مجتمع

مجلس الشامي: التجارة الجائلة تُفاقم مظاهر الهشاشة في سوق الشغل

مجلس الشامي: التجارة الجائلة تُفاقم مظاهر الهشاشة في سوق الشغل

تطْرح التجارة الجائلة مشكلات عويصة أمام السلطات العمومية، سواء على المستوى المركزي أو المحلي، حيث لا تزال أعداد الباعة المتجولين تتزايد بوتيرة لا تستطيع السلطات العمومية ضبطها، وفق تأكيد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مشيرا إلى  أن الأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد-19 ساهمت في زيادة عدد هؤلاء الباعة، الذين قدِّر عددهم في سنة 2014 بـ 430.000 شخص.

وأوضح المجلس الاقتصادي، ضمن تقرير له في إطار إحالة ذاتية، أن البطالة والهجرة القروية واختلالات منظومة التربية والتكوين عوامل رئيسية لتنامي ظاهرة الباعة المتجولين، مسجلا في المقابل أن التجارة الجائلة تضطلع بدور اجتماعي واقتصادي مهم باعتبارها منفذاً لتصريف الإنتاج الوطني وقطاعاً يُشَغِّل عددًا كبيرًا نسبيًا من اليد العاملة ضعيفة التأهيل.

واعتبر التقرير المعنون، بـ “الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للباعة المتجولين” أن انتشار هذه التجارة يفاقم من مظاهر الهشاشة في سوق الشغل، ويُشكل مصدر منافسة غير مشروعة للقطاع المنظَّم، ويُلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، إذ يُضَيِّع على الدولة مداخيل ضريبية مهمة.

وعلاوة على ذلك، أكد التقرير الذي يناقش مخرجاته عشية اليوم الاثنين مجلس المستشارين، ضمن لقاء دراسي بحضور رئيس المجلس الاقتصادي أحمد رضا الشامي، أن التجارة الجائلة، تطرح مشاكل عديدة من قبيل الازدحام والاحتلال غير القانوني للملك العمومي، وإشكاليات مرتبطة بالنظافة، والسلامة الصحية، والسكينة العمومية، وأمن المواطنات والمواطنين.

إدماج الباعة المتجولين

وذكر المصدر ذاته، أنه أمام الحجم الذي بلغته هذه الظاهرة، انتقلت المقاربة المعتمدة من قبل السلطات العمومية من مقاربة زجرية إلى مقاربة قائمة على إدماج الباعة المتجولين، من خلال وضع برنامج وطني لإعادة تأهيل الباعة المتجولين، يمتد على الفترة ما بين 2015 و2018.

وسجل التقرير، أنه على الرغم من الجهود التي بذلت في هذا المجال، لم تتم إعادة تأهيل سوى 124.000 من الباعة المتجولين من أصل 430.000 بائع مستهدف. وقد واجه هذا البرنامج، بحسب رأي مجلس الشامي، عدة صعوبات في التنفيذ تتعلق على وجه الخصوص بندرة الوعاء العقاري، وقلة الموارد المالية، وضعف انخراط المستفيدين، وضعف النشاط التجاري، ومشاكل الربط بشبكات الكهرباء والماء والتطهير.

من هذا المنطلق، شدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي، على أنه بات من الأهمية بمكان التعجيل باعتماد وتنفيذ التدابير اللازمة لتحقيق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للباعة المتجولين، داعيا في المقابل، إلى وضع مخطط وطني للإدماج الاقتصادي والاجتماعي للباعة المتجولين منبثق عن الاستراتيجية المندمجة التي يقترح المجلس وضعها للحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب.

وبحسب المعطيات التي كشف عنها مجلس الشامي، استنادا إلى إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن وزن فئة الباعة المتجولين يبلغ 51,4  من مجموع وحدات القطاع غير المنظم التي يبلغ عددها 1,68 مليون وحدة على الصعيد الوطني.

وأشار المصدر ذاته، إلى انجاز وزارة الصناعة والتجارة بحثا وطنيا حول فئة الباعة المتجولين سنة 2014 خلص إلى أن عددهم يبلغ حوالي 430.000 بائع متجول، لافتا إلى أن تقديرات وزارة الصناعة والتجارة تخص بشكل حصري باعة البضائع المتجولين، أي الفئة التي هي موضوع دراسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

مواصفات البائع المتجول

تفيد الدراسة أن البائع المتجول هو في الغالب رجل يشتغل 6 أيام في الأسبوع و9 ساعات في اليوم، وأن معدل عمر الباعة المتجولين هو 41 سنة، ويحقق البائع المتجول مدخولا شهريا قدره 3100 درهم (أعلى قليلا من الحد الأدنى للأجور). ويحتاج البائع المتجول لرأسمال قدره 800 درهم لينطلق في تجارة الخضر والفواكه، ولمبلغ أكبر يتراوح ما بين 2000 و10000 درهم لممارسة التجارة في بضائع أخرى.

كما تكشف الدراسة عن أن العدد الأكبر من الباعة المتجولين يتواجد في عدد من التجمعات الحضرية، على رأسها الدار البيضاء الكبرى ومحور طنجة – تطوان ومحور الرباط – سلا، ويتبين من الدراسة أن أكثر من 80 في المائة منهم يمارسون التجارة الجائلة منذ 5 سنوات فأكثر، بل إن ما يقرب من 60 في المائة من الباعة المتجولين مارسوا نشاطهم منذ ما لا يقل عن 10 سنوات. الأمر الذي يفيد بأن غالبية الباعة المتجولين يميلون إلى الاستقرار في التجارة الجائلة كنشاط مهني قار.

وتفيد المعطيات أن 80 في المائة، من التجار المتجولين لم يمارسوا أي مهنة من قبل أو كانوا عاطلين عن العمل. وهو ما يؤكد وفق مضامين تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن التجارة الجائلة تشكل بديلا لتأمين مورد رزق بالنسبة لعدد كبير من الأفراد العاطلين عن العمل أو الذين يعيشون أوضاعا اجتماعية هشة.

وتؤكد دراسة وزارة الصناعة والتجارة على العلاقة الوطيدة بين أعطاب المنظومة التربوية وإشكالية الهدر المدرسي من جهة، وانتشار ظاهرة التجارة الجائلة من جهة أخرى. إذ تبين الأرقام بأن 69 في المائة من الباعة المتجولين يعانون من الأمية أو هم ممن غادروا صفوف الدراسة مبكرا خلال مرحلة التعليم الابتدائي.

يلاحظ كذلك أن خريجي التكوين المهني لا يمثلون سوى 0,1 في المائة، وهو ما يستنتج منه أن غياب المؤهلات والتكوين الملائم يعد أحد الأسباب الرئيسية التي تحول دون اندماج الكثير من الأفراد في سوق الشغل، والذين يضطرون بشكل أو بآخر للاشتغال كباعة متجولين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News