سياسة

المعارضة متوجّسة من مالية 2023 وتُشكك بنوايا الحكومة لتطويق الأزمة

المعارضة متوجّسة من مالية 2023 وتُشكك بنوايا الحكومة لتطويق الأزمة

توحّدت رؤى قوى المعارضة البرلمانية، بشأن توجهات مشروع قانون المالية برسم 2023، التي أفصح عنها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، معلنة توجسها من الإجراءات التي تنوي الحكومة تنزيلها ضمن ثاني ميزانية عامة تشرف على إعدادها، لاسيما في الشق المرتبط بتطويق الأزمة المتفاقمة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي جراء التقلبات على المستوى الدولي.

وترى فرق المعارضة في تصريحات متطابقة لـ”مدار21″، أن حكومة أخنوش لم تأت بأي إجراءات ملموسة للتخفيف من معاناة المواطنين ورفع قدرتهم الشرائية وسط موجة الغلاء التي ألهبت جيبوهم، مسجلة أن ما تضمنته المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة عزيز أخنوش بشأن إعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة” لايعدو أن يكون مجرد إعلان للنوايا”، في محاولة من الحكومة لامتصاص غضب الشارع المغربي.

لغة الشعارات

وفي هذا الصدد، أكد عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أن المنشور التوجيهي لرئيس الحكومة عزيز أخنوش حول الإعداد لمشروع قانون المالية 2023، “لم يخرج عن لغة الشعارات” في ترتيبه للأولويات التي حدّدها في تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، وتكريس العدالة المجالية، واستعادة الهوامش المالية لضمان استدامة الإصلاحات.

وأوضح شهيد ضمن تصريح لـ”مدار21″، أن المنشور التوجيهي حافظ على نفس التوجهات التي أقرها قانون المالية الجاري، “ولم يأت بجديد فيما يتعلق بالإصلاحات الجوهرية التي ينتظرها المغاربة من حكومة تدعي إيمانها بالدولة الاجتماعية”.

وسجل رئيس الفريق الاشتراكي، أن فريقه كان يأمل أن يوجه أخنوش فريقه الحكومي “نحو اعتماد إجراءات وتدابير جديدة لتقوية المنظومة الاجتماعية، وخاصة مواجهة التضخم، وحماية القدرة الشرائية للمواطن، والتفعيل الأمثل لميثاق التربية والتكوين، والتشغيل المستدام، وغيرها”.

وقال شهيد “للأسف، المنشور التوجيهي لرئيس الحكومة لم يطبعه نفس إصلاحي جديد، بل ظل حبيس المنطق الاقتصادي المحكوم بالحفاظ على التوازنات المالية الكبرى بدل تعزيز آليات التوازنات الاجتماعية التي تقتضيها مصلحة بلادنا في الظرفية الراهنة”.

ودعا الفريق الاتحادي بالغرفة الأولى للبرلمان، الحكومة، إلى تدارك هذه الملاحظات وأن “تعيد النظر في السياسة الاجتماعية العامة برمتها بما يجعل النمو الاقتصادي في خدمة التنمية الاجتماعية، وبما يعزز التضامن المجتمعي بصفة عامة”.

سياسة التقشف

من جهته، أكد ادريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن مشروع  قانون مالية 2023، “لا يحمل وفق إطاره التوجيهي، أيّ جديد في الأفق، مسجلا في السياق ذاته، “غياب النظرة الاستراتيجية والإصلاحية لدى الحكومة باستثناء المشاريع الملكية المؤطرة برؤية استراتيجية، واضحة المعالم والأهداف وبأجندة ومصادر تمويل محددة”.

واعتبر السنتيسي، في تصريح مماثل، أن الإطار التوجيهي لهذا المشروع، “ظل مع الأسف، مثل سابقيه حبيس المقاربة المحاسبية بدل بلورة مشروع ميزانية مبنية على النتائج وتوطين المشاريع طبقا لأحكام القانون التنظيمي للمالية”.

وأكد السنتيسي، أن منهجية إعداد مشروع القانون المالي المقبل “لم تتخلص مع الأسف من المقاربة الانفرادية للحكومة ومواصلة سياسة الاستقواء العددي والمراهنة على جعل نتائج الثامن من شتنبر قدرا ملزما للمغاربة رغم أنها محطة عابرة مثل سابقاتها”.

وسجل أن منشور رئيس الحكومة، يخفي قناعة الحكومة، بضرورة تبني سياسة التقشف دون إعلانه، لافتا إلى أنه “لم تظهر في مضامين المنشور الحكومي بشكل واضح الإشارة إلى مواصلة الاستثمار في الأوراش الكبرى التي قطعت فيها بلادنا أشواط مهمة كالطرق السيارة والموانئ والسدود الكبرى”.

وقال السنتيسي إن الورقة التأطيرية لرئيس الحكومة حول مشروع قانون المالية المقبل، ركزت  بالأساس على الأزمات التي تجتازها معظم دول العالم، “التي أخذت الحيز الأكبر لتهييء الرأي العام لتقبل ما سيأتي من قرارات، قد تزيد من تدني القوة الشرائية، بحيث طغت لغة التبرير في منشور رئيس الحكومة كالعادة في غياب الإبداع في الحلول والبدائل”.

تطويق الأزمة 

من جانبه، أكد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أنه “إذا كان الجميع يقر بأننا على أبواب الأزمة، وأن مرحلة الأزمة التي قد تطول، فإنَّ الحكومة، من خلال المذكرة التوجيهية لرئيسها، لا يبدو أنها عازمة على الإبداع أو الابتكار أو تَملك الجرأة السياسية لمباشرة أي من الإصلاحات التي من شأنها أن تُحول الأزمة إلى فرصة”.

وضمن قراءته للمذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية لسنة 2023، سجل حموني، أن الحكومة لم تتحدث أبداً عن دعم المحروقات، ولا عن أي تدبيرٍ للتخفيف من غلاء الأسعار، أو تخفيض الضرائب المفروضة على المواد الاستهلاكية الأساسية وعلى الطبقة المتوسطة، ولا عن أي رؤية بخصوص إنقاذ مصفاة لاسامير، معتبرا أنه “لاجدوى من قانونٍ للمالية لا يتصدى لإشكالية القدرة الشرائية”.

وأضاف رئيس فريق “الكتاب”، أن الحكومة قد نسيت وعودها بالزيادة في الأجور، ودخل الكرامة بالنسبة للمسنين، والاهتمام بالفلاحين الصغار، واكتفت بإعلان انشراحها لأنها وقَّعت ميثاقًا للحوار الاجتماعي واتفاقاً يُجمع الجميع أنه فارغٌ من الحد الأدنى لتطلعات الطبقة العاملة.

وتساءل حموني، كيف يستقيم الإصلاحُ الضريبي من دون حديثٍ عن التفعيل الكامل للقانون الإطار ذي الصلة؟، مؤكدا أن الحكومة لا نية لها أبداً في تضريب الثروة، ولا الضيعات الفلاحية الكبرى، ولا تحقيق العدالة الجبائية، ولا التخفيف من تمركز الضغط الضريبي على عدد محدود من المقاولات ومن فئات دافعي الضرائب، وخاصة الأجراء والموظفين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News