رياضة

الادريسي: مبررات إقالة خاليلوزيتش فارغة ومستوى المحترفين المغاربة ضعيف

الادريسي: مبررات إقالة خاليلوزيتش فارغة ومستوى المحترفين المغاربة ضعيف

في هذا الحوار من جزءين، يضع الأستاذ الباحث في الرياضة ومدرب كرة قدم من المهجر، السيمو الادريسي، لـ”مدار21″، قرار الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إعفاء وحيد خاليلوزيتش من تدريب المنتخب الوطني تحت مجهر التمحيص التقني والرياضي، ومدى تأثير المنتخب الوطن هذا القرار على المنتخب الوطني قُبيْل انطلاقة نهائيات كأس العالم المرتقبة بدولة قطر نونبر المقبل.

كيف تقيم حصيلة وحيد خاليلوزيتش رفقة المنتخب الوطني المغربي؟

أولا، أعتذر لمن لا يفهم علوم تحليل وتقييم الأداء للمدرب واللاعب والنادي، لأنه عندما ندخل في إطار جمع المعلومات، اختصاصنا يدفعنا في استخدام أساليب مضبوطة ونابعة من دراسات وبحوث، وكذلك مصطلحات علمية تُحدِّد ميكانيزمات الأداء ولا نتحدث من فراغ بل من تجربة ميدانية مدعومة بزادنا العلمي.

عندما نتحدث على الناخب الوطني خاليلوزيتش، فنحن نتحدث على تدبير ما هو تقني، وخصوصا التركيز على عاملين؛ الأول أداء النخبة، وثانيا مستوى النتائج من الناحية الرقمية. بمعنى، إذا لعب المدرب 20 مباراة وربح 14 مباراة وخسر 4 وتعادل في لقاءين فأداؤه العام وصل إلى 60 بالمئة في المئة، هذا فقط مثال. بمعنى ليس هناك أي مبرر لإقصائه أو إبعاده أو فسخ العقد معه أو تقديم تعليلات تدافع عن أسباب فسخ العقد.

أرى أن وحيد خاليلوزيتش قدم ما عليه، لأن الانتصارات هي التي تهم في نهاية المطاف. ولكن عندما نستعين بالعلوم من أجل تمحيص أدائه العام، هنا يختلف رأي الجمهور عن رأي المختصين، بمعنى أننا في الحالة الثانية نتعمق أكثر في المباريات المهمة أو المباريات ذات المستوى العالي لنستخلص منها المعدل الإحصائي النوعي والكمي لكي نجد في الأخير نسبة الأداء الحالي أو المستقبلي. لهذا عندما نقحم الحسابات الكمية والنوعية سيظهر لنا ما لا يظهر للجمهور، سواء من النقاد أم الأنصار، وهما مُهمّان في هذه العملية، ولكن رأي المختصين يكون أكثر حدة وأكثر مصداقية.

ما رأيناه بالفعل أن أسلوب خاليلوزيتش الذي استخدمه سابقا مع فرق مغربية واستخدمه مع منتخبات أخرى قارية وعالمية ولم ينجح به، وبالرغم من ذلك ارتبطت به الجامعة على أساس أن له سيرة ذاتية مليئة بالمباريات دون النظر إلى نوعية نتائج الأداء لكن الأرقام التي سجلها مع المنتخب المغربي تنصفه أمام الجمهور فقط، أما على مستوى أداء اللاعبين فهو تحت معدل المتوسط ولا أستطيع الحديث هنا عن أي لاعب من المنتخب لأن مستواهم قد يكون قريبا إلى المتوسط إفريقيا وضعيفا عالميا.. وما أقوله مدعوم بالأرقام وخصوصا إذا احتسبنا آخر عشرة سنوات، وهذا بالفعل ينقص نتيجة الأداء العام للمدرب.

عندما ننظر إلى ما نريده من الناخب الوطني بعين الجمهور، فإن خاليلوزيتش قدم النتيجة التي تبحث عنها الجامعة من أجل إرضاء الأنصار، الذين أصبحوا يطالبون بأهداف أكبر من ربح مباريات فقط.

لكن بالرغم من كل هذا، ففسخ عقد الناخب المغربي لم يعلل بشكل صحيح من طرف رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لأن أرقام الحصيلة العامة تغلب أسباب النزول. لا أقول إن مسألة فسخ العقد خاطئة، ولكن أقول إن الأسباب التي قدمت لم تقنع المختصين مثلي. فمثلا عندما تربح أربعة عشرة مباراة فهذا مُنجز يبقى كبيرا جدا مقارنة بالخسارة ضد خمسة فرق حتى ولو تباينت مستويات المنافسين، ولكن عندما تطرح أفكاره (خاليلوزيتش) في المباريات، تجدها بعيدة كل البعد عن ذكاء ودهاء نظام اللعب اليوم.

