سياسة

“دبلوماسية القنصليات”.. سلاح المغرب الناعم لإنهاء نزاع الصحراء

“دبلوماسية القنصليات”.. سلاح المغرب الناعم لإنهاء نزاع الصحراء

خطا المغرب خلال المرحلة الأخيرة، خطوات كبيرة في مجال السياسة الخارجية عبر تنويع قاعدة حلفائه من أجل تحقيق مصالح اقتصادية ودبلوماسية، كان آخرها استئناف الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، بالتوازي مع اعتراف واشنطن لأول مرة في تاريخها بسيادة المغرب الكاملة على الصحراء.

وحملت هذه المرحلة نجاحات دبلوماسية كبيرة للمغرب، حيث عرف تكريس مغربية الصحراء، خلال الفترة دفعة قوية من خلال تحقيق جملة من المكاسب السياسية والدبلوماسية المهمة، كان آخرها الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه، والذي حقق فيه المغرب اختراقا غير مسبوق على مستوى أدائه الدبلوماسي.

وشكّل الرقي بالمجهود الدبلوماسي للدفاع عن القضية الوطنية، في أفق الطي النهائية للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة، وتعبئة الإمكانيات الدبلوماسية لتعزيز الاشعاع الدولي للمغرب، وتوطيد موقعه كفاعل إقليمي على المستوى الافريقي والمتوسطي والعربي والإسلامي، وتحصين مصالحه الاستراتيجية وتوسيع دائرة تحالفاته وشركائه، أهم مرتكزات السياسة الخارجية للمغرب خلال المرحلة الأخيرة.

سلاح دبلوماسية القنصليات

وعلى نحو لافت، بدا أنّ الدبلوماسية المغربية، تستغلّ مرحلة الجمود التي يمرّ بها ملف الصحراء، لتسجيل نقاط على خصومها، بفضل استراتيجيتها القائمة على حثّ الدول على الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وتأكيد الأمر على أرض الواقع من خلال خطوات قانونية تتمثّل بفتح قنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة.

وبقدر ما يعكس توالي فتح تمثيليات دبلوماسية بالصحراء تطوراً في موقف العديد من الدول من النزاع، وبداية مرحلة فرض واقع جديد، قوامه اعتراف دولي متزايد بمشروعية مبادرة الحكم الذاتي، تحضر مؤشرات عدة لدى الدبلوماسية المغربية تفيد بأن مسلسل تجسيد الاعتراف بمغربية الصحراء عن طريق إقامة قنصليات سيتواصل خلال السنة القادمة، كما أن مفاجآت أخرى قد تكون في الطريق.

وفي واقع جديد يكرس عزلة جبهة الإنفصاليين، تواصل مسلسل سحب الاعترافات بالكيان الوهمي، حيث أعلنت كل من دولة بوليفيا وجمهورية غينيا التعاونية خلال سنة 2020 سحب اعترافهما بالكيان المزعوم، ليصل بذلك عدد الدول التي لا تعترف بالجمهورية الوهمية، 164 دولة.

فقد حققت المملكة في المرحلة الأخيرة انتصارات دبلوماسية هامة في ملف الوحدة الترابية، تمثلت، على الخصوص، افتتاح 20 قنصلية عامة في مدينتي العيون والداخلة، تُمثل دولا من القارة الإفريقية والآسيوية والأمريكية، والتي كان آخرها افتتاح جمهورية مالاوي أمس الخميس لقنصلية لها بمدينة العيون.

وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، أن افتتاح العديد من البلدان الافريقية لتمثيليات دبلوماسية لها في الأقاليم الجنوبية للمملكة يعد ثمرة الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وأوضح بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المالاوي أيزنهاور ندوا مكاكا، على هامش حفل افتتاح القنصلية العامة لهذا البلد الافريقي بالعيون، أن هذه الاستراتيجية الافريقية “التي تمت دراستها بعناية” تقوم على انفتاح المملكة على جميع جهات القارة ، فضلا عن الإرادة في جعل الأقاليم الجنوبية همزة وصل بين المغرب وعمقه الافريقي.

وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد النبي صبري، إن افتتاح هذه التمثيليات يجسد تعبيرا رسميا أسمى عن اعتراف هذه الدول بمغربية الصحراء، وتكريسا لدور الأقاليم الجنوبية بوابة للمغرب نحو إفريقيا وقطبا جذابا للتعاون جنوب-جنوب.

واعتبر صبري، في حديثه لـ “مدار 21″، أن هذه الخطوات الدبلوماسية الهامة تعد ترجمة عملية لاقتناع هاته الدول بجدية المبادرة المغربية للحكم الذاتي للحل السياسي للنزاع المفتعل حول صحرائه، بتكريس حكم ذاتي موسع تحت السيادة المغربية، وفي إطار الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

من جانبه، قال رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب يوسف غربي، إنه بفضل التوجيهات الملكية، استطاعت الدبلوماسية المغربية التي تُعَدُّ قضية الصحراء المغربية على رأس أولوياتها، تحقيق انتصارات متوالية ومنجزات هامة وملموسة خاصة خلال السنة الجارية.

وسجل غربي في حديثه لـ”مدار 21″، أن هذه المنجزات تؤكد حيوية الدبلوماسية المغربية وفعاليتها وقدرتها على التأقلم مع المتغيرات الدولية والإقليمية، مُعَبِّئَة جميع طاقاتها وإمكانياتها المادية والبشرية للدفاع عن القضية الوطنية في كل المحافل والمنتديات الإقليمية والدولية، وبالأمم المتحدة، وذلك وفقا للثوابت الوطنية وفي احترام للشرعية الدولية.

وأشار غربي، إلى أن تحرك الدبلوماسية المغربية، اتسم بدينامية كبيرة، حيث كانت مقاربة الدبلوماسية على هذا المستوى تسعى إلى المزاوجة بين خدمة مصالح المغرب في الخارج وعليه رأسها ملف الصحراء، وفي نفس الوقت تقوية الجبهة الداخلية للمملكة بالنظر إلى أن الالتقائية بين هذين البعدين هو ما يعطي النجاعة في أداء الدبلوماسية.

واعتبر المتحدث ذاته، أن ما سمي بـ”دبلوماسية القنصليات” يدخل في إطار استراتيجية دبلوماسية عامة تستهدف أساس الارتقاء بأداء الدبلوماسية المغربية، إلى مستوى التطلعات التي رسمها خطاب الملك محمد السادس الشهير في قمة كيغالي عقب عودة المغرب إلى كنف الاتحاد الافريقي، والذي تضمن ضرورة تصحيح الخطأ التاريخي المتعلق بسياسة الكرسي الذي نهجها المغرب فيما سبق.

وإلى جانب إعلان دول أخرى عزمها على فتح قنصليات عامة في الصحراء المغربية، أكدت الدول الأعضاء في منتدى المغرب ودول جزر المحيط الهادئ في إعلان العيون التاريخي، أن “منطقة الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب المغربي”. وأن “المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الحل الوحيد والأوحد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية

دبلوماسية الوضوح والطموح

وفي نفس الاتجاه، سجل أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بالرباط، أن تدبير الأداء الدبلوماسي للمغرب، كان هجوميا، وتَمثّل في أن المغرب وخلال هذه السنة وتنفيذا للتوجهات الملكية، رسم محددات السياسة الخارجية للمملكة سواء مستوى الشراكة أو الجوار أو التضامن، مشيرا إلى أن المملكة عملت على تغيير أدوات اشتغالها فيما يتعلق بملف الوحدة الترابية، حيث انتقلت إلى الدبلوماسية الهجومية.

وقال صبري، إن الدبلوماسية المغربية خلال هذه المرحلة الأخيرة، ترجمت بشكل أساسي الوضوح والطموح، من خلال الوضوح مع الشركاء والجيران والتضامن أيضا مع الأفارقة والشعوب المتضررة، والطموح عبر الدفاع عن مصالح المملكة انطلاقا من قيمنا المشتركة، في مقابل دبلوماسية هجومية عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة وتمس بالوحدة الترابية للمغرب.

