رياضة

ألعاب القوى.. كيف قاد أحيزون “أم الألعاب” المغربية إلى سنوات من الضياع؟

ألعاب القوى.. كيف قاد أحيزون “أم الألعاب” المغربية إلى سنوات من الضياع؟

رافق سوء الطالع “أم الألعاب” المغربية في حقبة الرئيس الحالي للجامعة الملكية لألعاب القوى، عبد السلام أحيزون، الذي عمّر في المنصب زهاء 16 سنة وما زال يتمدد في كرسيه، ولم يتمكن خلالها من إهداء المغرب الذهب العالمي أو الأولمبي سوى في العامين الأخيرين عن طريق سفيان البقالي في أولمبياد طوكيو وبطولة العالم بيوجين الأمريكية.

ولم يوفق أحيزون في قيادة ألعاب القوى المغربية إلى منصات التتويج بالمعدن النفيس، فمنذ توليه سنة 2006 رئاسة الجامعة الملكية المغربية ونتائج الأبطال المغاربة تتراجع عاما بعد آخر، إذ احتاج أحيزون، ومعه ألعاب القوى المغربية، إلى 17 سنة ليتذوق الذهب الأولمبي، و16 عاما ليعانق المعدن الأصفر ببطولة العالم.

وشهدت صناعة النجوم، على غرار سعيد عويطة، هشام الكروج، نوال المتوكل ونزهة بيدوان، تراجعا مخيفا في المغرب، بسبب انعدام الرؤية الواضحة وبالتالي غياب أهداف قادرة على التحقق، رغم المجهودات التي تبذل في هذا الباب.

أحيزون.. الرئيس المُعّمر يتجاوز الراحل العوفير

ولد عبد السلام أحيزون في 20 أبريل 1955 بتيفلت، من أسرة غنية. بعد حصوله على شهادة الباكالوريا بامتياز، سيرحل إلى فرنسا، ليحصل سنة 1977 على ديبلوم مهندس “Telecom-ParisTech” من المدرسة الوطنية العليا للاتصالات بباريس بجدارة وعمره 22 سنة، بعدها سيعود إلى المغرب.

وشغل أحيزون منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لاتصالات المغرب من 1998 إلى 2001. وشغل سابقًا منصب وزير الاتصالات في أربع حكومات من 1992 إلى 1995 ومن 1997 إلى 1998، ومديرًا عامًا للمكتب الوطني للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية “”ONPT من 1992 إلى 1997.

كما شغل أحيزون منصب رئيس مجلس إدارة اتصالات المغرب منذ فبراير 2001 وكان عضوًا في مجلس إدارة “فيفاندي” من أبريل 2005 إلى يونيو 2012. منذ نهاية عام 2008، سيشغل منصب رئيس للجمعية المغربية لمحترفي الاتصالات “ماتي”.

ويترأس عبد السلام أحيزون الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى منذ سنة 2006، وتعد ولايته الحالية الرابعة تواليا، ونالها بعد منافسة مع البطل العالمي والأولمبي السابق، هشام الكروج، في الجمع العام الاستثنائي الذي انعقد في يوليوز 2019، وشهد احتجاجات من الأخير بسبب عدم قانونية ترشح أحيزون لولاية رابعة.

وأصبح أحيزون أكثر الرؤساء الذي تعاقبوا على رئاسة الجامعة وعمّروا طويلا بـ16 عاما حتى الآن، متجاوزا الراحل الجيلالي العوفير الذي ترأس جامعة القوى في الفترة ما بين 1957 و1971 (14 سنة).

بطولة العالم.. تألق مغربي اقتيد للهاوية

قبل سنة 2006؛ أي تاريخ تولي أحيزون دفة قيادة ألعاب القوى المغربية، لم يغب المغرب عن بطولة العالم منذ أول دورة أقيمت سنة 1983 في هلسنكي سوى في نسخة واحدة كانت بشتوتغارت سنة 1993، وأحرز المغرب فيها؛ إلى غاية سنة 2005 ما مجموعه 25 ميدالية (10 منها ذهبية).

وتعد دورة “إشبيلية 1999″ الأكثر تميزا وحصادا لألعاب القوى المغربية بذهبيتين لهشام الكروج في 1500م وصلاح حيسو في 5000م، وفضيتين لنزهة بيدوان في 400م حواجز وزهرة واعزيز في 5000م، وبرونزية لعلي الزين في 3000م موانع، احتل بها المغرب المركز الخامس عالميا.

وإضافة إلى نسخة 1999، فقد تألق المغرب في دورات 1997 و2001 و2003 بحصوله على ذهبيتين في كل منها، وذهبية واحدة في نسخة 2005.

لكن بعد تسلم أحيزون دفة القيادة، ستنقلب موازين ألعاب القوى المغربية رأسا على عقب، وتراجعت بشكل ملحوظ في الدورات الموالية لسنة 2006، إذ اكتفت بفضية حسناء بنحسي في سبقا 800م بأوساكا سنة 2007، لتغيب عن دورات برلين 2009 ودايغو 2011 وموسكو 2013، قبل أن تعود بخجل لتحقق برونزية سباق 1500م لعبد العاطي إيكيدر بـ”بكين 2015” وفضية وبرونزية سفيان البقالي في 3000م موانع تواليا في نسختي “لندن 2017″ و”الدوحة 2019”.

وفي الدورة الأخيرة “يوجين 2022″، أهدى البقالي ألعاب القوى المغربية أول ميدالية ذهبية في عهد أحيزون، بفوزه بسباق 3000م موانع، بعد 17 سنة من الغياب عن منصات التتويج العالمية، علما أن جواد غريب كان آخر من حقق المعدن النفيس في بطولة العالم بهلنسكي عام 2005، في سباق الماراطون.

