سياسة

زيارة ماكرون..ظاهرها ترميم العلاقة مع الجزائر باطنها خروج من ضبابية الموقف من مغربية الصحراء

زيارة ماكرون..ظاهرها ترميم العلاقة مع الجزائر باطنها خروج من ضبابية الموقف من مغربية الصحراء

بعد أيام من دعوة الملك محمد السادس للخروج من المواقف الضبابية في قضية الصحراء المغربية، اعتبرها متابعون للعلاقات المغربية الفرنسية، موجهة لباريس، جدد قصر الإليزيه دعمه لخطة الحكم الذاتي باعتباره حلا “ذو مصداقية”.

وقالت فرنسا في بيان الثلاثاء إنها تجدد “موقفها من النزاع الإقليمي حول الصحراء، الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية اللي تقدم بها المغرب لحل النزاع”

وأكد الإليزيه أن موقف باريس من هذا النزاع يكمن في دعم جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه للنزاع، مجددا موقف فرنسا من خطة الحكم الذاتي باعتبارها “حلا ذو مصداقية”، وذلك قبيل يوم واحد من إقلاع طائرة رئاسية صوب الجزائر.

وقال محمد بودن خبير في العلاقات الدولية و رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية و المؤسساتية إنه لا يمكن اعتبار البيان ردا على ما جاء في الخطاب الملكي، مضيفا “وحتى اذا اعتبر كذلك، فإنه لم يأت بالصورة الكافية، فالموقف الفرنسي لازال في منطقة الراحة و لا يجاري المواقف التاريخية و المتقدمة لقوى دولية و اقليمية التي وردت في الخطاب الملكي.

وقال بودن في تصريح لجريدة “مدار21” إن الموقف الفرنسي يبقى إيجابيا بخصوص مبادرة الحكم الذاتي و قد تم التأكيد عليه منذ سنوات لكن اليوم يمكن اعتباره الحد الأدنى فقط في سياق دينامية دولية واسعة النطاق لدعم الوحدة الترابية المغربية و لا يلبي انتظارات المملكة المغربية اذا اضفنا له هوامش الاختلاف المتزايدة في ميادين أخرى، وبالنسبة للمغرب فقواعد الشراكة و محدداتها واضحة.

وشدد الملك محمد السادس في خطابه في ذكرى “ثورة الملك والشعب” ، على أن المغرب ينظر إلى العالم عبر “نظارة” الصحراء، “ممتنا لدول تدعم موقف بلاده، بينما طالب أخرى بـ “توضيح مواقفها” بشكل “لا يقبل التأويل”.

وطالب العاهل المغربي من الدول “شركاء المغرب التقليديين والجدد، والتي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”، مشددا أن ملف الصحراء “هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

ولم يشر محمد السادس إلى أي دولة من شركاء المملكة لكنه أعرب عن الارتياح “لدعم العديد من الدول الوازنة (…) لمبادرة الحكم الذاتي”، خاصا بالذكر الولايات المتحدة التي اعترفت أواخر عام 2020 بسيادة المغرب على الصحراء في إطار اتفاق ثلاثي نصّ أيضا على تطبيع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.

كما أشار إلى دول أوروبية أعلنت قبل بضعة أشهر عن “موقف بناء من مبادرة الحكم الذاتي”، مثل إسبانيا وألمانيا، ما فتح الباب لانفراج في علاقات الرباط بالبلدين بعد أزمتين دبلوماسيتين متفاوتتي الحدة.

ورغم أن اسمها لم يرد في الخطاب إلا أن العديد من المراقبين اعتبروا أن خطاب عاهل المغرب موجه بالأساس إلى فرنسا، الشريك التقليدي، وذلك بسبب ضبابية موقفها اتجاه القضية الوطنية الأولى للمغاربة.

وفي وقت أشارت فيه وسائل إعلام فرنسية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيناقش في زيارته المقبلة للجزائر التوترات السياسية مع إسبانيا والمغرب حول قضية الصحراء، لم يستبعد الخبير المغربي ذلك.

وقال بودن إن أي تخطيط للوساطة يعتمد على قبول اقتراح الوساطة من الطرفين، “وإذا افترضنا أن هذه الأخبار مؤكدة فإن فرنسا تعتبر شاهدا رئيسيا على تاريخ المنطقة ومن المفروض أن لا تقف غير مهتمة بالكثير من الحقائق الواقعية و التاريخية في المنطقة”.

وأردف “في كل الأحوال الوساطة تمثل مسعى حميد وأعتقد أن المملكة المغربية لم تتردد في التعاطي مع المبادرات البناءة و الجادة في اطار مصالحها العليا، معتبرا أنه اذا كان بوسع فرنسا القيام بجهد بناء فسيكون مهما لصورتها الدبلوماسية واذا لم تنجح فستكون قد تخلت عن موقعها بمحض إرادتها”.

ونقل “مغرب إنتجلنس” عن مصادر أن ماكرون سيتقدم باقتراح ملموس للجزائر في مسعى لنزع فتيل هذه التوترات التي تزعزع استقرار غرب البحر الأبيض المتوسط وتقلق الاتحاد الأوروبي بشكل خاص.

وبحسب الموقع، سيقترح ماكرون تنظيم قمة مصغرة تكون في باريس أو مدينة فرنسية أخرى تجمع بين دبلوماسيين جزائريين وإسبان ومغاربة من أجل مناقشة للحلول التي يجب تنفيذها لتحسين العلاقات الثنائية بين دول المنطقة.

ومن المرتقب أن يتوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في زيارة رسمية ترمي إلى “إعادة إحياء الشراكة بين البلدين أو على الأقل السعي إلى تبديد الخلافات والتوترات”.

وتبدأ الزيارة الخميس 25 غشت وتستمر حتى السبت 27 منه، وسيزور خلالها الرئيس الفرنسي العاصمة الجزائرية ومدينة وهران، وهي تأتي بعد سنوات على زيارة أولى في دجنبر من العام 2017 في مستهل ولايته الرئاسية الأولى اقتصرت مدّتها على 12 ساعة.

وجاء في بيان للرئاسة الفرنسية صدر بعد اتصال هاتفي، السبت، بين ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبّون أن “هذه الزيارة ستساهم في تعميق العلاقات الثنائية مستقبلا، وتعزيز التعاون الفرنسي-الجزائري في مواجهة التحديات الإقليمية ومواصلة العمل على ذاكرة” فترة الاستعمار.

وسجل بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية و المؤسساتي أن زيارة ماكرون تأتي في سياق تعقيدات إقليمية و اذا كانت غاياتها ونتائجها ترمي الى اعطاء الانطباع بوجود توازن بين المغرب و الجزائر في ظل التفوق الاستراتيجي للمغرب و كسبه لمواقف قوى دولية و اقليمية بخصوص وحدته الترابية فإن هذا التطور قد ينعكس بشكل جوهري على شكل العلاقات الفرنسية المغربية ونوعيتها و مناخها في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News