وإلى جانب اعتماد المغرب خلال هذه الفترة، على “دبلوماسية تحديد الأهداف بدقة للوصول إلى النتائج المرجوة”، لفت الأكاديمي ذاته، إلى أن المغرب حرص خلال الفترة الأخيرة، على تحويل صداقاته مع بعض الدول إلى شراكات استراتيجية تقوم على منطق رابح-رابح، إضافة إلى تدعيم أواصر التعاون الدولي المتعدد الأطراف في جميع المجالات دون استثناء، خاصة ما يتعلق بالموقف من قضية الصحراء.

وبدا لافتا أيضا خلال هذه المرحلة، تبني المغرب لنهج جديد في سياسته الخارجية، يقطع مع حقبة التبعية والولاء للأحلاف التقليدية ويؤسس لأسلوب يقوم على جعل معيار المصلحة ضابطا يحكم القرار الدبلوماسي الخارجي للبلاد.

خيّارٌ كانت له انعكاسات واضحة على الدبلوماسية المغربية خلال الفترة الأخيرة، بعدما أضحى ميزان الربح والخسارة محددا جوهريا في قراراتها، حيث وجدت الرباط نفسها وجها لوجه مع الحلفاء التقليديين، بعد هذا النهج الجديد في دبلوماسيتها، الذي حتّم عليها الخروج من شرنقة الولاء الأعمى، واختارت التموقع في سياق دولي مضطرب، وفق ما تفرضه مصالحها أولا وقبل كل شيء.

وشكَّل هذا التوجه صدمة غير متوقعة للدول التي كانت تتعامل مع المغرب كتابع لها، بعدما وجدت نفسها تفقد وبشكل مفاجئ أحد الأصوات المناصرين والمساندة لمواقفها وقراراتها على الصعيد الدولي.

وفي هذا الصدد، سجل أستاذ القانون الدولي، أن المغرب بدأ يتعامل مع الأوروبيين بمنهجية مغايرة تماما وفق سقف عالٍ، بحيث لم يعد يتشاور معهم كما كان عليه الأمر في السابق، بعدما بات يملك استقلالية قراره الخارجي، فضلا عن الاستقرار الذي صار يتمتع به المغرب في محيطه الإقليمي، مؤكدا أن هذا التغيير هو ما أزعج بعض الدول الأوربية، التي لم يتردد المغرب في مواجهتها بشكل صارم، على غرار ما وقع ألمانيا واسبانيا.

وأبرز صبري، سعي المغرب التدريجي للانفتاح على الدول الافريقية، إن على مستوى الاتفاقيات التي تم ابرامها التي تجاوزت 1200 اتفاقية، أو على مستوى إخراج الدول الافريقية من دائرة التردد إزاء الموقف من قضية الصحراء، حيث استطاع المغرب تبديد توجس هذه الدول ودفعها لإعلان موقف صريح نجم عنه تأسيس قنصليات لها بالأقاليم الجنوبية.

وعلى هذا الأساس، أكد أستاذ العلاقات الدولية، أن المغرب أصبح أكثر “براغماتيا “بخصوص كيفية حصوله على ما يريد من وراء الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يقوم ببناء علاقات متعددة الاطراف في سياساته الخارجية، مشيرا إلى لجوء المملكة لاتباع ديبلوماسية دولية مكثفة سمحت للمغرب بتطوير شبكة ديبلوماسية وسياسية واسعة. كما سمحت بتقوية ثقته السياسية المتزايدة من دون أن يفكّ ارتباطه الاقتصادي بالاتحاد الأوروبي. وتمنح الشراكة الجديدة للمغرب وعودا بزيادة الاستثمار الأوروبي والتعاون في مجال التنمية وتبادل المعرفة”.

الاعتراف الأمريكي..اختراق استراتيجي

عرفت قضية الصحراء المغربية تطوراً تاريخياً تجسد في قرار اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه، وذلك بفضل الاتصالات المكثفة للملك محمد السادس مع الإدارة الأمريكية التي توجت بالمكالمة الهاتفية بين الملك والرئيس دونالد ترامب يوم 10 دجنبر 2020.

