رياضة

سفيان البقالي.. بطل من ذهب “بعث” أمجاد “أم الألعاب” المغربية

سفيان البقالي.. بطل من ذهب “بعث” أمجاد “أم الألعاب” المغربية

أعاد البطل المغربي سفيان البقالي الحنين إلى المغاربة مع ذكريات المجد في أم الألعاب مع هشام الكروج وقبله نوال المتوكل وسعيد عويطة وخالد السكاح وابراهيم بوطيب، الذين توجوا بالذهب الأولمبي، ورفعوا علم المغرب خفاقا في التظاهرات الدولية، ليصبح ابن مدينة فاس امتدادا لمجد مغربي في ألعاب القوى العالمية ونسوتاليجا لماض رصّعه نجوم لن يكررهم التاريخ بألوان المعدن النفيس.

نور فاس 

رأى البقالي النور في السابع من يناير سنة 1996 بالعاصمة العلمية فاس. ترعرع وسط عائلة “فقيرة” من أبوين ينحدران من مدشر ”أولاد البقال” جماعة ”آيث_بوشيبث” دائرة كتامة إقليم الحسيمة، اختارا الإقامة بالعاصمة العلمية في وسط حي شعبي يعاني من الهشاشة والتهميش، لكن، لم يمنعه هذا من الركض خلف حلمه.

أبرز العداء الشاب موهبته في سنواته الأولى عبر بوابة الرياضة المدرسية. ففي 2010، خطف البقالي الأنظار في مسابقة ضمت 3600 تلميذا، نظمها نادي أهل فاس لألعاب القوى، لتلتقطه أعين مسوؤلي النادي بعذ ذلك.

البقالي.. كبوة البدايات

في عام 2013، انضم سفيان البقالي إلى أكاديمية محمد السادس لألعاب القوى والمتخصصة في صناعة الأبطال، ونجح في تطوير أرقامه بشكل لافت، خاصة وأنه وجد إحاطة فنية ومعنوية كبيرتين في الأكاديمية، إذ كان سفيان جاهزا وطموحا لتطوير إمكانياته وبداية المشاركة في المسابقات العالمية الرسمية.

في سن الـ18، كانت الانطلاقة الفعلية بالنسبة للبطل المغربي، إذ احتك في مسابقات عالمية بمتسابقين كبار، واكتسب الخبرة والتجربة اللازمة، ليصبح أكثر جاهزية لبداية حصد الانتصارات والميداليات،فشارك لأول مرة في مسيرته ضمن مسابقة عالمية كبيرة، كان ذلك في يوجين بالولايات المتحدة، خلال بطولة العالم لألعاب القوى الخاصة بالناشئين 2014، وهناك تأهل البقالي إلى النهائي في سباق 3000 متر حواجز، وحقق المركز الرابع.لكن المهمة لم تكن سهلة، خاصة وأنه خرج بنتيجة سيئة في بطولة إفريقيا لألعاب القوى أيضا التي أقيمت في نفس العام في المدينة الحمراء مراكش، وحلّ فيها بالمركز العاشر في نهائي 3000 متر.

“أسد أطلسي” صنع تاريخا ذهبيا

بعد كل مسابقة عالمية وقارية، كان البقالي يطور نفسه ليصبح أفضل من أي وقت مضى، فقد اختار العداء الشاب تجربة العدو الريفي، وشارك في بطولة العالم للناشئين سنة 2014 في الصين، لكنه حل في المركز الـ18 بتوقيت 24 دقيقة و26 ثانية، ثم واصل إصراره وحل في المركز السابع في نسخة 2015، وبعد ضمان التأهل إلى أولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل 2016، تمكن البقالي في سن الـ20 من التأهل إلى نهائي مسابقة 3000 متر حواجز، وخطف الأضواء وبرز بشكل كبير، إلا أنه كان على بعد مركز واحد من صعود منصة التتويج، حيث حل في المركز الرابع في السباق النهائي محققا توقيت 8 دقائق و14 ثانية و35 جزءا بالمئة.

