جالية | دولي

تصدره أعلى هيئة قضائية بفرنسا.. ترقب لقرار “نهائي” في قضية الإمام إيكويسن

تصدره أعلى هيئة قضائية بفرنسا.. ترقب لقرار “نهائي” في قضية الإمام إيكويسن

تنظر أعلى هيئة قضائية إدارية في فرنسا الجمعة في طلب تقدمت به وزارة الداخلية لترحيل إمام في شمال البلاد، حيث من المرتقب أن يصدر قرار مجلس الدولة في خصوص الإمام الذي يحمل الجنسية المغربية ويبلغ من العمر 58 عاما، خلال 24 ساعة القادمة.

وأثار ملف الإمام المغربي حسن إيكويسن أثار جدلا واسعا، خاصة أن مهاجرين مغاربيين دخلوا على الخط، ووجدوا في الإصرار على طرده مناسبة للحديث عن أوضاعهم والتمييز الذي يطالهم بسبب الجنسية والدين.

وينتظر الرأي العام الفرنسي قرار مجلس الدولة، أعلى محكمة إدارية في البلاد، وذلك بعدما علقت المحكمة الإدارية بباريس قرار طرد الإمام المغربي حسن إيكويسن الصادر بأمر من وزير الداخلية جيرالد دارمانان الذي يتهمه “بالتحريض على الكراهية والتمييز والعنف”.

وقالت محامية الإمام المغربي في تصريح مقتضب لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن موكلها والداعمين له “ينتظرون قرار مجلس الدولة بفارغ الصبر”، وذلك بعدما رأت المحكمة الإدارية أن إجراء “الطرد والترحيل” يتعلق بشخص ولد في فرنسا ويقيم فيها مع أطفاله الخمسة، الأمر الذي يعتبر “هجوما خطيرا وغير متناسب بشكل واضح على حقه في أن يعيش حياة خاصة وطبيعية”.

تهديدات بالقتل

وقالت صفحة على منصة “فيسبوك”، تابعة لإيكويسن إنه تلقى تهديدات بالقتل، وتم تقديم شكاية بالأمر لدى السلطات المعنية.

وأوضحت الصفحة التي يتابعها أزيد من 45 ألف متابع، أن التهديدات جاءت بسبب “تدفق الأكاذيب والاقتباسات المبتورة والتأكيدات الكاذبة في بعض البرامج الإذاعية في أوقات الذروة وفي العديد من المقالات المنشورة في الصحف الفرنسية”.

وأشار إيكويسن إلى أنه ومنذ إعلان الداخلية قرارها بطرده وهو يتلقى إهانات متكررة “إلا أن هذه المرة، الأمر ذهب بعيدا”، معتبرا أنه من المخزي أن يتعرض رؤساء الجمعيات التي قررت دعمه لضغوط لسحب توقيعاتهم من العريضة الداعمة له والرافضة لقرار الطرد.

وشدد الإمام في ختام تدوينته إلى ضرورة وقف هذه المضايقات والتهديدات غير القانونية “فنحن في دولة القانون، ولا يمكن لأجندات سياسية أو إعلامية بأي حال من الأحوال أن تحل محل السلطات القضائية المناسبة”.

حقيقة فرنسا

واعتبر عبر الرزاق السرغيني، فاعل جمعوي مقيم بفرنسا، ومهتم بقضايا المهاجرين، في تصريح لجريدة “مدار21” أن قضية إيكويسن أظهرت حقيقة فرنسا، والتمييز الذي يطال مهاجرين مغاربيين وعرب بسبب دينهم.

وسجل السرغيني أن جل الصحف الفرنسية والإذاعات وبعض محطات التلفزيون، “شنت حملة غير مبررة ضد مهاجر، صدر قرار طرده، إلى جانب العشرات من المهاجرين الآخرين”، متسائلا عن السبب الحقيقي وراء ذلك.

ودعا المهاجر المغربي، والحاصل على الجنسية الفرنسية، قبل 7 سنوات، إلى ضرورة “تظافر جهود المهاجرين للوقوف أمام هذا الهجوم على المسلمين في فرنسا، وخاصة الملتحين منهم”.

