اقتصاد

دراسة: المهاجرون الأفارقة لن يعوضوا هجرة الأدمغة المغربية بسوق الشغل

دراسة: المهاجرون الأفارقة لن يعوضوا هجرة الأدمغة المغربية بسوق الشغل

في وقت تسارع الحكومة الزمن لإيجاد حلول آنية لمشكلة البطالة، التي سجلت أرقاما غير مسبوقة بالمغرب فاقت 13 في المئة، حذرت ورقة بحثية حديثة صادرة عن “المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية” من المخاطر التي تتربص بسوق الشغل بالمغرب، ولاسيما الشيخوخة وتداعياتها وما يرافقها من هجرة للأدمغة المغربية صوب الخارج.

ولفتت الدراسة إلى أن نسبة المغاربة الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا وأكثر مستمرة في النمو، حيث ارتفعت من 9.4٪ في عام 2014 إلى 12.7٪ في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 23.2٪ في عام 2050.

وأضاف المصدر ذاته أنه “إذا اعتبرنا السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا يمثلون أولئك الذين يدخلون سوق الشغل، فسنرى أن حجمهم سيزداد حتى عام 2032، وبعد هذا التاريخ، سينخفض ​​​​بشكل كبير ليصل إلى 3.8 ملايين في عام 2050، أي بانخفاض قدره 10٪ تقريبًا مقارنة بعام 2014”.

ويرى التقرير أن السكان الذين يستعدون للتقاعد، أي أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و59 عامًا، سيشهدون زيادة في حجمهم بنسبة 22 في المئة، من 21.1 مليون إلى 25.7 مليون بين عامي 2014 و2050.

وأوضح أنه “قد يبقى معدل مشاركة القوى العاملة مستقرًا، بل قد يرتفع، لكن هذا الوضع لن يتجاوز عام 2032، وهو التاريخ الذي يبدأ فيه عدد الأشخاص الذين يدخلون سوق العمل (الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا) بالانخفاض”. مضيفاً: “علاوة على ذلك، لن تتمكن تدفقات الهجرة من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من تعويض تدفقات هجرة الشباب المغاربة، فالمغرب ليس بلد هجرة، بل بلد عبور”.

وتوقع الباحثون أن تؤدي شيخوخة السكان إلى تغييرات في عرض الشغل، مما يتطلب تعديلات من جانب الشركات التي ستتكبد تكاليف مالية كبيرة لإدارة تدفق المتقاعدين وتكوين العُمال الجدد. وستتأثر بعض القطاعات أكثر من غيرها، مثل قطاع الرعاية الصحية، بشيخوخة السكان.

“سنشهد أيضًا تطورًا متزايدًا في المهن المتعلقة بالخدمات الموجهة لكبار السن، إذ سينمو الطلب على هذا القطاع، كما سيزداد الإنفاق على الرعاية الصحية، وبما أن المغرب يتجه نحو نظام تغطية صحية شاملة، فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع الضرائب، مما سيؤثر على سوق العمل من خلال زيادة تكاليف العمالة وتقليص المدخرات، وبالتالي زيادة تكاليف الاستثمار”.

وأضاف بأن القطاعات التي تتطلب عمالة مؤهلة ستكون أمام خيارين؛ “إما تشجيع العمال الأكبر سنًا على البقاء في سوق العمل لفترة أطول، ولكن نظرًا للتقدم التكنولوجي السريع، ستكون تكاليف إعادة تكوينهم مرتفعة، بالإضافة إلى رواتبهم المرتفعة، أو الاستعانة بالعمال الأصغر سنًا مع التركيز على زيادة إنتاجية وسائل الإنتاج”.

وتوقع البحث أن تنخفض تكاليف المقاولات، مما سيزيد من تنافسيتها الدولية، غير أن هذا الوضع له عدة عراقيل على المدى المتوسط، حيث سينشأ الطلب الخارجي الذي تجذبه الأسعار المنخفضة، بينما ستفتقر الشركات إلى العمالة المؤهلة لتلبية هذا الطلب.

وفيما يتعلق بالقطاع غير المهيكل، الذي يوظف ما يناهز 60٪ من السكان النشطين، فكون هذه الشريحة من العمال لن تتلقى معاشات تقاعدية ستبقيها في العمل لأطول فترة ممكنة، سحب الباحثين.

وتشير نتائج المسح الوطني لكبار السن الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط في عام 2006 إلى أن كبار السن الذين يتلقون معاشًا تقاعديًا أقل نشاطًا من أولئك الذين لا يتلقونه. وحتى مع انتشار الحماية الاجتماعية على نطاق واسع، سيحدث هذا التمديد في الحياة العملية نظرًا لغلبة العمل الحر في القطاع غير المهيكل.

وسيكون لهذا الوضع تأثير سلبي على الدخل وسوق الشغل بسبب المزيد من التدهور في جودة المعروض من العمالة. و”بالتالي فإن البطالة الناتجة عن انخفاض معدلات التوظيف في القطاع الصناعي سوف تستمر وتتفاقم في القطاعات التي تتطلب عمالة غير ماهرة، في حين أن النقص في العمالة الماهرة سوف يتفاقم في قطاعات الصحة وتكنولوجيا المعلومات والهندسة، لا سيما بسبب هجرة الأدمغة” يخلص البحث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News