ثقافة

شراك والعطري يرصدان هجرة الأجساد رقميّا وهزيمة المؤسسات أمام الجداريّات

شراك والعطري يرصدان هجرة الأجساد رقميّا وهزيمة المؤسسات أمام الجداريّات

رصد أستاذا علم الاجتماع عبد الرحيم العطري وأحمد شراك ، في لقاء اليوم الثلاثاء بالرباط، هجرات جماعية من نوع آخر لا تجري في الزمان والمكان وإنما في التمثّلات وفضاءات الاستعراض الجديدة ل”مفاتن الذات” تتحرّك في منظومة رقمية استطاعت هزيمة المؤسسات التقليدية بغرافيتيا (جداريّات) مفتوحة في وجه الجميع.

وفي اللقاء الذي دار في صيغة حوار بين الباحثين حول “وسائل التواصل الجماهيري وأشكال التوظيف” ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالرباط، ساءل العطري “أستاذه” شراك عن تأثير الشبكات الاجتماعية في الديناميات المجتمعية والسياسية سواء فيما تعلق بصناعة التفاهة أو بظهور “كائنات رقمية تتغذى على ما يجود به العالم الرقمي من رساميل وخيرات” أو دور الشبكات الاجتماعية بثورات الربيع العربي.

واعتبر أحمد شراك أن الواقع الافتراضي ، الذي يقاربه البعض انطلاقا من أطروحة النقد السلبي (واقع الغلبة فيه للتفاهة والرداءة)، أدّى إلى بزوغ “جسد رقمي” يمثلُ “لانتقالٍ من جسد واقعي ملموس مباشر إلى جسد يعرض مفاتنه ويعرض كل ما يملك من ثروات وممتلكات في العالم الرقمي بأغراض متباينة”.

وقال عالم الاجتماعي المغربي “إننا هنا أمام هجرة رقمية للجسد بل يمكن في الحقيقة أن نتحدث عن  هجرات رقمية لا تتحرك في المكان ولا في الزمان (كما هو شأن الجسد الواقعي)، وتحاول في رحلتها أن تحقق أهداف متعددة من قبيل الدعارة الرقمية”، منبّها إلى أن الجسد الرقمي “قد لا ينصهر في ما يمكن أن نسميه بالجسد اللذّي  رغم ذلك ، بما أنه حاضن لوظائف متعددة  بأبعاد كثيرة”.

وجرّ عبد الرحيم العطري جليسه في الحوار إلى موضوع آخر يتصل ب”التحالف الاستراتيجي بين وسائل التواصل الاجتماعي والحركات الاحتجاجية”، والتي سمحت بممارسة “غرافيتيا  احتجاجية” من المحيط إلى الخليج.

وذهب شراك، بهذا الخصوص، إلى أن هزيمة المؤسسات والأنظمة السياسية التي أطاح بها الربيع العربي كانت “أوّلا هزيمة رقمية”، وكانت في مقام ثانٍ “هزيمة للخبراء والفاعلين في أجهزة هذه الدول”.

وأبرز أن الثورات التي شهدها العالم العربي “شرعنت لكثير من الخطابات وفي صدراتها الغرافيتيا” التي تحرّرت من “المجهولية والسريّة” وأمدت الجموع بطاقات تعبيرية جامحة، مضيفا “بل أكثر من ذلك وقعت ثورة في الفنون التشكيلية على مستوى بورتريهات المعطوبين والشهداء فضلا عن ظهور أيقونات جديدة وخطابات تجاوزت الخطابات التقليدية”.

وشدد على أن “روح الجذبة الجماعية”  المشهودة بوسائل التواصل الاجتماعي قادمة من الغرافيتيا لأن الثورة الرقمية  “مستمدة في روحها من الغرافيتيا. ففي الغرافيتيا مسموح للجميع أن يعبروا عما يدور بخلدهم من الأدباء والمثقفين إلى الناس الهامشيين”، موضحا أن المقصود بالهامشيين “ليس المهمشين وإنما الهامشيين بوصفه مفهوما فلسفيا وثوريا يسير ضد إيقاعات المؤسسة” في إحالة لمفهوم “الإستابليشمنت” أو الدولة العميقة.

ورصد العطري، في جانب آخر من حواره مع شراك، توظيف وسائل التواصل الاجتماعي الجماهيري  في الاستقطاب والحشد والتعبيرات الإيدولوجية- الدينية كما ينعكس ذلك في صراع الفتاوى وأنماط التدين، ما رده شراك إلى  الحرية الكبيرة المتاحة لكل التيارات في التعبير عن نفسها على أن هذا الوضع يرجح “كفة الخطابات الفضائحية والسجالية الفجة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News