وقد كرَّسَ القرارَ الإعلانُ الذي وقعه في نفس اليوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعطائه قوة قانونية تسمح بدخوله حيز التنفيذ فور نشره، وهو ما تم بالفعل إذ نُشِر الإعلان في السجل الفدرالي “Vol 85, No. 241  81329” ، وهو بمثابة الجريدة الرسمية للحكومة الاتحادية الأمريكية. وبالتالي أصبح وثيقة رسمية.

وقد تبع الإعلان الرئاسي أربعة قرارات سيادية بالغة الأهمية ويتعلق الأمر بالاعتراف بالسيادة المغربية على كامل منطقة الصحراء، ودعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد للتوصل إلى حل عادل ودائم لقضية الصحراء المغربية، وفتح قنصلية عامة بالداخلة، وتشجيع الاستثمار في منطقة الصحراء المغربية.

وتنبع أهمية هذا القرار من كون الولايات المتحدة أعظمَ قوة في العالم، وعضوا دائما في مجلس الأمن، كما أنها “حاملة القلم” في مجلس الأمن بخصوص القرارات المتعلقة بقضية الصحراء المغربية.

وتبعاً لهذا القرار قامت الولايات المتحدة الأمريكية، عبر مندوبتها الدائمة لدى منظمة الأمم المتحدة، بإخبار الأمين العام للأمم المتحدة وكافة أعضاء مجلس الأمن بالإعلان الرئاسي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، ليصبح وثيقة رسمية للجهاز التنفيذي للأمم المتحدة تحت رمز S/2020/1210.

وقد تمخض أيضا عن هذا الإعلان الرئاسي تغيير الخريطة المعتمدة سابقاً من لدن الوزارات والإدارات الأمريكية، حيث تمت إزالة الفاصل الذي كان معمولاً به بين الصحراء وباقي التراب الوطني المغربي. كما بدأت الاستعدادات عمليا لفتح قنصلية بمدينة الداخلة، وبدأت الإجراءات لتشمل اتفاقية التبادل الحر وسائر الاتفاقات الأخرى مع الولايات المتحدة، الأقاليم الجنوبية وغيرها.

وفي هذا الصدد، يرى عدد من المراقبين والمختصين، أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، شكل تحولاً استراتيجياً وانتصارا جيو سياسيا في المنطقة وإنجازاً ديبلوماسياً لبلادنا، معتبرين أن هذا القرار وجه ضربة قاسية لأطروحة الانفصال وتتويجاً لسلسلة من المحطات التي عمل فيها المغرب بتدرج على ترسيخ السيادة الوطنية على كامل ترابه وبالخصوص في الصحراء المغربية.

كما شكل القرار الأمريكي، الذي وصف بـ”التاريخي” اختراقا استراتيجيا لدبلوماسية الرباط، وتضييقا على أطروحة المليشيات الانفصالية، وفق تحليل عدد من المتتبعين لسؤون ملف الصحراء، الذين أكدوا أن هذه الخطوة، وخاصة فتح القنصلية الأمريكية في مدينة الداخلة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، تُعد إنجازا كبيرا يضاف إلى باقي الانتصارات التي سجلتها المملكة في الفترة الأخيرة.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي والباحث في القضايا الدولية أحمد نور الدين، إن القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية،” هو من نوع القرارات الاستراتيجية التي لا تتغير باللّون السياسي الذي يحكم البيت الأبيض ولا بتغير الشخص الجالس خلف مكتب البيت الأبيض”، مشيرا إلى أن القرارات الاستراتيجية الأمريكية تتخذ، وفقا لمعادلات تدخل فيها مراكز الدراسات الاستراتيجية والكونغريس ووزارة الخارجية الأمريكية، بالإضافة إلى البنتاغون ومراكز القرار بواشنطن.

