رياضة

الادريسي: 3 أشهر كافية للإعداد للمونديال وتدريب “الأسود” طريق الركراكي لأوروبا

الادريسي: 3 أشهر كافية للإعداد للمونديال وتدريب “الأسود” طريق الركراكي لأوروبا

في هذا الحوار من جزءين، يضع الأستاذ الباحث في الرياضة ومدرب كرة قدم من المهجر، السيمو الادريسي، لـ”مدار21″، قرار الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إعفاء وحيد خاليلوزيتش من تدريب المنتخب الوطني تحت مجهر التمحيص التقني والرياضي، ومدى تأثير القرار على المنتخب الوطني قُبيْل انطلاقة نهائيات كأس العالم المرتقبة بدولة قطر نونبر المقبل.

أقل من 3 أشهر تفصلنا عن كأس العالم بقطر، هل برأيك كان هذا وقتا ملائما لتغيير الناخب الوطني؟

عندما تطرح عليّ هذا السؤال وأنا تقني أفهم في اختصاصاتي جيدا، خصوصا أنني كتبت بحثا أكاديميا مكون من 200 صفحة يتحدث عن التحضير الذهني في ظل موسم مليء بالمباريات، كما دربت عدة فرق في موسم مزدحم بالمباريات. ما أراه أن 3 أشهر كافية لتحضير منتخب قادر على أي تحد، لكن، هناك مقاسات وهناك نوعيات فكرية تختلف من مستوى إلى آخر.

عندما نقول لاعب القسم الأول احتراف فنحن نتحدث عن الآفاق التي نختارها، وكلما انخفضت نسبة الآفاق كل ما تضاءل مستوى اللاعب. إذا أرسلت لاعبا من القسم الأول إلى القسم الثاني وهو في أفضل مستوياته وعنفوانه سيكون نجما، ولكن إذا أرجعته إلى القسم الأول سيجد مستويات تشبهه، لهذا نأتي بمدرب محنك لكي يجد لنا الحل ليتلاعب بنظام لعب الفريق أو المنتخب المنافس، والسبب هو أن اللاعبين لهم نفس المستوى، وعندما يخسر المنتخب مع منتخبات ضعيفة هنا تتحدث عن نوعية اللاعب قبل أن تتحدث عن فلسفة ومستوى المدرب.

لهذا، فأنا أجد 3 أشهر كافية لتحضير منتخب قوي إذا كانت العناصر قادرة على التحديات، ولكن إذا كان مستوى اللاعبين ضعيفا، فحتى وإن جئنا بعشرة مدربين من أفضل المدربين عالميا، سيكون مستوى الفريق أو المنتخب معروف ونتيجتهم معروفة مسبقا.

إلى حدود اللحظة، ما يزال الغموض يلف الإعلان عن الناخب الوطني الجديد، كيف سيؤثر ذلك على “الأسود” في المونديال؟

ترك مثل هذه المسائل غير واضحة كافي لنعرف أن التدبير الإداري متأخر تماما. عندما يدرك المرء أن القرارات لا تكون صحيحة حتى يكون وقتها صحيح هنا ستتغير الكثير من المفاهيم ويبدأ قطارنا بالإسراع لاتجاه صحيح.

إذا تأخر القرار ولو كان صحيحا فلم يعد يصلح لأي شيء. لهذا، التأخير في مثل هذه المسائل يعرقل العديد من الأمور. أعطي أمثلة: أنا أعمل مدربا وكذلك كاتبا للبرامج التدريبية وأصحح البرامج أو الأنظمة التدريبية، وأحتاج إلى رزنامة عمل يومي تغطي سنة بالكامل.

المدرب أو اللاعب أو أي شخص تزدحم عليه التدابير اليومية، وبدون رزنامة، سيكون من الصعب التعامل أو التكهن أو الانتظار، لهذا مثلا الرزنامة لدي مليئة بما سأقوم به إلى حدود السنة القادمة، حسب نظام عملي الجديد والخطوات التي سأتخذها في السفر أو العمل أو أي شيء آخر. إذا تأخر على أي شخص ولم يبلغني قراره النهائي، فإنني أكون مرغما، في حينه، على تصحيح الرزنامة لأن الشخص الذي تأخر عمله معي لن يصلح للرزنامة وهكذا سأحذف نشاطه وأضع نشاطا آخر أنا متأكد من تنظيمه.

