مجتمع

العلمي يدعو الحكومة للاشتغال على إعمال القانون لحماية النساء

العلمي يدعو الحكومة للاشتغال على إعمال القانون لحماية النساء

دعا رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، الحكومة الحالية إلى تحقيق المزاوجة بين الاشتغال على الوعي الجماعي والثقافي من جهة والزجر وإعمال مبدإ عدم الإفلات من العقاب، وإعمال القانون من جهة ثانية من أجل مواجهة تفشي ظاهرة تعنيف النساء، مشددا على أن التَّكَفُّلَ بالفتيات والنساء ضحايا العنف، وإحقاقَ العدالة وزجرَ هذه الممارسة المَقِيتَةِ يُعتبرُ عملًا حاسمًا لِلْأَخذِ بِيَدِ مَنْ يَتَعَرَّضْنَ لهذا النوع من الظلم المُؤْذِي والجَارِحِ للكرامةِ وللجسد.

الطالبي، وخلال مشاركته صبيحة اليوم الثلاثاء، ضمن في الجلسة الافتتاحية لفعاليات تخليد اليوم العالمي للقضاء على العنف الممارس على النساء، بمجلس المستشارين قال إن سعادته بالحضور “مَشُوبةٌ بكثيرٍ من الأَسف” نظرا لما ترصده بلادنا من استمرار “لهذه الظاهرة الاجتماعية التي ليست حالةً مغربيةً فقط، ولكنها ظاهرةٌ عالميةٌ ترصدُها التقاريرُ الدوليةُ في بلدانِ الجنوبِ كما في بلدانِ الشمال” بحسب الطالبي العلمي.

وتأسف المتحدث إلى نتامي أعداد النساء المُعَنَّفات، وأشكالِ العنف الممارس ضِدَّهُنَّ وسِيَاقَاتِه، معتبرا أن هذا لا يكفي “لِنَزِنَ الأضرار البالغة لهذه الآفة. فَمَهْمَا كان حجمُ الظاهرة وعدد ضحاياها، فإنها تعتبر مسًّا خطيرًا بحقوق الإنسان، وخرقًا جسيما للقانون وتَذْهَبُ على النقيض من طبيعة العلاقات التي يتعيّنُ أن تكونَ عليهَا الروابطُ بين أفرادِ المجتمع، بل هي نَقِيضُ جَوْهرِ النَّزعةِ الإنسانية وضد التحضُّرِ البشري”، مضيفا “َلَئِنْ كانَ تشخيصُ هذا العنف ضروريًّا للإحاطةِ بالظاهرة، فإن التَّصَدِّي لجذورِه وأسبابِه يظل أمرًا حاسمًا، علمًا بأن آليات ومداخلِ اجتثاثِ الظاهرة تَتَعَدَّدُ وتتفرَّعُ إلى ما هو قانوني زَجْرِي، وما هو بيداغوجي-تربوي وما هو سوسيولوجي وثقافي”.

وشدد الطالبي العلمي على أن المغرب ليس بِمَنْأَى عن استفحال الظاهرة، لكنه يملك “إِرادةَ التصدي لها، وإرادةَ تكريمِ النساء، وإرادةَ إعمال المساواةِ والمناصفة، وإرادةَ تعزِيز تواجدِ النساء في مراكز القرار السياسي والمؤسساتي والاقتصادي والثقافي والدبلوماسي”، مستحضرا في هذا السياق “الإرادةٌ الملكية الراسخةٌ وهي إرادةٌ وسياساتٌ تتعبأُ خلفَها وفي صُلْبِهَا، وتنخرطُ فيها، القوى الحية السياسية والمدنية في البلاد ومؤسساتها”.

وبعيدا عن استصغار الظاهرة أو تضخيمها، وبالنظر إلى الطبيعة المركبة للعنف ضد النساء، شدد المتحدث على أن “الاشتغال على الوعي الجمعي وعلى الثقافة بالموازاة مع الزجر وإعمال مبدإ عدم الإفلات من العقاب، وإعمال القانون، من شأن كل ذلك إحداث التراكم الذي ينبغي أن يُنْجِزَ تحولا في تعامل المجتمع مع الظاهرة للقطع معها وبلوغ الهدف الأممي المتمثل في “بناء مستقبل خال من العنف على المرأة”.