وعبر مهاجرون كثر، ومن بينهم السرغيني، في عريضة وقعوها للدفاع عن إكويسن، عن احتجاجهم على قرار الطرد الذي أصدره دارمانان بحقه، معتبرين ما حدث “دليلا على وجود عقبات أكثر خطورة أمام سيادة القانون وتصنيف الجمهورية الفرنسية للأعداء الداخليين”.

ولفت الموقعون، وفي مقدمتهم الكاتب آلان غريش والمؤرخ جيل مانسرون والبروفسور جيلبير أشكار، إلى أن هذا الطرد يمثل تنفيذا على أرض الواقع للترسانة التشريعية العنصرية، وتحديدا تلك المعادية للإسلام التي تم التصويت عليها وإصدارها في عهد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون تحت ما يسمى “قانون” الانفصالية.

ويرى الموقعون على العريضة التي نشرها موقع “ميديا بارت” أن رفض طرد هذا الإمام يعني رفض التفكك الخطير لسيادة القانون، خاصة أن إكويسن ولد في فرنسا ولديه فيها أطفال وأحفاد.

جدل سياسي مجتمعي

وكان إعلان الترحيل للإمام المغربي قد أثار جدلا داخل الأوساط السياسية الفرنسية، حيث رأت أحزاب اليمين واليمين المتطرف الفرنسي في قرار المحكمة شاهدا جديدا على عجز وتراخي الحكومة تجاه التطرف الإسلامي خاصة بعد أن أعلنت تأجيل مشروع قانون مرتقب حول الهجرة.

واعتبرت أن المحكمة فضلت الحقوق الفردية لشخص واحد على المصلحة العامة.

وتساءلت جمعية “حلقة القانون والنقاش العام” اليمينة في رسالة نشرتها صحيفة “لو فيغارو” اليمينية، عن أسباب تجاهل المحكمة الإدارية للخطاب التمييزي للإمام إيكويسن تجاه المرأة في ظرف “لم يكن فيه المجتمع الفرنسي يوما أكثر حساسية حيال حقوق النساء” فقد وضع ضمن أولوياته “مكافحة التمييز الجنساني وشتى أنواع العنف ضد المرأة ومكافحة كل ما يسيء لكرامتها المترتب عن التقليل من شأنها”.

واعتبرت أن قرار المحكمة قد “ابتعد عن دوره الطبيعي في التوفيق بين الحريات العامة والمطالب الجماعية الملحة” مطالبة مجلس الدولة الذي سينظر في استئناف وزير الداخلية دارمانان بـ”تنبيه القضاء الإداري لواجبه”. وتابعوا بالقول “إنه لشرف مجتمع ديمقراطي أن يحترم حقوق الجميع، لا أن ينزع سلاحه عن أولئك الذين يقوضون قيمه الأساسية”.

بالمقابل، وعلى اليسار، وقعت شخصيات ثقافية وحقوقية رسالة على موقع “ميديا بارت” اليساري يعارضون فيها قرار الطرد، حيث اعتبر النائب اليساري عن دائرة الشمال، دافيد غيرو، أن “هذه الإجراءات المشكوك فيها يجب أن تقلق كل الديمقراطيين الحريصين على الحفاظ على دولة القانون”.

وأصدر ممثلو 31 مسجدا في شمال فرنسا بيانا أكدوا فيه أن الإمام ضحية “خطأ واضح في التقييم”، فيما جمعت عريضة ما لا يقل عن 23 ألف توقيع خلال أربعة أيام من نشرها ومبلغ 37 ألف يورو من التبرعات لتمويل تكاليف الإجراءات القضائية، تضامنا مع الإمام المغربي.

في نفس السياق، نشرت مجموعة من الشخصيات الثقافية ومن النشطاء الحقوقيين رسالة مفتوحة على موقع “ميديا بارت” اليساري أعربوا فيها عن معارضتهم لترحيل حسن إيكويسن وضد ما اعتبروه “اشتدادا لحدة العراقيل في وجه سيادة دولة القانون”.

من بين هذه الشخصيات الباحث المتخصص في القضايا الإسلامية، فرانسوا بورغا والصحفي آلان غريش والناشط اليهودي المعادي للعنصرية دومينيك ناتانسون والكاتبة نهلة شهال.