عندنا في المغرب من يحترم الرزنامة هي السلطات من شرطة، درك، قوات مساعدة والعسكر… هؤلاء يحترمون الوقت ويدققون في القرارات وعند إخراجها لا تضيع، أما المؤسسات شبه رسمية أو منظمة جمعوية مثل جامعة كرة القدم، فإن قراراتهم مبنية على التسييس ويضربون حسابات بعيدة كل البعد عن الإحساس بأن وقتي سيضيع.. تسييسهم وتدبيرهم للوقت لا يكون متزامنا مع سرعة النشاط قيد العمل، لهذا فالقرارات المتأخرة تسمى قرارات انفرادية لأنها لا تشمل الأطراف المشاركة في المشروع، بمعنى القرار يصعب جدا إخراجه بسرعة وإذا خرج بسرعة يكون بنفس قيمة القرار المتأخر، لهذا فالتأخير في القرار وعدم ضبطه بشكل منطقي يضر بالمنتخب ويضر بصورة المغرب والمجهودات السامية التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وهذا ما يزعجني كثيرا، لأنني أصلا مغربي وأعمل خارج المملكة المغربية وتطرح على أسئلة في نفس المجال الذي أشتغل فيه وكأنني سفير لدولة ضعيفة جدا في كرة القدم والرياضة، سيما أن المنتخب المغربي انهزم بثلاثة أهداف لصفر ضد المنتخب الأمريكي. إذا فما هي قيمة عملي إذا لم يكن على الأقل هؤلاء يحمون مجهوداتي الجيدة التي أقدمها هنا بنتائج أفضل للمنتخب لأنه الصورة الأولى لكل مغربي.

المدرب الأقرب لتولي تدريب المنتخب الوطني هو وليد الركراكي، أترى أنه رجل المرحلة؟

شاهدت وليد الركراكي مع الفتح الرباطي، ومع الوداد، ولم أشاهده يدرب نواديا تمر من مشاكل مادية خانقة ولديها لاعبين لم يحصلوا على رواتبهم أكثر من ثلاثة أشهر. لماذا لم يتم قبول مدرب الجيش الملكي الذي كان يبحث عن هذه الفرصة وخصوصا أنه كان أفضل بكثير في كيفية تصحيح مسار الجيش الملكي الذي كان ضائعا مع عدة مدربين بعقليات قديمة؟ لماذا لا نتحدث على عموتة الذي له مسار جيد، لا أقول إنه الأفضل ولكن مساره منطقي.

في مسألة التنقية والاختيار، دائما يعتمدون على تفكير قديم وهو أن الركراكي ولد خارج المغرب ويستطيع أن يتحدث بلسان اللاعبين ويعرف عقلياتهم. أعرف أن أغلبية اللاعبين الذين ولدوا في أوروبا يفهمون الدارجة، إذا كانوا من والدين مغربيين، أما إذا كان أحدهما أجنبي فيصعب عليه فهمها. كما أننا اليوم في عصر العولمة، بمعنى تستطيع الجامعة توظيف مترجمين يتقنان لغتين الواحد الإنجليزية والفرنسية والثاني الإنجليزية والإسبانية كما فعلت برشلونة في التسعينات عندما عينوا المدرب بوبي روبسون، وجدوا أن هناك مشكل بسيط في الحوار والتواصل، فكان عليهم إيجاد شخص يتقن اللغات، فكان شخص في الـ33 من عمره اسمه خوسي مورينيو الذي ساعد في الترجمة والتواصل وأصبح مدربا معروفا اليوم.

يجب أن يعرف الكل أن مئة في المئة من لاعبي المنتخب يتقنون اللغة الإنجليزية والفرنسية بالإضافة إلى لغة بلادهم، ولا يحتاجون إلى مترجم، لأن المدرب سيكون قادرا على التواصل معهم بأي لغة وخصوصا إذا كان يعرف الفرنسية. بمعنى التراكيب الفكرية التي بنوا عليها نجاح الركراكي، فهي واهية وغير منطقية ولا تعتمد على أفكار صحيحة، لأن نجاح الركراكي يكمن في اتخاذ فرصته على أرض الواقع وليس التحدث عنه بشكل افتراضي، أي قدم له الفرصة وتراجع للوراء وانتظر النتيجة ثم احكم على الأداء العام.

يجب عدم خلط الأمور ببعضها لأن المسائل التواصلية لها حلول والركراكي أو أي مدرب يجب أن يعمل على أساس أنه مدرب قادر على قيادة المنتخب. بالطبع لا نتحدث اليوم عن الشواهد والخبرة لأنها كلها جُرّبت ولم تنفع، بل قدم الفرصة لمن هو كفؤ لها كما قدمتها للأجانب بدون حسيب أو رقيب وبدون عنصرية فارغة.