بناء على ما ذكرت، هل تعتقد أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم كانت مصيبة في قرار إعفاء خاليلوزيتش؟

كما قلت قبلا، الجامعة لم تُعلل موقف فسخ العقد بشكل دقيق، وما تحدثوا عنه بعيد كل البعد عن الصواب.

عندما نمحص تعليلهم بحسابات كمية ونوعية نجد أن قرار الجامعة فارغ وغير مسؤول لأن التقرير لا يتحدث عن الأمور الصحيحة التي ينبغي أن تُعفي بشكل أوتوماتيكي خاليلوزيتش من مهامه. كما أن مسألة صرامة وجدية المدرب مع اللاعبين فهذا يبقى شأنه الخاص، وليس هناك أي محكمة دولية سترفض فلسفة المدرب في كيفية تدبير قيادة فريقه.

أتقصد مسألة إبعاد بعض اللاعبين غير المنضبطين؟

بعض اللاعبين، بالرغم من أنهم يظهرون جودة في اللعب رفقة الأندية التي يلعبون معها، ولكن عندما يلعبون مع المنتخب الوطني يظهر عليهم ضعف كبير في التركيز والأداء بشكل عام لأن مستوى المنتخب ليس هو مستوى الفرق ولو كانت الفرق في أوروبا.

لا يجب أن نعظم مستوى الفرق في أوروبا لأننا نريد أن نخلق من لاعب عادي جدا نجما، بل تعظيم الفرق في أوروبا سببه الجدية في العمل والمناهج والبرامج والاستثمار الذي يبنون نواديهم عليها. لهذا فقرار الجامعة بالنسبة لي قرار غير مسؤول لأن التقرير المبني على أسباب النزول غير صحيح، ولكن هناك أمور أخرى كان عليهم توضيحها لكي يضمنوا جودة أسباب فسخ العقد.

ما هي هذه الامور الصحيحة التي كان ينبغي تعليل الإعفاء بها؟

ما قصدته هو ان المدرب خاليلوزيتش لعب الكثير من المباريات. فمن المفترض ان يكون هناك تقارير جمعت من مختصين في التحليل تتحدث على ابعاد ما يقوم به. وفي التقرير تترجم خطوات الأداء الى معدل يعتمد عليه رئيس الجامعة او المدير التقني في تقييم المدرب العام. وهذا ما قصدته عندما قلت “ولكن عندما تطرح أفكاره في المباريات تجدها بعيدة كل البعد على ذكاء ودهاء نظام اللعب اليوم.” ما اتحدث عليه هو المتعارف عليه سابقا واليوم أصبح المتخصص في التحليل هو المدرب الذي درس العلوم التي تستطيع تمحيص الأداء التقني للمدرب واللاعب.

ألا ترى أن القرار؛ إن كان صائبا، تأخر كثيرا؟

اتفق معك في الرأي. نعم لقد تأخروا كثيرا. بالرغم من أنني أقول إن اختياراتهم السابقة للناخبين الوطنيين كانت ضعيفة جدا، وما يقومون به هو تقوية سيرتهم الذاتية على ظهر المنتخب المغربي. نحن نعلم أن هناك الكثير من المدربين الأجانب الذين اشتغلوا مع الجامعة مؤخرا، بنوا سير ذاتية واستخدموها لإيجاد عمل في مختلف دول العالم، ولكن الجامعة لا تعرف القيام بهذا الأمر مع المدربين الوطنيين أكانوا محليين أو من مغاربة المهجر، والذين لهم فلسفة واقعية ومنطقية في تدريب الفرق أو المنتخبات.

الجامعة والفرق اليوم ما تزال تعتمد على الرئيس الذي يختار وهو الذي يوقع العقد وهو الذي يفرض أسماء اللاعبين على المدرب.

إن التعاقد مع خاليلوزيتش بالأساس كان قرارا خاطئا لأنه قبل أن يأتي إلى المغرب أشرف على عدة منتخبات وقامت عليه القيامة بسبب أسلوبه التقني الضعيف، وكتبوا عليه الكثير وكانوا محقين فيما الانتقادات التي وجهت له، لكن الجامعة لم تنتبه لهذا بل أتت به وقدمت له عملا بدون أي حسيب أو رقيب.

بالرغم من كل هذا، فإن ما يشفع لخاليلوزيتش هي النتائج التي حققها مع المنتخب وهذا ما يقنع الجمهور. وبالطبع النتيجة مهمة جدا ولكن قرارات التخلي على الناخب الوطني في مثل هذا الوقت يحتاج إلى خبير تقني وليس إلى تعليل رئيس الجامعة الخاطئ الذي بنيت على أفكار غير مدروسة.

