سياسة

هل تُعجل أزمة الغلاء بإجراء أوّل تعديل على حكومة أخنوش؟

هل تُعجل أزمة الغلاء بإجراء أوّل تعديل على حكومة أخنوش؟

طغى موضوع التعديل الحكومي المرتقب هذه الأيام على مختلف نقاشات الصالونات السياسية بالمغرب، بالتزامن مع قرب دخول حكومة أخنوش من عطلتها السنوية، التي امتدت لأسبوعين، وهو التعديل الذي شاع أنه من المحتمل أن يعصف بعدد أعضاء فريق أخنوش الحكومي، وضمنهم وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي.

ويأتي هذا التعديل المحتمل إجراؤه على حكومة أخنوش ضمن السنة الأولى من عمرها، وسط استمرار أزمة غلاء الأسعار التي ألهبت جيوب المغاربة، ودفع العديد منهم إلى إطلاق حملة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة برحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، جراء عجز حكومته عن تطويق الأزمة التي تفاقمت في ظل تداعيات الجفاف وما أفرزته جائحة كورونا من تداعيات.

وفي وقت ذهبت فيه بعض التحليلات السياسية، إلى وضع بعض السيناريوهات المتوقعة، في حال إجراء أول تعديل على حكومة أخنوش، وضمنها إمكانية مغادرة أحد أحزاب التحالف الحكومي في مقابل التحاق أحزاب أخرى، تساءل عدد من المراقبين للشأن السياسي المغربي، عن جدوى هذا التعديل ومبرراته، وعما إذا كان التعديل المرتقب سيسعف في إطفاء غضب الشارع تجاه الحكومة بسبب أزمة الغلاء.

رفع سقف الانتظارات

وجوابا على هذا التساؤل، قال المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد النبي صبري، إن ما يُعمق من مشكلة هذه الحكومة قبل تشكيلها وحتى بعد تنصيبها، أنها رفعت سقف الانتظارات بشكل عال، لأن أية حكومة في العالم لا بد لها أن تفهم الواقع لكي تتمكن من التجاوب مع الإمكانيات المتاحة في إطار الحدود التي تضمن التكافؤ بين الموارد والمردودية.

وأوضح صبري في حديثه لـ”مدار21″، أنه منذ تشكيل هذه الحكومة على الأقل خلال السنة الجارية، يمكن القول بكل واقعية على أن هناك “خللا ما “في أدائها خاصة ما يتعلق بالملفات الحارقة، مضيفا “كنا دائما نقول بأن مشكلتنا هي وجود سياسي بدون خلفية تقنية في مقابل وجود تقنيين من دون خلفية سياسية، حيث يظهر أن هناك سيطرة للتقنيين على تركيبة الحكومة الحالية التي يقودها التجمع الوطني للأحرار.

وسجل الأستاذ الجامعي، أن هناك غياب للخلفية السياسية الواضحة لدى الحكومة الحالية، من حيث مدى وجود وزراء أبدعوا في قطاعاتهم وأقنعوا المواطنين في تواصلهم وأدائهم، ولو خلال هذه الفترة القصيرة من عمر الحكومة التي ينتمون إليها، لافتا إلى أن الواقع أثبت أن التعديل الحكومي يجب أن يكون، لأن في الديمقراطيات العريقة، سنة واحدة ليست كافية للحكم على حكومة بكاملها، لكنه كاف لمعرفة مظاهر القصور التي توجد في بعض القطاعات من أجل معالجتها.

وتابع صبري “لاحظنا بعض الوزراء منذ مجيئهم لم يضعوا أيدهم على الأعطاب التي تعرفها قطاعاتهم، بل ذهبوا إلى تغيير الأشخاص وتغيير بعض المواقع، وتساءل هل هذه الطريقة، ضرورية منذ الوهلة الأولى، وهل من الجائز عندما تكون هناك اتفاقات حكومية في إطار استمرارية المرفق العمومي وفق التأطير الدستوري، أن يتم التراجع عنها، كيفما كان لون الحكومة التي وقّعت عليها، خاصة عندما يتعلق الأمر ببعض الإجراءات التي تستهدف التخفيف من أعباء المواطنين.

أزمة غلاء الأسعار

واعتبر أستاذ القانون العام، أن تراجع الحكومة الحالية عن عدد من الالتزامات والمشاريع السابقة التي جرى إقرارها والتعهد بها خلال الولاية الحكومية الماضية، “مسألة لا تبعث على الارتياح،” لافتا إلى أن بعض الوزراء أثبتوا أنهم غير قادرين على الإبداع في قطاعاتهم ولم يقنعوا في تدبيرهم، وسجل أنه “بشكل عام الحكومة الحالية ينقصها التواصل والتحاور مع المواطن والنزول إلى الميدان لمعرفة مشاكل المواطنين”.

وأكد صبري، أن الحكومة لم تتجاوب بالشكل المطلوب مع أزمة غلاء الأسعار، واعتبر أن التبريرات التي يسقوها بعض الوزراء “غير مقبولة” وأن المواطن المغربي البسيط يفهم أن سعر برميل البترول على المستوى الدولي ينعكس على بيع المحروقات على الصعيد الداخلي، سواء بالزيادة أو النقصان، مشددا على أنه “من غير المنطقي أنه عندما تنخفض الأسعار الدولية تظل أثمنة المحروقات على حالها في السوق الوطنية”.

وأشار الأستاذ بجامعة الرباط، إلى أن الملك حذّر في خطاب العرش الأخير، من مخاطر المضاربة والاحتكار والتلاعب بالأسعار، مع الدعوة إلى الضرب بيد من حديد على المتورطين في هذه الممارسات، وهو ما يعني أن هذا الأمر سيكون له ما بعده، حيث يفترض من الحكومة الحالية التفاعل قولا وفعلا مع هذه التوجيهات الملكية.

وفي سياق آخر، لفت صبري، إلى أن بلاغ الديوان الملكي، الذي صدر في أعقاب تنصيب الملك للحكومة، تحدث عن تطعيمها بكتاب للدولة، وهو ما يعني أنه بعد مرور سنة من عمر الحكومة فإن هذا الأمر صار ذا أهمية اليوم، لاسيما أن وزارات السيادة ليس بها كتاب دولة على غرار ما كان عليه الأمر ضمن تشكيلات الحكومات المتعاقبة.

غياب الأثر السياسي

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، أمين السعيد، أن “ارتباك الحكومة، وضعف تواصلها وحداثة تجربة وزرائها وغياب الأثر السياسي لجميع القرارات المتخذة منذ تنصيبها، يشكل حجة قوية للأطروحة المطالبة برحيل رئيس الحكومة”.

وذهب السعيد، في حديثه لـ”مدار21″، إلى أن السؤال المطروح، يتحدد فيما بعد التعديل الوزاري، وهل هذه التغييرات من شأنها أن تعالج الحضور للحكومة في النقاش العمومي، وتواضع قراراتها بمختلف فرقائها، وهل إعفاء وزيرين من الحكومة، يمكنه أن يضخ نفسا جديدة في باقي الفريق الحكومي؟

وخلص أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، إلى أن الحكومة الحالية التي يقودها الأحرار، في حاجة إلى فرصة سياسية جديدة لإصلاح انتكاسة البداية المتعثرة للعمل الحكومي، وهل ربما تكون الفرصة المقبلة، بعد إجراء تعديل حكومي مرتقب، تتمثل في التفكير في إطلاق معتقلي أحداث الحسيمة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News