موقف

صبري: الفن حرية مضمونة والدفاع رسالة لحمايته وليس لِكَبْتٍ وتقييد

صبري: الفن حرية مضمونة والدفاع رسالة لحمايته وليس لِكَبْتٍ وتقييد

يعتبر الدفاع رسالة لصيانة الحقوق والحريات، ويرقى من مجرد اعتباره آلية لتوطيد الاحترام والتعزيز لها. وطبيعة نبل الرسالة في أهدافها تفرض على الدفاع تحت أية مبررات التحول إلى أداة ووسيلة لكبت الحرية في مختلف تجلياتها، مهما بلغ اختلاف البعض منا معه.

فصور الإبداع التي قد ينظر إليها البعض بالتحفظ والرفض أو حتى الاعتراض والمقاومة لمجرد خروج أصحابها عن النسق المألوف والمعتاد، تبقى مجرد إبداع، وليست الحقيقة أو قانون، ولا تلغي حقوق الآخرين في التعبير عن رأيهم في إطار إبداع يناقضها أو يختلف معها.

ومهما بلغت أسباب الرفض وجديتها؛ فإنني اعتقد أنها تستند على رواسب لصور نمطية لصيقة بذواتنا الذهنية ترفض الاختلاف، لكل آراء مختلفة يمتطي أصحابها صهوة الجرأة في الإبداع .

فحرية الرأي والتعبير مكفولة دائما، مصونة من الخرق والانتهاك. وتقف المحاماة دائما لتوفير الحماية ومنع الانتهاك والتصدي للخرق، وبقيت منزهة عن التحريض على تقييد التمتع أو ممارسة الحقوق.

فالأعمال الفنية؛ في الأدب والشعر والمسرح والغناء والرقص والسينما والنحت والرسم والتصوير وغيرها، كلها أجناس فنية تنضوي في حرية الرأي والتعبير؛ وهي حريات وحقوق يجب أن يساهم المحامي في تعزيز احترامها والدفاع عنها.

ولا يمكن لرسالة المحاماة أن تتدخل فاعلة بشكل أساسي في أي تقييد أو مصادرة أو منع للحق في الرأي والتعبير بواسطة الفن، مثلما لا يمكن للدفاع أن يساهم أو يتواطأ مع أطراف أخرى أو يشارك معها بالتحريض أو المساعدة للحد من حرية الرأي والتعبير. وسواء اتخذ الطلب منعا أو سحبا، أو المطالبة لمحاكمة أصحابها أو السخرية والتنمر منهم والتضييق عليهم.

إن خروج الدفاع عن مبدإ الحماية، الذي هو واجب، يجعل المحامي في صدام وتناقض مع قواعد وضوابط سلوك ممارسة رسالته عن طريق مساطر معلوم مسبقا كلمة سلطة القضاء أثناء الفصل والحكم فيها. ليثار السؤال والتساؤل حول المغزى والفلسفة المتحكمة في هكذا مبادرات!.

ذلك أن تقدير سلطة القضاء بالحكم على الطلبات المقدمة للنظر أمامه لقمع حرية أو تقييد حق لا يمكن أن يخرج ( القضاء) -الذي هو آلية لحماية الأمن القانوني- عند ولايته وصلاحيته في توفير الحصانة المقررة لاحترام حق الرأي والتعبير في القانون الدولي كما في الدستور والقانون العضوي.

فالحق والحرية في التعبير قيمة إنسانية عالمية مضمونة في قواعد القانون الدولي، ذات صبغة آمرة، لا يمكن مخالفتها ولا الاتفاق على مخالفتها.

 

-محام بمكناس، وخبير القانون الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان ونزاع الصحراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News