وجاء في الرسالة “أن مسألة الموقف العقائدي والديني للإمام الذي هدده جيرالد دارمانين لا تهم حقا. قد يكون حسن إيكويسن محافظًا، لكن لكل فرع من فروع الديانات التوحيدية محافظين وحتى رجعيين. وينطبق الشيء نفسه على المسيحية واليهودية. لنكن صريحين: ما يتم استهدافه هنا هو حرية الرأي والتعبير للمجموعة التي تم تحديدها على أنها مسلمة”.

مواجهة الداخلية والإمام

وفور إعلان صدور قرار التعليق من المحكمة الإدارية، أعلن وزير الداخلية الفرنسية دارمانان اللجوء إلى الاستئناف مشددا على أن قرار طرد إيكويسن مؤسس بشكل جيد وأن نية الوزير تنفيذه لا يشوبها أي شك.

وبعد أيام، عاد الوزير الفرنسي ليؤكد أن اسم إيكويسن مرتبط بملف من النوع “إس” المعروف في فرنسا والخاص بأمن الدولة منذ حوالي ثمانية عشر شهرا وتم الحكم عليه مرة بمخالفة القانون والذبح بطريقة غير قانونية.

وبالنسبة لوزارة الداخلية الفرنسية، فإن إيكويسن كان يدلي وعلى مدى سنوات طويلة بتصريحات معادية للسامية تقوض القوانين الجمهورية أو تنتهك مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وهذا ما يجعل قرار طرده أمراً لا جدال فيه.

وقالت “لوفيغارو” إن أجهزة الأمن الداخلي الفرنسية نبهت في عام 1995 إلى تصريحات إيكويسن وذلك بعد أن طلب إليها إبراز الرأي بطلب الإمام الحصول على الجنسية الفرنسية. وقالت الأجهزة في حينه إن إيكويسن “صارم جداً في تطبيق القرآن، ومعروف بممارسة التبشير الإسلامي”، وذكرت بأنه “من الأصوليين الذين حرضوا طالبات شابات من أصل شمال إفريقي على رفض نزع الحجاب الإسلامي” في مدرسة “فيدرب” الثانوية في “ليل” في أكتوبر 1994.

وأوردت ممثلة الحكومة خلال مرافعتها في جلسة استماع القضاء الإداري عدة أمثلة على تطرف إيكويسن بعضها لا يزال يمكن مشاهدته على “يوتيوب” وبينها واحد من عام 2004 يعلن فيه للمصلين المجتمعين في قاعة حفلات أن “القرآن وحده هو الكتاب المقدس. لن تغير القوانين الفرنسية ذلك، هذه القوانين التي وضعتها حكومة يتلاعب بها اليهود”.

ودائما بحسب الصحيفة، فقد شارك إيكويسن في مؤتمر إلى جانب الفرنسي المثير للجدل آلان سورال المعروف بإنكاره للهولوكوست ومشاركته النشطة لنظريات مؤامرة حول اليهود وتمت إدانته عدة مرات بمعاداة السامية.

وفي عام 2014، خلال مناظرة جمعته بقاضٍ وبممثل عن الكنيسة الكاثوليكية، أثار إيكويسن مسألة مؤامرة منسقة بين اليهود والأمريكيين لاستغلال نفط الدول العربية. وفي عام 2018 في مؤتمر عُقد في مدينة روزني سو بوا (قرب باريس)، جاء دور النساء ليذكرهن إيكويسن بواجباتهن: “البقاء في المنزل لرعاية الأطفال وأزواجهن”. في يوليوز 2019، حدد إيكويسن هذه المرة هدفاً آخر لتصريحاته خلال جلسة خاصة في مدينة موبيغ (شمال فرنسا) بالقول: “عدونا هو العلمانية والماسونيون والكاثوليك”، على حد قوله.

ولكن المحكمة الإدارية استمعت كذلك إلى أمثلة مضادة قدمتها محامية إيكويسن والتي نفى فيها الأخير تماما أي كراهية يكنها لليهود. وأشارت المحكمة إلى أنه “لا يظهر من وثائق الملف أنه كرر تصريحاته المعادية للسامية بعد 2014”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News