معانقة الذهب في أكبر المسابقات العالمية

التتويج يجعلك محط أنظار خصومك ويدفعهم للتحضير بشكل مكثف لمواجهتك المقبلة، كما أن الاستمرار في القمة يتطلب جهدا مضاعفا وتحضيرا خاصا.

وتوهج البقالي بشكل كبير عام 2017، وعمره لا يتجاوز الـ21 ربيعا، بعدما حقق أول ميدالية ذهبية في مساره الرياضي خلال الدوري الماسي، في جولة ستوكهولم بالسويد، وفي العام نفسه عاد ليظهر في الدوري الماسي مرة أخرى في المغرب، خلال جولة الرباط محققا أفضل توقيت له بـ8 دقائق و5 ثواني و12 جزءا بالمئة.

بعدها، شد البقالي الرحال إلى بريطانيا، بالضبط عاصمة الضباب لندن، ليشارك في أهم الأحداث خلال السنة: بطولة العالم لألعاب القوى، وقدم ابن المغرب أقوى عروضه ووصل إلى النهائي وكان منافسا شرسا للبطل الكيني الشهير، كونسيلوس كيبروتو، الذي حصل على الميدالية الذهبية، وجاء البقالي بعده بفارق جزء من الثانية ليظفر بالميدالية الفضية.

البقالي يخطف الأنظار في إسبانيا

وقدم البقالي نفسه مرة أخرى للعالم “بطل” قادم بقوة للسيطرة وإعادة أمجاد ألعاب القوى المغربية. ففي سنة 2018، كان العدّاء جاهزا لبلوغ منصات التتويج مرة أخرى في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وشارك في اختصاصه 3000 متر حواجز، وحصل على الميدالية الذهبية عن جدارة واستحقاق محتلا المركز الأول بتوقيت ليس هو الأفضل له إلا أنه عانق الذهبية الثالثة في مساره الرياضي، ليشد بعدها الرحال إلى نيجيريا، وذلك للمشاركة في البطولة الإفريقية لألعاب القوى، وهناك اكتفى بالميدالية الفضية والمركز الثاني.

المجد الأولمبي.. وأخيرا تحقق الحلم

وباء كورونا والحجر الصحي أعطيا فرصة للبقالي لترتيب الأوراق ونفض الغبار عنه، ليجد نفسه يعانق ما يليق به، ويضيف لقبا أولمبيا لسيرته بذهبية دورة “طوكيو 2021″، واضعا نفسه في القمة وفي يديه ذهب وعلم مغربي.

البقالي لم يكرر الأخطاء الماضية، ومنح المغرب الميدالية الوحيدة في الألعاب الأولمبية منذ دورة أثينا 2004، ليتحقق الحلم أخيرا ويتوج البقالي بأول ميدالية أولمبية في مسيرته، والأمر لن يتوقف عند هذا الحد دون شك، خاصة وأنه في ريعان شبابه، ولا يزال هناك العديد من البطولات العالمية.

فكاك العقد.. وتتواصل الإنجازات

كانت الثالثة ثابتة للعداء المغربي سفيان البقالي. في 19 يوليوز 2022، نجح في التتويج بميداليته الذهبية الأولى في بطولة العالم لألعاب القوى، حين أنهى سباق 3000 متر موانع في المركز الأول.

ونجح ابن مدينة فاس في التفوق على خصمه الإثيوبي جيرما للمرة السابعة من أصل ثماني مواجهات بينهما، حيث أعاد البقالي نفس سيناريو أولمبياد طوكيو حين تغلب على خصمه وتوج بالميدالية الذهبية.

وبعدما أنهى عقد الذهب الأولمبي العام الماضي في دورة “طوكيو2021″، والتي لازمت الأبطال مغاربة لـ17 عاما، أنهى صاحب الـ26 ربيعا استعصاء المعدن النفيس على المتسابقين المغاربة في البطولة العالمية لقرابة 16 عاما، إذ تعود آخر ميدالية ذهبية للمغرب إلى نسخة 2005 في هلسنكي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News