أكثر من مرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة ليتلائم مع توجهات العسكريين”.

وأبرز “بالتالي فالجزائر كانت تطمح من خلال القمة العربية إلى العودة للمنتظم الدولي والعربي كدولة عادية، لا سيما وأن النظام الجزائري يعيش العزلة الدولية، وذلك ما اتضح خلال استعراض 5 يوليوز، حيث حاولت الجزائر استدعاء رؤساء العالم لحضور الاستعراض لكن الحصيلة كانت هزيلة، ومن الحاضرين الرئيس التونسي قيس سعيد الذي اشترته بصفقات الغاز والسكر والقروض، في حين اعتذرت معظم الدول ما كرّس عزلة الجزائر”.

وأفاد نور الدين أن الجزائر قامت بتعبئة واسعة لحضور هذه الدول إلى القمة العربية، حيث زار الرئيس الجزائري ووزراء الخارجية مجموعة من البلدان الخليجية ومصر لاستجداء حضورهم إلى هذه القمة، لكن هذه المقاطعة تشكل انتكاسة حقيقية للنظام الجزائري لأنها تظهره نظاما بدون أي وزن وأرجعته إلى حجمه الحقيقي بين الأنظمة، فزعماء البلدان العربية لن يحضروا رغم تأجيل موعد القمة.

وأشار أفاد إلى أن هذه المقاطعة، المرجحة للتوسع أكثر، تعكس العزلة التي يتخبط فيها، وذلك بسبب أن الجزائر تريد تحويل المنطقة التي يشوبها بعض الاستقرار على مستوي المنطقة العربية، إلى ساحة حرب، من خلال حشد جيوشها والمناورة.

الجزائر.. وكيلة إيران

من جانب آخر فدول الخليج، يؤكد نور الدين، أصبحت لديها أدلة بأن الجزائر حليفة لإيران في المنطقة، لأن رد الفعل المباشر بعد القمة المغربية الخليجية في أبريل 2016 الرياض، وبعد أقل من أسبوع، كان هو أن الجزائر بعثت ثلاث مبعوثين، هم رئيس الحكومة ووزير الخارجية والوزير المنتدب لدى الخارجية، إلى كل من روسيا وإيران وسوريا، بهدف إعادة محور الشر ضد المحور العربي.

هذه البعثات، وفق الخبير المغربي، كانت إشارة على أن الجزائر عدوة المغرب، وكانت بمثابة إشارة لأنظمة الخليج بأنه إن كنتم تجتمعون مع المغرب فأنا سأتحالف مع أعدائكم بطهران ودمشق وموسكو. إضافة إلى أن النظام الجزائري هو الوحيد الذي يدعم النظام السوري الذي قتل شعبه إبان الحراك العربي.

النظام الجزائري يهدد الأمن القومي العربي، حسب رأي نور الدين، ليس فقط من خلال محاولة إشعال فتيل حرب الاستنزاف والانفصال في الصحراء المغربية وقطع العلاقات والتصعيد العسكري، بل أيضا من خلال تحالفاته مع دول تعادي الأمة العربية وتهدد أمنها القومي، وعلى رأسها إيران التي تهدد الأمن العربي بتواجدها في العراق واليمن ولبنان وسوريا.

وتابع في السياق نفسه أنه الآن هناك حديث عن تزويد إيران للبوليسايو بطائرات الدرون، وفي الواقع فإن إيران تزود الجزائر بهذه الدرونات لاستعمالها من طرف الانفصالين المتواجدين على أراضيها ضد دولة شقيقة لها مكانتها على الصعيد العربي، هي المغرب.

بالإضافة إلى ذلك فالجزائر هددت الأمن القومي العربي في مصر، من خلال استقبال الوزير الأول الإثيوبي وكانت هناك إشارات لدعم إثيوبيا ضد مصر في قضية مياه نهر النيل.

إهانة الجزائر

كل هذه الإشارات السلبية من طرف الجزائر خلال السنة الأخيرة، وفق الخبير في العلاقات الدولية، تجعل منها غير مؤهلة لتنظيم قمة عربية، بالرغم من أن هذه الأخيرة أصبحت فقعات فارغة من سنين، ما جعل الملك محمد السادس يتخذ قرارا شجاعا بمقاطعتها منذ 2005، الأمر الذي يؤكد أن مقاطعة الزعماء العرب لهذه القمة هو رفض لإعطاء حتى تلك القيمة المعنوية التي تختزاها القمة.

وأورد المتحدث نفسه بأن الدول العربية توجه رسائل إهانة للجزائر حتى تعود إلى حجمها الطبيعي، وأن زعمائها يرفضون أن يكونوا شهود زور في قمة الزور، فهي تدعي لم شمل مع أنها أول دولة تفتت شمل الدول العربية بعدائها للمغرب وتحالفها مع إيران.

وبخصوص مشاركة العاهل المغربي شخصيا ضمن أشغال القمة العربية، فهي تبقى مستبعدة، وفق الخبير الدولي، وذلك انسجاما مع الموقف العربي الداعم للمغرب، لكن من الممكن أن يخلق المغرب مفاجأة بحضور العاهل المغربي الذي سيكون بمثابة قنبلة في وسط النظام الجزائري.

وتابع الخبير في العلاقات الدولية أن موقف العاهل المغربي في الحالتين سيكون سديدا، فحضوره سيُحرج الجزائر أمام المنتظم الدولي والعربي وأمام الرأي العام الداخلي بالجزائر، كما أن غيابه أن القمة سيساهم بشكل كبير في تحجيمها لأنها ستكون قمة بدون أي وزن سياسي.

تعليقات الزوار ( 1 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News