وعرّج رئيس البرلمان على إنجازات المغرب القانونية والسياسية والملكية في مجال النهوض بحقوق النساء، مشيرا إلى أنه وإذا كان تَعنيفُ النساءِ، كما أَيَّ إنسان، مرفوضًا ومُدَانًا بكل الشرائع والقوانين والقيم والمعايير، فإن “التَّكَفُّلَ بالفتيات والنساء ضحايا العنف، وإحقاقَ العدالة وزجرَ هذه الممارسة المَقِيتَةِ يُعتبرُ عملًا حاسمًا لِلْأَخذِ بِيَدِ مَنْ يَتَعَرَّضْنَ لهذا النوع من الظلم المُؤْذِي والجَارِحِ للكرامةِ وللجسد”.

واعتبر الطالبي أنه “إدراكًا من بلادنا لهذه المسؤولية، فقد جعلت من مؤسساتِ وخَلَايَا التكفل بضحايا العنف من الفتيات والنساء، سياسةً عموميةً ثابتةً يمتدُّ توزيعها المؤسساتي من مؤسسة الأمن الوطني مركزيا وترابيا، إلى المحاكم، وهو ما يُدَعِّمه ويُعَزِّزُه عَمَلُ هيئاتِ المجتمع المدني التي تقوم بدور اليقظة والتوعية والتأطير”، مضيفا: “ولاغرابة في أن تكونَ الممارسةُ المغربيةُ في مجال التكفل بضحايا العنف والاستماع لهن وتوجيههن الذي تنجزه خلايا المديرية العامة للأمن الوطني نموذجًا يُحتَذى به في الممارسات الدولية وموضوعَ إشادةٍ من جانبِ هيئاتِ الأمم المتحدة”.

ويرى رئيس البرلمان، أنه إذا كانت القوانينُ حاسمةً وأساسيةً في التصدي لهذه الممارسات المُنَاقِضَةِ لجوهرِ الإنسانية، فإن “تصحيحَ العديد من التَّمَثُّلاتِ لِمَرْكَزِ المرأة في المجتمع، يتطلبُ مزيدًا من التعبئة الثقافية والمدنية، في المجتمع، وفي الأحزاب والجمعيات، وفي الإعلام حتى ننجحَ في عزل هذه الظاهرة وعزلِ من يمارسها، بالموازاة، طبعا، مع سياساتِ الزجرِ الحازمِ والحاسمِ وغير المُتَصالحِ مع العنف، وبالموازاة أيضًا مع توفير الحمايةِ للضحايا والمبَلِّغات عن العنف”.

وأكد الطالبي أن مؤسسة البرلمان التي يرأسها “توجد في صُلبِ المؤسساتِ المدافعةِ عن النساء وعن المساواة والإنصاف بحكم اختصاصاته التشريعية ومسؤوليته في تجويد القوانين وتحسينها وملاءَمَتِها مع السياقات وحاجيات المجتمع، وبحكم اختصاصاته في مجال الرقابة والتصدي للظاهرة، وبحكم مركزه الدستوري الذي يمنحه فضلا عن هذه الاختصاصات سلطة رمزية بيداغوجية”.

ويسلم الطالبي العلمي بأن “من مداخل اجتثاث ظاهرة العنف ضدّ النساء والسياسات الناجعة لتوفير التمكين الاقتصادي والاستقلال المادي للنساء، وأساسًا السياسات التي تُيَسِّرُ التواجدَ المكثف للنساء في مراكز القرار مركزيا وترابيا لما في ذلك من رسائل إلى المجتمع، ومن اعتراف بالإبداع النسائي وبقدرةِ المرأة على القيادة. ولنا في تاريخِنا القديم والحديث والمعاصر ما يؤكد هذه القدرات” مشيرا إلى أن “المسألةُ النسائيةُ تقعُ في صميم الأوراش الإصلاحية التي أطلقتها بلادنا بقيادةِ، وتوجيهٍ من الملك محمد السادس، سواءٌ منها التغطية الصحية والاجتماعية، أو التنمية المستدامة، أو الاستثمار أو الاقتصاد التضامني والاجتماعي”

وإذا كانت المشاركة النسائية تُعْتَبَرُ إِحْدَى رافعات النموذج التنموي الجديد، فإن التعليم والتربية والتكوين المُوَجَّهِ للفتيات، يظل دائما مدخلًا حاسمًا للتصدي لما تتعرض له النساء من عنف جسدي ورمزي واقتصادي، يقول الطالبي، مؤكدا أن ” ذلك لا يُلغي الدورَ الحاسم للتواصل والتوعية والإعلام في فضح الظاهرة وكسر الصمت الذي قد يُضْرَب على الممارسات المُسيئة لنصف المجتمع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News