وسجّل نور الدين، في حديثه لـ “مدار 21″، أن هذا القرار ليس من نوع القرارات العبثية التي تتخذ اعتباطيا ويتم التراجع عنها أو تغييرها بين عشية وضحاها، لافتا إلى أن هذا القرار استنفد كل المراحل القانونية، حيث تم نشره في السجل الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية، كما تم توزيعه كوثيقة رسمية في رسالة موجهة إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، فضلا عما ترتب عنها من إجراءات وعلى رأسها تصحيح الخرائط في كل الإدارات الأمريكية عبر العالم.

وأوضح المتحدث ذاته، أن ثبات الموقف الأمريكي بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء، أجهض كل الأوهام التي كانت تبنيها بعض الدوائر المعادية للمغرب، سواء على مستوى الجارة الشمالية للمغرب أو الجارة الشرقية له، لافتا إلى أن اسبانيا سبق لها أن أعلنت على لسان وزيرة خارجيتها، أنها دخلت في محادثات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، لمراجعة موقفها من قضية الصحراء المغربية، في حين لجأت الجزائر إلى استعمال لوبيات من خلال الرسالة التي وجهها عدد من أعضاء مجلس الشيوخ للضغط على الإدارة الأمريكية، إلى جانب رسائل أخرى وُجّهت من البرلمان الجزائري بغرفتيه.

وبناء على ذلك، سجّل المحلل السياسي ذاته، أن المغرب يوجد في موقع قوة خاصة بعد التغير الاستراتيجي في الموقف الأمريكي، وبعض الدول الكبرى بشكل أو بآخر، والمغرب بإمكانه اليوم أن يُنهي وجود “المينورسو” في أي لحظة، موضحا أنه حتى في حالة رغِب المغرب في الدخول في مسار جديد للتسوية، فإنه سيحدد  بكل أريحية الشروط القبْلية لذلك ومن موقع قوة القانون والشرعية، حتى لا تتكرر مأساة العشرية السابقة من المحادثات العبثية دون نتيجة.

وإلى جانب تَوَاصل مسار فتح القنصليات الأجنبية بالأقاليم الجنوبية، جدد المجتمع الدولي دعمه الكامل لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي باعتباره حلا نهائيا للنزاع الإقليمي حول الصحراء، وتكرست مغربية الصحراء من جديد، سواء على مستوى مجلس الأمن أو الجمعية العامة، حيث جددت الأغلبية الساحقة من البلدان الأعضاء التأكيد، بقوة ووضوح، على دعمها الثابت ومتعدد الأوجه لعدالة قضية المملكة.

سمو مبادرة الحكم الذاتي

وفي هذا الصدد، جدد مجلس الأمن الدولي في القرار رقم 2548 بشأن قضية الصحراء المغربية، الذي اعتمده في متم أكتوبر الماضي، التأكيد، مرة أخرى، على وجاهة الموقف المغربي وتكريس المعايير الأساسية للحل السياسي لهذا النزاع الإقليمي.

وجددت الهيئة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة، في هذا القرار الجديد، التأكيد على أن حل هذا النزاع الإقليمي لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما وقائما على التوافق. وهذا الأمر يؤكد، من جديد، أن مجلس الأمن، والأمم المتحدة برمتها، أقبرا بشكل نهائي كل المخططات البائدة التي تعود إلى ما قبل سنة 2007.

ومن جهة أخرى، كرّس مجلس الأمن، للسنة الرابعة عشرة على التوالي، سمو مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة في 11 أبريل 2007، معربا عن إشادته بالجهود المغربية الجادة وذات المصداقية التي تجسدها هذه المبادرة المتوافقة مع القانون الدولي، والتي تأخذ تماما بعين الاعتبار خصوصيات منطقة الصحراء المغربية، وتخول لساكنة هذه المنطقة صلاحيات واسعة للغاية في كافة المجالات.

وبهذا الخصوص قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إن هذا الأمر يجسد بثبات مقاربة مجلس الأمن في الحفاظ على مكتسبات المغرب، لاسيما مبادرته للحكم الذاتي باعتبارها أساسا لأي حل سياسي، وتجديد التأكيد على معايير الواقعية والبراغماتية والتوافق التي تميز المبادرة المغربية، كما يؤكد على وجاهة ومشروعية المقاربة المغربية بهذا الخصوص.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News