اقتصاد

مشاهد العنف والتخريب تطعن مناخ الأعمال بالمغرب وتنفر المستثمرين

مشاهد العنف والتخريب تطعن مناخ الأعمال بالمغرب وتنفر المستثمرين

هدأت الأوضاع بشوارع المغرب بعد أيام عصيبة اتسمت بمشاهد تخريب وعنف غير مسبوقة. غير أن كل جرح لا يلتئم دون تخليف ندوب، وندوب الأحداث المذكورة لا تقتصر على ما هو سياسي واجتماعي فحسب بل تنسحب على القطاعات الاقتصادية، ولاسيما مناخ الأعمال الذي بذل المغرب جهوداً كبيرة لتحسينه في السنوات الماضية بهدف جذب الاستثمار الأجنبي محملاً بالنمو الاقتصادي.

ويقصد بـ”مناخ الأعمال” مجموع الظروف التي تؤثر على النشاط الاقتصادي في بلد معين، وتتضمن البنيات التحتية والمؤسسات الإدارية والمالية والقانونية والأمنية، فضلا عن البيئة التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية، ويعتبر مناخ الأعمال مؤشرًا مهمًا لجذب الاستثمارات وتحديد مدى سهولة ممارسة الأنشطة الاقتصادية في بلد ما.

وبذل المغرب في هذا السياق جهوداً آخرها وضع الحكومة، بالتشاور مع الفاعلين من القطاعين العام والخاص، خارطة طريق استراتيجية في أفق سنة 2026، تستجيب لأولويات المملكة فيما يتعلق بتحسين مناخ الأعمال، بهدف الاستفادة القصوى من الإمكانات وتشجيع المبادرة الخاصة وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

وفي هذا السياق، اعتبر رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، عبد الله الفركي، أن أحداث العنف الأخيرة التي شهدها المغرب أثرت بشكل كبير على ريادة الأعمال وجاذبية الاستثمار، حيث “تسببت في خلق بيئة غير مستقرة أثرت سلباً على ثقة المستثمرين ورواد الأعمال”.

وأوضح، في تصريح لصحيفة “مدار 21” أن المقاولات الصغيرة والناشئة كانت الأكثر تضرراً، خاصة وأنها تعتمد على موارد محدودة وتحتاج إلى بيئة آمنة ومستقرة للنمو؛ “التخريب الذي طال الممتلكات أدى إلى خسائر مادية مباشرة، وتعطيل النشاط الاقتصادي، وصعوبة الحصول على تمويل جديد، مما أصاب رواد الأعمال بالإحباط والخوف من المخاطرة في مشاريع جديدة، خصوصا وأن أغلب المقاولات المتضررة، إن لم نقل جميعها، لا تتوفر على التامين أو أن التأمين الذي لديها لا يغطي أعمال التخريب”.

بالإضافة إلى ذلك، لفت إلى أن الأحداث أضرت بصورة المغرب كوجهة استثمارية آمنة؛ “المستثمرون الأجانب ينظرون للاستقرار الاجتماعي والسياسي كعامل رئيسي في اتخاذ قراراتهم، ومع ارتفاع المخاطر الناتجة عن الاضطرابات، قد يتوجهون إلى وجهات أخرى أكثر استقراراً”.

وتابع بأن “التكاليف الإضافية التي قد يفرضها الوضع، مثل ارتفاع تكاليف التأمين أو الحاجة إلى تدابير أمنية إضافية، تجعل الاستثمار في المغرب أقل جاذبية”.

القطاعات الاستراتيجية مثل السياحة، التجارة، الخدمات، الصناعة التقليدية… تأثرت أيضاً بشكل كبير، مما يزيد من صعوبة جذب الاستثمارات الجديدة؛ إذ أن غياب الاستقرار قد يؤدي إلى تباطؤ الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاجها المغرب لتعزيز تنافسيته، مما يخلق تحديات إضافية أمام المغرب لتحقيق أهدافه التنموية، وفقا للفركي.

ولمعالجة هذه التأثيرات، اقترح الفاعل الاقتصادي تعزيز الاستقرار الاجتماعي والأمني من خلال معالجة الأسباب الجذرية للاحتجاجات، مثل البطالة وضعف الخدمات الاجتماعية والفساد.

“يجب على الحكومة إطلاق برامج دعم موجهة لرواد الأعمال والمقاولات الصغيرة، بما في ذلك التعويض عن الأضرار، وتوفير التمويل الميسر لإعادة بناء النشاط الاقتصادي، وتحسين صورة المغرب دولياً من خلال حملات ترويجية تُبرز جهود تحقيق الاستقرار والتنمية سيكون ضرورياً لاستعادة ثقة المستثمرين”.

وخلص إلى أن الحفاظ على جاذبية المغرب كوجهة استثمارية يتطلب أيضاً تحسين الإطار القانوني لحماية المستثمرين، وضمان بيئة أعمال آمنة ومستقرة؛ “التوازن بين الاستجابة للمطالب الاجتماعية وتعزيز مناخ الأعمال سيظل عاملاً حاسماً لضمان استمرارية النمو الاقتصادي واستعادة الثقة في السوق المغربية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News