الأولمبياد.. البقالي ينقذ ماء الوجه

واصطدمت المشاركات المغربية في الألعاب الأولمبية بالمصير ذاته، فبعدما كان الأبطال المغاربة المرشحين الأبرز لخطف المعدن النفيس في العديد من السباقات إلى غاية 2004، لم يعد يُسمع للأسماء المغربية صدى على المستوى العالمي، سيما مع نهاية جيل هشام الكروج وجواد الغريب ونزهة بيدوان وقبلهم سعيد عويطة ونوال المتوكل في ثمانينات القرن الماضي.

وبدأ المغرب المشاركة في الأولمبياد منذ سنة 1960، وخاض حتى الآن 12 دورة، وخلال جميع هذه النسخ، فاز بـ24 ميدالية، منها 7 ذهبيات، إضافة إلى 5 فضيات، ثم  12 برونزية، حصة الأسد منها كانت قبل إشراف أحيزون على الجامعة الملكية لأم الألعاب.

ومنذ نسخة 1960 بروما وإلى غاية 2004، حصد المغرب في 7 نسخة أولمبية 19 ميدالية، 6 ذهبيات و4 فضيات و9 برونزيات، وفي أربع نسخ التي سبقت قدوم أحيزون للمشهد، حاز المغرب 13 ميدالية بواقع 3 ذهبيات، و3 فضيات و7 برونزيات.

ولازم سوء الطالع الرئيس المُعمّر في الألعاب الأولمبية، فتراجعت الحصيلة بشكل مهول، إذ حققت ألعاب القوى الوطنية في 4 نسخ (2008، 2012، 2016، 2020) 5 ميداليات فقط، واحدة منها ذهبية ومثلها فضية وثلاث برونزيات.

وبدأ اندحار العدائين المغاربة منذ نسخة 2008 ببكين، إذ شارك المغرب بوفد ضم 74 فردا في مختلف الأنواع الرياضية، 26 منهم في ألعاب القوى، واكتفوا حينها بميداليتين، الأولى فضية كانت لجواد غريب في سباق الماراثون، والثانية برونزية للعداءة حسناء بنحسي في سباق 800 متر.

وفي النسخة الموالية بلندن سنة 2013، شارك المغرب بـ30 متسابقا خيبوا كل الآمال بفوز يتيم بميدالية برونزية أحرزها عبد العاطي إيكيدر في سباق 1500 متر.

الانتكاسة الكبيرة كانت في “أولمبياد ريو 2016” عندما خرجت ألعاب القوى المغربية بخفي حنين، وهي المرة الأولى التي لا يحرز فيها المغرب أي ميدالية منذ نسخة 1984.

وأنقذ سفيان البقالي ماء وجه رئيس جامعة ألعاب القوى في أولمبياد “طوكيو 2020″ الأخيرة، عندما أحرز الذهب” في سباق 3000 متر موانع، علما أن 15 عداء مثلوا المغرب في هاته النسخة دون أن يفلحوا في إضافة ميداليات أخرى.

 المنشطات.. آفة تنخر أحلام جامعة أحيزون

في مارس 2020، نبّه الاتحاد الدولي لألعاب القوى المغرب بسبب تعاطي بعض العدائين المغاربة للمنشطات، وصنف المملكة ضمن لائحة الدول الأكثر خضوعا للمراقبة في تعاطي المنشطات”.

وطالبت وحدة النزاهة في الاتحاد الدولي الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى ببذل المزيد من الجهود للتصدي لهذا التهديد”، الذي بدأ يستشري في جسد “أم الألعاب” الوطنية.

وتفجرت فضيحة المنشطات في أولمبياد لندن 2012، عندما تم توقيف العديد من العدائين المغاربة، على رأسهم مريم العلوي السلسولي التي كانت مرشحة لذهبية 1500م بعد ثبوت تناولها المنشطات قبل انطلاق المنافسات، وكانت المرة الثانية التي تعاقب فيها بعدما أُوقفت لعامين سنة 2009 للسبب ذاته.

تورط السلسولي جعل الأبطال المغاربة تحت أضواء الاتحاد الدولي للعبة، للتتساقط الأوراق تباعا بثبوت تعاطي كل من العداء أمين لعلو (1500م) وحنان أوحدو (3000م موانع) وعبد الرحيم الكومري (الماراطون) ويحيى برابح (الوثب الطويل)، للمنشطات، ما حرمهم من المشاركة في الأولمبياد اللندني.

سنة 2016، ستقوم الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى بتشديد المراقبة على الأبطال المغاربة، لتوقف 7 عدائين تورطوا في تناول المنشطات هم حنان أوحادي، (سباق 3000 متر موانع)، عادل الناني (الماراثون)، وأمين لعلو لثماني سنوات، ومحسن الشاعوري (القفز بالزانة) وعبد الهادي لهبالي (1500م)، وزكرياء الرباح (400م) وياسين بنصغير لأربع سنوات.

وأضحت جامعة ألعاب القوى أكثر صارمة في تحديد ممثلي المغرب في المحافل الدولية، إذ تفرض على الرياضيين المغاربة تقديم 3 فحوص للمنشطات تكون المدة الفاصلة بينها 21 يوما على الأكثر، وهو الأمر الذي يراه محللون ساهم بشكل كبير في تراجع تألق ألعاب القوى المغربي لأن بعض الميداليات حققت في زمن لم تكن تشدد فيه الرقابة وكانت التتويجات “الشجرة التي تخفي الغابة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News