سياسة

بعد رفضها سابقا.. هل يعجل الخطاب الملكي بتفعيل المشاركة البرلمانية لمغاربة الخارج؟

بعد رفضها سابقا.. هل يعجل الخطاب الملكي بتفعيل المشاركة البرلمانية لمغاربة الخارج؟

بالموازاة مع الخطاب الملكي لذكرى ثورة الملك والشعب، الذي شدد على ضرورة إيلاء الأهمية لمغاربة الخارج على كافة المستويات، تناسلت التساؤلات حول الانعكاسات المحتملة للخطاب على تعزيز المشاركة البرلمانية لمغاربة العالم.

وبينما سبق لوزارة الداخلية وحكومة سعد الدين العثماني الاعتراض على تعديلات القوانين الانتخابية الهادفة إلى إشراك الجالية في البرلمان وضمان حقهم في المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2021، والاكتفاء بالتصويت بالوكالة، بات من المرتقب أن تراجع الحكومة الحالية هذا الموقف، لا سيما مع الدعوة الملكية لتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي الخاص بهذه الفئة.

وسبق لفرق برلمانية أن قدمت مذكرات تعديلية على القوانين الانتخابية، لتمكين مغاربة العالم من المشاركة في العمليات الانتخابية، وتنقية اللوائح الانتخابية انطلاقاً من مصالح الحالة المدنية، غير أن الحكومة تشبث برفضها، ما ضيع على مغاربة العالم فرصة المشاركة في انتخابات الثامن من شتنبر 2021.

هذا ويأمل مغاربة العالم أن تتم إعادة النظر وسن قوانين تتيح لهم المشاركة في الانتخابات القادمة لسنة 2026، وعدم تضييع المزيد من الزمن بهذا الخصوص، خاصة مع الدعوة الملكية الصريحة لإعادة النظر في كل ما يرتبط بمغاربة العالم.

بوصوف يرمي الكرة لملعب الحكومة

تفاعلا مع الانعكاسات المحتملة لخطاب العرش على التمثيلية البرلمانية لمغاربة العالم، أوضح عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، في تصريح ل”مدار21″، أن “الأمر مرتبط بالحكومة وما تتضمنه برامجها”.

وتابع بوصوف أن ّما نفهمه من الخطاب الملكي هو أن يتم فتح نقاش واسع جدا على مختلف القضايا التي تهم الحالية المغربية، حتى نستطيع إخراج المحاور الأساسية لبلورة سياسة عمومية تستجيب لانتظاراتهم”.

وأورد بوصوف أن الخطاب الملكي دعا جميع المؤسسات المغربية للانخراط في حوار واسع حول جميع القضايا التي تهم الجالية المغربية، بما فيها البرلمان المغربي، مضيفا أن الحكومة هي من تستطيع تقديم مشروع قانون وغيرها، وأن هذا الحوار ينبغي أن يكون تحت سقف الحكومة المغربية، التي يجب أن تطرح جميع الأسئلة وتغطي الإجابات على انتظارات مغاربة العالم، وفق بوصوف.

استعدادات مجلس الجالية

وفي التصريح نفسه أكد بوصوف “من جانبنا مستعدين للنقاش ولدينا مادة غنية للمساهمة فيه، حول جميع القضايا المرتبطة بمغاربة العالم، بما فيها قضية المشاركة السياسية التي نمتلك بخصوصها مجموعة من الأفكار بإمكاننا المساهمة بها لإنارة الرأي العام والفاعل الحكومي”.

وقال بوصوف أن المجلس بإمكانه المساهمة في نقاش مختلف القضايا الثقافية والسياسية والدينية والكفاءات المغربية والاستثمار والمساطر الإدارية والدفاع عن القضايا الوطنية ومنها قضية الصحراء المغربية، وغيرها من الملفات، مشددا على أن مجلس الجالية مستعد للمشاركة في هذا النقاش الواسع.

وأضاف الأمين العام لمجلس الحالية أن نقاش التمثيلية البرلمانية لن يتم بمعزل عن باقي المواضيع التي تهم الجالية المغربية، مؤكدا أنه تم إصدار كتاب حول المواطنة والمشاركة السياسية سنة 2013 يتضمن تقريرا إجماليا حول الموضوع، بالانفتاح على التجارب الدولية للدفع بهذا النقاش.

الحكومة تتهرب

من جانبه أوضح جمال الدين ريان، رئيس مرصد التواصل والهجرة بأمستردام، في تصريح ل”مدار21″، أن الخطاب الملكي أنصف مغاربة العالم، مضيفا أنه “نتمنى ألا يحدث له كما حدث للخطاب الملكي ل6 نونبر 2005، الذي طرح مجموعة من النقاط أبرزها المشاركة البرلمانية لتعزيز المشاركة السياسية لمغاربة الخارج”.

وتابع ريان أن “الحكومة دائما تتهرب من وضع قانون يحدد كيفية المشاركة البرلمانية لمغاربة العالم”، مضيفا أنه “كما تم وضع حصة الشباب والمرأة خلال القوانين الانتخابية، كان ينتظر من الحكومة وضع صيغة مماثلة بالنسبة لمغاربة الخارج، في انتظار أن تكون انتخابات ديمقراطية من بلدان الإقامة”.