لكن خاليلوزيتش تأهل مع المنتخب الجزائري إلى الدور الثاني للمونديال، وأهل كوت ديفوار واليابان للمونديال أيضا، ألم يكن هذا كافيا للتعاقد معه وتحديد أهداف طموحة في كأس العالم بقطر؟

عندما كان مدربا مع الجزائر أو اليابان كان هناك مسألة مهمة تحدثوا عنها. لقد كان الطموح أكبر من تلك النتيجة التي حققها معهم خاليلوزيتش. ما أتحدث عنه هو أن الجامعات التي تعاقدت مع خاليلوزيتش فهمت أن لها منتخبا يستطيع أن يذهب بعيدا في المنافسة ولكن حظهم توقف عند تلك النقطة التي بالفعل لا تتماشى مع مستوى منتخباتها. مثلا في 2004، كان المغرب يمتلك منتخبا يمكنه الفوز بكأس إفريقيا ويصل إلى ربع نهائي كأس العالم. المشكل الذي حصل هو أن الناخب الوطني كان فقيرا جدا من الناحية التكتيكية ومحاورة المنافس، وعندما تغلق أبواب الحلول تصبح عاجزا عن الابتكار وتصبح قليل الحيلة. وهذا ما حصل بالفعل مع رونار وخاليلوزيتش. ففي عدة مباريات كان المنتخب الوطني قادرا على التغلب على المنافس لو كان حوار المدرب التكتيكي أفضل. لهذا ما يدفع لاختيار هذا المدرب من ذلك، ليست التجربة وليس الخبرة وليست الشواهد بل أرضية الملعب والنتائج والحوار التكتيكي الواقعي في مباراة واقعية يراقبها أشخاص يستطيعون التدقيق في المكونات التقنية والتكتيكية، وبدون هذا العامل لن يصل المنتخب إلى ما نرجوه له.

رحيل خاليلوزيتش يعني فتح باب المنتخب أمام لاعبين مغضوب عليهم مثل زياش بلهندة وحارث وحمدالله، أترى أن عودتهم يمكن أن تقلل حدة الرجة التي ستحدثها إقالة الناخب الوطني في هذه الفترة؟

أنا متضامن مع خاليلوزيتش في قرار إبعاده لأي لاعب غير منضبط أو لاعب لا يأتي من أجل اللعب للفريق. المنتخب يحتاج إلى فريق منضبط وليس إلى واحد يتحكم في نسبة الضغوطات على الفريق.

إبعاد أي لاعب يجب أن تكون مسألة ثقة في المدرب، لأنني أعرف أن أي مدرب كيفما كان نوعه، إذا وجد لاعبا جيدا فإنه يحتضنه ويحميه، لأنه سبب النتيجة الجيدة بدون منازع، وإن قام بأي شيء بعيد عن التأثير السلبي على الفريق فإن السماح هو الخطوة الأولى، لكن عندما يبدأ اللاعب برفع حدة الصعوبات ويقوم بعدة أمور تزعج عددا من زملائه في المنتخب فأنا كمدرب، بالرغم من معزتي وتقديري لإمكانيات اللاعب، سأكون مُرغما وبحزن بليغ على إبعاد اللاعب أو اللاعبين الذين يؤثرون على الفريق بشكل سلبي.

خاليلوزيتش قام بقرار عادي جدا، وأي مدرب سيقوم بهذا الأمر، ولا أجد في هذا أي مشكل أو إحراج، ومن يتحدث عن الموضوع سوى ثلة من أصحاب المصالح أما الجمهور فهو ينظر إلى أمور أخرى تتجلى في تطوير المنظومة المحلية أكثر من النظر في نوعية لاعبي النخبة الذين لم يقدموا للمغرب أي نتيجة تذكر. لكن من قدم هؤلاء اللاعبين وكأنهم يستطيعون تقديم الفارق، فأنا أدعوهم ليعيدوا مشاهدة مباراة واحدة فقط وسيعرفون أن هؤلاء لعبوا كلهم ضد إيران (في مونديال 2018) وانهزموا أمام أسوء المنتخبات العالمية. إذا عمن تتحدثون؟ وأي أسماء تتحدثون عنها؟ إذا كان هؤلاء اللاعبين شاركوا في عدة مباريات ولم يقدموا أي شيء سوى انهزامات وينتصرون فقط على منتخبات ليس لها أهداف إقصائية، فما عساي أن انتظر منهم سوى أن أدعم خاليلوزيتش في قراره.

يتبع…

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. هل من المعقول و من الناحية العلمية كما تدعي ان نتجاهل ان المباريات كلها تقريبا لعبت بالمغرب؟
    كيف للاعب ان يركز في المباراة وسط جو مكهرب و ملوث بالتوبيخات و المساحات.
    اللاعب المغربي فنان بمعنى الكلمة لا يمكن ان يمتع دون الاحساس بالحرية. القيود تزعجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News