ألا يعد قبول الركراكي بالمهمة مغامرة غير محسوبة العواقب في مسيرته، سيما أن البداية ستكون في منافسة في أعلى مستوى؟

أعرف أن من سيستفيد، في حالة توليه تدريب المنتخب طبعا، هو الركراكي في الأخير، وهذا جيد لأن سيرته الذاتية ستصبح أكثر قبولا لتدريب فرق أوروبية في المستوى الثاني أو الثالث. إذا كان هذا هو القصد، فأنا مع الركراكي، لأن المسألة تتعلق بمغربي ولد في الخارج؛ ولما لا نعمل معا لنصحح مسار عدة مدربين في مسألة السيرة الذاتية كما فعلوا مع عدة مدربين أجانب اشتغلوا في المغرب ووجدوا عملا بعد ذلك فقط لأن جامعة الكرة تعاقدت معهم بدون خلفية سابقة وحصلوا على الترقية. إذا لما لا تقوم الجامعة بهذا الأمر مع مغاربة الداخل والخارج، على الأقل تصبح الجامعة تخدم المواطنين في تقوية صورتهم كتقنيين لأن مسألة نتائج المنتخب المغربي مازالت بعيدة ولن يصل لها أي مسؤول جامعي بدون العمل الصحيح والذي تحدثنا عليه في مرات عديدة.

المونديال سينظم في دولة عربية لأول مرة في التاريخ، هل يمكن اعتبار ذلك عاملا إيجابيا يمنح المنتخبات العربية، بينها المغرب، ظروفا أكثر ملاءمة ومساعدة على البصم على مشاركة مشرفة في العرس الكروي العالمي؟

قطر ليست دولة عادية، قطر لن يفهمها المنطق المغربي. قطر تنظم المونديال، هذا بحد ذاته مسألة تفوق الخيال بالنسبة للعديد من الدول العربية الإفريقية. أنا شمال إفريقي لا أعتبر نفسي عربيا بل أمازيغي وأحترم المغاربة بجميع أطيافهم لأننا في وطن الحقوق والديمقراطية ولم يعد هناك مكان للعنصرية. أفتخر بالفيفا التي قدمت الكأس لدولة عربية في قارة نظمت كأس العالم سابقا. أساند جميع التوجهات التي يبنيها صاحب الجلالة في مسألة تنظيم كأس العالم في القارة الإفريقية، لكن هذا لن يحصل بين عشية وضحاها وخصوصا إذا تركنا الملف بين أيدي شخصيات معروفة قاريا بتسييسها لجميع الأمور التي تتعلق بكرة القدم، وهذه الشخصيات بنت لها أعداء من جميع الاتحادات مما يقزم العمل الجبار الذي يعمل عليه المغاربة وأمامهم القائد ملك البلاد

يجب أن نفرق بين نجاح العمل السامي الكبير الذي يقوم به صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مسألة تطوير إمكانيات المملكة المغربية وتصرفات بعيدة كل البعد عن الدراسات ممن له مسؤولية التدبير الإداري. لهذا فما عجل بقبول الملف القطري هو أن قطر وظفت عدة شخصيات من مختلف الدول الأوروبية والأمريكية في الدفاع عن الملف لأن القطريين بالفعل تراجعوا آنذاك وفكروا أن من الأفضل أن نأتي بالشخصيات التي تعرف ولها خبرة في المجال. لقد صرف القطريون مليارات الدولارات على هذا المشروع وعساهم لن يندموا في المستقبل إذا لم يتحوّل المشروع إلى الاستهلاك فقط. لم يكن هناك أي عربي أو إفريقي كانت له اليد في الملف القطري، بمعنى الأموال استطاعت أن تعالج الكثير من الأمور..

أيضا، لما لا نتحدث على التجنيس الذي قاموا به للاعبين والمدرب الذي وظفوه بالرغم من أنه لم يكن له أي خبرة سابقة؟ لماذا لا يفهم العقل المغربي نظام آسباير والمعايير التي استخدموها منذ 20 سنة حتى وصلوا إلى هذه الخطوة الأخيرة؟ بالطبع سمعنا الكثير عن أمور أخلاقية ولكن بما أن الفيفا اعتمدت هذه الدورة، إذا فجميع الاتهامات ضد قطر كانت فارغة وأصبحت اليوم قطر بعد خطوات لتلعب على أرضها وملاعبها. كما أننا نعرف مستوى الفنادق والمرافق والنظافة العالية الجودة التي يشرف عليها أجانب بجودة عالية جدا. كما فهمنا أسباب رجوع جل المغاربة الذين كانوا يدربون في قطر وكذلك أسباب عدم تزكيتهم في الاتحادات الآسيوية وأسباب ذهاب بعض مسؤولي الجامعة إلى قطر وتقديم شواهد إفريقية بين 2012 و2016 لكي يحصلوا على عمل أو يستمروا في عملهم هناك وكيفية بداية مشوارهم التدريبي وهذا هو ما نطمح له، أن نجد جامعة تخدم مصالحنا خارج وداخل المغرب لكي نرفع من مستوى وطننا ونكون جنودا فاعلين وراء ملك البلاد الذي لا يبخل بأي شيء لكي يرى راية المغرب ترفرف عاليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News