وأوضح ريان أنه “لا يعقل أن ستة ملايين من مغاربة الخارج يحولون 93 مليار درهم سنويا، وأصبحوا المصدر الأول للعملة الصعبة متجاوزين الفوسفاط، بالإضافة إلى مساهمتهم الكبيرة خلال جائحة كورونا من خلال دعمهم لمجموعة من الأسر التي عانت من تبعات إجراءات الحجر الصحي، محرومون من المشاركة البرلمانية”.

وأشار ريان إلى إلغاء الحكومة الوزارة المنتدبة المكلفة بمغاربة الخارج وإضافتها لحقيبة ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مؤكدا أن هذا الأخير لم يفتح أي حوار مع المجتمع المدني وفعالياته ومجلس الجالية ويعتقد أن انتظارات مغاربة العالم متعلقة بالجواز والمصادقة على الإمضاء والشواهد العدلية في القنصليات، مع العلم أن الانتظارات أكبر من ذلك.

“شلل” مجلس الجالية

وأردف جمال ريان “نتخوف من انقطاع صلة الأجيال المستقبلية من مغاربة الخارج مع وطنهم الأم، في حال لم يتم وضع إجراء مستعجل نابع من حوار وطني مع الفاعلين والناشطين من مغاربة العالم بمشاركة الجميع”.

وتابع ريان أن مجلس الجالية لا زال مشلولا إلى حدود اللحظة بسبب المشاورات الناقصة التي سبقته، داعيا لانسحاب من كانوا خلف هذا الحوار ومن بينهم إدريس الأزمي الذي يريد العودة من جديد للحوار، ودعا ريان إلى أن يقود الديوان الملكي الحوار المرتقب.

وطالب ريان بإعطاء صفة تقريرية لمجلس الجالية أكثر من الصفة الاستشارية الحالية، بالإضافة إلى تجديده من حيث الكفاءات الشابة والأطر والعنصر النسوي واليهود والمسيحيين المغاربة وذوي الاحتياجات الخاصة.

“شطحات” الأحزاب السياسية

ووصف ريان المقترحات السابقة خلال تعديل القوانين الانتخابية بكونها مجرد شطحات للأحزاب السياسية، مضيفا أنهم يتحدثون عن المشاركة السياسية لمغاربة الخارج فقط مع اقتراب الانتخابات، مع العلم أن هذه الأحزاب لديها فروع بالخارج، ومنها حزب الأحرار وحزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، وكان بإمكانهم تشكيل الأغلبية داخل البرلمان لوضع قانون يهم المشاركة البرلمانية، يؤكد المتحدث.

وأضاف رئيس مرصد التواصل والهجرة أنه شارك في الانتخابات السنة الفارطة وتأكد أنه لا يمكن لمغاربة الخارج الدخول للبرلمان من خلال اللوائح الجهوية أو المحلية، الأمر الذي كان يدعو الأحزاب والحكومة، حسبه، إلى أن تستشير مع الفاعلين قبل إخراج مشروع القانون الانتخابي، هذا الأخير الذي يجب أن يكون شاملا للجميع، لأن مغاربة الخارج ينتمون للوطن.

تمثيلية بمجلس المستشارين

وقال ريان، في تصريحه ل”مدار21″، أن القانون الانتخابي يجب أن ينص على التمثيلية البرلمانية لمغاربة العالم، وإن لم يكن بمجلس النواب، أن يكون على الأقل بمجلس المستشارين كما هو الحال بالنسبة للنقابات وأرباب العمل، وأن تعطى حصة لمغاربة العالم بهذا المجلس. مضيفا أنه لا ينبغي التحجج بالصعوبات التي تطرحها مكاتب التصويت بالخارج لأنه عندما يكون التصويت على الدستور يشارك مغاربة الخارج.

وتابع المتحدث أنه ينبغي الانفتاح على تجارب السنيغال وفرنسا وإيطاليا ومصر وتونس والجزائر وغيرها من الدول التي تضمن تمثيلية المواطنين بالخارج في البرلمان، داعيا إلى تجميع تجارب هذه الدول ومقارنتها لإخراج قانون يجيب على هذه الإشكالية.

إشارات واضحة وأمل

الخطاب الملكي، حسب حمال الدين ريان، أعطى إشارات واضحة سواء في المجال الديني والثقافي ومجال التنمية وغيرها، وأكد على إعادة المؤسسات لتشكيلتها وتهيئ نفسها لتقبل في صفوفها مغاربة العالم، وخاصة مجالس الحكامة، مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وغيرها التي يجب أن تتضمن هي الأخرى حصة مغاربة الخارج.

وأردف في التصريح نفسه أن “هناك أمل بعد الخطاب ونتمنى التسريع بتفعيل ما جاء به، حتى لا يقع تأخر جديد ويتم السقوط في نفس الخطأ الذي تم الوقوع فيه بعد الخطاب الملكي لسنة 2005، الذي نص على المشاركة التمثيلية، لكن الحكومة حينها لم تقم بالأجرأة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News