تهديد للأمن الصحي.. شبكة تحذّر من خوصصة “باستور” وتقييد استيراد القاحات

طالبت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة بحماية معهد باستور من موجة الخوصصة التي تهدده وسحب تراخيص استيراد وتوزيع الأمصال واللقاحات، مشيرةً إلى أن هذا المعهد، منذ تأسيسه في 1919، صان ولايزال السيادة الصحية الوطنية.
وأوردت الشبكة في ورقة حول الموضوع معنونة بـ”من أجل حماية معهد باستور المغرب وصيانة السيادة الصحية الوطنية”، أنها تتابع بقلق بالغ الأنباء المتداولة حول نية سحب تراخيص استيراد وتوزيع اللقاحات من معهد باستور المغرب، أو تحويله إلى شركة، مبرزةً أن “هذا ما يُخشى أن يكون مقدمة لخوصصة هذا الصرح الصحي الاستراتيجي”.
واعتبرت الشبكة، في الوثيقة التي توصلت جريدة “مدار21” الإلكترونية بنسخة منها، أن معهد باستور المغرب، الذي تأسس عام 1919، يمثل دعامة أساسية للنظام الصحي العمومي، لافتةً إلى أنه منذ تأسيسه، اضطلع المعهد بدور محوري في ضمان الأمن الصحي للمغاربة، من خلال كونه المركز الوطني الوحيد لإنتاج واستيراد وتوزيع اللقاحات والأمصال الحيوية، ومراقبة جودتها، مما ضمن تحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتي والسيادة اللقاحية.
ولا يقتصر دور المعهد على هذا الجانب الحيوي، بل يتعداه إلى كونه مركزاً وطنياً للبحث العلمي والرصد الوبائي، حيث أسهم إسهامات تاريخية في مواجهة أمراض مثل السعار والإيدز، وكان في طليعة الجهود الوطنية لمواجهة جائحة كوفيد-19.
وأضاف المصدر ذاته أن المعهد يخظى باعتراف دولي، تجسد في اختياره مركزاً إقليمياً للتميز من قبل الاتحاد الأفريقي، مما يعزز مكانة المغرب كقطب صحي رائد في القارة، مورداً أنه ظل يُواصل دوره في البحث العلمي من خلال عدة مشاريع.
ومن بين أهم هذه المشاريع، حسب الشبكة، علاج السرطان حيث يشارك المعهد في مشروع بحثي يهدف إلى تطوير مقاربات علاجية جديدة لسرطان الثدي الثلاثي السلبي، وهو نوع من السرطان صعب العلاج، لافتاً إلى أن المشروع يهدف إلى تصميم علاجات مُركبة تستهدف التغيرات الجزيئية داخل الخلايا وتُعزز الاستجابة المناعية للجسم.
وأوضحت الورقة عينها أن المعهد يُركز على الأبحاث في علم الأوبئة ومكافحة الأمراض الطفيلية، وخاصة مرض “الليشمانيا” الذي يُؤثر على الفئات الضعيفة في المغرب والدول الإفريقية، مبرزاً أنه تم تكريم باحثة من المعهد دوليًا لتميزها في هذا المجال.
ويلعب المعهد، حسب المرجع عينه، دورًا في توفير اللقاحات الضرورية، مثل لقاح التهاب السحايا للمعتمرين والحجاج، ويعمل على توفير حاجيات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من اللقاحات والأمصال توزع مجانا على المراكز الصحية والمستوصفات العمومية في الحواضر والبوادي للتمنيع ضد الأمراض المعدية.
وفي هذا السياق، تشبثت الشبكة برفضها القاطع والمطلق لأي مسعى لخوصصة هذا المرفق الاستراتيجي أو تفويت أنشطته، منبهةً إلى أن هذه الخطوة ستشكل تهديداً صريحاً للأمن الصحي الوطني، وقد تؤدي إلى ارتفاع أسعار اللقاحات واحتكارها، مما يحرم فئات عريضة من المواطنين من الحق في الصحة، خاصة في إطار البرنامج الوطني للتمنيع المجاني.
ودعت الشبكة إلى تعويض اللجوء إلى الخوصصة بتعزيز الدور الاستراتيجي للمعهد من خلال زيادة الدعم المالي واللوجستي الحكومي لتمكينه من الاضطلاع بمهامه الحيوية في إنتاج اللقاحات وتطوير الأبحاث وتحسين أوضاع العاملين به مادياً ومعنوياً، ودمج الباحثين منهم في السلم الوظيفي للتعليم العالي وتعزيز اللامركزية عبر إنشاء وحدات جهوية لتقريب خدماته المجانية من جميع المواطنين والحفاظ على طابعه العمومي وضمان توفير اللقاحات والأمصال مجاناً للجميع.
وفي شتنبر الماضي، استفسر الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية عن دواعي حرمان معهد باستور من استيراد اللقاحات لفائدة القطاع الخاص، مشيراً إلى أن هذا القرار خلف موجة رفض واسعة، خصوصا أن المعهد اضطلع بالعديد من الوظائف والمهام أهمها حسب الفصل الثاني من المرسوم المذكور تمثل في إنتاج الأمصال واللقاحات محليا أو استيرادها وتوزيعها لتلبية حاجيات المواطنين.