فن

هل ستسحب المنصات الرقمية البساط من تحت أقدام السينما وتحل مكانها؟

هل ستسحب المنصات الرقمية البساط من تحت أقدام السينما وتحل مكانها؟

منذ اختراعها لم تتوقف صرخات السينما بفعل المخاطر التي واجهتها، ففي أواخر عشرينيات القرن الماضي، شعر السينمائيون وأوّلهم تشارلي شابلن، بخطورة دخول الصوت، وتحوّل السينما إلى ناطقة. الأمر نفسه تكرر في نهاية الخمسينيات الماضية، مع انتشار التلفزيون بشكل كبير، حيث ازدادت المخاوف من تراجع عدد المُشاهدين في الصالات وإغلاقها.

هذه المرة، جاء التهديد من منصات البث الرقمية التي لم تحل محل دور السينما والمسرح فقط، بل باتت تستقطب جماهير الفن من كل الفئات، ولعل ذلك يرجع لسبب رئيسي يتمثل في سهولة استخدامها وتنوع المحتوى التي تتضمنه، فسواء كنت من محبي أفلام ومسلسلات الحركة أو الدراما أو الرومانسية أو الرعب، ستتيح لك منصات مثل “نتفليكس” و”برايم فيديو”، مشاهدتها باشتراك شهري وأنت متكأ على أريكة منزلك أثناء احتسائك لمشروبك المفضل طيلة أيام الأسبوع ودون التقيد بوقت محدد.

وكانت فترة الحجر الصحي التي مر منها العالم أجمع قبل عامين من الآن، فأل خير على هذه المنصات وسط توقف الإنتاج السينمائي وإغلاق صالات العرض في جميع أنحاء العالم، بعد فرض القيود منعًا للتجمعات، وجنت عملاقة البث الرقمي “نتفليكس” ما يقارب 709 مليون دولار خلال الربع الأول من عام 2020 حسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية.

حرب دخلتها منصات البث متسلحة بالخدمة الشاملة والمتجددة

باشتراك شهري يتراوح بين 3 و 15 دولار أمريكي تمنحك مختلف المنصات الرقمية الضوء الأخضر، لمشاهدة أعمالك المفضلة بميزات كثيرة تشمل إمكانية تصفح قوائم الأفلام والمسلسلات بتنوع تصنيفاتها ولغات ترجمتها ودبلجتها، تلبي الاختيارات المتناقضة للمشترك في المنصة، بالإضافة لامتيازات أخرى تشمل إمكانية مواصلة مشاهدة الحلقة أو الفيلم من اللقطة الذي توقف فيها عن المشاهدة، وهذا ما لا يمكن للسينما والقنوات التلفزيونية أبدا توفيره.

التجدد كذلك ساهم في الزيادة الصاروخية للإقبال على هذه المنصات، فبغرض مواصلة صاحب الحساب اشتراكه، تعمل هذه المنصات على تجديد محتواها عن طريق إنتاجها لأعمال أصلية لاقت أغلبها نجاحا مبهرا، ولعل المسلسل الإسباني “لا كاسا دي بابيل” الإسباني أو “بيت من ورق” الذي عرض عبر “نتفيلكس”، والمسلسل البريطاني ألعاب العروش “Game of Thrones” المنتج من قبل منصة “إتش بي أو”، خير مثال على هذا النجاح حيث حقق كلاهما أكثر نسب مشاهدة بالمنصتين، بل واشترك الملايين بالمنصتين فقط لمشاهدة العملين بعد الضجة الهائلة اللذان أحدثاها في فترات مختلفة.

كما تدعم منصات البث الرقمي محتواها بأفلام ومسلسلات حققت نجاحات منقطعة النظير، فأثناء زيارتك لمنصة “نتفليكس”، ستلاحظ توفرها على المسلسل الدرامي الناجح Breaking Bad  والفيلمين الشهيرين The Shawshank Redemption و The Curious Case Of Benjamin Button فيما يمكنك مشاهدة مسلسل The Mentalist على منصة “أمازون برايم”.

حروب منصات البث

لم تعد “نتفليكس” سيدة منصات البث الرقمي، فقد أدى نجاحها الباهر في سنة 2020 إلى دخول منصات أخرى لسباق البث الرقمي، فيما أضحى محفزا لمنصات أخرى لتحسين جودة إنتاجاتها ورسم خطة استراتيجية بهدف تحقيق أكبر عدد من الاشتراكات في أقل مدة زمنية ممكنة.

استغرقت شركة “والت ديزني” بواسطة منصتها الجديدة “ديزني +”، 16 شهراً فقط لتتفوق على “نتفليكس” في تدفق المشتركين، وذلك بفضل استراتيجية خططت لها بعناية طوال الـ15 سنة الماضية، كما وجهت ضربة قاضية لمنافستها في حروب البث، حيث تفوق منزل “ميكي ماوس” على خصمه من حيث عدد المشتركين.

وتمتلك ديزني 221.1 مليون مشترك، وفق تقريرها للربع الثاني من عام 2022، ما يعني أنها تجاوزت “نتفليكس”، التي فقدت 970.000 مشترك في الربع الثاني، ولديها الآن 220.6 مليون مشترك فقط.

وباتت سيطرة “نتفليكس” مهددة عربيا كذلك، حيث ظهرت منصات مثل شاهد vip و watch it لتفرض حضورها هي الأخرى، وتوجه طعمها للمشاهد العربي بأعمال عربية من إنتاجها الأصلي.

لتتحول معاناة السينما من صعوبة اختيار المشاهد بينها وبين المنصات الرقمية، إلى حيرته بين أي منصة رقمية هي الأنسب ليشترك بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News